الإثنين, نوفمبر 18, 2024
دراساتالقضية الأحوازية وسياسات إيران في التوطين ونقل السكان في إطار القانون الدولي...

القضية الأحوازية وسياسات إيران في التوطين ونقل السكان في إطار القانون الدولي والقرارات الدولية، دراسة مقارنة

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

مقدمة

تشكل  سياسة الاستيطان وإقامة المستوطنات – بما فيها نقل سكان الدول المحتلة إلى الإقليم المحتل وبالعكس-  إجراءات مناقضة لكل لمبادئ وقواعد القانون الدولي العام، وبالأخص ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب في عام 1949، حيث يضع الميثاق آنف الذكر،  سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال في إطار عمليات الاستيطان ونقل السكان، بما يحقق التغيير الديموغرافي لغايات سياسية.

وقد حدد ميثاق جنيف الرابع 1949،  بالنص حرفياً على أنه “يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة”، وهو ما أعادت التأكيد عليه العديد من قرارات الشرعية الدولية سواء في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العمومية. وبالتالي فإن خلق حالة الأمر الواقع بالقوة لا يمكن أن يكسب حقاً للدولة القائمة بسياسات الاستيطان ونقل السكان. وقد صدرت مجموعة من القرارات الدولية لتأكيد ذلك، وإنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم. وعلى هذا الأساس يقرر القانون الدولي، مسألة إبطال المفاعيل القانونية للاستيطان وإجراءاته، لاسيما تلك المتعلقة بنقل السكان من منطقة إلى أخرى، أو من إقليم إلى آخر، كما يحظر إقامة المستوطنات وضرورة تفكيكها.

لقد شكلت سياسات النظام الإيراني أعمالاً جرمية يعاقب عليها القانون الدولي، الذي اعتبر أنّ هدف السياسات الاستيطانية العنصرية، انتهاكاً واضحاً للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، حيث شكلت ممارسات السلطات الإيرانية أنموذجاً واضحاً لعمليات التطهير العرقي والتمييز عنصري، من خلال السياسات الممنهجة للقضاء على كل ما هو عربي، والتخلص من الثقافة، واللغة، والتاريخ والعرق العربي الأحوازي، ودمج كل ذلك داخل بوتقة الثقافة الفارسية، وذلك بحرمان الأحوازيين من جميع حقوقهم المشروعة، ومن أهمها التعليم، والتعليم باللغة العربية، التي تشكل أحد أهم ركائز المحافظة على الكيان الأحوازي.

الأهم من ذلك، أنّ هذه السياسات كشفت – وبالرغم من استمراريتها منذ احتلال الأحواز 1925- إلا أنها تصاعدت أكثر فاكثر مع وصول نظام الملالي إلى سدة الحكم سنة 1979، حيث تم الإعلان – بشكل علني- ” أنّ كل ما له علاقة بالثقافة العربية هو ضد الله”. في محاولة واضحة لمحاربة الهوية العربية في الأحواز والتخلص من الثقافة العربية الأحوازية. الأمر جعل من الأحوازيين يدفعون فاتورة ثقيلة من غياب التنمية والخدمات، بالتوازي مع سياسات الترهيب والقمع، التي أدت إلى تراجع في اللغة العربية لدى الشعب الأحوازي، دون أن تلغي فطرتهم في الاستمرار في تأكيد ثقافتهم العربية، والمطالبة بحقوقهم كشعب عربي يعمل على حق تقرير المصير بنفسه، و هو ما أثبتته السيرورة التاريخية للانتفاضات والثورات الأحوازية المتعاقبة، التي لم تنقطع منذ اليوم الأول للاحتلال الإيراني، وحتى يومنا هذا.

أولاً- نقل السكان والاستيطان في القانون الدولي: الاتفاقيات والقرارات والمعاهدات الدولية

صدرت مجموعة من القرارات الدولية التي تؤكد إنكار أي صفة قانونية للاستيطان، أو الضم، وطالبت هذه القرارات بإلغاء وتفكيك المستوطنات، معتبرة ذلك انتهاكاً صريحاً لحقوق الشعوب المحتلة، المنصوص عليها في القانون الدولي فيما يخص حقوق الإنسان، وبالأخص حق تقرير المصير، وحق المساواة، وحق الملكية، والحق في المستوى اللائق للحياة، وحق حرية التنقل.

 وفي إطار الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، أكدت العديد من النصوص الواردة في القوانين والمعاهدات الدولية، على حظر الاستيطان، ومنعت المساس بالحقوق والأملاك المدنية والعامة في البلاد المحتلة، ومن أهم هذه الاتفاقيات، اتفاقية لاهاي1907، التي شددت في المادة 46، على أنّ ” لايجوز للدولة المحتلة أن تصادر الأملاك الخاصة”1، كما اعتبرت المادة 55 أنّ ” الدولة المحتلة تعتبر بمثابة مدير للأراضي في البلد المحتل، وعليها أن تعامل ممتلكات البلد معاملة الأملاك الخاصة”2. كما حددت معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 في المادة 49 أنه ” لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي احتلتها، أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغيير الديموغرافي فيها”. وعطفت المادة 53 من المعاهدة ذاتها بقولها ” لا يحق لقوات الاحتلال تدمير الملكية الشخصية الفردية أو الجماعية أو ملكية الأفراد التابعة لأي سلطة في البلد المحتل”.

  • نقل السكان والاستيطان في إطار قرارات مجلس الأمن الدولي:

أدان مجلس الأمن الدولي في خمسة قرارات دولية موضوع الاستيطان ونقل السكان، كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة  خمسة عشر قراراً يدين سياسات الاستيطان ونقل السكان، واستنكرت عدم التزام الدول بالقوانين الدولية. وقد صدرت مجموعة من قرارات الشرعية الدولية لإنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم، وطالبت بإلغائه وتفكيك المستوطنات ( حالة الاستيطان بالقدس).

ومنذ عام 1967 وحتى اليوم صدرت العديد من القرارات بهذا الخصوص أهمها، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 446 لسنة 1979، بشأن القضية الفلسطينية، حيث أكد القرار – الذي يعتبر قراراً موجهاً لجميع دول العالم- أن الاستيطان ونقل السكان الإسرائيليين للأراضي الفلسطينية غير شرعي3 كما أصدر مجلس الأمن الدولي  القرار رقم 452 لسنة 1979 ، الذي قضى بوقف الاستيطان وبعدم الاعتراف به. وكذلك القرار رقم 465 لسنة 1980 الذي دعا إلى تفكيك المستوطنات4، والقرار رقم 478 لسنة 1980، الذي أدان عمليات نقل السكان والاستيطان.

 كما أصدر مجلس الأمن الدولي، باعتباره المسؤول عن تحمل التبعات الرئيسية في السلم والأمن الدوليين، القرار رقم 2334 تاريخ 23 /12/ 2016؛ الذي تبناه المجلس بأغلبية ساحقة، حيث دان القرار سياسات نقل السكان و الاستيطان، وطالب بوقفه، وأدان بشدة بناء المستوطنات، وتوسيعها، ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل، وتشريد المدنيين.

  • في إطار قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة:

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20/12/1972، القرار التاريخي الذي عممته كقواعدة قانونية على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، عندما طالبت فيه إسرائيل بالكف عن عدد من الإجراءات والممارسات، كتلك المتعلقة بنقل السكان المدنيين إلى الأقاليم العربية المحتلة، وإنشاء المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة.

كما طالب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 15/12/1972، على ضرورة أن تكف إسرائيل عن ضم أي جزء من الأراضي الفلسطينية، وعن تأسيس مستوطنات في تلك الأراضي، كما اعتبر القرار أنّ نقل أقسام من سكان أجانب إلى الأراضي الفلسطينية أمراً غير مشروعاً ومخالفاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي العام، والشرعية الدولية.  كما طالب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 7/12/1973، الذي أعربت فيه الجمعية العامة عن القلق البالغ لخرق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وجميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضه أو معالم الأراضي الفلسطينية، أو تركيبها السكاني5، واعتبرتها انتهاكا للقانون الدولي.

والحال ذاته في قرار الجمعية العامة تاريخ 29/11/1974 الذي أعربت فيه الجمعية العامة عن أشد القلق من ضم إسرائيل لبعض أجزاء الأراضي الفلسطينية، وإنشاء المستوطنات، ونقل السكان إليها، كما أدان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 15/12/9751، جميع الإجراءات التي تمارسها إسرائيل في الأراضي الفلسطينة، واصفة تلك الممارسات بأنها تشكل انتهاكات خطيرة لميثاق الأمم المتحدة وعائقاً أمام إقرار سلام دائم وعادل في المنطقة، مؤكدة أن هذه الإجراءات تعتبر لاغية وباطلة، وليس لها أساس من الشرعية.كما أكد قرار الجمعية العامة الصادر في 28/10/1977، في البند الأول منه على أن جميع التدابير والإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية منذ عام 1967، لا صحة لها قانوناً، وتعد عرقلة خطيرة للمساعي المبذولة للتوصل إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، كما تأسف الجمعية العامة بشدة، لاستمرار إسرائيل في تنفيذ هذه التدابير وخاصة إقامة المستوطنات في الأراضي العربية، كما أدانت الجمعية العامة في قرارات لاحقة انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، معتبرةً الاستيطان ونقل السكان مخالفة صريحة للقانون الدولي وتشكل جرائم حرب و إهانة للإنسانية، ثم دان القرار المذكور بقوة، السياسات والممارسات بإقامة المستوطنات ونقل سكان إليها6، معتبراً إياها أنها ممارسات غير قانونية، وأنها تشكل عقبة أمام السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية7.

ثانياً- تاريخية النظام الإيراني في عمليات الاستيطان ونقل السكان من و إلى الأحواز:

انتهجت سلطات الاحتلال الإيراني المتعاقبة على الأحواز، نوعاً من عمليات الاستيطان الأكثر مخالفة للقانون الدولي، وبالأخص ميثاق جنيف الرابع 1949، وذلك عن طريق إقامة تجمعات سكانية غير عربية، وتميزت هذه المستوطنات عن المناطق والأحياء العربية الأحوازية، باحتوائها على بنى تحتية خدماتية وأمنية متكاملة، بحيث تستطيع استيعاب أعداد ضخمة من الإيرانيين، الذين يتم جلبهم من خارج الأحواز، وتوطينهم في المنطقة.

  • سياسات نقل السكان والاستيطان في إطار الممارسات الإيرانية لتحويل إيران إلى دولة قومية أحادية الهوية الفارسية:

حاولت أجهزة الاحتلال الإيرانية تزييف وتشويه الهوية الوطنية وثقافة الأحواز من خلال وصفهم بأنهم “عرب إيرانيين وأقلية ناطقة باللغة العربية”، والهدف من ذلك هو الإيحاء بأنهم ليسوا عربًا في الأصل، ولكنهم فرس أصبحوا مع مرور الوقت وتحت التأثير اللغوي لجيرانهم متحدثين باللغة العربية، بسبب قربهم من الدول العربية.

وتعتبر أجهزة الأمن الإيراني، أنّ التهديد الذي يمثله نموذج الأحواز العرب على سياسة الأمن القومي الفارسي يحتل مكانة رئيسية ليس فقط بين قوات الأمن الإيرانية، لكنّه أصبح مركزيًا في الفكر السياسي القومي في إيران، الذي يقوم على مذاهب مزدوجة من القومية الفارسية والإسلام الإيراني.

حيث تكشف الكتب والدراسات المنشورة من قِبل المراكز الاستراتيجية الإيرانية، مدى أهمية سياسات الاستيطان لدى السلطات الإيرانية. التي تحاول زج العنصر الأحوازي وثقافته وانتمائه بالاستراتيجيات والمفاهيم التي تقوم عليها العقلية الفارسية العنصرية، و التي تهدف إلى مواجهة القضية الأحوازية بمفاهيم غريبة لتشويه صورة الحركة الأحوازية الوطنية. فعلى سبيل المثال، تصف هذه الكتب والمطبوعات الأحوازيين بتوصيفات متضاربة فتارة تصفهم بـ ” مواليين لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق” ، وتارة أخرى ” أنهم نتاج الوهابية” ، وتارة أخرى تصف النشطاء السياسيين الأحوازيين بأنهم ” جواسيس وعملاء غربيين” و تارة ” أعداء لله، وخونة، وملحدين وكفار”، وأنّ جميع هذه التهم تستوجب عقوبة الإعدام. وهي العقوبات التي استند إليها النظام القضائي الإيراني لقتل السجناء السياسيين من  الأحواز، فأصبح التهديد بالسجن والإعدام هو الواقع الذي يواجه كل العرب في الأحواز.

يهدف هذا التهديد إلى إضعاف قوة الشعور الوطني لدى الأحوازيين، كما يضعف انتمائهم بمطالبتهم بدولتهم العربية السليبية، و التخلي عن النضال من أجل التحرر، ومن أجل استعادة استقلالهم. وبالتالي فقد أصبحت ممارسات النظام الإيراني جرائم دولية في عرف وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، بسبب الممارسات المتكررة من الإنكار والإقصاء العنصري، والقتل الجماعي خارج نطاق القضاء والإبادة العرقية والتهجير القسري، في محاولة يائسة من إيران لتحويل إيران إلى دولة شعب واحد، وليس شعوباً بثقافات ولغات وأهداف متعددة، كما تحويلها إلى دولة قومية على أساس عرقي أحادي الهوية الفارسية8. إلا أنّ ذلك لم ولن يثن الشعب الأحوازي من الاستمرار في ممارسة استحقاقات حق تقرير المصير، والمطالبة الشعبية التي لم تنقطع في رفض سياسات الاستيطان، وكشف خطورتها على ثقافة ووجود الثقافة العربية الأحوازية، ولعل اندلاع ثورة نيسان 2005 كانت الدليل الأمضى على ذلك، في التاريخ الأحوازي المعاصر.

  • الشعب الأحوازي في مواجهة سياسات الاستيطان: تسريب رسالة أبطحي الاستيطانية وانتفاضة نيسان 2005:

شكلت سياسات الاستيطان الإيراني في الأحواز سبباً رئيسياً  وراء أندلاع انتفاضة إبريل عام 2005، حيث اندلعت الانتفاضة بعد تسريب رسالة محمد علي أبطحي، مدير مكتب الرئيس الإيراني السابق خاتمي9، التي كشفت عن مشروع تغيير البنية السكانية في الأحواز العربية، وخلق حالة من نقل السكان باتجاهين، أحدهما نقل السكان العرب من الأحواز بطرق وغايات متعددة، وثانيها نقل مستوطنيين فرس إلى الأحواز.

وعلى أثر هذه الرسالة، التي كشفت دور السلطات الإيرانية في مخالفة أبسط قواعد القانون الدولي، التي حرّمت الاستطيان وتغيير البنية السكانية، حيث تنبه الشعب الأحوازي لهذا المخطط واعتبر الكثير من الناشطين والمثقفين الأحوازيين أن هذا بمثابة تطهير عرقي، ما أدى انتفاضة عربية ضخمة في الأحواز، وتم قمعها بشدة من قبل السلطات الإيرانية. حيث كشفت الأحداث عن مشروع إيراني ضخم تديره مؤسسة أروند كنار التابعة لرفسنجاني، حيث يقضي المشروع بتهجير العرب من منطقة واسعة جداً في الجنوب الأحوازي، وهي منطقة القصبة على سواحل الخليج العربي إلى أرض تمتد لـ 100 كم وعرض 12 كم بحجة إقامة منطقة حرة.

وفي أكتوبر 2008 تم توثيق الممارسات الإيرانية في إطار سياسات الاستيطان، حيث كشفت الاحصائيات تهجير 500 عائلة أحوازية من منطقة الشعيبية، واستقدام مستوطنين إيرانيين مكانهم ضمن مخططات الإيرانية لتفريس الأحواز10. وقد كشف تقرير مؤسسة الدراسات القومية الأحوازية، عن مشروع فارسي يقوم على توطين ما يزيد عن خمسة ملايين إيراني في الأحواز على المدى المتوسط، وتوطين 11 مليون ضمن الخطة العشرينية في مدن استيطانية في الأحواز العاصمة. ويرتكز المشروع الاستيطاني الذي وضعته السلطات الإيرانية على سرقة الأراضي وذلك بتحويل مساحة الأحواز كأرض من 375 ألف كيلومتر مربع إلى 163 ألف كم، بالإضافة إلى تقسيم الأحواز أو ما تبقى منها كوحدة جغرافية واحدة إلى ثلاثة أقضية، كعملية تغيير سكاني تشكل أكبر عملية تغيير سكاني في المنطقة، وتتألف من ثلاثة مراحل تحت مسميات تشكيل محافظات “خوزستان شمالي”، و “خوزستان جنوبي” و ” أروندان” 11. ويتصدر هذا المشروع كل مشاريع الاستيطان الإيرانية مع باقي القوميات، في غاية مؤداها إجهاض المشروع التحرري للأحوازيين، ومطالبتهم الدائمة بحق تقرير المصير، الذي يستند على رغبة الشعب العربي الأحوازي في التحرر والاستقلال، خصوصاً وأنّ القضية الأحوازية مازالت تعيش في ضمير كل أحوازي كثقافة تحررية، تجمعهم مقومات الجغرافيا والتاريخ واللغة المشتركة، وهي ما تعمل إيران على تفتيته وإلغائه.

 خاتمة

منذ العام 2015 تزايدت سياسات  السلطات الإيرانية – وبشكل مكثف – على انتهاج سياسات التوطين في الأحواز، وضاعفت من الجهود لتشجيع هجرة مواطنيها غير العرب، بهدف تغيير تركيبة المدن العربية وتغيير التوزيع الديموغرافي لصالح المستوطنين الفرس في الأحواز. حيث ازداد عدد القادمين من المحافظات الأخرى، الأمر الذي ينذر بتغيير التركيبة السكانية في الأحواز العربية.

كما تعمل إيران على ابتكار طرق عديدة من أجل النقل الأوتوماتيكي للسكان الفرس، حيث شهدت مدناً عربية تاريخية مثل المحمرة، ورامز، والصالحية، وباب هاني، والقنيطرة زيادة في الاستثمارات الحكومية، بما يساعد على إيجاد الحجة لسكان المناطق المجاورة في الذهاب إلى تلك المشاريع، علماً أن الأحوازيين هم من يعانون من البطالة المطبقة في تلك المناطق، ولم يتم استثمارهم فيها، في فترة كانوا أحوج ما يكونوا فيها لفرص عمل. وقد بينت السجلات الإيرانية استمرار تدفق المستوطنيين إلى الأحواز، في الوقت الذي كانت فيه محافظة الأحواز  تعاني من سياسات التطهير العرقي والتمييز العنصري والقمع والتهجير القسري.

و في السنوات الأخيرة، أدى تدهور الأوضاع البيئية بسبب سياسات النظام الإيراني بتحويل مجرى الأنهار الكبرى من روافدها الرئيسية في الجهة الشرقية من جبال زاغروس المطلة على الإقليم، إلى الزيادة في نقل السكان إلى المصانع الحديثة، واستثمارات البنى التحتية، فاحتلت الأحواز المرتبة الأولى في مدن العالم  الأكثر تلوثاً وفق منظمة الصحة العالمية، حيث أوضح تقريرها في العام 2011، إن نسبة التلوث في الأحواز وصلت إلى 372 ميكروغرام في المتر المكعب. وأشار تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن سكان المدينة يصل إلى ثلاثة ملايين، بينما تشير آخر إحصائية إيرانية في 2011 أن سكان الأحواز لا يتجاوز مليونا و112 ألف شخص12، في سياسة مؤداها إعطاء أرقام وهمية تساعد إيران في سياسات الاستيطان ونقل السكان، والتحايل على مبادئ وقواعد القانون الدولي التي حرمت عمليات الاستيطان وسياسات نقل السكان والتغيير الديمغرافي، في الوقت الذي مازالت فيه السلطات الإيرانية تمنع محاولات النشطاء الأحوازيين في توثيق انتهاكات نقل السكان وعمليات الاستيطان، كما تمنع إجراء إي إحصاء فعلي لعدد السكان فی المناطق العربیة، الذين يقدر عددهم بأكثر من ثمانية ملايين نسمة. الأمر الذي يستدعي إلى تدخل المنظمات الدولية والإنسانية للوقوف عند هذا الواقع، الذي أصبح يهدد بكوارث إنسانية تتعلق بأعداد السكان الأحوازيين وحاجاتهم إلى الخدمات اليومية هذا من جهة، ومن جهة أخرى دعوة المنظمات الدولية المتخصصة بالاحصائيات المتعلقة بنقل السكان واستيطانهم كقضية تتعلق بحق تقرير المصير.

 

الهوامش:

  1. انظر: المادة 49 من اتفاقية لاهاي لعام 1907.
  2. انظر: المرجع السابق، المادة 55 من اتفاقية لاهاي 1907.
  3. انظر: قرار مجلس الأمن الدولي رقم 446 لسنة 1979.
  4. انظر: قرار  مجلس الأمن الدولي، رقم 465 لسنة 1980 الذي دعا إلى تفكيك المستوطنات، وفي الموضوع ذاته قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 لسنة 1980.
  5. انظر: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 7/12/1973.
  6. انظر : قرارات الجمعية العامة بشأن إدانة السياسات الاستيطانية، ومنها القرار رقم 40/165 لسنة 1985، والقرار رقم 41/163 لسنة 1986، والقرار رقم 42/160 لسنة 1987، القرار رقم 44/48 لسنة 1989م، القرار رقم 45/74 لسنة 1990م، القرار رقم 46/47 لسنة 1991م، القرار رقم 46 لسنة 1991م، القرار رقم 52/66 لسنة 1997م، وغيرها من القرارات.
  7. The Hague Conventions and Declarations of 1899 (New York, Oxford University Press, 1915)
  8. انظر: كيف يحاول النظام الإيراني طمس الهوية العربية في الاحواز، مركزالروابط للبحوث والدراسات الاسترلتيجية 11 يونيو 2015 . https://rawabetcenter.com/archives/8064
  9. صحيفة عكاظ السعودية تنشر وثيقة سرية لأبطحي نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.

10.https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%88%D8%A7%D8%B2

  1. الأحواز المحتلة تتصدر المشاريع الإستيطانية الفارسية الإيرانية، 4 يناير 2013 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  2. صحيفة الشرق الأوسط، إيران تهدد التركيبة السكانية في المدن العربية، الاثنين – 2 ذو القعدة 1436 هـ – 17 أغسطس 2015 العدد 13411.

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!