المقدمة
تعد الكتب المدرسية جزءًا أساسيا ورئيسًا في الجهاز المدرسي الإيراني، فهي ركيزة التعليم النظري في المراحل كافة، حيث يعتمد المعلمون بصورة مكثفة على الكتب المدرسية، وسائل رئيسةً لعملهم التعليمي, ومصدراً أساسياً للمعرفة.
إذن, فالكتب المدرسية, وخصوصا تلك التي تتناول العلوم الإنسانية والاجتماعية , هي مصدرٌ رئيسٌ يكتسب الطالب منه مواقفه ومعتقداته ومشاعره حيال عالمه الخاص وحيال الآخرين الذين يأتون من خلفيات مختلفة ، وهي تعطي الطلاب المعلومات الضرورية والحقيقية للتعرف على الأخر ” الدول التي تعيش ضمن محيطه ، و في مقدمتها العراق”.
فالمعرفة المكتسبة في المراحل التعليمية :الابتدائية ، الإعدادية ، والثانوية تفضي إلى ترك اثرٍ دائمٍ , ويمكن تقصي جذور المواقف التي يتخذها المتعلمون فيما يتعلق بمجموعات معينة جزئيا في هذا التوجيه.
تقوم هذه الدراسة على أساس فهم كيفية تناول صورة العراق : الدولة والكيان والشعب والجيش ، في الكتب المدرسية الإيرانية :التاريخ والجغرافيا والتربية الدينية ، والاجتماعيات ،حيث لا بد من الوقوف عن كثب لمعرفة ما يقوله الإيرانيون عن العراق ، الدولة والشعب والجيش ، وكيف يرسمون ملامح هذه الصورة ، و كيف يؤثر ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية التنشئة لدى الإيراني. خصوصًا أن الطلاب الإيرانيين يكتسبون القيم والتصورات والمعتقدات السياسيّة من خلال ما يتعرضون له من تنشئة، وما يتلقونه من أفكار وقيم من خلال المناهج المدرسيّة، التي من شأنها أن تؤثر في سلوكهم ووعيهم وفعلهم السياسيّ بالقضايا المختلفة .
لا شك أن هذه الدِّراسة تستمد أهميتها من أهمية الموضوع الذي تتناوله، وهو الكشف عن درجة توافر الملامح الصريحة والضمنيّة لصورة العراق في الكتب المدرسية في المرحلة المراحل الثلاث الابتدائية ، الإعدادية ، الثانوية في إيران ، فهي تأتي في مواجهة السياسة التربويّة الإيرانية تجاه هذه الكتلة البشرية والسياسية. لذا وجدنا ضرورة الاطلاع على نماذج الكتب المدرسيّة الإيرانية، بهدف إدراك الاتجاه الذي يتم غرسه في عقول الناشئة الإيرانيين ووجدانهم.
وتنبع أهمية هذه الدراسة عن صورة العراق في الكتب المدرسية الإيرانية من خلال ضرورة معرفة أوجه اهتمام الإيرانيين بدراسة وتحليل صورة هذه الدولة المهمة والمحورية وشعبها من خلال المنهج التعليمي، وذلك بغية التعرف بدقة ووضوح على المداخل والأساليب والأدوات التي يتناولونها بها، لأن ذلك كله مما يؤثر في فهم الدارسين للعالم العربي ، فلا بد من الوقوف عن كثب لمعرفة ما يقوله الإيرانيون حول العراق ،وكيف يرسمون ملامح هذه الصورة ، وفي النهاية كيف يؤثر ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية التنشئة لدى الإيراني .
كذلك فإن أهمية هذا الدراسة تتجلى من خلالّ تحليل النص الحاوي لمضمون الكتب المدرسية والذي سيكشف عن دور هذه الكتب في التعرف على صورة العراق الأخرى الذي يشترك مع إيران بجبرية جغرافية مباشرة، ودورها في تدعيم وترسيخ قيم معينة.
ستعتمد هذه الدراسة بشكل أساس على مجموعة من المصادر الأصيلة، وقد تمثلت في الكتب الدراسية المعتمدة في المدارس الإيرانية للمراحل: الابتدائية، الإعدادية، والثانوية ، حيث تمت قراءة هذه الكتب: التاريخ والجغرافيا والتربية الدينية ، والاجتماعيات ، و من ثم ترجمة النصوص التي تتعلق بموضوع الدراسة الواردة في هذه المصادر من اللغة الفارسية إلى العربية .
أولاً: العراق: نقطة الانطلاق لإعادة إحياء مجد “إيران الكبرى”:
لقد سعت الكتب المدرسية الإيرانية إلى ترسيخ جذور الطلاب الإيرانيين في ماضي الشعب الفارسي، وتراثهم التاريخي؛ وذلك لخلق أجيال إيرانية تؤمن بالمعتقدات التوسعية،
وأن هناك شعب آري كان في الماضي البعيد يعيش في وطنه «أرض إيران الكبرى » ، وأن الروابــط التاريخيـــة والمذهبية بين الإيرانيين «أرض الإمبراطورية الفارسية» هي روابط أزلية/ أبدية.
وهذا من شأنه خلق فكرة التعلق بالأرض” مركزية إيران ” ، ويرتبط هذا الهدف مع ضرورة التوسع والتمدد الطبيعي ، و تكوين مجتمع موحد فيه الشتات الشيعي ويلتصق به، على اعتبار أن إيران هي أم قرى العالم الإسلامي ومركزه الروحي والحضاري .
من هنا يتم دعم حقيقة الإيمان المطلق بحق الثورة الإسلامية بإعادة إحياء إمبراطوريتها ، من خلال التكرار والتأكيد بالحديث عن الحق القومي والمذهبي في إقامة دولة العدل “إمبراطورية المهدي ” ، وهذا الأمر لن يتجسد إلا من خلال تحقيق التضامن والتواصل بين إيران بصبغتها الفارسية الشيعية وخارجها مع شيعة الخارج، لا سيما في العراق، التي ينظر إليه كأحد المصدات الرئيسية للدفاع العمق الإيراني ، وليكون بمثابة القربان بدولته وأبنائه لإبعاد الخطر عن الدولة المركزية الإيرانية ، وضمان نهب خيرات هذه الدولة ، مع استمرار تدفق الدعم المادي لإيران من خلال ” سهم الخمس المفروض على الشيعة” ، ما يسهل حركتها نحو التوسع والاحتلال والعنف؛ وذلك بحجة إنقاذ البشرية من الظلال والظلم .
المثير أن الكتب المدرسية الإيرانية جهدت في غرس تأكيد الشعور بالقلق والتوتر لتحقيق استمرارية الإحساس بالمؤامرة والاستهداف من جانب العراق الدولة والشعب والجيش ضدها ، عند الأجيال الإيرانية المتعاقبة من خلال إظهار التفوق الفارسي الحضاري عبر العصور لتكوين الإحساس بالتمايز والتفوق، والشعور بالاستعلاء عند الأجيال الإيرانية الجديدة على العراق ، ومحاولة تقزيم صورته في نظر الطالب الإيراني مقابل التأكيد على صورة التفوق الإيراني ، صاحب الحضارة التي احتلت العالم ، والتأكيد على ضرورة بناء إيران دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية، الأمر الذي يمكنها من تحقيق رسالة الثورة ،وتنشئة أجيال إيرانية متعصبة جداً لقوميتها وشيعيتها ، ومؤمنة بكل ممارساتها إيماناً مطلقاً ، من خلال التمركز حول الولاء للقومية والمذهب الشيعي بخصوصيته الفارسية، وأهمية التوسع والضم واحتلال العراق ، وتكريس أسطورة التفوق التاريخي ، وأسطورة الشعب المعتنق للإسلام الحقيقي الذي لديه رسالة سامية عظيمة ، وتكريس أسطورة” الشعب المنقذ ” الذي سينقذ البشرية .
ولتحقيق ذلك حاولت هذه الكتب تزوير وتغيير حقائق التاريخ بما ينسجم مع التطلعات للثورة الإسلامية، حيث لا تخفي مؤسسات صنع القرار عدم ارتياحها من عملية اندماج شيعة الشتات في المنطقة نظراً لاحتقار إيران للعرب بشكل كبير والحط منهم ،حيث تعمل الكتب المدرسية الإيرانية من خلال العملية التربوية على تحقيق هدفين:
أ: الحفاظ على هوية شيعة العراق ومحاولة إدماجها مع إيران باعتبارهم تبع، ومنفذين للمشروع الإيراني ، واعتبارهم خط الدفاع الأول عن المشروع الإيراني ، على الرغم من أن هذه الرؤية يرفضها الشيعة العرب في العراق الذي لا نشكك بعروبتهم ، وانتماءهم للأمة العربية.
ب: تأكيد مركزية إيران الفارسية في البعث الشيعي بصبغته الفارسية .
كما تركز على الاضطهاد والمذابح التي تعرض لها شيعة العراق ، وتعزيز نظرية الاستهداف ، والتشكيك في الحياة التي يعيشونها ، وهكذا تنغرس لدى الشيعي العراقي ما يسمى بعقدة «الهولوكوست» أي الإبادة كعنصر سيكولوجي يلازم الشيعة العرب ، وأن الانضواء تحت إيران وثورتها هي الضمانة الوحيدة لأمنهم .من هنا كان لأجهزة المخابرات الإيرانية دوراً مهماً ومحورياً في عمليات التفجير والاغتيال بعد احتلال العراق في العام ٢٠٠٣ م لإحداث فتنة مذهبية في العراق حتى تسود هناك.
إن كل ذلك جعل الثورة الإسلامية في موقع الاحتمال الحتمي للحرب وحولها من دولة مؤسسات إلى ثكنة عسكرية، واستغلت هي ذلك لتغرس في نفوس أبنائها أن ليس هناك مفر من القتال والحرب المقدسة بكل القوى وكافة السبل تحقيق الوعد الإلهي ، واعتبار العراق أحد الدول المهمة التي ينبغي تدميرها واستنزاف قدراتها ، تمهيداً للسيطرة عليه ونهب ثرواته ؛ لأنها حرب المقدسة بين الحق والباطل ، وبين المهدي وجنوده والكفار بهالة من القداسة جعلتها عند مراجع التقليد العظام في مرتبة اليقين الذي لا يجوز التشكيك به .
من هنا تسعى الثورة الإيرانية من خلال الكتب المدرسية لخلق جيل إيراني مذهبي متعصّب، مشارك للأوساط الثورية الأخرى في تنفيذ المشروع الإلهي، وترجمة الأفكار الغيبية إلى واقع، والانطلاق من خلال البوابة العراقية.
وهذا لن يتأتى إلا من خلال تنمّية شخصية الطالب الإيراني، وتعبئته على العدوان من خلال الكتب المدرسية الإيرانية .
ثانياً: ضرورة احتلال العراق والهيمنة على ثرواته وعودته إلى الوطن الأم إيران
تظهر الروح التوسعية في الكتب المدرسية الإيرانية تجاه العراق ؛ حيث يظهر ذلك من خلال عدة موضوعات ، من أبرزها ، تكرار تناول الكتب المدرسية لموضوع العراق ،في كثير من المواقع وملكيتها لإيران، وأن عودتها إلى الملكية الإيرانية ، هو مجرد مسألة وقت ، وله سند تاريخي وقانوني غير قابلة للشك ، مع التأكيد على أن ثروات العراق هي ملك لإيران بموجب ملكية وتابعية العراق لإيران.
وهنا تحاول الكتب المدرسية التأكيد للطالب الإيراني، أن لإيران حقوقاً تاريخية غير قابلة للمساومة يجب استعادتها ، من خلال ضرورة عودة العراق أيضا لحضن الوطن الأم ” إيران “.
التوصيف | عدد النصوص |
الحق التاريخي لملكية إيران لدولة العراق وشيعة الشعب العراقي | 76 نصاً |
الحق الديني المذهبية لإيران في النجف وكربلاء | 13 نصاً |
اعتبار العراق الملاذ الجيوبولتيكي للتوسع الإيراني نحو المنطقة | 12 نصاً |
مركز مجابهة الدعوة الإسلامية الأولى | 13 نصاً210 |
ثالثاً: هولوكوست الحرب العراقية الإيرانية ” ، وتعزيز ثقافة الثأر و الانتقام من العراق وشعبه وجيشه
لا شك أن الحرب العراقية الإيرانية حاضرة وبقوة من خلال معظم الكتب المدرسية الإيرانية بمراحله الثلاث الابتدائية والاعدادية والثانوية، وفي مختلف مواضيعها، حيث تؤرخ الكتب المدرسية لهذه الحرب ن حيث تصفها ب” جنك تحميلى” الحرب المفروضة”.
تعلل أسباب الحرب بالطبيعة العدوانية لنظام صدام حسين بأنها كانت لاستهداف الثورة الإسلامية ، وتتناول دور الدول الاستكبارية في دعم العراق، وتشن حربا لا هوادة فيها على نظام البعث ،وتؤرخ هذه الكتب لذاكرة الحرب من حيث حجم الدمار الذي لحق بالمدن والقرى الإيرانية ، واستهداف المدنيين من الأطفال والشيوخ، وترفق صور هذا الدمار ، وتركز عليها بشكل كبير .كذلك تركز على صور الجنود في ساحات القتال وهم يلبسون العصبات الحمر والخضر المكتوب عليها : الله أكبر ، لبيك يا امام ، يا حسين ، يا قائم ، يا زهراء …..واصفة الحرب بأنها بين الحق والباطل(١).
وقد لجأت الكتب المدرسية إلى تقديم العراق في صورة المعتدى، وأنه هو المبتدى بالعدوان، والمتهم بارتكاب مجازر ، من خلال استهداف مدنيين ، واستخدام أسلحة الدمار الشامل، و أنه لا معنى للسلام معه في أي وقت وحين ، بل يجب الانتقام من المتسببين بالحرب والجنود المنخرطين به ، وأن عليهم دفع الف مليار دولار كتعويض لإيران عن شن هذه الحرب ، فيشحن وجدان الطالب بشحنة انتقام جارفة ، ويسكن مخيلته حجم الدمار ، وشبح القتل ، فيحاصر الطالب بعقدة “الهلوكوست” ، ويصبح مستعدا ومهيئا للتنشئة العسكرية (٢).
رابعاً : تشويه صورة الجندي العراقي ووصفه بالكافر والعدو والجبان
تسعى الكتب المدرسية إلى الإغفال المتعمد للصور الايجابية التي يتمتع بها العراقي وقيمه كعربي مسلم بغض النظر عن دينه ومذهبه وطائفته ، فالكل سيان أمام سيل الكراهية الجارف التي تحاول الكتب المدرسية الإيرانية الاستفاضة بها ، ولعل السبب في ذلك يرجع لطريقة تأليف الكتب؛ إذ القائمون على تأليف هذه المناهج يكرسون جهودهم إلى تأليف مناهج تنسجم مع شروط الثورة الإيرانية ، دون اكتراث بتزوير الحقائق والتاريخ، وما ينطوي عليه ذلك من إعطاء مادة علمية مشوهة المضمون والمحتوى.
وهذا الأمر يتجلى من خلال الجهاز التعليمي – التربوي الإيراني – بكافة مراحله ومستوياته أحد الأجهزة المهمة التي تعمل على ترسيخ قيم الدفاع والأمن، والتذكير بمرارة التجارب، حيث أن أهداف المؤسسة التربوية التعليمية لا تنفصل عن أهداف الجهازين الآخرين
تقوم الكتب المدرسية الإيرانية بعملية تشويه منظَّم لصورة العراقي، فعملية استقراء الكتب المدرسية الإيرانية يظهر بشكل جلي أنها تعطي، وبشكل متعمد، صورة سيئة للعراقي، وما تشتمل عليه هذه الصورة من نقائص وعيوب؛ خاصة الجندي العراقي الذي تصفه بأقبح الصفات كالكفر ، وعدم الإيمان، و الجبن ، والجهل والتخلف ، وعدم معرفته بفنون القتال ، واستعداده لبيع وطنه بثمن بخس ….. مع الانحياز بشكلٍ واضحٍ وكبير إلى الجندي الإيراني المؤمن الصالح الذي يعتنق الدين الإسلامي الصحيح، وعادة ما يتم وصفه بالشجاعة والتفاني وإتقانه للعلوم العسكرية الحديثة في المعارك والحروب، واستعداده للدفاع عن وطنه. ومما لا شك فيه أن غرس هذه القيم في عقلية الطالب الإيراني تصبح عقيدةً لا يمكن إزالتها أو تغيرها في المستقبل.
تسهب الكتب المدرسية الإيرانية في إيراد القصص الاعجازية والعجائب التي تبرز انتصارات الجنود حتى الأطفال منهم، بمهاراتهم وشجاعتهم الفردية على الجنود العراقيين، ووقوف المهدي إلى جانبهم ، على عكس الجيش العراقي الكافر المتآمر
نجد صورة فعاليات المعركة كذلك حاضرة، ودوما تتكرر في الكتب المدرسية، خاصة صورة الجنود الإيرانيين في ساحة القتال ضد العراق، وإبراز صورة توضح استسلام الجنود العراقيين وهم يرفعون أيديهم مستسلمين دون حرب للجنود الإيرانيين(٣).
خامساً: تحليلا لمفاهيم والاتجاهات المضمنة في الكتب المدرسية الإيرانية تجاه العراق
طهران ترفع شكوى ضد ابو ظبي باتهام تزوير تسمية “الخليج العربي”
لاشك بأن الثورة الإيرانية دأبت دوماً على حقن طلابها وناشئتها بأمصال الحقد والكراهية النابعة أصلاً من النظرية الاستعلائية وتزويد الطلاب بالأفكار الأكثر عنصرية والأشد حقداً، المفعمة بالمواد الكافية لإجراء عمليات غسيل دماغ مبرمجة، إلى حد تمكن هؤلاء الطلاب من الشعور بالكراهية نحو كل من هو غير شيعي فارسي، و إخصاب خيال الطالب وتربيته على القسوة والتطرف القومي والمذهبي الأكثر تعصباً، والاستهانة بالآخرين؛ خاصة العرب والحط من شأنهم .
سادساً: أهداف الكتب المدرسية الإيرانية من تشويه صورة العراق
تسعى الكتب المدرسية الإيرانية من خلال التشويه المنظم لصورة العراق إلى تحقيق مجموعة من الأهداف:
استطعنا من خلال ما سبق فهم كيفية تناول صورة دول العراق في الكتب المدرسية الإيرانية ، حيث تم الوقوف عن كثب لمعرفة ما يقوله الإيرانيون عن العرب، وكيف يرسمون ملامح هذه الصورة ، حيث أظهرت الكتب المدرسية الإيرانية ؛ من دون شك أن معالجة الكتب المدرسية الإيرانية لصورة العراق ما هي في الواقع إلا نوعٌ من التشويه والتزوير المنظَّم ، وهي مليئةً بالعيوب والنقائص والتشويه البعيد عن الموضوعية والتعقل والحكمة والموضوعية ؛ بحيث يتقبلها الطالب الإيراني ، وتصبح عقيدةً لديه ، لا يمكن إزالتها أو تغيرها في المستقبل . والسبب في ذلك يرجع لطريقة تأليف الكتب، فالأهم أن يقدموا مادة تتوافق مع شروط الثورة الإيرانية، والمذهب الشيعي، وبصورة تتضمن تزوير التاريخ ، و التشويه ،في مضمون الكتب المدرسية ومحتواها .
لا شك أن الكتب المدرسية الإيرانية قد أسهمت في إيجاد حالة من التعبئة النفسية ضد العراق وشعبه وجيشه، و أدت إلى خلق بيئة صراعية ، قائمة على تعزيز الكراهية والتحريض ضدها ، بدلا من تعليمهم قيم الحوار ، والمصالحة ، والتسامح والتعاون والمصالح المشتركة .كذلك لم تسهم الكتب المدرسية الإيرانية بأي شكل من الأشكال في تحسين صورة الإنسان العربي العراقي في الثقافة الإيرانية، أو حتى غرس مفاهيم للتقريب بين الإيرانيين والعرب.، في ظل الصورة السلبية التي تقوم إيران بغرسها في المناهج التعليمية والقائمة على نشر ثقافة الكراهية والتحريض ضدهم .
، كذلك توصلنا من خلال الدراسة إلى فهم أعمق لكيفية تأثير هذه المناهج بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية التنشئة لدى الإيراني، بحيث بدا أن الصراع الإيراني – العراقي ليس صراعاً عسكرياً ولا أمنياً، وسياسيا فحسب؛ بل هو صراعٌ تربويٌ أيضاً، حيث يجب تنبيه أجيال الدارسين لتلك الحقيقة الشاملة، ويجب التعامل مع هذا الخطر بشكل جدي وعلمي، وإدراك أبعاد هذا الصراع ومراميه. لا بد كذلك من الاعتراف بالأثر السلبي لهذه المناهج على علاقات إيران بالعراق، وأنها نتاج الثورة الثقافية، التي أفرزتها الثورة الإسلامية في إيران، لهذا يجب تنبيه مراكز صنع القرار السياسي، العسكري، التربوي في العراق لهذه الحقيقة ، وعمل استراتيجيات فاعلة لمواجهتها .
النتيجة أن الكتب المدرسية الإيرانية تعتبر أكثر المصادر إفصاحاً عن بنية العقل الإيراني ، وأصدقها في بيان مخططاته، وتحديد أهدافه وأبعاده ، وكشف ركائزه ومحاوره، وهو يعد أحد الأسس الرئيسية التي ارتكزت عليها الثورة الإسلامية ، في بناء أجيالها الناشئة وتشكيل شخصياتهم ، خاصة تجاه العراق ؛ فالأسس الفلسفة التعليمية الإيرانية تجاه هذه الدول تقوم على أساس بيان مهمة ودور النظام التعليمي والتربوي في تشويه صورة العراق دولة وكياناً وشعباً ، وتحديد التحديات المهمة والمحورية التي تواجه إيران من خلال تصوير العراق كأحد مصادر التهديد بالنسبة لإيران ، والتركيز على ضرورة صياغة مقاربة تربوية ذات أبعاد سياسية وعسكرية ومذهبية وقومية لمواجهة إيران لها.
[1] درس ” باسدارى أزبيروزى ” الصمود من الانتصار، تعليمات اجتماعى ، بنجم دبستان ،ناشر شركتجاب ونشر كتابهاى درسى ايران،1388،ص 132-134 . درس ” باز سازى مناطق جنك زده ” اعادة بناء المناطق التي دمرتها الحرب ” كتاب تاريخايران وجهان” نظرى : رشته ى ادبيات وعلوم انسانى ، ،سال سوم متوسطه ، شركت جاب ونشركتاب هاى درسى ايران ،جاب دهم ، 1389،ص 269
[2] درس ” امت اسلام ” الأمة الاسلامية ” تعليمات اجتماعى ، جهارم دبستان ،ناشر شركت جاب ونشر كتابهايى درسى ايران،1387،ص131- 132 .فارسى بخوانيم ، بنجم دبستان ، جاب ششم ،جابخانه شركة افست ،1389، ص 57، 60 .فارسى ، سال اول دوره ى راهنمايى تحصيلى ، جاب ششم ،ناشر شركت جاب ونشر كتابهايى درسى ايران،1389، ص 192
[3] تاريخ ، سال سوم، دورهء راهنمايى تحصيلى ، مرحله ى دوم تعليمات عمومى ، شركت جاب ونشر كتاب هايى درسى ، 1389.ص 83-85 .درس ” آقا مهدى ” ” سيد مهدي ” فارسى ، سال دوم دوره ى راهنمايى تحصيلى ، جاب سوم ،ناشر شركت جاب ونشر كتابهايى درسى ايران،1389، 23 .آموزش قرآن ، سال سوم ، دوره ى راهنمايى تحصيلى ،جاب هشتم ، 1389، ص 28-29 . آموزش قرآن ،بنجم دبستان، جاب نهم ، 1389، ص 66. كتاب هديه هاى آسمان ، تعليم وتربيت اسلامى ، سوم دبستان ، جاب هفتم ، 1388، ص 64- 65درس ” بسيج ” ” التعبئة “فرهنك اسلامى وتعليمات ديني ، سال دوم دوره ى راهنمايى تحصيلى ،ناشر شركت جاب ونشر كتابهايى درسى ايران،1389،ص 58-61