الخميس, ديسمبر 19, 2024
دراساتما الذي يلزم المرأة الأحوازية؟ (حلول، متطلبات، وتطلعات)

ما الذي يلزم المرأة الأحوازية؟ (حلول، متطلبات، وتطلعات)

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

المقدمة

ختاماً لما بدأناه بحثاً عن المرأة الأحوازيةِ وقراءةً نمطيةً لها وللعوائق والتحديات والمشاكل التي تواجهها في الوضع الراهن، سنتناول في هذا الجزء ملخلصاً من كل ما ورد بالجزئين السابقين ونحاول أن نعطي صورة استنتاجية أخيرة تكون مسك ختام ما بدأناه منذ الجزء الأول من هذا البحث الذي تم بعناية ودعم ومساعدة مركز دور انتاش الأحوازي للبحوث والدراسات الاستراتيجية والعلمية. وإن المرأة الأحوازية ليست الوحيدة التي تعاني من الصعاب والتحديات التي ذكرت وتمت مناقشتها لتحيدها عن الوصول للدور المأمول منها، بل إن الأمر يتعلق بالمرأة العربية و الشرقية بصورةٍ عامّة، وحتى الرجل الشرقي أيضاً لكن وجود سلطةٍ محتلة تخطط ليلاً نهاراً لهدم المرأة القدوة وتضعيف وتقليص دورها وصنع قدوة خيالية من الآخر يزيد من التأثير سلباً على حركة المرأة الأحوازية وسيرها نحو الأمام، ويلزم التخلص من هذه السلطة قراءةً ممعنةً ودقيقةً لوضع المرأة الأحوازية في الظرف الراهن وتناول تاريخ الأحوازيات وشرح دور المرأة الأحوازية وتأثيرها والتحديات والعوائق التي تستهدفها وتواجهها.

وكما قلت أعلاه فيعتبر هذا الجزء من الدراسة أو البحث هو النقطة في نهاية السطر لموضوعنا وبحثنا الذي تم تقسيمه لثلاثة أجزاء حول المرأة الأحوازية، وهو لا يعد نهايةً كليةً في قراءة المرأة الأحوازية وواقعها وتاريخها وتطلعاتها، بل هي مجرد محركٍ للعجلة التي لابد وأن تنطلق في أي وقت، فالمرأة الأحوازية تحتاج لقراءة إسقاطية وقعية دقيقة يمكن أن تملأ كتباً ناهيك عن المقالات والمجلات والمناظرات والحوارات في العالم الواقعي والافتراضي وقد قلنا في الجزء الأول من هذا البحث عن المرأة الأحوازية ووصف لزم قراءتها وفهم ما تريد وتسعى له وما يحاصرها ويؤخرها ويسعى لتهميشها عن طريق شتى السبل والطرق: “في الحديث عن المرأة الأحوازية يجب أن نكون أكثر دقةً وفهمًا لما يخالج المرأة الأحوازية أو ما يتحداها من مطبات وموانع اجتماعية وقبلية وجغرافية وحتى السياسية السلطوية القمعية التي تحاول سلطات الاحتلال ممارستها ضد المرأة الأحوازية لتجعل منها شخصيةً ضعيفةً في ما تطمح اليه وما طمحت وسعت له تاريخيًا ومعاصرًا.

لا شك أن هذا الحديث أعمق من أن يتم تناوله في بحث واحد أو مقال واحد، لذلك سيتم تناول موضوع المرأة الأحوازية ودورها في المجتمع الأحوازي في جزئين متتاليين، الأول دور المرأة الأحوازية ومسؤوليتها في المجتمع الأحوازي والذي سنتناول من خلالها تأثير الآخر وهيمنة الثقافة الفارسية وفرضها على المرأة الأحوازية خاصةً، وسندان السلطة الذكورية والقبيلة وعقدة النقص التي جاءت بالتأثر من الأوضاع المتشنجة التي مرت بها المرأة الأحوازية. وفي الجزء الثاني سنخصص البحث حول تاريخانية المرأة الأحوازية ودورها وتأثيرها في التاريخ الأحوازي، ودورها المعاصر ومسؤولياتها في استخراج الجيل القادم ورفعه عاليا”[1]. وإنني لأدعو الأحوازيات والأحوازيين أن يهتموا بهذا الأمر اهتماماً جلياً وتسليط الضوء عليه خاصةً وبعد أن بدأ النشاط النسوي الأحوازي بالتكاثر والتقدم بكل المجالات.

تاريخ المرأة الأحوازية أيضاً حاله حال المرأة فلم تقدم دراسة ولا بحث في هذا المجال وكل ما وجد هو سير ذاتية منتشرة هنا وهناك ولم تحظَ بالاعتناء الكافي والأهمية المرجوة لجمعها في بحثٍ او كتاب يمكن أن يكون “أحوازياتٌ عبر التاريخ” أو غيره فأترك هذا المجال لغيري للبت والخوض فيه أكثر وبالحديث عن المرأة الأحوازية عبر التاريخ كان ولابد من توضيح بعض الأشياء التي ذكرناها في الجزء الثاني من البحث: “لا شك أن المرأة هي المكوّن الأساسي في كل المجتمعات في طبق المقولة الشهيرة؛ نصف المجتمع ولكنها أيضاً تلد النصف الآخر. فإذا عزم أي نظامٍ سياسي لمحو هوية شعبٍ ما وتدمير ثقافته فسيبدأ من التاريخ والمرأة، محاولاً مصادرة كل الشخصيات والأساطير وحتى الحكايات الخاصة بذلك الشعب المستهدف. ومن خلال هذه الدراسة وهذا البحث المتسلسل نسعى لتبيين وكشف الحقائق وإعطاء كل ذي حقٍ حقّه محاولين رسم صورة غير نمطية وواقعية من المرأة الأحوازية كما فعلنا في الدراسة السابقة التي تناولت موضوع دور المرأة الأحوازية المعاصرة ومدى تأثيرها على المجتمع وتناول التحديات والعوائق التي تواجهها سياسياً ومجتمعياً، وعنونت الدراسة بـ«دور المرأة الأحوازية في المجتمع الأحوازي (التحديات والعوائق)»[2][3].

1- المرأة الأحوازية والمقاومة

غير خافٍ على أحدٍ دور المرأة الأحوازية وما قامت به من كفاحٍ وطنيٍ من أجل حرية وسيادة الأحواز واستقلالها الوطني إبان وخلال فترة الإحتلال الإيراني منذ عام 1925 ميلادي إلى يومنها هذا، ولا يمكن نسيان أو تناسي الأدوار الوازنة والمتميزة التي وقفت بها المرأة الأحوازية إلى جانب الرجل الأحوازي زوجاً وأخاً وابناً وأباً أو أي أحوازيٍ آخر كان في مأزق أو بحاجة لمن يقف إلى جانبه ويدعمه. فلقد كانت حاضرةً بصفةٍ أو بأخرى في قلب الأحداث والمعارك النضالية والبطولية التي خاضها الشعب الأحوازي، وحتى الحركات الشعبية الإغاثية إبان فترة السيول المفتعلة والفيضانات في عام 2019، أو الحركات الخيرية في سبيل مساعدة عوائل الشهداء وتحرير المحكومين بالإعدام وإعانة الفقراء. فلم يكن للمرأة الأحوازية أن تقف موقف المتفرج أو المحايد في ظروف المحن والشدائد والأهوال التي عانى ويعاني من ويلاتها وآلامها من اختاروا عدم الرضوخ ومواجهة الاستعمار والإحتلال وآلة القمع والتنكيل بال مقاومة الشعبية الأحوازية. وكل هذا ليس لأن المرأة الأحوازية رهيفة الإحساس لطيفة المعشر أو سهلة التأثّر لما يقع ويدور من حولها، بل لأنها أيضاً تملك الحس الوطني والروح النضالية والقدرة على الصمود والتحدي والمقاومة. فقدمت المرأة الأحوازية الدليل على احتضانها لهموم وقضايا الوطن، شأنها في ذلك شأن الرجل الأحوازي. فلم تستكن او تلن قناعتها ولم يصبها الوهن للحظة، بل ظلت واقفةً في المواجهة وساحة النضال لليوم غير مباليةٍ بالأخطار والأهوال التي تحف الطريق الذي أطلّت منه شمس الحرية والمقاومة وأمل الإستقلال.

وأبرز نموذجٍ وخير مثالٍ المرأة المقاومة هي سيدة الأسيرات فهيمة البدوي زوجة الشهيد المناضل علي المطوري الذي كان قيادياً في الجناح العسكري لكتائب محي الدين، فهيمة البدوي كانت عضواً في الجناح العسكري وداعماً ومساعداً لزوجها وأميناً لسره، وهي المعلمة الأحوازية المقاومة التي سجنت 15 عامٍ لأنها رفضت البراءة من زوجها والتنازا عن اسم ابنتها سلمى وكتابة اعتذارٍ وطلب عفوٍ من المرشد الإيراني علي خامني، وخرجت بعد قضاء فترة حكمها في سجنٍ بعيدٍ عن الأحواز وكانت حاملاً في بداية اعتقالها حيث تعرضت لشتى أنواع التعذيب ولم تبح بسرٍ وهي الآن تخضع للإقامة الجبرية في منزل أخيها.

2- الحركة النسوية الأحوازية

 

تعد الحركة النسوية أو الفمنية في كل البلاد والشعوب هي السلاح الذي تتخذه النسوة للمطالبة بحقوقهن من المجتمع والسلطة والعائلة والرجل والشارع الذي يهمشها أو يكون عائقاً أمام تطورها، فهي تطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة وعدم انحياز القانون والدستور لأي جنس ومنح المرأة كامل حقوقها وإفساح المجال لها للدخول في كل مكان في المجتمع، ذلك للتطور ومواكبة العصر الحديث وعدم التأخر في التنمية المرتبطة بذلك المجتمع الذي تنتمي إليه المرأة. ووفق مقالٍ تقريريٍ يكتب موقع العربي الجديد عن نشأة الحركة في العالم العربي “بدأت هذه الحركة في العالم العربي منذ بدايات القرن التاسع عشر ولقيت صدىً من جزءٍ كبيرٍ من المجتمع العربي آنذاك حيث اعتبرت تهديداً للتوزيع التقليدي للأدوار بين الرجل والمرأة وخطراً على الهوية والمنظومة القيمية”[4]. وبالحديث عن الصراعات والتهم التي واجهتها الحركة جاء في نفس المقال “اتهمت في البداية هذه الحركات النسوية بالسعي إلى خلخلة الثوابت الدينية والتآمر على استقرار المجتمع ولا تزال هذه التهم قائمةً إلى يومنا هذا من بعض الفئات”[5]. ولكن في النهاية أخذت الحركة دورها واستمرت إلى يومنا هذا وتطورت تطوراً مبهراً حتى دخلت كل المجتمعات العربية والعالمية بصورة رسمية.

الأمر يختلف في الأحواز، ففي غياب التواصل مع العالم العربي والدول الأخرى والحصر الإيراني على الأحواز تأخرت هذه الحركة في البروز بالأحواز كثيراً حيث لم يتم تأسيس حركة رسمية إن صح التعبير إلا في يونيو 2020 وكل ما كان قبلها فهو انتماءٌ فرديٌ هنا وهناك، ودامت هذه الانتماءات بصحبة المطالبات التي لم يعترف بها أحد ولكن الحراك الجديد الموحد كان بعد الإعلان الرسمي من الأحوازيات اللائي كتبن بيان شجب وتنديد ضد النسوية الراديكالية الإيرانية مسيح علي نجاد بعد إهانتها للأحوازيين. وتوضح ذلك الكاتبة الأحوازية سرور نااصر عبر مقالٍ لها في مجلة النوابت الأحوازية “مع نشأة نواة الحركة النسوية الأهوازية تحديداً من تاريخ 17/6/2020 من الضرورة الإشارة إلى التيار النسوي الذي اتخذته النسوية السابقة عمداً أو جهلاً ليمثل أهدافها النسوية كي لا يتكرر الخطأ ذاته مع الحركة النسوية الحديثة وكي يثمر الحراك ثمراً إيجابياً لازماً للتقدم المطلوب”[6]. وفي وصف النشاط النسوي السابق الراديكالي الذي طغى على الناشطات النسويات في السابق قالت الكاتبة: “كما أن هذا النشاط قد ترأسته بعض النسويات والقصد منه ليس جميع الناشطات النسويات الأهوازيات بل ما طغى على النشاط النسوي المسالم آنذاك. إن النسوية دخلت النشاط النسوي رافضةً وجود الرجل في دائرتها وكأنها تحاول رد الصاع بالصاع؛ أي تفعل ما فعله الرجل معها بدل أن تبحث عن حلول جذرية تأخذ فيها حقوقها سواء كان من الرجل أو المرأة ذاتها بشكلٍ خاص، أو القبيلة والمجتمع بشكلٍ عام. وبما أن النشاط النسوي الخاطئ لم يضع لنفسه معاييراً واضحةً إلا أني أستنتج بعض ما وضح لي من خلال متابعتي للنشاط طيل السنوات السابقة أي ما قبل وجود نواة الحركة”[7].

3- مطالبات المرأة الأحوازية

إن المرأة الأحوازية بصفتها المكون الأساسي في المجتمع الأحوازي كغيرها من سائر النساء تسعى لنيل حقوقها وتحقيق مطالبها وكل ما يخصها ويخص المجتمع بصورة عامة ولكن العوائق كثيرة. “إنّ المرأة الأحوازية ما اكتشفت مكانتها الحقيقية في المجتمع الأحوازي بعد، وإنّ الرّجل الأحوازي لم يعرف مكانة المرأة على حقيقتها ودورها في التنمية والاصلاح والتقدم والازدهار، لذلك فقد اختلّ ميزان التعامل والعلاقة، الذي لا يستقر إلاّ بالعودة إلى المبادئ والقيم الحقيقية بعيدًا عن التخلف والتعصب فيعرف كلّ منهم حقّه ومكانته ومسؤوليّته تجاه الآخر وعلاقته به”[8].

“وبالرغم من ان المرأة خطت خطوات كبيرة على طريق تحررها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وتمردت على التقاليد والنظم والقوانين الاجتماعية الجائرة، وخرجت من وراء الاسوار والاسلاك الشائكة والجدران المغلقة والاغلال الحديدية، التي تكبلها، لتتعلم وتعمل وتنتج وتساعد في حمل اعباء البيئة والاسرة والاطفال، وتقود السيارة، وتجلس في المقاهي والمطاعم، وتدخن النرجيلة، وتشاهد الافلام في دور السينما، لكن مع كل هذ فأن النظرة الذكورية والموقف الدوني السلبي تجاه المرأة لم يتغير وبقي على حاله. وهذا ان دل على شيء فيدل على الازدواجية وانفصام الشخصية لدى ابناء مجتمعنا، والمثقفين منهم على وجه الخصوص، في تعاملهم واهانتهم للمرأة. فمن جهة يؤمنون بحريتها ومساواتها وحقوقها، ولكن في التنفيذ والممارسة على ارض الواقع يتعاملون معها كماكنة تفريخ وأداة للمتعة واشباع شبقهم وغريزتهم الجنسية”[9].

فإن المرأة الأحوازية تسعى عبر نشاطها وتحركاتها ومطالباتها للتقدم ونيل الحرية الشخصية وإفساح المجال لها بالدخول في كل المجالات والنشاطات التي تجد فيها النفع والمستقبل الزاهر والمهم بالنسبة للمجتمع الأحوازي، وتوزيع الوعي السياسي والثقافي في المجتمع، وتغيير المناخ الذكوري المعتاد للتخلص من السلطة القبلية التي تفرض عليها وتقيدها أيضاً. فالمرأة الأحوازية لا يمكن أن تواكب العالم مع وجود القيود المذكورة، والمجتمع الأحوازي لا يمكنه التطور دون المرأة الواعية والمقاومة.

4- التطلعات والتأملات

 

التطلعات والتأملات التي يمكن للمرأة الأحوازية أن تترقبها هي الاعتراف بدورها والتخلص والتحرر من قيود القبيلة والدستور الإيراني وكل العوامل الأخرى التي تهمشها. فجب ان نعرف تماماً “تعد المرأة دعامة أساسية في المجتمع، الذي قد يكون في أرقى حالاته أو أسوئها، ولا يمكن للرجل أن يعيش بعيدا عنها لأن طبيعته تستوجب ذلك، لكن الملاحظ أن ظاهرة العنف ضد المرأة أصبحت من ضمن الإشكالات الكبيرة التي يعرفها القرن الحالي في العالم أجمع، رغم كثرة الشعارات الدولية المتعلقة بالمساواة وحقوق الإنسان. وهذا النوع من العنف، أصبح غير مقبول في الظرفية الحالية، سواء قامت به الدولة أو المجتمع أو الأسرة، وحتى في العلاقات الخاصة التي تكون بين الرجل والمرأة. ويشكل العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية ترتبط جذورها التاريخية باختلال التوازن في المساواة بين الجنسين، كما جاء في بعض الاتفاقيات الدولية والنصوص القانونية الدولية”[10].

يمكننا أن نقول أن وضع المرأة عالميا هو الآخر أيضاً قابلٌ للنقد والنقاش ولكن كما وصفنا في الجزء الأول أنه لا يمكن مقارنة المرأة الأحوازية بالمرأة العربية في العالم العربي، فهي التي تنتمي للدولة والمؤسسة ويعترف بها الدستور، ولكن ماذا تفعل من لا دولة ولا مؤسسة لها ولا اعتراف بها في الدستور؟

“تُشّكل قضايا المرأة في العالم محورا استراتيجيا وحقوقيا مُتعدّد الاهتمامات والاطروحات، إذ يُنظر لقضيّتها بعين التوجس والايديولوجيات التي تعتمدها شتى المجتمعات لتعكس سلوكيات الدول وشعوبها في جوانب الحياة المختلفة. وليست قضية المرأة في البند العالمي مجرّد محاضرات أكاديمية أو دراسات بحثية أو موضوعات تنموية، أو حتى سلسلة من الرؤى تجاه جنس ما، إنما هي أساس وركيزة بدرجة أولى تطرقت إليها الأحكام الدولية او المجتمعية. وقد ظهرت مصطلحات عديدة في طرح موضوع المرأة منها: مشكلة المرأة، أزمة المرأة، إشكالية المرأة، وقضية المرأة، لكن تظل قضية المرأة في جوهرها إنسانية ومجتمعية”[11].

الاستنتاج والحلول

 

طبعا لا يمكننا ولا يمكن لأي أحد أن يعطي حلولاً سريعةً سحريةً تغيّر الوضع بين ليلةٍ وضحاها وإن الأمر لمستحيلٌ إلا إذا كانت الحلول تلك سماوية! لكن الحلول والنتائج التي نقدمها هي نابعة عن قراءةٍ عميقة ودقيقة ميدانية في وضع المرأة العربية الأحوازية ويمكن أن يكون لها تأثير قريب أو بعيد المدى لو تم أخذها بعين الإعتبار. وهي أيضاً ما تم جمعه من الجزئين السابقين.

نستنتج مما توصلنا إليه في هذه الأجزاء الثلاثة هو أن ما أدى لوصول المرأة الأحوازية لما هي عليه الآن هو حصيلة عوامل كثيرة استغرقت فترات طويلة ولا يمكن قلعها في ليلة وضحاها فهي متجذرة متشعبة، منها هو وجود السلطة السياسة الفارسية والتي تستهدف المرأة الأحوازية وتسعى لتضعيفها، واقانون الإيراني والدستور الذي يعطي الرجل الحرية الكاملة في ممارسة ما يريد ضدها، إضافةً للمجتمع القبلي والعقلية الذكورية السائدة في المجتمع برمته التي تحاول حصر المرأة الأحوازية عبر استخدام تلك الوسائل المتاحة.

من الحلول التي يمكن الإشارة إليها ويمكن للمرأة والرجل اتخاذها أو مراعاتها لإعمال التغيير المستقيم وغير المستقيم في مدىً بعيدٍ أو قصيرٍ هي دخول المرأة الأحوازية للتدريس في المدارس وبقوة للتأثير القوي والمستقيم علي الطلاب والطالبات وعدم السماح بملئ مكانها الشاغر بواسطة المرأة الفارسية المهاجرة لألا يؤثر ذلك سلبا على الأطفال في المستقبل ولا يتعرضون للممارسات العنصرية التي نراها جميعاً بين الحين والآخر والتي تولد عقدة النقص والشعور بالدونية لدى الأطفال، أو عدم السماح لهم بالتكلم باللغة العربية وفرض عقوبة لذلك أو تقديم اعتذارٍ أمام المعلمة.

 تأسيس شبكة إعلامٍ مستقلةٍ على وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي لتكون صوت المرأة الأحوازية وما يعكس واقعها وتطالب من خلالها ماتريد وترفع صوتها وتوصل ماتريد لأعلى مؤسسات ومجالس العالم وتعطي صورةً نمطية لواقع المرأة الأحوازية وما تعيشه وانتماءاتها السياسية والثقافية، لا ما تفلرضه عليها السلطات الايرانية وتعكس من تزويرٍ وكذبٍ في قنواتها ووسائلها الاعلامية.

ومما تفتقر إليه المرأة الأحوازية هو دخول مجال المحاماة والقانون أكثر لمحاربة القوانين الذكورية وتعريف حقوق المرأة عبر تشكيل تجمعات نسائية تعليمية، ومحاولة محاربة كل ما يتعرض لها عبر القانون ومنعها لتصويب القوانين التي يمكن أن تستخدم ضدها مستقبلاً والدفاع عن السجينات الأحوازيات وحمايتهن أكثر.

بث الصورة المثالية للمرأة الأحوازية في ذهن الأطفال وإنشاء مكانة مرموقة للمرأة الأحوازية عبر جلعها قدوةً مثاليةً وكياناً مقاوماً غير ضعيف أمام كل التحديات ةالصعاب والقيود التي تتعرض لها من كل جانبٍ ومكان في سبيل تضعيفها.

 عدم الرضوخ للسلطة الذكورية بأي شكل وتجنب الاصطدام بالذكوريين والقبليين من الرجال والنساء بصورة مستقيمة ومحاولة إيصال الصورو الإيجابية اللازمة لتغيير بعض العقليات بالنسبة للمرأة ونشاطها بصورة عامة، ورفع المعنويات النسوية والتكاتف مع بعض والتركيز على المشتركات.

قراءة التاريخ بصورة عامة وتاريخ المرأة الأحوازية على وجه الخصوص لمعرفة المسيرة الحافلة ونقلها والسير على خطاها وإعادتها إن اقتضى الأمر وتطبيقها على المجتمع الأحوازي في الظرف الراهن ومحاولة جمع أكبر قدرٍ من المعلومات حول الأحوازيات المقاومات والأحوازيات اللائي كان لهن دور عبر التاريخ لتغيير الفكرة السائدة عن المرأة الأحوازية.

 

نهال محمد

 

المصادر والمراجع

 

[1]أنظر: دور المرأة الأحوازية في المجتمع العربي الأحوازي (التحديات والعوائق)، مركز دور انتاش للدراسات،2020

[2] نفس المصدر

[3] أنظر: تاريخانية المرأة الأحوازية (نضالها وتأثيرها)، مركز دور انتاش للدراسات، 2020

[4] النسوية العربية..سيرورتها وإشكالاتها: 2018، العربي الجديد

[5] نفس المصدر

[6] سرور ناصر، النقد النسوي، مجلة النوابت2020

[7] نفس المصدر

[8]دور المرأة الأحوازية، مركز دور انتاش، مصدرٌ سابق

[9] شاكر فريد حسن، المرأة العربية بين الواقع والتطلعات، صحيفة المثقف العربية 2013، العدد 2376

[10] اسماعيلي، عبدالنبي، إنتاج الهيمنة الذكورية في مجتمعات العالم، العربي الجديد، 2018

[11] هدى الهرمي، المرأة العربية بين الهاجس والتحدي، Middle east online، 2019

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!