الخميس, ديسمبر 19, 2024
دراساتأبرز التغييرات الاقتصادية في المجتمع الأحوازي

أبرز التغييرات الاقتصادية في المجتمع الأحوازي

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

المدخل

يعني الحديث عن التغييرات الاقتصادية في مجتمع ما، الحديث عن كليته وعن صيرورته وتغييرات عظيمة فيه؛ ذلك أن التغييرات التي هي اقتصادية تتموضع محل القلب، وهي كما قال كارل ماركس البنية التحتية التي عليها تتقوم البنى المجتمعية، لا بل تؤثر بشكل لا غبار عليه على البنى الأخرى السياسية والثقافية[1].

وشأن المجتمع الأحوازي هو هذا الشأن من التأثر الكبير بالبنية الاقتصادية؛ فلقد أثبت التاريخ الأحوازي أنْ لا تغييرات كبرى فيه إلا تلك التي مرت من ممر الاقتصاد. فعلى سبيل المثال ولتقريب ما أريد بيانه هنا إلى الأذهان، أذكُر أنه: لم تستطع كبريات الحروب ولا الاحتلال ذاته، من زعزعة البنية القبلية في الأحواز، بقدر ما استطاع التغيير الاقتصادي المتحول من الزراعي إلى الاقتصاد الانتقالي شبه الصناعي، تغييرها وشرذمتها، على الرغم من جميع ما استطاعت به البقاء وتمتعت به من تأثير لغاية الآن. وصحيح أن الحكم في الدول العربية، والشرقية عموما حسب وصف كارل أوغست ويتفوغل، هو الفاعل الأول والأخير في التغييرات الكبرى، بيد أن ما يجعلنا نبعد هذه النظرة في هذه الدراسة، هو زاوية نظرنا المجتمعية: فهنا نحن لا نريد أن ننظر للمجتمع في طور علاقته بالدولة والحكم، التي نصنفها نظرة خارجية، بل نريد التركيز على المجتمع وآلية التغيير فيه النابعة عن داخله، وعن صيرورته النائية عن تطاول الحكم والدولة. وهذه نظرة مبررة منهجيا، ولها مشروعية الكتابة، لما فيها من تبديد لغموض قد يكتنف تلك النظرة التي توسع المجتمع درسا من زاوية نظر خضوعه للدولة والحكم، كما فعل فتفوغل في كتابه الشهير[2].

وهذه دراسة أخرى من سلسلة تلك الدراسات التي اقترحها معهد الحوار عليَّ لخوضها، فقدمت عددا منها، وهذه هي خاتمتها جعلتها للشأن الاقتصادي، واستبيان ما تعرض له المجتمع الأحوازي من تغييرات اقتصادية، غيرت الكثير من معالمه وبنياته وإنسانه.

 

من الاقتصاد الزراعي نحو الاقتصاد الانتقالي

لقد كان الشعب الأحوازي حتى قبل عقود يسيرة، أي قبيل الحرب الإيرانية ضد العراق، في مجمله اقتصادا قائما على أساس الزراعة، الزراعة المعيشية غير الصناعية التي تنتج وتزرع من أجل تأمين القوت اليومي، وليس للعرض أو التسويق.

إن الاقتصاد بمجمله في الأحواز كان اقتصادا زراعيا قبيل الحرب تلك، ولإِنْ كان هناك محاولات صناعية كبيرة، من دون شك، من جانب النظام الملكي الإيراني، لتوطيد الاقتصاد شبه الصناعي المتمركز حول صناعة النفط وما يرتبط بها، خاصة في كل من عبادان ومسجد سليمان ونحوها، بيد أن تلك المحاولات الصناعية كانت خاصة بالمستوطنين الذين جُلبوا للأرض الأحوازية ، بأعداد كبيرة مهولة، وكان هؤلاء المستوطنون هم من يقوم على هذه الصناعة، وهم من بنى مجتمعاتهم الإستيطانية على أساس ذلك، دون العرب أهل الأحواز وشعبها.

ومن أجل ذلك لا يمكن إدخال هذه المحاولات الصناعية الدائرة من قبل النظام الملكي ومستوطنيه في دائرة التحليل الخاص بالمجتمع الأحوازي: أولا لأنه مجتمع ظل بعيدا عن هذه المحاولات شبه الصناعية، وثانيا لأن أعداد الأحوازيين المنخرطين في هذه الصناعة، عمالا وموظفين، ظل عددا قليلا استثنائيا لا يمكن قيام تحليل على أساسه.

وقد كان النظام الزراعي السائد في الأحواز، الذي هو النحلة المعيشية السائدة، قد خلق مجتمعا أحوازيا يتميز بالنقاط التالية:

 

توزيع الأفراد على جماعات

لقد كانت الوحدة السائدة، بناء على نظام الاقتصاد هذا، المنبثقة عنه، هي وحدة جماعية، لم يكن الفرد فيها قادرا على القيام بفاعلية مجتمعية، بل كانت الجماعة هي التي تتميز بالفاعلية، الفاعلية الاقتصادية بالدرجة الأولى، المتمثلة على النشاط في الحقل الزراعي، بل والحفاظ عليه، تعميرا وزراعة وحصدا، ومدافعة عنه ضد كل معتد يريد نهبه أو امتلاكه.

على أن هذا التقدم للجماعة، وسيادة الوحدة الاجتماعية بدل الفردية، كان يعني تناسبا مع الظرف الاقتصادي السائد والنحلة المعيشية المتبعة، وهي نحلة قوامها تضافر العمل الفردي وقولبته على شكل عمل جماعي. وذلك أنه ما كان ممكنا للجهود الفردية أن تثمر في مجتمع قوامه الزراعة؛ فلا الإبداع الصناعي ولا التجارة ولا عرض الخدمات إلخ، كان ممكنا في ذلك النظام، بل ما كان لمثل تلك الأمور المتطلبة جهدا فرديا أن ترى النجاح إلا إذا صيغت على شكل جماعي، واندرجت داخل النظام الزراعي ذلك.

ومن هنا وجدت الجماعة معناها، بل موضوعيتها، ومن هنا ذلك التلائم بين النظام الاقتصادي الزراعي، وبين الوحدة الاجتماعية المتسمية «قبيلة». وهي جماعة موحدة يربطها رابط النسب، تتمحور حول حقول زراعية، عادة ما تكون متعددة، تعمل عليها وحدات أصغر تنطوي تحت الوحدة الكبرى تلك، هي الأسرة أو مجموعة أسر قد تكون حمولة أو عشيرة إلخ[3]. إن هذه الوحدة الكبرى، القبيلة، الشاملة لوحدات صغيرة، حمولات وعشائر، لا تعثر على الرابط الذي يشدها بعضا إلى بعض أكثر موضوعية من الرابط الاقتصادي الذي يمكِّنُها من استمرار عيشها، وجعلها قادرة على الاستمرار بالوجود.

وإذا كانت هذه الوحدة الاجتماعية قد أنشأت، طيلة حياتها، مجموعة من النظم الأخلاقية، والقيم السلوكية، والثقافة العامة، فإننا نظن أن التقدم المنطقي المعيشي، أي تدرج الحياة الطبيعية من المأكول والمشروب والميرة، نحو الكماليات من قيم ومنظومات تعايش وقواعد تضبط السلوك العام، حتم عليها، وعلى كل ما بنته من تلك النظم، حتم أن تكون مسبوقة بنحلتها المعيشية ومتناسبة معها، تتطابق معها وفي سبيل خدمتها وتعزيزها[4].

وإذا شئتم ترجمة ما يعني ذلك في أرض الواقع، واقع حياة هذه الجماعة بناء على ما حفظه لنا تاريخها، أتينا حينها على معنى «الأرض/الحقل» لدى هذه الجماعة، وفي قيمها اليومية. فالأرض كانت تعني لدى المزارع في الوهلة الأولى «العِرض» وكثيرا ما سُمع عن الأجداد أنها العرض أو أعز من ذلك. فهنا يسطر التاريخ الأحوازي الزراعي قصصا ووقائع تاريخية لا تنضب عن تلك المعاركات الطائلة التي كان سببها الاختلاف على الأرض، ذلك التاريخ الذي صور لنا ذلك التطاحن على الأرض/الحقل لا على شكل تطاحن على مصدر الرزق الوحيد، بل صراعا من أجل «الكرامة»، وصيانة «الثاية» و«صون الشكيمة»، وما إلى ذلك من هذه الأقنعة التي لا تعكس جوهر الصراع، بقدر ما تغلفه بمفاهيم قدسية، تمنح العزيمة والدافع للذود عنها والبقاء على حيازتها.

إنه صراع لا يجد له معنى في فؤاد المتتبع المجتمعي سوى الصراع من أجل مصدر الرزق والبقاء، صراع يشتق موضوعيته عن أن فقدان الأرض كان يعني فقدان العيش وما ينتج ذلك من مجاعة وتهجير ومهانة لمن فقد ما به يسد رمقه. أجل إنها حياة كانت قاصرة عن إدراك موضوعية الأرض معيشيا واقتصاديا، فذهبت بما توفر لديها من معنى تضيفه على الأرض لتجعل الحفاظ عليها أمرا يعني الحياة كلها: الكرامة والشرف ومهابة القبيل إلخ.

ليس هذا فحسب، بل إن اصطباغ الحياة العامة بما يتوائم مع الحياة القائمة على الاقتصاد الزراعي، جعلت الأخلاق الحربية هي الأخرى خاضعة لما يتوائم معها. فالمزارع الأحوازي لم يكن في تاريخ طويل من محاربته يستخدم أدوات للحرب إلا تلك التي كانت مستخدمة في حقله: فلا السيف هنا ولا الأقواس ولا النشاب وجدت لها موضوعية في حروب الأحوازيين، بل كانت أدوات الحرب والقتال هي العصاء «الجناية» ما به يهش على الغنم والجاموس و«الفالة» ما بها يصطاد السمك، والمنجل ما به يحصد الزرع. أدوات كلها كانت وثيقة الارتباط بحقله وأرضه[5].

 

سيادة نظام هرمي بناء على توزيع المحاصيل

ثم إذا كانت الفقرة أعلاه تصر على توصيف مجمل الحياة العامة في الأحواز، وحقبة تمحورها على النظام الزراعي، وما نتج عن ذلك من قيم وعادات ثقافية في القتال ومنح المفاهيم الاقتصادية معنى متعاليا إلخ، فإن معاينة النظام الهرمي السائد بين الجماعة الاقتصادية أيضا فيه من الإيضاح الكبير في فهم اصطباغ الحياة المتقومة بالزراعة بنحلة العيش السائدة فيها.

إن أول ما كان يميز هذا النظام هو توزيع الناس على أساس مكانتهم، بين شيوخ وأعيان ومزارعين إلخ، بناء على ما ذكره الدكتور عبدالله الميساني في دراسته المشار إليها في الإحالات. وإذا كنا نصادق هنا أيضا على وجود مثل هذه الفئات، فإننا على عكس عالم الاجتماع الذي لا يُعنى كثيرا بالأساس الذي انبثقت عنه تلك التقسيمات، بقدر انشغاله بتوصيفها وإفرازها إلخ، على عكس ذلك نريد أن نصرعلى أن ما من أساس صلب وموضوعي قابل للدفاع والمناقشة العلمية لهذه التقسيمات، سوى الأساس الاقتصادي الذي وضعناه كزاوية نظر هنا.

فالشيخ إذا كان شيخا، إنما مشيخته كانت تتمثل، لا بل تنبع، من امتلاكه الأرض الشاسعة، وتوظيفه تسخيرا واستغلالا جموع بني نسبه ثم من لحق بهم بنظام الحلف والولاء «الجرش» فعمل مزارعا على تلك الحقول يعمرها، ثم بعد كده المضني عليها يمنح جل محاصيله إلى الشيخ صاحب الأرض. لم يكن ممكنا في هذا النظام الاقتصادي الزراعي والمجتمع المتناسب معه أن يصادق على وجود شيخ لا يمتلك أرضا. ثم إن الأعيان أنفسهم لم يكونوا سوى ملاك أرض أدنى من الشيخ، أعيانيتهم تأتي إنما من هذه الملكية بالدرجة الأولى؛ إلخ.

وبعد هذا الإنبثاق عن واقع امتلاك الأرض ونظام توزيع المحاصيل بين فئات هذا المجتمع، راح العلية من القوم يبحثون عن إضافة طابع ميتافيزيقي على هذ التقسيم، فبات الشيخ صاحب منزلة قدسية، وبات صاحب دماء نقية يتوارثها عن الأجداد، وصاحب «بخت يُشَوِرُ» بمن يعصي أوامره أو يتطاول عليه أو على ماله أو مكانته أو جانبه إلخ. وعلى هذا الأساس تكونت تلك العقلية الأبوية التقليدية والتي يصبح فيه الحاكم ذات قدسية حيث نتجت هذه القدسية عن طبيعة هيكل توزيع القوة ، ومنه تغذت. وبغير ذلك لا يمكن إرجاع هذا التقسيم المجتمعي إلى أساس صلب موضوعي يستند على أرض الواقع، وبه تستبين أوليات الإفراز بين الناس ومنازلها.

 

الحدود العرفية

على أن هذا الأساس الاقتصادي الذي قلنا عنه أنه أساس معظم البنى المجتمعية في المجتمعات الزراعية، على عكس المنظومات الأخرى نظير الأخلاق والسلوكيات والحدود، تميز بهشاشة هي الهشاشة الملكية، حيث كانت الأراضي الزراعية قابلة للتغير إثر التغلب أو على أساس النظام الوراثي الإسلامي الذي يوزع الأرض على الأبناء. فكانت الأراضي عادة ما تدار على شكل مشاع بين أبناء الأسرة الواحدة المنتمين لأب واحد أو جد مشترك، فإذا وقع التخاصم بينهم، كان سيعني التخاصم بالدرجة الأولى الإشتباك حول الأرض، وإلى من سيكون الأمر بالإفادة عنها.

على أن التشريع الإسلامي في جزئية توزيع الإرث على الإناث لم يكن يطابق، هو الآخر، المجتمع والنظام الاقتصادي هذا، فكان غير قابل للتطبيق كليا، خاصة أن منح الأرض للنساء كان يعني القضاء على مكنة الأسرة ومنح الأرض لأسرة أخرى قد تكون قريبة أو بعيدة، هي أسرة الزوج.

لم يشهد التاريخ الأحوازي منح إرث الأرض لأية بنت أو زوج أو أخت، أو أية إمرأة قريبة من صاحب الإرث المتوفى، ولذلك ظلت هذه الجزئية تعبر تعبيرا قويا عن إرتباط المنظومات العرفية بنوعية النظام الاقتصادي القائم على أساس النظام الزراعي، وهو يميل دوما إلى من له المقدرة على الدفاع، فضلا عن التعمير والمراقبة.

 

 الاقتصاد الانتقالي من الزراعة إلى المدنية

وعلى العموم إذا كان هذا هو الحال العام بالنسبة للنظام الزراعي الذي أقيم في المجتمع الأحوازي منذ العصور القديمة إلى قبل الحرب الإيرانية والعراق على وجه التقريب، فإن هذا النظام بعد ذلك التاريخ تزعزع بشكل كبير، وأصبح يعاني في مختلف أركانه، حتى عجز عن الاستمرار وبات الأفراد والفئات المجتمعية تميل إلى طريقة عيش جديدة متحررة من النمط المعيشي المتناسب مع ذلك النظام القديم. وهذا جر معه تغييرات كبيرة في المجتمع الأحوازي وخلق حالات مستحدثة كانت غريبة عنه، فضلا عن أنه خلق فئات مجتمعية، وشبه طبقات انقطعت عن القديم، ولم تعد تمثله كبير تمثيل.

ويمكن عد التغييرات الآتية أبرز وجوه ذلك التغيير.

 

زعزعة نظام الملكية القديم

إن نظام المكلية في الأحواز شهد منذ قانون الإصلاح الزراعي الإيراني تغييرات كبرى. فقد كان ذلك القانون يقضي بتوزيع الأراضي على الفلاحين، والمساس بالملكيات الكبيرة التي كانت بحوزة الشيوخ والملاكين الكبار. فكان ذلك بداية تمليك الأرض لفاقديها، فضلا عن أنه كان قد دون سجلا مكليا كانت بمثابة وثيقة تمليك توطد الملكية الفردية وتجعلها غير قابلة للمساس إلا عبر القنوات القانونية من بيع وتأجير إلخ[6].

وصحيح أن ذلك القانون لم ينفذ على الوجه الذي خطط له، حيث ظل معظم الملاك على قطاعهم، عبر التحايل تارة وتارة أخرى عبر الترهيب، بيد أن وجود قانون ينص على الملكية ويمنح مقدارا من الأرض كان قد جر معه تغييرات كبرى أولها الفردية ومعنى الملكية الفردية وقداستها على عكس الملكية المشاعة غير المحددة المالك، التي كانت تصان عبر المدافعة والتعمير.

ثم قد كان النظام الزراعي الأحوازي القديم يتقوم على أساس توزيع للمحاصيل كان يذهب بمعظمه إلى المالك، أي للشيخ، بيد أن التغيير في النظام التوزيعي أخذ يستوجب على المالك والمؤجر، على حد سواء، كتابة وثيقة مبايعة يتحدد من خلالها سعر التأجير الموسمي أو السنوي، يكون على نسبة تذهب بجانب كبير من المحاصيل إلى المؤجر، فضلا عن أنها وثيقة تمنحه مقدرة على إقامة الدعوة قانونيا في حال إخلال المالك بالاتفاق، أو التنصل عن بنود العقد.

وكل ذلك كان يعني أن المكانة المجتمعية التي كان يتمتع بها العلية والمشايخ لم تعد كما كانت تتمتع بضمان تنفيذي، الضمان المستمد من ملكية الأرض والتصرف بمقدرات العاملين عليها من الفلاحين، بل أصيبت هذه المكانة بالأساس الذي كانت تتقوم عليه. فهي مكانة كانت منبعثة، كما تبين سابقا، عن الاقتصاد الزراعي الذي منحها سبب الوجود، وعمل على دعمها باستمرار وجودها. لقد كان هذا الخروج من ذلك النظام، يعني إخلالها وترهلها بشكل كبير، مما حدى بهؤلاء أصحاب المكانة ممن تعود على صدارة المشهد المجتمعي، أن يبحث عن أسس أخرى بها يعيد إنتاج مكانته المرموقة، وإصلاح ما أصيبت به من مستحدثات نالت منها.

ومن هنا انبثق تعامل جديد بين هؤلاء العلية لم يكن يتقوم على مكانتهم بين قبيلتهم، بل لجأ المشايخ والعلية إلى بعضهم يعيدون معا مكانتهم، هذه المرة عبر الارتباط فيما بينهم، تجارة وإعلاما واشعالا للأزمات القبلية المتبقية التي تبعث الروح لمكانتهم، وتذكر الناس بما يتمتعون به من مقدرة على فض النزاعات.

 

من الجماعي إلى الفردي

ثم كان هذا التغيير من الاقتصاد القائم على الأسس الزراعية، يعني فيما يعنيه من أمور خطيرة، انبثاق ذوات فردية قائمة على ذواتها، ومن ثم النيل من ذلك العقل الجماعي الذي كان حصيلة الإنتاج الجماعي بالدرجة الأولى، وكما رأينا.

  فأول ما انبثقت منه إرهاصات العقل الفردي على حساب العقل الجماعي، هو هذا الاستقلال المعيشي، وإمكانية تأمين حض الحياة اليومية عبر جهود فردية. هذا من جهة ولكن من جهة أخرى لقد كان هذا الإمكان نابعا تماما من تغيير الحياة العامة، وفي أخطرها شأنا تغيير الحياة الاقتصادية كما أكدنا؛ وذلك قد تجلى في الاقتصاد الشبه الصناعي، الذي يسمح للأفراد والفئات المجتمعية، على حد سواء، التفرد بالنشاط الاقتصادي، عبر التوظيف أو الإبداع أو عرض الخدمات أو أي من هذه الأنشطة التي هي فردية بالدرجة الأولى، تعامل الفرد بوصفه فردا يتركب عليه الكل، ولا تجعل الفرد خاضعا للجماعة كما هو المعهود في المجتمعات القديمة الزراعية.

فالاقتصاد كان قديما حصيلة تضافر الجهود الجماعية، وكان الفرد فيها لا يتمتع على الوجود كليا، إلا إذا اندرج تحت حماية الجماعة الواحدة، منها يتحصل على ما به يستمر في حياته، وحياة أسرته وأقرابائه، ودون ذلك فهو عرضة للنهب الاقتصادي أو الانكفاء المجتمعي الذي يجعله يعيش في عالم يفقده طابعه الاجتماعي.

 

اختلال نظام التوزيع

وإضافة إلى كل ذلك فإن النظام التوزيعي بات يعني لدى الفرد والجماعة معا، نظاما ينطلق من الفرد نحو تحديد المؤون، على عكس الحركة التوزيعية السابقة المنطلقة من الجماعة للجماعة بما فيها من أفراد.

فهنا وفق هذا النظام التوزيعي الجديد بات في إمكانية الفرد أن يكوِن لنفسه رأس مال اقتصادي، هو من يديره، لا يكون خاضعا لإنتفاع الجماعة فيه دون أية مساهمة واقعية فيه. كما أن هذه النزعة الفردية في تحصيل الثروات وتجميعها ما كان ليمر لو لا تصادمه مع العقل الجماعي و رسوباته في المجتمع، حتى نشأ إثر ذلك انقطاعا بين أبناء الجد الواحد إثر استفراد الفرد بماله، وما عنه حجب تمتعهم به وتطاولهم عليه، كأنه مالهم الذي استجمعوه .

وإلى جانب كل ذلك فإن طرق الاستهلاك في هذا التوزيع الجديد تغير بشكل جذري هو الآخر، وبات يغاير النمط القديم، حيث أصبح الاستهلاك لا يقتصر على أمس الحاجات اليومية، بل بات التفنن بالمواد المستهلكة سمة العصر، وهذا لا يتطلب مجهود إضافي فحسب، بل إنه يتطلب مزيد حرص على الاستفراد بالأموال والمدخرات، ومزيد انفصال عن الجماعة القريبة التي كانت تعامل كل مورد حازه عليه الفرد على أنه مورد الجماعة.

 

اقتصاد المدينة بديل اقتصاد القرية

ولعل أكبر صور هذا التغيير المتجلي في الاقتصاد الحديث في المجتمع الأحوازي، الاقتصاد شبه الصناعي، وجد صداه من تلك النقلة النوعية والسريعة في الانتقال من القرى وعالمها ونظام اقتصادها الزراعي، إلى المدينة وما فيها من طرق اقتصادية لا تشبه القرية.

لقد خلق هذا التطور من الحياة القروية إلى الحياة المدنية فئات في المجتمع الأحوازي جديدة، وخلق مع ذلك قيما وسلوكيات ورؤى لم تكن موجودة في السابق فحسب، بل إنها اكتسبت وجوه للحياة جديدة غير شكل المجتمع، وجعلته ينتفض عبر هذه الفئات على القديم.

ومن أهم الفئات المجتمعية الراهنة في الحياة الأحوازية التي هي صنيعة النمط الاقتصادي شبه الصناعي هي الفئات التالية:

 

الفئات العمالية

لقد قلنا كثيرا عن طريقة عمل النظام البيروقراطي أنه يتقوم على أساس تمييز عنصري لا يسمح للعرب بالتوظيف إلا في مهن ومدارج دنيا، هي عمالية الطابع على الأعم الأغلب. ولذلك يمكن القول إن معظم الفئات الجديدة الحديثة في الأحواز هي تعود إلى هذه الفئة العمالية، لأن النسبة المئوية الكبيرة في هذا المجتمع هي عاملة، تنشط في البلدية، أو العمل اليدوي في شركات النفط والصلب، أو ري الحدائق في المدن وما إلى ذلك.

وعادة ما تكون هذه الفئات العمالية، على عكس الفئات العمالية التي عادة ما تكون ثورية، هي فئات عمالية محافظة تقليدية، فيها رسوبات كثيرة من النمط الحياة القديم، تقدس السلطات العليا، وتخشى على الدوام فقدانها مصدر رزقها الوحيد. ومن أجل ذلك فإن هذه الفئات تعيش حياة مزدوجة يوميا، الحياة التي تجري في الدوائر التي يعملون بها والشركات والمصانع التي يقيمون فيها، وهي حياة أعجمية، بمعنى سيطرة المستوطنين عليها وسريان ثقافتهم فيها؛ والحياة التي تجري في مجتمعهم العربي، فيكونون كمن فقد إغلاله الصباحية عند محل العمل، وراح ينطلق فيها بكل حرية.

فإذا نظرنا إلى هؤلاء العمال في المجتمع الفارسي عند المصانع، وجدناهم منكفئين لا يتدخلون في صغائر الأمور ولا كبارها، لا يبتغون من كدهم اليومي المضني، سوى الاستمرار بالعمل وضمان الدخل الشهري، الذي هو مصدرهم الزهيد والوحيد. أما في المجتمعات العربية فهم يعودون إلى رسوباتهم القديمة، الفلاحية الزراعية وهم من هذه الفئات بالمجمل، يعملون وفقها، مما يؤدي إلى استمرار بعض الصفات المتبقية من القديم مما استطاع الاستمرار.

ثم إن هذه الفئات العمالية هي فئات تسكن عادة في الهامش، كما سنرى، لأنها من أصحاب الدخل المحدود، ممن لا يمكنه الانتقال إلى المستوطنات غالية الثمن، مما جعلهم يعيشون حالة معاناة المدن الهامشية الواقعة على أطراف كل المدن الأحوازية، هامش لا يتمتع بالخدمات ذاتها المتوفرة في المستوطنات والأحياء التي تكون ذات أغلبية فارسية.

 

الفئات الموظفة

إنه إذا كانت الفئات العمالية هي السواد الأعظم للفئات الأحوازية المدنية العاملة، فإن فئة الموظفين هي فئة قليلة في المجتمع الأحوازي، على الرغم من تأثيرتها وحضورها.

فأول الملاحظات على هذه الفئة الوسطى، هو تمتعها بدخل شهري وسيط، يسمح للأفراد بحياة وسطية نسبيا. فهؤلاء الموظفون هم من أصحاب الشهادات العليا في الأحواز، وهم الفئات المتحصلة على تعليم جامعي، وهم إلى جانب كل ذلك من أكثر الفئات الأحوازية احتكاكا ومعاشرة مع المستوطنين الفرس، سواء في الدوائر الحكومية، أو في الأحياء السكنية التي أسست للمستوطنين، أو باقي الارتباطات المجتمعية التي تحصل تلقائيا.

بيد أن الملاحظ كثيرا على هذه الفئات هي أن الدخل الشهري المتوفر لديها ظل محدودا وسيطا نسبيا لا يتجاوز حدود الاحتياجات الأسرية، من تأمين بيت ومركبة وما شاكل ذلك في أحسن الأحوال، ومن أجل ذلك اندفعت هذه الفئات إلى مزيد من الدراسة لبلوغ مراتب أفضل، وإلى نشاط تجاري صغير، ومساعي بيروقراطية غير سليمة. وبخصوص هذه المساعي البيروقراطية من أجل التطاول على خيرات الدولة، كان غالبا ما يمر عبر إعلان ولاء للحكم أو الجنوح نحو التفريس، كما بينا في دراسات سابقة؛ وهي كلها محاولات معطوبة لا تجد سبيلا للتحقيق لا بين المستوطنين ولا العرب.

وعلى العموم كانت المساعي الخاصة بفئات الموظفين من أجل التقدم، تصطدم بأمرين اثنين: أولهما يختص بالتزاحم الخاص بوفود المستوطنين من جهة، وهم غالبا ما يكونون المرشحين الأنسب لدى تولية المناصب والتوظيف، وثانيهما التمييز الممنهج الذي يطال الموظفين العرب مما جعلهم دوما على هامش المسؤليات الإدارية في الجهاز البيروقراطي عموما، ليس لهم التأثير على مجريات الإدراة والشأن العام.

إن خيرات الدولة المحتلة هي حكرا على يد المستوطنين، وهم غالبا ما يتفردون بالاستيلا عليها تماما نظير حرصهم الشديد على منع العرب عنها، وجعل النظام البيروقراطي أشبه ما يكون بنظام من الأقرباء تتوزع المناصب على أقرباء المدير، ثم على من لحقه ممن يشاطره الفكر أو القومية أولا وأخيرا. وهذه هي وجوه أخرى من وجوه التمميز المتمثل في الاقتصاد، الظاهر على شكل تمييز إداري فيما يتعلق بالفئات العربية الموظفة.

 

الفئات العليا

على أن المجتمع الأحوازي إلى جانب تلك الفئات، العمال والموظفون وهم من يمثل الأكثرية الساحقة العاملة إداريا وحكوميا، شهد نشؤ فئات قليلة أخرى، هي فئات التجار، والموظفين الكبار في جهاز الدولة المحتلة. وإذا كان هؤلاء من موظفين كبار قد أصبحوا عبئا على الشعب الأحوازي بمعرفتهم عنه، يتصدون له ولثوراته وجميع معالمه العربية، مساندة للنظام من منطلق حفاظهم على مكانتهم ومصالحهم، فإن تأثيرات التجار الكبار هي الأخرى منشطرة بين من يدعم المجتمع بمختلف فئاته، مساعدات خيرية في المشافي والدراسة والأعمال الثقافية، وبين من انفرد بما توفر لديه وانقطع لملذاته دونما مسؤلية تجاه الشعب.

أما بخصوص الفئة من التجار المسؤولة، وهم عدة قليلة جدا، فإن غالبا ما كان تحصيل ثرواتهم ورؤس أموالهم ناتجا عن انقطاعهم عن النمط القديم في الإنتاج، نظير بيع الأراضي الزراعية الخاصة بالشيوخ والأعيان، والنشاط في مختلف الساحات التجارية، مما خلق نجاحا ملحوظا لهم. وهؤلاء هم وحدهم من التجار من حافظ على اتصاله بالشعب الأحوازي، حتى أصبحنا نشهد في هذا المجتمع وجود تجار يساهمون مساهمات ملحوظة في النشاط الثقافي، الضعيف على كل حال، في الأحواز، بما لهم من وعي قومي لا بد من ملاحظته.

وصحيح أن الفئات التجارية الكبيرة فيها من المنازع التقليدية الملحوظة، بيد أن المقدرة الاقتصادية التي فيهم ساعدتهم على عدم الاستحالة في هذه النزعات، والتعامل معها بمنطق مصلحي واع في كثير من الحالات؛ ومن أجل ذلك يسجل التجار نشاطا يبدو متناقضا بين النشاط القومي العربي ودعم القضايا القومية، والنشاط الخاص بالشؤون القديمة نظير دعم القبيلة والولائم القبلية وما إلى ذلك. ولكن ذلك النشاط يبدو طبيعيا إذا ما وضعناه في تبني هؤلاء التجار مختلف القضايا المجتمعية، من منطلق رغبتهم في المشاركة والتأثير والمنزلة الاجتماعية، لا من منطلق تبني الأفكار إيديولوجيا وعقديا. فهؤلاء يتحركون بمنطلق اقتصادي، يستوجب عليهم التذكير بمكانتهم، تناسقا مع المجتمع. فإذا جنح المجتمع نحو القومية ساروا معه، وإنْ تاه في التقليدية انجرفوا معه أيضا، لا لضعف إدراكهم، بل لأنهم دوما إلى الحياة العملية أكثر ميلا.

أما الحديث عن الموظفين الكبار في جهاز الدولة الإيرانية، فلأنه لا يمثل إلا عدة أفراد معدودين ومعروفين، فنكتفي بالتذكير بأن مختلف الفئات الأحوازية تخلفت، من وجهة نظر براغماتية، تخلفت عن استغلال مناصب هؤلاء الأفراد، وجرهم إلى تبني قضايا تختص بالصالح العام وفي حدود ما يقبله النظام المحتل. فعلى سبيل المثال كان من الممكن أن يعمد عدد من الموظفين إلى كبار المسؤلين العرب هؤلاء ويضع أمامهم دراسات موضوعية هادئة وهادفة عن التمييز الإداري مثلا، ليحثوا هؤلاء القادة على إيصال الصورة التمييزية هذه إلى المركز، ومن ثم التخفيف من وطأتها ومحاولة لفتح الأبواب المساعدة في تحسين الظروف التوظيفية للعرب، شعب الأحواز الوحيد.

 

الفئات المهمشة

وفي ختام أبرز الفئات الناشئة من التغييرالاقتصادي فلا بد من التطرق إلى فئات «الفئات المهمشة» التي هي من الكثرة في المجتمع الأحوازي حتى جعلتنا نستطيع الكلام عن أن هذه الفئات هي أكثرية العرب ساكني المدن(ليس أكثرية العمال أو الموظفون).

ففي ظل تعكر الاقتصاد الإيراني وتأزمه، بات قوام هذه الفئات المنسية المهمشة من الشباب، وبات الشاب الأحوازي هو قوام الفئات الواقعة على الهامش المعرضة إلى أنواع المغبات الناتجة عن حياة الفقر. فالفقر والتهميش الذي يعصف بهذه الفئات الكبيرة والغفيرة يتجلى في مختلف مظاهر حياتها، من ارتفاع سن الزواج ومشاكل العزوبية، ومن فقدان السكن والمكوث في العشوائيات، وفي زيادة تعاطي المخدرات، وفي الإضطرار إلى السرقة والإجرام، وشتى صنوف الحياة الشاذة التي يعصف بها العجز عن تأمين الاحتياجات اليومية.

وإذا كنا في دراسات سابقة قد أعددنا وجوه الحياة الواقعة على الهامش، الخاصة بالأحوازيين وحدهم، فإننا هنا نؤكد أن المهمشين هنا يشهدون عجزا وجوديا يجعلهم يفقدون الأمل بالحياة والتطلع للتغيير: فأولا لم يتحصل هؤلاء على دراسة تجعلهم يتقنون، على الأقل، اللغة الفارسية لغة أهل الدولة ونظام احتلالها، ثم إنهم بأميتهم وعجزهم في اللغة، وجدوا أنفسهم لا يمتلكون بيوتا يرقدون بها، إلى جانب فقدانهم مصدر رزق موسمي، ناهيك عن مصدر مستمر للدخل، إضافة إلى نبذ المجتمع الإستيطاني لهم، وخوضه حملة ضدهم ينسب فيها إليهم جميع الصفات المرذولة، ويمثلهم العنصر العربي الذي لا يستطيع بلوغ مراتب حضارية أعلى من حياتهم هذه، حياة الحرمان.

 

الاستنتاج

هذه ختام الدراسات التي طلبها معهد الحوار، ترصد أبرز التغييرات المجتمعية في المجتمع الأحوازي، ختناها بالتغييرات الاقتصادية على عجالة، لتولي موضوعات أخرى تستحق دراسات عاجلة أخرى نقدمها في مقبل الأيام.

وقد كان خلاصة القول في هذه الدراسة هو أن التغيير من المجتمع الأحوازي القائم على النظام الزراعي، نحو مجتمع شبه صناعي مدني، خلق إنسانا وفئات ومجتمع أحوازي، يغاير كليا ذلك المجتمع القديم. وقد كانت أبرز وجوه هذه التغييرات الاقتصادية نشؤ شبه طبقات وفئات مجتمعية تشهدها الأحواز اليوم، وما كانت قديما. وهي فئات العمال والموظفين وأصحاب الدراسات الجامعية إلخ. فئات ليست حديثة على الشكل المجتمع والنظام الاقتصادي فحسب، بل إنها صاحبة عقلية جديدة، أبرز سماتها الفردية ومعالم الانتماء إلى شعب واحد، هو الشعب الأحوازي بعينه، وما له من تطلعات مستقبلية، وما يجابهه من معوقات وتحديات كبيرة نحو التقدم، ونشدان الحياة المثلى.

 

 

عدنان التميمي

 

 

المصادر

[1] . أرجو من القارئ الأحوازي النبيه، وغيرالأحوازي، أن يلحظ أن الإحالة إلى كارل ماركس هنا لا تعني الإستناد على الآراء الماركسية التي أولت الأراء الاقتصادية له بغير الموضع الذي وضعه هو فيه، وأن لا يُقيم حدا فاصلا مصطنعا بين البنى التحتية والفوقية في المجتمعات. إن آراء كارل ماكس كما صطرها في كتبه، خاصة كتاب كروندريسه، تشير بما لا لبس فيه إلى وجود علاقة تعاط بين الاقتصاد والمجتمع بما فيه من طبقات ودولة وثقافة.

[2] . راجع: كارل فتفوغل، الاستبداد الشرقي: دراسة مقارنة للسلطة الشمولية، ترجمة محمد الرشودي، دار الحكمة.

[3] . أنظر في ذلك: عبدالله الميساني، انطباعات عن الشخصية الأحوازية، مهر سجاد، قم1394.

[4] . ول ديورانت، قصة الفلسفة، ترجمة فتح الله محمد المشعشع، مكتبة المعارف، بيروت1988.

[5] . لا وجه لمن يعترض هنا فيقول عن استخدام السيف لدى الأمراء مثلا، أو استخدام القوس للصيد إلخ. فهذه أمور فردية أو قليلة، لا يمكن مقارنتها بشيوع استخدام تلك الأدوات. وكلامنا هنا على الأغلب لا على الشاذ.

[6] . محمد جواد عميد، كشاورزي، فقر واصلاحات ارضي در ايران، نشر ني، تهران1381.

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!