الأحد, يناير 12, 2025
مقالاتطهران تشن حملة اعتقالات واسعة ضد النشطاء الأحوازيين

طهران تشن حملة اعتقالات واسعة ضد النشطاء الأحوازيين

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

 أطلقت السلطات الإيرانية حملة اعتقالات تعسفية جائرة شملت ما يقارب 40 ناشطاً وكاتباً أحوازياً نشطوا في مجالات ثقافية واجتماعية ومدنية مختلفة ومن مختلف أوساط الشعب الأحوازي الأعزل والمغلوب على أمره. ويُرجح تزايد الاعتقالات وتشديد القمع بسبب اقتراب الأحوازيين من الذكرى المائة لاحتلال وطنهم من قبل إيران.

 وداهمت القوات الخاصة الايرانية المدججة بالسلاح منازل المواطنين الأحوازيين في عدة مناطق في الإقليم، وانهالت عليهم بالضرب المبرح أمام أطفالهم وذويهم، مما أثار الرعب والفزع لدى الأهالي، واقتادتهم إلى مقرات الاستخبارات مجهولة المكان للاستجواب القسري والذي يتم تحت التعذيب الجسدي والنفسي لانتزاع الاعترافات منهم بالقوة، كذريعة لإصدار أحكام قضائية قاسية من قبل المحاكم الإيرانية المتواطئة دائماً مع أجهزة مخابراتها. وكما جرت العادة، فإنه لم يفصح عن طبيعة الاتهام ولم تقدم أي مذكرات اعتقال للمتهمين أو ذويهم كما ينص القانون وكما تفعل سائر الدول في العالم.

 يتهم الناشطون المعتقلون غالباً ما بتهم ملفقة، مثل المساس بأمن الدولة أو التحريض عليها وما شابه ذلك، بهدف قمع مختلف الأنشطة الرامية للحفاظ على الهوية العربية وانتزاع حقوق الشعب الأحوازي.

وقد يكون العدد الحقيقي للمعتقلين أكبر بكثير، إذْ أفادت بعض التقارير بأن الاعتقالات لا زالت مستمرةً وبشكل يومي تقريبًا، وغالبية المعتقلين هم نشطاء من المجتمع المدني وبعضهم ينشط في مجال حقوق الإنسان والثقافة والأدب. وقد حدثت الاعتقالات في مختلف مدن وقرى الأحواز كلها، بما فيها الأحواز العاصمة، والحميدية، والسوس وتستر والفلاحية،والخلفية والمحمرة وعبادان.

وتبرهن مثل هذه الاعتقالات على استمرار الاضطهاد الممنهج لأبناء الشعب الأحوازي، بما في ذلك حرمانهم من حقوقهم الأساسية كحرية التعبير عن الرأي وممارسة ثقافتهم والتشبث بأصالتهم العربية، في محاولة لمحو الهوية العربية للأحواز، وقد أقدمت السلطات الإيرانية على اعتقال الكاتب والباحث الأحوازي سعيد إسماعيل المزرعاوي، بعد مداهمة منزله في مدينة الأحواز، و تمت عملية الاعتقال بواسطة عناصر من جهاز الاستخبارات الإيراني، حيث تم تفتيش منزله ومصادرة أجهزته الإلكترونية وبعض متعلقاته الشخصية قبل اقتياده إلى مكان مجهول، ويُعد سعيد إسماعيل المزرعاوي أحد الأصوات البارزة التي سلطت الأضواء على القضايا الإنسانية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب الأحوازي، وتأتي عملية اعتقاله ضمن حملة قمعية ممنهجة تستهدف النشطاء والكتاب الذين يعملون على توثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إقليم الأحواز.

وداهمت قوات الأمن الإيرانية أيضا منزل الصحفي والناشط الأحوازي ميلاد بحري (المعروف أيضًا باسم مهدي بحري) يوم الثلاثاء الموافق 7 يناير 2025 في مدينة الفلاحية، حيث تعرض للاعتقال بشكل قسري، وأفادت مصادر محلية أن قوات الأمن اعتدت على بحري في منزله مما أدى إلى إصابته بجروح جسدية خطيرة قبل أن يتم اقتياده إلى مكان مجهول.

وقامت قوات الأمن الإيرانية، يوم الثلاثاء أيضاً، باعتقال السيدة أحلام بندر، الناشطة الثقافية الأحوازية، في مدينة الأحواز العاصمة، ونقلتها إلى مكان مجهول. وتدير السيدة أحلام بندر مكتبة في منطقة أرفيش (لشكر آباد) في مدينة الأحواز، وهي مكتبة متخصصة في بيع الكتب العربية وتحظى بشعبية واسعة بين الاحوازيين، كما قامت القوات الأمنية بإغلاق صفحتها على منصة الانستغرام، التي كانت تُستخدمها لتوثيق الأنشطة الثقافية والحقوقية في الإقليم.

كما داهمت قوات كبيرة من جهاز المخابرات ترافقها عناصر من قوات الأمن وميليشيا الباسيج الإيراني، يوم الأحد 7 يناير الجاري، منزل الناشط الثقافي الأحوازي  هاشم الموسوي (هرموشي) البالغ من العمر 56 عاماً، في مدينة شيبان، شمال مدينة الأحواز العاصمة واقتادته الي مكان مجهول. يُذكر أن هاشم الموسوي، الذي يعتبر من أبرز الناشطين في الأحواز، قد تعرض للاعتقال ثلاث مرات منذ عام 2005، وقضى أكثر من سبعة أعوام في السجون الإيرانية، وكان قد تعرض خلال فترات اعتقاله، لأشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي على يد عناصر المخابرات الإيرانية.

إن غالبية النشطاء الأحوازيين في الداخل من شعراء وكتاب وأدباء ينشطون في مجال نشر الثقافة والهوية الأحوازية بشكل فردي عبر كتابة القصص باللغة العربية، وسرد قصائد شعريه وتفعيل أنشطة عبر صفحات التواصل الاجتماعي لمقاومة وصد سياسات الانصهار التي تنتهجها الدولة الإيرانية لمحو وتشويه الذاكرة الجمعيّة للهوية الأحوازية، لكن رغم محدودية هذه الأنشطة فإن الاستخبارات الإيرانية تستهدف الناشط الأحوازي وتعتقله وتعذبه وتسجنه بجرم نشاطه الهادف لحفظ هويته وثقافته العربية، ومع ذلك فالأحوازيين وفي شهر نيسان من كل عام يحيون ذكرى احتلال بلدهم وينظمون حملات إعلامية ويطلقون مظاهرات في بعض المناطق الأحوازية، وهذا ما يثير قلق الاستخبارت الايرانية المرعوبة على الدوام،فيدفعها لشن موجة من الاعتقالات، كخطوات الاستباقية لعرقلة أي تحرك احوازي عام وتعتقل معظم النشطاء الأحوازيين المؤثرين في تحريك الشارع بغية بث الرعب والفزع في أوساط المجتمع الأحوازي حتى لا يخرج من اجل المطالبة بحقوقه المشروعة.

 

 

وتبرهن مثل هذه الاعتقالات على استمرار الاضطهاد الممنهج لأبناء الشعب الأحوازي، بما في ذلك حرمانهم من حقوقهم الأساسية كحرية التعبير عن الرأي وممارسة ثقافتهم والتشبث بأصالتهم العربية، في محاولة لمحو الهوية العربية للأحواز

وقد اعتاد الأحوازيين على مثل هذه الاعتقالات العشوائية قبيل وبعد كل مناسبة ذكرى للاحتلال العسكري المشؤوم الذي وقع بتاريخ 20-4-1925م قبل مئة عام على وطنهم من قبل الدولة الإيرانية. على صعيد آخر فإن أبناء الشعب الأحوازي المناضل في الداخل والخارج، يترقبون هذه المناسبة ليعبروا من خلالها للعالم الحر ولدولة الإيرانية عن عمق استيائهم وامتعاضهم وغضبهم من استمرار هذا الاحتلال والاستعمار الغاشم لأرضهم العربية الأحوازية ورفضهم لسياسات القمع الرامية لمحو الهوية الأحوازية من خلال منعهم التعليم باللغة العربية وتغيير أسماء المدن و الأرياف الأحوازية و استبدالها بأسماء فارسية، وتمرير سياسات استيطانية بغيضة وجلب المستوطنين من العمق الفارسي و إسكانهم في المدن الأحوازية و منحهم فرص العمل و التوظيف في قطاعات صناعة الطاقة والبتروكيماويات و باقي المرافق الحكومية.

 وفي الوقت ذاته يتم حرمان الأحوازيين من الحصول على أي فرصة عمل مهما كانت طبيعتها أو توظيفهم في أي قطاع عام أو حكومي، وتأتي هذه السياسات لتغيير الواقع الديموغرافي لإقليم الأحواز، تنفيذاً للسياسات الاستعمارية لدولة إيران. كما أنها استهدفت قطاع الزراعة في الأحواز من خلال حرف مياه الأنهار الأحوازية وبناء السدود ونقل المياه إلى مناطق فارسية، والتي تسببت بجفاف واسع في الأحواز وتدمير الزراعة التي يعتاش عليها ملايين الأحوازيين، وقد أدت هذه الممارسات إلى تفقير وتهميش الأحوازيين الذين تركوا يصارعون البطالة، والجفاف والعطش و التلوث الصناعي الذي سبب بدوره بتفشي أنواع  الامراض الخبيثة المختلفة بما فيه السرطان في أوساط المجتمع الأحوازي.

انتصار الثورة السورية يغض مضاجع إيران

 إن دولة “إيران” اليوم تعيش حالة من الفزع والرعب بعد أن تلقت صفعة قوية من أبناء سوريا، وتجرعت سم هزيمتها المرّة نتيجة انتصار هذه الثورة العظيمة بتاريخ 8-12-2024، ما أضعف هيمنتها الفارسية وقلص دور وقدرات ميليشياتها الدموية. وكان لهذا الحدث الهام اعتبارات كثيرة وارتدادات متنوعة، منها أن انتصار الثورة السورية العظيمة أصبح بمثابة السراج المضيء للثوار، وتحول لحافز لكل الأحرار، وخاصة أصحاب الحق والقضايا الحقة كالأحوازيين، الذين يعانون من نير الاستبداد والاستعمار العنصري منذ عقود طويلة، والعراقيين واليمنيين، وكل الذين اكتووا من المشروع الفارسي التدميري الاحتلالي، بأن يمضوا قدماً في طريقهم لمقارعة أولئك الظلمة الغاشمين المجرمين والمحتلين حتى طردهم شر طردة وتخليص العباد والبلاد من فسادهم وشرورهم.

وكل هذه الوقائع شكلت اليوم في “العقلية الإيرانية” كابوساً، وعاصفة قادمة تكاد أن تهب في أي لحظة لتقتلع جذورهم. باتت الأحداث تقض مضاجع سلطات “إيران”، التي بدأت تشعر فعلاً بدنو الأجل، وأن عرشها بدأ بالاهتزاز والانهيار التام! وخوفها الشديد يجعلها مدركة أن الكيان “الإيراني” مقبل على التشظي والتفكك لعدة أقاليم.

إنَّ الشعوب غير الفارسية كانت موجودة أساساً، وتناضل منذ سنوات للمطالبة بحقوقها القومية والسياسية، والتخلص من المركزية “الإيرانية” التي نهبت كل شيء في أقاليمهم، وجوعتهم وشردتهم، وأعدمت أبناءهم، ونكَّلت بهم أيما تنكيل، وللأحواز الحصة الأكبر من تلك الجرائم الشنيعة!

إن الحكومة الإيرانية تعلم عظم جريمتها وضعفها من الداخل، وكل هذه الهواجس جعلتها تصب جام غضبها على الأحوازيين أكثر من ذي قبل، وأصبحت كالثور الهائج الخاسر المنهزم المرعوب التائه الذي قد لا يدرك كيف ومن أين سيتلقى الضربات المقبلة من مخالب الصقور والثوار والمحرومين والمظلومين الذين عذَّبهم وسفك دماء أبنائهم وذويهم، وما يزال يرتكب ضدهم الجرائم حتى اليوم!

إنه من الافضل للإيرانيين وللعالم أن تتفكك إيران على شكل أقاليم وأن تعيش كل الشعوب، وأعني بذلك الشعوب غير الفارسية في استقرار وحرية وأمان، كل في أرضه واقليمه يُدار ويحكم من بني جنسه وعرقه، كما يرغب هو ويريد، وإن في ذلك استقرارا للجميع، وللمنطقة والعالم بأسره.

في الختام: إنَّ “الشعوب غير الفارسية” المضطهدة من قبل “إيران” تنتظر اليوم بفارغ الصبر الانقضاض على “الدولة الإيرانية” ومحاسبتها على أفعالها تجاههم، ثم استرجاع حقوقهم كاملة في أقاليمهم، كل حسب قوميته وجغرافيته التاريخية، بعيدًا عن دور “الدولة المركزية الإيرانية ” فيها، وشعبنا الأحوازي ليس استثناءً من ذلك، بل هو الأكثر حرصاً وإصراراً وعزماً على نيل حقوقه المشروعة كاملة على أرضه، وفي هذا الصدد، نتمنى من كل الأشقاء العرب الوقوف مع أهلهم الأحوازيين ومناصرتهم حاضراً ومستقبلاً، لعدة اعتبارات قومية وتاريخية واستراتيجية وسياسية… إلخ.

وقد آن الأوان لشعبنا الأحوازي المقاوم أن يستعد أكثر ويوحد صفوفه، خاصة على أرض الوطن وفي الخارج، وأن يكون على أهبة الاستعداد للمتغيرات القادمة لا محالة، أما في الوقت الراهن، على أبناء الأحواز الأحرار أن يقوموا بإنشاء مجموعات خاصة ومختلفة منها ما يقوم بتوثيق كل الأحداث وما تشهده الأحواز من اعتقالات ومداهمات تطال أبناءها اليوم أو خلال الأيام القادمة، بالصوت والصورة وإرسالها للجهات الموثوقة.

أيها الأحوازيين، أن الحق يؤخذ ولا يُعطى، فانتزعوا حقكم مهما كلفكم ذلك من ثمن، وإياكم ثم إياكم وتفويت الفرصة، وتذكروا جيدًا أن النصر لمن صبر وثبت على أرضه، حتى لو اجتمع العالم كله ضده، ولكم في انتصار شعب سوريا خير دليل وعبرة، وما ضاع حق وراءه مُطالب، وما النصر إلا صبر ساعة.

 

 

 

 

 

بقلم يونس سليمان الكعبي، كاتب وناشط اعلامي أحوازي

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here



error: Content is protected !!