الملخص:
المجتمع الأحوازي لا يزال على أسس الفطرية ـــ البدائية وأن الثقافة الدينية بما أنها عادة ما تسند هذه الأسس إن لم يقم التنويري الأحوازي بمهامه، لذلك نشهد رواج مفاهيم كالسيد والسيدية والشيخ والشيخية، والدراسة تقدم بحثا عن ذلك من منظور العقلانية والسوسيولوجية وتكرس على نقد ثقافة الدين بالتنوير الديني على اعتبار أن الدين فيه ما يساعد على ظهران هذه الظاهرة.
سؤال الدراسة:
توجد الأحوال البشرية البدائية ــ الفطرية ثقافات نوعية قد لا تتساير مع المجتمع والقيم الأخلاقية والاجتماعية، ومن تلكم ما يُوجده النسب السلالي أو القبلية، كالسيادة والمشيخة والقبلية فما هو واقع السيادة السلالية النبوية؟ وما هو واقع القبلية كذلك في المجتمع الأحوازي؟ بناء على هذا الاعتبار نقدم استنباطنا بواسطة المنهج التحليلي ـــ العقلاني من السيادة والقبلية والأسريّة في طوال نظرية القبائلية كفطرة والقبلية ولوازمها العرفية البدائية.
مدخل إيضاحي:
عندما نتحدث عن الأحواز ومركز الأحواز، يلزم أن نفرق بين المسمى العام وهو إقليم الأحواز الحاضر والمستعمل قديما أو عربستان[1] المنادى به انطلاقا من الدولة المشعشعية حتى النهضة العربية الثالثة في منتصف القرن العشرين أعني فترة النشاط السياسي لمجموعة من القوميين العرب : جمال عبد الناصر ومعمر القذافي وياسر عرفات وأحمد بن بله وهواري بومدين وصدام حسين. ومن منظور الفكر النهضوي الحديث تبنى هؤلاء خطاب عربي ــ إسلام سني نحج في تكوين الدولة الحديثة بعد الإطاحة بالملكية في بلدانهم، وبين مركز الإقليم الذي كان مقرا أو مركزا لحاكم من عهد الإسلام. كما أننا نكرس على هذه الفترة باعتبارها عهد الإسلام حتى اللحظة إذ لا يوجد بديل مقترح عند العرب لتأرخة الأحداث فيبقى تاريخ الإسلام الأولى في الإشارة إلى الأحداث. ومن جهة الإبانة عن تاريخ الإسلام لا يعني أن السكان الأصليين العرب لإقليم الأحواز لا وجود لهم في الإقليم قبل الإسلام، بل بالعكس أن المصادر التاريخية والآثار التاريخية تدل على أن غير العرب هم سكان الإقليم منذ أن كان الإقليم سهولا مجاورة لشعب هاجر من شمال سيبريا إلى مركز جغرافيا إيران الراهنة يعرف فيما بعد بالفرس.
بعد فترة احتلت دولة من هذه السلالة المهاجرة الإقليم وهي الساسانية التي بنيت حضارتها على أطلال الحضارية العيلامية الأحوازية السامية وزوّرت التاريخ لصالحها. وانتهى احتلال الأحواز فيما بين السنة الـ 16 ـ الـ 17 هـ وفي هذا المجال لقد كان دور السكان العرب الأصليين بارزا جدا لا يمكن نكرانه . والمعلوم أن العرب تعيش على نمطية القبيلة ومشتقاتها وبتحليل أنثربيولوجي العرب مجموعات بشرية حافظت على مسارها التاريخي بالنسب القبائلي وهي مدركة بواسطة طبيعة الحياة وأسلوبيتها إذ تحل القبلية حتى تكوّن قبيل الدولة الحديثة مكانة الدولة نفسها.
وبناء على هذا الاعتبار نشهد أن سكان الإقليم يشاركون المسلمين في التخلص من احتلال المملكة الفارسية في طوال ما يسمى بالفتح. ومن هذه القبائل: بنو العم وبنو حنظلة.. وفيها قال الأسود بن سريع في الإشادة بمشاركتها في فتح إقليم الأحواز:
لعمرك ما أضاع بنو أبينا … ولكن حافظوا فيمن يطيع
أطاعوا ربهــــم وعصاه قوم … أضاعوا أمره فيمن يضيع
مجــــــــــــــــــوس لا ينهنها كتاب … فلاقوا كبةً فهيا قبوع
وولى الهرمزان على جواد … سريع الشد يثفنه الجميع
وخلى سرة الأحواز كرهاً … غداة الجسر اذ نجم الربيع[2]
والعرب تعنى القبائل قبل تكون الدول الحديثة، ومواطنها معروفة وردت في أحداث التاريخ العربي ــ الإسلامي والأحداث المدونة في مؤلفات الرحالة العرب والغرب طوال التجول أو التوریزم التقليدي الذي كان يهدف إلى الاكتشاف إضافة إلى التطييب أو الترفيه في الماضي. ومن المواطن التي سكنتها القبائل العربية أرض الأحواز المجاورة للموطن الذي سكنته المجموعات المنتمية إلى العرق الهندي الأوربي المهاجرة لتستوطن الهضبة القاحلة في وسط جغرافيا إيران الحالية البعيدة عن سهول إقليم الأحواز العربي والمعزولة بسلسلة جبال زاجروس.
ومهما يكن فإن النسب القبائلي سواء كان ينحدر من آل الرسول أو آل كريم آخر حسب موضوع اهتمام علم الاجتماع وعدة علوم إنسانية كعلم الأخلاق والتاريخ والدين بالتحديد باعتباره واقع قد لا يتماشى ولا يترابط مع منظومات الحياة الجديدة شرط أن يكون له ظهران مغاير لنتائج هذه العلوم، بناء على اعتبار أن مفهوم المجتمع مفهوم حديث لم يوظف في البحوث التراثية وهو مقرون بالدولة والحال أن القبيلة والقبيلة.. ومشتقاتها الاجتماعية تكون على نقيض من هذا كله.
ومن ظواهر الأسرية دعوى التعالي بالنسب والحسب وظهران نوع من التفخيم للشخصية في المجتمع وعلى حساب المواطن الأحوازي وهي ظاهرة قد نشأت في ثقافة الإسلام منذ القرن الرابع إلى جانب القبليّة العريقة عند العرب كما يأتي ولليوم لها تواجد عند العرب بخاصة الأحواز والخليج العربي ثم الوطن العربي بحسب المصطلح لاحقا.
المنظومة القبائلية ــالأحوازية والأعراف التي تكونها:
ونقصد بها تلك التي تقطن سهول الأحواز ومقاطعاتها كالقنيطرة ورامز وباب هاني والعميدية والمحمرة وعبادان والفلاحية (الدورق) ومعشور ومركز الإقليم ( العاصمة) ويعرف بسوق الأحواز والحويزة والخفاجية والسوس وتُستر.. إذاً المنظور دراسة ظاهرة من ظواهر القبيلة في الأحواز وهذي ظاهرة شديدة الاهتمام بين غالبية شرائح الشعب الأحوازي كون الصورة العربية في الإقليم لا تختلف عما عليه دول الخليج العربي والعراق.
أؤكد مسبقا أن البحث يخصص لظاهرة القبيلة في إقليم الأحواز ولم يشمل بالخصوص الأسر والعوائل التي تعيش خارج الإقليم وهي عربية بناء على الاعتبار وهو أن القبلية وبخاصة السيدية كظاهرة نسب من آل الرسول أشده اهتماما في الأحواز نفسها بينما مثلا لا يوجد الاهتمام بنفس المستوى في غير آل الرسول عند: عرب شيراز (شيراز فارس[3]): وعرب الجبيلات (عرب خمسة) بما في ذلك الجبارة (اليبارات) وقبيلة بني شيبان أو العشائر العربية التي تسكن بالمجاورة مع البختياريين والمعروفة بـ(عرب بختياري) أو (عرب کمري) يتكلمون الفارسية ــ العربية لكنها لا تزال تحافظ على نسبها العربي. أو عرب کهگيلويه و بويراحمد: وفيهم عشائر من ربيعة تعرف بـ (الباوي) في منطقة (باشت) و(کوه مره سرخي) أو عرب خراسان: وهم عرب سنة يقطنون مدن تايباد وتربت جام وعشائر عرب بهلولي في منطقة خواف وعشائر الخزائي (الخزاعي) وخاوري في مدينة قره زر وعشائر نادري في بيرجند وسربيشه. وعرب منطقة إيلام: وهم في النواحي الشمالية من (فکه) و مدينة (موسيان). وعرب أبو شهر (بوشهر) وميناء جمبرون: وهم في كنعان (کنگان) ونخل تقي وبنار وعسلويه وبندر لنجة (لنگه) وجزائر جسم (قشم) وجزيرة قيس (کيش) وجزيرة الشيخ شعيب[4] (لاوان).
لا نعتزم البحث عن السيدية أو القبيلة من منظورها العرفي الذي يسود عند غالبية شرائح المجتمع الأحوازي، بل نعني مثلا من القبلية الدراسة: ( العصبيات المتعددة والتي استطاعت عصبية قوية من بينها التغلب على الجميع أدى هذا إلى انضمام كل العصبيات إليها لتكّون عصبية واحدة كبيرة[5]). والمعلوم أن القبيلة تتصف بالسلب والإيجاب؛ السلب وجود العصبيات والعنتريات المصحوبة بالحسن والقبيح كالممارسة ضد المواطن الأحوازي الأقل مكانة بحسب القبلية في مثال القبيح. ولو أن العصبية والقبيلة مردودها أخلاق البشر كما يكشف عنه ابن خلدن بحساسية: (أخلاق البشر فيهم الظلم والعدوان بعض على بعض، فمن امتدت عينه إلى متاع أخيه، امتدت يده إلى أخذه إلا أن يصده وازع[6]) والمعلوم أن كشف ابن خلدون (1332 – 1406م) على ترابط بسايكلوجيا النفس، وهذا هو التمثل السلبي للقبلية. بينما في الإيجاب منها نشهد المحافظة الذاتية على وجودها كمنظومة فطرية ــ بدائية تعزز الهوية العربية الأحوازية.
وبرصادة سياسية ــ اجتماعية وجود القبائل في الوقت الحاضر يسند المقاومة المانعة أمام المشروع الفارسي، ومن هنا أنني أفرز بين القبلية والقبائلية على أن مفهوم المقاومة المانعة يتحقق بواسطة القبائلية كمنظومة لها قوامها بأداءها كبنية أولى نوعية قادرة على المحافظة على الشمائل والملامح والهيئة العربية في ظل فقدان المجتمع الأحوازي للدولة الأحوازية فهي تعمل كقوة ضابطة ومتحكمة في سلوكيات آحاد وأفراد القبيلة عند العدوان والظلم والإهانة. وبما أن منذ عام 1925 م الاحتلالي عمدت الأنظمة على عدم وضع خطط تؤدي إلى التثقيف، بل كرست على اتساع الشرخ حتى بين العشيرة الواحدة لضرب أي احتمال من التحالف، بقيت القبيلة ــ العشيرة في المجتمع الأحوازي متخلفة وفي الوثت ذاته على قوامها البدائي بخلاف ما هو حاصل من حال أقرب إلى التثقيف لقبائل المملكة العربية السعودية الشقيقة أو الكويت. إذاً، المنظور من السلب في البحث عن المجموعات التي يجمعها النسب الواحد وهي القبيلة وعن نوعية الثقافة التي تنشئها أو العرف الاكتسابي الذي تنشره في تعارض مع الأخلاق أو الاجتماع أو الدين كونها تعيش مغلقة قوام ذاتها النسبي ويؤدي ذلك الانعزال والتوحد مع وجود وحدة اللغة العربية والزمان والبيئة الأحوازية والظرف التاريخي الأحوازي ، وتستند إلى قوام الدم الواحد على أن النسب أو الدم هو القيمة العليا التي يلزم من الأفراد التضحية من أجله في الأعم الأغلب. ويتصاعد هذا الأمر في الأنساب المنتمية إلى آل الرسول بثقافتهم الخاصة.
وفي تحليل الواقع القبائلي الأحوازي نشهد أن القبلية تنتشر في مراتب أصغرها البيت وهي البينة الأولى في المنظومة، ثم الحمولة ويجمع كل من انتسب إليهما النسب العربي، ثم العشيرة والتي تتكون من عدة حمائل إلا أن الحمولة لا تجمع الجد الواحد بل ترتقي إلى نسب عدة أجداد يجمعهم النسب الواحد. ويبقى الشيخ وهو أمير القبيلة ينحدر من نسب متسلسل واحد من صلب واحد يصل المنصب من واقع التوارث من سلف إلى الخلف، ثم الطائفة وهي تكوينة من عدة عشائر والعشيرة الأس يجمعها النسب بينما قد تتحالف عشائر أخرى معها. ومن مجموع العشائر يصل الدور إلى القبيلة. وهناك إمكان لتحالف بين عدة عشائر وطوائف لتكوين الحلف كما تكون حلف المحيسن في عهد الأمير خزعل ( 1861 – 1936م) بناء على مصالح اجتماعية ــ سياسية وهي الدفاع أو حماية منشأة الإمارة الأحوازية.
ثم النسب المنتمي إلى آل الرسول وآل هاشم وهو الأكثر تشددا في الأعراف والمحافظة والتعالي على شرائح المجتمع الأحوازي والذي يخصص البحث أصل البحث الموضوعي حوله وما له من مبررات أكثرها دينية كما سيتضح.
مثال ظاهرة القبلية والأسرية:
منظورنا من القبلية هو كل ما ينتج من القبلية سواء كان له إداء سلبيا أم إيجابيا، وأن يستند ذلك إلى الطبيعة البدائية البشرية، هذا هو تعريفها عندنا بحسب الأداء. و من منظور علم الاجتماع تسمى النزعة القبلية أو العشائرية)، بينما يعرفها المنظور الديني عصبية الجاهلية. إلا أن الواقع للقبلية كما يبدو لنا أن القبليّة: من أساسيات النظام في القبيلة. وتطلق الثقافة الانجليزية على مجموعة هذه التعريفات أو المصطلحات المصطلح الشامل هو (Tribalism). وبتحليل أداء القبلية يظهر أنها: (مجموعة من الأعراف والتقاليد التي توافق عليها أفراد القبيلة وباتوا ملزمين بإتباعها وعدم الحيد عنها[7]). والمنظور من الأسرية الأنساب الصاعدة إلى بني هاشم وآل الرسول وذريته وما يتحصل من ذلك من أعراف نطلق عليه الأسرية السيدية.
عن معنى السيد:
يبدو أن المفردة لها معان عدة، ولكي نقف على المعنى المصداقي المستعمل عند جمهور في إقليم الأحواز، نرى أن نفرق لمعانيه بالوصف واللقب، وعندها تأتي المعاني الآتية: أولا: المحترم وذا المقام بين الجمهور، وهو المعلوم لا يحتاج إلى بيان؛ ثانيا: من (انتسب إلى الرسول وآله[8])؛ ثالثا: (المالك والملك والمولى ذي العبيد والخدم والمتولي[9]) لشريحة من الجمهور. وقد وردت مفردة السيد كأول استعمال لها في القرن الـ4 ـــ الـ5 وكان الشاعر العربي الشريف الرضي هو من استعملها بالتعيين، بينما أستاذه الطوسي والعالم بعلم رجال الحديث النجاشي كل منهما استعمل: (السيد والشريف[10]). واستحكم معناها في القرن الـ6 لتعني: ( سلالة الرسول[11]) بالتحديد. والمعلوم في الثقافة الاجتماعية الأحوازية وتناظرها العراقية أن المعنى المستعمل من السيد يطلق على (أولاد الرسول[12]) ويراد منهم مَن يلد من ذريّة فاطمة والإمام علي. والمعنى المحصل: أن (السيد) وجمعه: (السادة) إطلاق حصري على سلالة الإمام علي وفاطمة ويمتد ذلك إلى كل أئمة الشيعة بالعرف الأحوازي. لكن يسود التصنيف بعد ذلك لنشهد فئة: ( الهاشمي والعلوي والحسني والحسيني والموسوي) حصري بالعرب الشيعة والسنة بصورة عامة ويستثنى في الأحواز إطلاق العلوي؛ وفئة: (جعفري ورضوي وكاظمي ونقوي وتقوي وعسكري) يكثر استعماله عند غير العرب الشيعة ولا يعترف بها في الأحواز.
وعليه، فأصبح المدلول اللقبي خاص بذرية الرسول من فاطمة والإمام علي في المجتمع الأحوازي وأما المدلول الوصفي فيستعمل بحسب المصاديق في المجتمعات العربية كمصر وسوريا ولبنان.. لا المجتمع الأحوازي، بينما بقي استعمال (الشريف) حتى اللحظة عند العرب في الجزيرة العربية وشمال أفريقيا كما هو مشهود وواضح من قبل السنة العرب.
الموقف الديني من التسييد والسيدية :
(أنا سيد ولد آدم ولا فخر[13])
لقد بحث علماء الشريعة ظاهرة السيد ونالت الظاهرة مخصصات مالية تسمى خمس وهي: غنمية مال الحرب وغنيمة مال غير الحرب[14]. واختلفوا في تحديد المدلول فمنهم من يرى أن السيد يطلق على : (ذرية هاشم بن عبد مناف، وعندها يشمل أولاد: أبي طالب والعباس وأبي لهب وحمزة، كلهم بنو عبد المطلب[15]). وهنا يظهر السيد اللقبي أيضا وهو: السيد الهاشمي، لحديث ورد: (إنَّا وبَنُو المطلبِ لا نَفترِقُ في جاهليةٍ ولا إسلامٍ وإنَّما نحنُ وهم شيءٌ واحد[16]ٌ)؛ وهذا البحث خاص بمن يثبت نسبه بحسب الاختلاف بين المواقف الفقهية من القول بالهاشمي أو القول بسلالة الرسول من فاطمة والإمام علي. وهو بحسب الفهم الديني تفضيل لمكانة من شمله المعنى، ولا يخفى أنه نوع من الفارق الطبقي في العصر الحديث ومفاهيم حقوق الإنسان والتساوي في الكرامة الإنسانية. ومن سلبيات هذه النظرة إلى السيد وتكريمه بحقوق اجتماعية خاصة يظهر الكبر والتعاظم في غالب الأحيان والمعبر عنه بالشعور السلبي المنافي لتعاليم الأديان ومنها الإسلام، باعتبار أن هذا الشعور موضع رفض الأخلاق المبنية على أسس الإسلام الداعية إلى التواضع ولا اللافرقية.
ومن هذا المنطلق يبدأ موضوع التنوير الديني الذي طالما خصصنا له بحوثا لتجاوز مراحية الفهم الديني للظواهر الدينية أو موضوعات ثقافة الدين، على أن التعالي لمكانة السيد ومفهوم السيدية كثقافة في المجتمع الأحوازي الشيعي لا ترابط له مع العقلانية وحقوق الإنسان، كون التنوير الديني حمولة الفكر لنقل المجتمع الأحوازي من الإيمان بالخرافة والجربزة الدينية الثقافية وولاية الفقية أو السيد الولي وتفخيم مكانة الفقيه والشيخ الديني والعشائري.. إلى ما عليه مجمتعات راقية اجتماعيا وثقافيا، أن يتم الكشف عن أي تعارض ثقافي مع جوهر الإنسانية والانهتاك لكرامة الإنسان الحديث والسلوك الإتيقي، وهذا التنوير الديني يريد من المتدين الأحوازي أن يفهم جوهر الدين من عَرَض الدين! وأن يفرق بين المقولات الدينية والمعارف الدينية.
وبالإمكان الاستباط مثلا أن التعالي والتفخيم بخرافة النسب كظاهرة من ثقافة الدين في المجتمع الأحوازي، لو نرصده من منظور الأخلاق الدينية نكشف أن التعالي هنا لا يعني التعالي الميتافزيقي أي: السمو إلى العلا بقيم المفكرة الإنسانية طبعا، بل التعالي السيدي أو القَبَليّ، أعني: النظرة المشحونة بالزَّهو والخُيلاء أو العُجْب! من الأعلى إلى الأسفل على الآخرين للانتساب إلى النسب الهاشمي أو النبوي وقوامهما السيدي أو السيدية، والحال أن كل البشر سواسية في نوعية الخلق الإلهي؛ والنظرة من الأعلى إلى الآخرين لا معنى لها في مفاهيمنا الحديثة المبنية على أسس الاحترام ، وإن أريد منهخا أن تكون فمن غير الاستكبار والكبر قطعا ووفق شرط: (لا يحق [ للإنسان ] أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف[17]) ومحلها معلوم. ثم إن الأخلاق الدينية باعتبارها معرفة دينية لها الموقف الأكثر إحاطة بهذه الشعور السلبي وقد أبانت عن التعالي كأهم محصلة من هذا الشعور إذ وصفت التعالي للخالق المنزه عن النقيصة واختصت الوصف به ودعت ذوي الإيمان إلى معرفة مكانتهم المتواضعة والاهتمام بالذات والعمل على تكاملها.
ظاهرة السيد والشيخ (السيادة والمشيخة) الأحوازية:
من منظور السايكلوجي بحسب استنباطنا يبرز واقع مفاهيم كالسيد والشيخ والسيدية والشيخية من داخل ما يسمى بالقبلية والأسرية، الشيخ: محصول القبلية، والسيد: منتوج الأسرية، أعني المنتمية إلى نسب آل هاشم أو آل الرسول كما تقدم. وفي كلا الأمرين يرافقهما شعور ما، إلا أننا نخصص للشعور السلبي لا لأصل الانتماء النسبي.
فبديهي أنه لا يختار الإنسان نسبه ولا مكانه ولا زمانه وهو معذور في هذا الأمور الأولية. بينما في الشعور السلبي المرفوق بالتعالي والاستنكاف والاستكبار والكره والحب.. نكون عند مسألة ترتبط بالدافع النفسي ــ السايكلوجي وهي سلوك غير مَرْضي في المجتمعات المنتمية إلى العالم الحديث وروح الإنسانية الحديثة. وبناء على هذا الاعتبار يرابط علماء النفس الحديث بين هذا الشعور و(الأفعال التي تصدر من حامل الشعور السلبي وهو سلوك غير أخلاقي[18]) كما يرونه. ومن جهة يرى المفكر الجابري أن السلوك السلبي ذا ترابط بعدم المعرفة، أي أنه حصيلة الجهل بالواقع الإنساني والحقيقة الإنسانية (مما يجعله أحيانا لا يميز بين الحق والباطل حين يختص الأمر بعلاقات قبيلته مع غيرها من القبائل، ودافعه في ذلك علاقة الدم والنسب التي تربطه بقبيلته , وهذا ما نسميه بالعصبية القبلية ، فالقبائل مواالعربية قبل الإسلام , لم يكن يربطها وطن , ولا يوحدها دين , وما يجمعها سوى العصبية واللغة , لذلك اهت بالأنساب , وبرعوا في استخدام اللغة , بيدا أن قوة العصبية القبلية لا تكمن فقط في النسب بل تتحكم فيها الظروف المادية الصعبة التي تعيشها القبيلة بسبب قسوة الطبيعة وضعف وسائل الإنتاج[19]). وعليه فالشعور السلبي المتحصل من القبلية أو السيدية حالة نفسية فردية ــ جماعية على ترابط بالنفس والأخلاق وعدم المعرفة بمكانة الإنسان ونوع من سلوك سلبي.
وأما من منظور سوسيولوجي: علينا الوعي أو الإدراك بواقع الأمر أن السيدية كشخصية متحصلة من الشعور السلبي ترى لها حق التعالي، فإنها في النتيجة نزعة أخصية ومطلقة وحصرية وشمولية وإرثية وتبعيضية لا تنسجم مع المعايير الاجتماعية = السوسيولوجية وهذه مقدمة ممهدة إلى طبيعة الاستبداد الاجتماعي، أجل أداء السيدية فيما قبل العصر الحداثوي كان يؤدي دور رئيس لمنظومة اجتماعية في إيجاد الوفاق بين أفراد الأسرة الواحدة أو جماعة النسب الواحد وينسق لهوية الأفراد النسبية في الأحواز. بينما في الوقت الراهن في طوال مفهوم المجتمع الحديث أصبحت مسألة معقدة في بيئة الأحواز الثقافية، بمعنى أنه المداومة عليها يعيد للمجتمع الأحوازي إلى مقدمات الانتكاس التاريخي أي أنها عامل مساهم في إعادة المجتمع إلى ما قبل التغييرات الحديثة إحياء لمفاهيم متهالكة كالراعي والراعية والسيد والعبد.. وهذا شيخ وذاك سيد! وأنا أفضل وأنت أرذل! ولا تفكير بمفهوم المجتمع الأحوازي الذي يوجد بطبيعة التكون مفهوم : نحن ولا أنا ولا أنت بل الكل نحن في مصلحة الوطن لتحقيقه لأنه يؤمن الحياة الكريمة والاستقلال والأمن الوجودي الأحوازي قبال تجاوزات فارس (إيران الجغرافيا المفتعلة).
ولعل التمثل لها بعهد الأمير خزعل (1897م – 1925 م) كأهم ما يمكن الإبانة عنه في تاريخنا الحديث، إلى مفاهيم قروسطية لا استلاب لها برصادة عقلانية ولو أن نصيبنا نحن الأحوازيون من هذا التاريخ حيثة زمانية صرفة لا غير، كون مستوى التخلف من حيث الواقع الموجود في المجتمع الأحوازي يصنفنا إلى حقبة ما قبل عصر الحداثة، ولنمثل في ذلك مثلا في فقدان اللغة العربية التي بها قوام الهوية العربية في التعليم وندرة التأليف بواسطتها وفقدان المؤسسات التي تعتني بها منذ عام 1925م ولا نبعد الأسباب الموجبة لذلك وأهمها الاحتلال الإيراني.
وتتبلور الرؤية الواضحة عن باثولوجيا ظاهرة السيد والشيخ (السيادة والمشيخة) بالأحواز في عصر الأمير خزعل الكعبي (= 1861- 1936م) أكثر مما فات لأسباب أولا أننا شاهدون على هذه الحقبة من الزمن وما فيها من أحداث عن هذه الباثولوجيا القبلية، ثانيا أن التوثيق لها والبحث فيها يستلب المشاعر الوطنية الأحوازية. وهناك أمور يلزم الإبانة عنها تتعلق بالسيد والشيخ بالإمكان أن أضعها في الموقف الوطني نفسه لكي ندرسها لنرى أنها في الموضع السلب كيف أدت أدوار ضد مفهوم الوطن والمواطن والوطنية؟ ولو أن في تلك الحقبة وفي غياب هذه المفاهيم تضخمت ثقافة السيد والشيخ ولكل محلة أو قبيلة شبه حكم محلي ما دعى القوميون الفرس الإيرانيزميون أن يستغلوا هذه الحالة العامة التي كانت تنتشر لدى كل قومية تعيش في جوار أرض فارس قبل تزوير وتأسيس مفهوم الإيرانية وقومية إيرانية من قبل منظريها انطلاقا من العهد البهلوي الأول[20] على أننا ليس إلا جماعات متناحرة يسيرنا الشيخ والسيد! وأنا الأمير الخزعل المسؤول عن هذه الجماعات لكي لا تخلق الفوضى والانفلات الأمني في الأحواز! والأهم أننا قبائل تعلو ثقاقتنا القبلية، قبائل (لاجئة إلى الأحواز !! [21]).
والأمر لا يخصنا شعب الأحواز، بل إذا اعتبرنا المفهومين ظاهرة اجتماعية مغايرة مع روح الحياة الحديثة والنظام الحقوقي وأداها قبل تكوّن الدولة أشبه ما يكون بدويلة فنجد عينات لهما عند غيرنا من الشعوب الآذرية والبلوشية والكوردية..
وأما عن دراسة الظاهرة بواسطة الموقف الوطني فإن إهم ما يلوح في المتسع البحثي الذي نحن فيه أن تدرس الظاهرة مقارنة بفترتين مهمتين من تاريخنا الحديث وهما:
1: ما قبل الاحتلال:
من واقع إحاطتي بتاريخ الأحواز وموقفي من sociological perspective في دراسة ظواهر القبلية السيدية والمشيخية للكشف عن العلاقة بين الموطن الأحوازي والمجتمع يبدو أن ظاهرة السيدية والنسب الشيوخي في القرية لا تختلف تماما عما هي عليه في المدينة، وتبقى القرية بطبيعة الابتعاد عن النظام الاجتماعي أشد، وإن كان الشعب الأحوازي بسبب السياسات التهجيرية نسي الحياة البدوية وتوجه إلى التحضر بعد 1925م كما يرصد ذلك في عبادان والمحمرة أولى المدن ذات العمران الحضاري.
لقد أشرنا إلى ضرورة تحليل واقع ظاهرة السيد والشيخ (السيادة والمشيخة) الباثولوجيا المتحصلة منهما، ولا أجد أولى من المنظور السوسيولوجي ــ بولوتيكي نفسه إذا رصدنا الأحداث التي أوجدتها الظاهرة في فترة الحكم المبان عنها. وبالإمكان الإلماعة إلى أهم الأحداث الآتية:
ــ الجهاد ضد بريطانيا وتحريك ملالي فرس في النجف 1914 م [22] للسيد والشيخ!
ــ وقوع السيد والشيخ في خديعة رضاخان المتلاعب بالسايكلوجية القبلية.
ــ دور الدولة العثمانية في تعبأ أفراد السيد والشيخ من القبائل ضد خزعل وبريطانيا.
ــ دعوة السيد والشيخ الجمهور إلى الانضمام لعشائر بني كعب الفلاحية المحاربة تحت هرطقة لواء المجاهدين بزعامة آية الله السيد جابر! الفلاحي.
لمواقف المتخاذلة ضد الوطنية[23]:
من أبرز الإشكالات الواردة على ظواهر القبلية السيدية والمشيخية فقدان التنوير وثقافة التفكير عند جمهور القبيلة كأنما شبه غياب للحقائق سوسيولوجية: الشعب والحاكم والوطن.. في ذهنية الجمهور نفسه. ففي أحداث فترة الأمير خزعل الكعبي نرصد وعيا سلبيا تجاه هذا الأمير من قبل محركي الجمهور أولئك الذين سادوا في المجتمع إما بالانتساب إلى النسب النبوي أو الشيوخي. وقد تجلى هذا الوعي المناهض لمستقبل الإمارة في أهازيج (هوسة أحوازية) لا ترابط بينها وبين استراتيجية الاعتراف بإمارة الأحواز إقليما ودوليا. ومن هذه الأهازيج : (ما گوم الا ارکانچ اخیسه[24]) إطلقت عندما طلب من الجمهور بالوجاهة القبلية (المشيخة) الوقوف بوجه الأمير خزعل في قلعة اعليوي بتحريك من بعض الشيوخ الأحوازية.
الفتاوى الفارسية التي استلبت الشيخ والسيد الوجيهين
وقد وصل أداء الظاهرة إلى تكفير الأمير خزعل والتي تحرك مشاعر الجمهور الأحوازي إلى حد أننا نشهد أهزوجة : (یتندم خزعل یلعایف دینه) في هرطقة ما يسمى جهاد العشائر ضد الأمير الذي كان في موضع غير مدعوم من بريطانيا بما فيه الكفاية ما رحج أن يستجيب للمطالب البريطانية على أمل أن تضمن له كافة حقوقه وحقوق شعبه أمام الخطر الإيراني القادم. وقد كانت فتاوى مراجع الدين الفرس في النجف كالسید کاظم الطباطبایي الیزدي! من أشد وأخطر ما واجهت الإمارة من تدخل في شؤونها وأدت سذاجة الجمهور ومن يحكمه من الشيخ القبلي والسيد إلى تفاقم الأمور. ومن أبرزها : (حل فرض الخامس لحگوله[25]) ومن المثير للاستفهام أن هذه الأهزوجة لم يطلقها سيد أو شيخ وإنما مرأة مجهولة عندما سمعت بخبـر فتـوى الجهـاد المزعومة التي أصدرها اليزدي الفارسي!! ما يعني أن الظاهرة فاقدة لأصل الوعي الوطني والعقلية قبلية مترادية تحركها عنتريات إمراة ضد الأمن الوطني والقومي الأحوازي.
2: ما بعد الاحتلال:
تشير مراكز استطلاع المحتل الإيراني أن قرابة 68% يعشيون حتى اللحظة في المدن.. ونرى أن بعد الفيضان 2019م تصاعد العدد إلى 85% حسبما أخمنه ما يعني أن ظاهرة الشيوخي والسيدية بما فيها من أداء سلبي وإيجابي سوف تتأثر بشكل وآخر، وإن كنا نخصص الجانب الإيجابي منها كأداة في مقابلة مشاريع الاحتلال كما تقدم في البحث لأن التمدن بناء على موقف لنسون Linson (عملية من عمليات التغير الاجتماعي، يتم من خلالها انتقال سكان الارياف الى المدن والعيش فيه[26]ا). وهذا يعني الاقتراب من منظور Cultural Hybridization التهجين الثقافي الذي تقوم به مؤسسات الدولة في مشروع القضاء على الهوية العربية الأحوازية، كبينة قومية جوهيرية في الهوية الوطنية التي تمايزنا عن إيران وسائر الشعوب المتواجدة فيها. وقلنا أن السيدية والمشيخة مهما يكن لهما من سلبيات يمتلكان التأثير على جمهور القبيلة ولو أن النظام يعرف ذلك ويحاول أن لا تنفلت كبرى القبائل من بين يديه جراء استمالة قلب الشيخ أو السيد. ولكن لا يمكن نكران النبلاء الأوفياء منهما للقضية الأحوازية وما يتعلق بها من لغة ومراسيم شعبية وطقوس أحوازية تقليدية.. بخاصة في القرى والأرياف في الحث على أهمية الشعر الشعبي الأحوازي واليزلة والزي الرسمي ( الدشداشة التقليدية والعقال والشبشب) للحفاظ عليها ضد المشاريع الإيرانية كالانسجام الثقافي الإيراني والهوية الإيرانية ونبذ القومية العربية، وهذا الأداء ليس إلا دعما للهوية العربية.
كما أن الظاهرة في أداءها الإيجابي قد يرصد لها وظائف حلحلة مشكلات العشيرة فيما بينها أو ما يحصل يبن واحدة وأخرى دون اللجوء إلى محاكم الدولة الإيرانية الجائرة الفاقدة للعدالة نظرا لتجنيد القضاة من قبل الأجهزة الأمنية للتلاعب يالعرائض والملفات خاصة لو كانت مقدمة من قبل نشطاء المجتمع. ومن متعلقات الظاهرة التي نشهدها أخير أن مكانة السيد والشيخ في مسار تغييرات مهمة وهي أن الجيل الحاضر فيه نسبة عالية من خريجي الجامعات مما حلوا مكان الآباء ما يعني أن بوادر الإيجاب قد تزداد لو اعتبرنا الخريج ذا عقلية مغايرة عمن خلفه في المكانة.
المحصلة :
إن اعتبار ظاهرة السيد ــ السيدية والشيخ والمشيخة المترابطة مع الشعور السلبي، يدلنا الواقع منها على خلفيتهما وهما الأسرية أو القبيلة؛ واضح أن بعضها موروثات فطرية ــ بدائية وبعضها مكتسبات متحصلة نظرا لغياب التنوير الديني على أنها مأخوذة من الدين والأعراف القبلية،لا يحسن أن في المجتمع؛ ومن وجهتنا الاستنباطية وجودها يعني: المكوث فيما قبل العصر الحديث! كما حصل ذلك في عهد الأمير خزعل الكعبي، برصادة تاريخية أو نقض لقيم المجتمع الحديث الذي يتساوى فيه الجميع من حيث المواطنة الأحوازية وتتلاشى وتفتقد مصطلحات الموروثة باعتبارها ظاهرة تاريخية لا واقع انساني أو اجتماعي. وبحسب المعطيات الاجتماعية والأخلاقية لا يملك السيد أو الشيخ مكانته السابقة في المجتمع حاليا وهذا تقدم إيجابي ويعني أن أفول هذه الظاهرة حتمي، وقد ينحصر في القرى والأرياف نسبيا ولفترات معينة إن أريد لهما البقاء.
إلا أن الظاهرة في بعدها الشبه الإيجابي يرجح في مسألة، وهي أن الوضع الاجتماعي والثقافي الأحوازي الراهن المحتل من قبل إيران حيث النظام الإيراني بنظريتي الإيرانيزم ــ الفرسيزم لا ترابط له بواقع الشعب الأحوازي ولم يؤد إهتماما إلا إلى في إطار المصلحة الخاصة به كضرورة فرض الأمن لإيجاد سلامة موظّفيه والمباني أو المؤسّسات التابعة له للتمادي بالاحتلال والتنفع من خيرات الأحواز وإسفافية إحياء المجد الفارسي المزور! وله دولة كبرى لها مؤسسات تحكم الأحواز، بالإمكان الانتفاع من القبائلية والسيدية لتصريف شؤون المتجمع الأحوازي، كحلحلة وقتية، ونؤكد مرة أخرى، كحلحلة وقتية طالما دولة الاحتلال لها تواجد في الأحواز. ومن منظور تقدم في الدراسة بينا أن القبائلية (= لا القبلية) كيان اجتماعي مصغر له القدرة على الانجاز اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، وكذلك السيدية لها من إنجاز إيجابي كتحشيد الأفراد المنتمين إلى آل هاشم أو آل الرسول،لكن شرط أن يقود ذلك زعيم محنك كي لا يقع بيد الأجهزة الأمنية لتقلب الرؤية على العكس! ومن هنا بالإمكان للهذا المحنك أن يوازي في إدارته للقبائلية أو السيدية كإدارة إلى حد ما إدارة الاحتلال في مجالات خاصة في شبه مستقل. والمعلوم أن النظام الاحتلالي لم يكن مهملا لهذه الأهمية من جهة ومن جهة أخرى ينشر الطائفية لمزيد من التفكك الاجتماعي لكي لا تتآلف هذه الكيانات المصغرة أو يتفلت هذا المحنك بما له من قوة محددة عن سيطرة الدولة.
والمسألة تحتاج إلى مزيد من الدراسة لكونها تجمع أمور غير متناسقة بالموروث الفطري البدائي وعادة ما تنتهي إلى ضد ما يراد من السيد والشيخ والقبائلية.
كمال بن سلمان
المصادر داخل النص
- أي: إقليم العرب، أطلقه شاه اسماعيل الصفوي وهو تبيان واضح للدلالة على أن سكانه عرب. وبمكن القول أن جغرافيا الأحواز قرابة 210 آلافkm وعندها ينطبق دالّ الأحواز على أجزاء اقتطعت من جغرافيا الأحواز وضمت إلى محافظة فارس وبوشهر وإيلام وميناء جمبرون ولرستان وكرمان، انظر: https://www.dusc.org/ar/article/1337.
- وتلزم الإبانة أن هذه الأسماء لا وجود لها قبل عام 1925 حتى أن محافظة فارس الحالية والتي عاصمتها شيراز، كان تسمى (تیرازیس) أو (استخر) = اصطخر، لا فارس!. وكل هذه التغييرات والتقسيمات والأسماء الجديدة إطلقت من عهد رضا خان وما بعده. وهذا دليل على أن رضا خان فكك جغرافيا الإقليم على غرض تحجيمه للسيطرة عليه.
- تاريخ الطبري : 5 / 3545 .
- افشار سیستانی ایرج ، خوزستان [ الأحواز ] و تمدن دیرینۀ آن: 687 – 686 ، وزارن فرهاگ و ارشاد، تهران 1373 هـ.ش
- لقد كانت هذه الجزر ضمن سيادة الإمارات المتحدة العربية الشقيقة وهي سيادة القواسم حكام الشارقة ورأس الخيمة مدة تزيد عن مائتي عام لكنها احتلت من قبل إيران.
- ابن خلدون، المقدمة: 1/ 245.
- مقدمة ابن خلدون: 236، دار الكتب العلمية, بيروت 2013م
- الجابري: فكر ابن خلدون. العصبية والدولة، معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1994 , 164.
- المعجم الوسيط: 461
- المصدر نفسه: 461
- الرفاعي، فتحي، موسوعة أنساب آل البيت النبوي: 1/ 46.
- المصدر نفسه: 1/ 46.
- انظر، الصدوق، عيون أخبار الرضا للصدوق: 2/ 100.
- وقال ابن عقيل: إنما نفي الفخر الذي هو الكبر الواقع في النفس المنهي عنه الذي قيل فيه: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) ، لقمان: 18. ولم ينف فخر التجمل بما ذكره من النعم التي بمثلها يفتخر. انظر: صحيح سنن ابن ماجه: 13560 ، المحقق: الألباني ، الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1407هـ .
- إن دليل خمس الغنيمة الحرب وغير الحرب، فهو: ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ… ﴾ والغُنم عند الشيعة:يعتي مطلق الحصول على الشيء المالي، بينما غالب الفرق في الإسلام الحاضر تخصصه في: (المال المأخوذ من الكفار في ميدان الحرب والقتال ). انظر : لسان العرب ، ومعجم مقاييس اللغة ، مادة: غنم ؛ تفسير القرطبي:8/ 1
- الطباطبائي ، العروة الوثقى: 2 كتاب الخمس، فصل 2، مسألة 3.
- سنن أبي داود 3/149 تحقيق ـ محمد محي الدين عبد الحميد، ط دار الفكر.
- من رسالة وداع الروائي غابرييل غارسيا ماركيز.
- عدة، الشيخ: العصبية الدينية ودورها في قيام الدولة الإسلامية: 34، رسالة ماجستير 2011م/2012م، الجزائر، جامعة وهران، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية.
- الجابري: فكر ابن خلدون. العصبية والدولة، معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1994 , 6م، ص
المصادر الكاملة
[1] أي: إقليم العرب، أطلقه شاه اسماعيل الصفوي وهو تبيان واضح للدلالة على أن سكانه عرب. وبمكن القول أن جغرافيا الأحواز قرابة 210 آلافkm وعندها ينطبق دالّ الأحواز على أجزاء اقتطعت من جغرافيا الأحواز وضمت إلى محافظة فارس وبوشهر وإيلام وميناء جمبرون ولرستان وكرمان، انظر: https://www.dusc.org/ar/article/1337.
وتلزم الإبانة أن هذه الأسماء لا وجود لها قبل عام 1925 حتى أن محافظة فارس الحالية والتي عاصمتها شيراز، كان تسمى (تیرازیس) أو (استخر) = اصطخر، لا فارس!. وكل هذه التغييرات والتقسيمات والأسماء الجديدة إطلقت من عهد رضا خان وما بعده. وهذا دليل على أن رضا خان فكك جغرافيا الإقليم على غرض تحجيمه للسيطرة عليه.
[2] تاريخ الطبري : 5 / 3545 .
[3] افشار سیستانی ایرج ، خوزستان [ الأحواز ] و تمدن دیرینۀ آن: 687 – 686 ، وزارن فرهاگ و ارشاد، تهران 1373 هـ.ش
[4] لقد كانت هذه الجزر ضمن سيادة الإمارات المتحدة العربية الشقيقة وهي سيادة القواسم حكام الشارقة ورأس الخيمة مدة تزيد عن مائتي عام لكنها احتلت من قبل إيران.
[5] ابن خلدون، المقدمة: 1/ 245.
[6] مقدمة ابن خلدون: 236، دار الكتب العلمية, بيروت 2013م
[7] الجابري: فكر ابن خلدون. العصبية والدولة، معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1994 , 164.
[8] المعجم الوسيط: 461
[9] المصدر نفسه: 461
[10] الرفاعي، فتحي، موسوعة أنساب آل البيت النبوي: 1/ 46.
[11] المصدر نفسه: 1/ 46.
[12] انظر، الصدوق، عيون أخبار الرضا للصدوق: 2/ 100.
[13] وقال ابن عقيل: إنما نفي الفخر الذي هو الكبر الواقع في النفس المنهي عنه الذي قيل فيه: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) ، لقمان: 18. ولم ينف فخر التجمل بما ذكره من النعم التي بمثلها يفتخر. انظر: صحيح سنن ابن ماجه: 13560 ، المحقق: الألباني ، الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1407هـ .
[14] إن دليل خمس الغنيمة الحرب وغير الحرب، فهو: ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ… ﴾ والغُنم عند الشيعة:يعتي مطلق الحصول على الشيء المالي، بينما غالب الفرق في الإسلام الحاضر تخصصه في: (المال المأخوذ من الكفار في ميدان الحرب والقتال[14]). انظر : لسان العرب ، ومعجم مقاييس اللغة ، مادة: غنم ؛ تفسير القرطبي:8/ 1
[15] الطباطبائي ، العروة الوثقى: 2 كتاب الخمس، فصل 2، مسألة 3.
[16] (1) سنن أبي داود 3/149 تحقيق ـ محمد محي الدين عبد الحميد، ط دار الفكر.
[17] من رسالة وداع الروائي غابرييل غارسيا ماركيز.
[18] عدة، الشيخ: العصبية الدينية ودورها في قيام الدولة الإسلامية: 34، رسالة ماجستير 2011م/2012م، الجزائر، جامعة وهران، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية.
[19] الجابري: فكر ابن خلدون. العصبية والدولة، معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1994 , 6م، ص
[20] انظر حوار متطرف ومزور للحقيقة مع القومي ــ الإيرانيزمي رئيس مركز دراسات تاريخ إيران المعاصر (= رئیس موسسه مطالعات تاریخ معاصر ایران):
[21] انظر، در گفت وشنود با علیاکبر رنجبر کرمانی 🙁 بعضی از طوایف عرب و شیعه در عراق، چون تحت جور و ظلم حکومت عثمانی بودند، به عنوان پناهنده به ایران آمدند. در آن دوران طوایف لر در خوزستان زندگی میکردند. شاه عباس به سران طوایف لر دستور داد که بخشهایی از آن منطقه را تخلیه کنند تا عشایر عربِ پناهنده در آنجا سکونت کنند. البته تشکیل دولت مشعشعی هم، در آمدن و گسترش اعراب از آن سوی اروند به درون خاک ایران تأثیر زیادی داشت). رئيس مركز دراسات تاريخ إيران المعاصر (= رئیس موسسه مطالعات تاریخ معاصر ایران):يراجع:
[22] المنيور وجهاد عرب خ و ز س ت ا ن الأحواز: 222
[23] ، پورکاظم کاظم، نقش عشایر عرب خوزستان در جهاد علیه استعمار، .1375 ،
[24] پورکاظم کاظم، نقش عشایر عرب خوزستان در جهاد علیه استعمار:49، .1375 ،آمه
[25] پورکاظم کاظم، نقش عشایر عرب خوزستان در جهاد علیه استعمار:45، .1375 ،آمه
[26] (Linson، 1969: 37)