تغيير التركيبية السكانية الأحوازية (١٩٢٥ – ٢٠١٩) وفقا لإستراتيجية النظام الإيراني

الملخص المضموني

يمكن الاستنباط أن إيران منذ عام 1921م انطلقت بناء على أساس استراتيجية التغيير القومي لمواطني الأحواز في المتسع السياسي والسوسيولوجي والتغيير أدى إلى تغيير الجغرافيا إمارة الأحواز لاحقا، ومنها يكشف البحث عن فرضية التغيير والأسباب والقوام المستعمل في عملية التغيير. وقد تن توظيف المنهج الوصفى الذي يقوم على جمع الحقـائق والمعلومات كما هي في الواقع الأحوازي ــ الاحتلالي ومقارنتها وتحليلها وتفسيرها للوصول إلى تعميمـات مبررة في البحث الأكاديمي.

 

سؤال الدراسة والمنهجية الموظفة

يخصص البحث من منظور علم اجتماع السكان دراسة الظواهر السكانية كالحجم والتكوين والتوزيع والإفناء والتدمير إلى جانب النمو والزيادة والنتاقص السكاني الأحوازي مع الاهتمام بتحليل العلاقات القائمة ما بين هذه الظواهر وفهم طبيعة هذه العلاقات وتفسيرها.

والسؤال الآن: ما هو أسباب التغيير السكاني الأحوازي؟ ما هي آليات هذا التغيير الخطير والعدائي؟ تسعى الدراسة أن تجيب على هذا التسائل من واقع فرضيتين؛ الأولى: عندما يتم الكشف عن الخطاب والفرضية المتعلقة بالإيرانيزم (أیرانیسم) ومتعلقاتها الفرسيزم ( پارسیسم أي parsism) وإعادة بناء التصور الواهم: (از امپراتوري هخامنشي تا جمهوري اسلامي = من الإمبراطورية الأخمينية إلى الجمهورية الإسلامية) والثانية: من واقع الموقع الاستيراتيجي السياسي والاقتصادي والاجتماعي لدى الأحواز. نحن نرى من واقع استنباطنا أن الفرضيتين أداة إيران في احتلال الأحواز والتمادي فيه انطلاقا من عام 1925م.

المفاهيم المفتاحية

التغيير السكاني الأحوازي، التهجير القسري، مخططات التهجير الإيراني، تدمير القوام الإنساني الأحوازي، علل التغيير السكاني.

 

المقدمة

حاول النظام المؤسس على فرضية الإيرانيزم (ایرانیس) ومتعلقاتها الفرسيزم ([1]) ( پارسیسم ) عام 1925 م تغيير التركيبة السكانية لشعب الأحواز العربي في عمق جغرافياه العربي وعلى مدى تسعين عاما والمعلوم أن هذا التغيير السكاني الخطير له ترابط بالقوام البشري الأحوازي (رأس  المال البشري الأحوازي – Ahwazi human capital) السلبي في مدن الأحواز ومقاطعاتها وقراها.. وكل هذا التخطيط الإيراني في عملية متتابعة في مسار ثلاث فترات البهلوي الأول والبهلوي الثاني والجمهورية الإسلامية على أن فرضية الإيرانيزم أكبر مؤثر في تغيير التركيبة السكانية للشعب الأحوازي، وثمة وثائق يتم الكشف عنها من قبل كبار المسؤولين الإيرانيين على مر السنين في الفترات الثلاث.

 لكن ما كان يمثل إحصائيات ملحوظة للتغيير الديمغرافي في الأحواز في جغرافيتها إلى المناطق الفارسية السياسة المدروسة ــ الاستراتيجية طوال حياة نظامي البهلوي والجمهورية الإسلامية ضمن (تدمير قوام شعب الأحواز لصالح فرضية الإيرنة) (تخریب بافت ملت الأحواز به نفع فرضیه ایران سازي) وقد عمل النظام الإيراني في الفترات المبان عنها في ثلاث مراحل: مرحلة الاحتلال الأولى والتهجير القسري المشهود في غياب مفاهيم حقوق الإنسان قبل تسعة عقود؛ مرحلة الإنشاء المشاريع والخطط المدروسة في البهلوية الثانية؛ مرحلة المواصلة لما أنجز في المرحلتين وإضافة الخطط الجديدة.

وفي تصوري أن الجمهورية الإسلامية هي الأخطر في المراحل لعدة أسباب تعود إلى عدم الاهتمام بالـParadigm العالمي لحقوق الإنسان وعدم الانخراط في أعراف عالم اليوم ورفض العلاقات الدولية وتبني خطابات نوعية رجعية وراديكالية يتيح لها إعمال ما كان يخشاه الشاه قبيل ثورة 1979م. ويضاف إلى الفرضيات السالفة ثروة الأحواز كالبترول والغاز الطبيعي والزراعة والموقع الاستراتيجي ([2]) من العوامل المستوى الثانية لتغيير التركيبة السكانية لشعب الأحواز. وفي الوقت الحاضر أدك شعب الأحواز العربية أن ثمة مشاريع وخطط مشتركة بين البهلوية الأولى والثانية الجمهورية الإسلامية تجاه الأحواز وما بعد الجمهورية لا علاقة لها بتغيير الأنظمة، بل الأساس في كل نظام هو اتباع الفرضيات المطروحة والمدروسة في التغيير الديمغرافي ــ السكاني أولا لصالح فرضية الأيرنة ثم الانتفاع بما في الأحواز من ثروات وموقع استراتيجي.

 

فرضية التغيير الديمغرافي

الديموغرافيا أو ما يسمى بتناظر العربية بعلم السكان (الدراسات السكانية) مصطلح وظف من واقع اللغة اليونانية، ويتكون من: (demo أي الشعب) ومن (Graphy أي القياس والوصف) والمعنى المتحصل: قياس ــ وصف الشعب أو السكان. ويعتبر التغيير[3] الديموغرافي فرع من السوسيولوجية يدرس خصائص السكان البشرية كالانتماء والتغيير والتحول.. التي تظهر بفعل الفاعل الإرادي أو الفاعل الطبيعي على اعتباره علمي على أنه جزءا من السوسيولوجيا. وتعرف التغيير الديمغرافي: (التغيير الديمو جرافي هو التحول من حالة إلـى أخـرى، والتحول الذي يطرأ على التنظيم أو البناء، وبهذا يعد واحد من العلوم الإجتماعيـة التـي تعنـى بقضايا المجتمع الإنساني ومشكلاته وتغيراته، ويختص بمسائل السكان وعوامل نموهم وتوازنهم الكمي) ([4]). ويعرف التغير الديموجرافى على اعتباره: العمليات المستمرة للتغير والتي تـؤثر في الـسكان وتتناول الوقائع الحيوية مثل المواليد والوفيات والزواج والهجرة، أي أنها تتناول عمليـة تطـور السكان ([5]) في حجم السكان سـواء كـان هـذا التغيـر بالزيادة أو النقص.. لـثلاث عوامل هى: المواليد والوفيات والهجرة ([6]). وموضوعه: طبيعة التغيرات الديموغرافية للسكان وخصائصها.

 ونحن نركز على التغيير الديموجرافي في المجتمع الأحوازي للدراسة لمعرفة مستوى تأثير السياسة الإيرانية في الفترات الثلاث (البهلوية الأولى والبهلوية الثانية والجمهورية الإسلامية) نتيجة لتطبيق مخططات حكومية أدت إلى التغيرات في المؤشرات البشرية منها من واقع الحروب والانتهاكات وتدمير البيئة.. والاستراتيجيات المعادية بمنظور إيراني مدروس تستهدف شعب الأحواز إنطلاقا من الاحتلال لعام 1925م.

كما أن يخصص البحث في التغيرات التي أدت إلى تحجيم الجغرافيا والعداد السكاني (الوفيات، القتل، الهجرة، الانتقال القسري.. ) وما يوجده من تغير بنية السكان وهذه الركيزة تساعد حاضرا ومستقبلا على تحديد حاجيات المجتمع للثبات أمام المحتل أو النمو البشري مثلا.

 

الأسباب الموجبة للتغيير الديمغرافي

 خصصت البحوث والدراسات في العقود الأخيرة على تغيير التركيبة السكانية الاحوازية بالتهجير القسري متبوع بمساعي التغيير في الخارطة الأحوازية بالعموم جراء التدمير والقتل والتهجير ليحل في فراغ التغيير التوطين لشعوب وقوميات وأجناس قومية تعيش في إيران لتحل في الأحواز. وفي السياق نفسه تلزم الإبانة أن التوطين والاستيطان يشمل الأفراد والشرائح الموالية من الكورد والأتراك والقومية اللورية والبختيارية ([7]) ما عدى الأرامنة واليهود فإن الخطط لم تشملهم حتى اللحظة. وكما رأينا مؤخرا دخول ميلشيات موالية للحرس الثوري تابعة له على خط التغيير السكاني حيث تشير المصادر الموثقة على استقرار الحشد والبدء بشراء دور سكنية وأراضي تحت مسميات تسهلها جهات أمنية في الأحواز ([8]). ومن المحتمل أن تكون ثمة خطة اعتبارهم جزء من الشعب الأحوازي بناء على وحدة اللغة والأنساب والمظاهر الاجتماعية، كون الحشد يتكون من أبناء القبائل العربية.

من يخصص البحث من منظور علم اجتماع السكان دراسة الظواهر السكانية كالحجم والتكوين والتوزيع والإفناء والتدمير إلى جانب النمو والزيادة والتضخم السكاني، كما وان علم اجتماع السكان لا يكتفي في ذلك وانما يكون اهتمامه منصباً ايضا بتحليل العلاقات ما بين هذه الظواهر، كما وانه يسعى الى فهم طبيعة هذه العلاقات وتفسيرها، وهو وصفي: يدرس عدد السكان في مجتمع ما بالإضافة إلى التوزع الجغرافي والتطور. والسؤال الآن: ما هو أسباب التغيير السكاني الأحوازي؟ ما هي آليات هذا التغيير الخطير والعدائي؟ تسعى الدراسة أن تجيب على هذا التساؤل من واقع فرضيتين؛ الأولى: عندما يتم الكشف عن الخطاب والفرضية المتعلقة بالإيرانيزم ومتعلقاتها الفرسيزم  وإعادة بناء التصور الواهم: (از امپراتوري هخامنشي تا جمهوري إسلامي ([9])  من الإمبراطورية الأخمينية إلى الجمهورية الإسلامية) والثانية: من واقع الموقع الاستراتيجي السياسي والاقتصادي والاجتماعي لدى الأحواز. ونرى من واقع استنباطنا أن الفرضيتين أداة إيران في احتلال الأحواز والتمادي فيه انطلاقا من عام 1925م.

 

أولا: ایرانیسم  ومتعلقاتها الفرسيزم

يمكن القول أن ایرانیسم والذي يعني: القومية الإيرانية لقد وظف للمرة الأولى في مجلة كابول من قبل القومي الفارسي محمود أفشار يزدي لأول مرة في عام 1928م وتطرق في المقال عن مسألة الاتساق والوحدة بين إيران وأفغانستان والشعوب الموجودة في جغرافيا فارس (= إيران). يرى أفشار: (يجب أن تكون فرضية القومية الإيرانية مثالية وغاية وجهد مشترك لدى الشعوب الموجودة في جغرافيا اللغة الفارسية! وأداة في الحفاظ على اللغة والأدب الفارسي القديم والقيم.. أي أنني أعني وحدة جميع الإيرانيين (الفرس والأفغان والأذريين والأكراد والبلوش والطاجيك.. )! غاية تهدف إلى الحفاظ على التاريخ الألفي المشترك واللغة والهوية والأدب المشترك؛ يجب أن تكون القومية الإيرانية دفاعية وثقافية لمقاومة قوميات [ Pan ] أخرى كالتورانية أو القومية العربية ([10]).

إلا أن الأمر لم يقف إلى هذا الحد؛ إذ هناك مواقف أكثر تطرفا ظهرت لاحقا بعد ظهور حزب (حزب پان‌ ايرانيسم) والذي يرى: إقامة حكم الأمة الإيرانية العظيمة التي لها هوية ووطن وتاريخ وثقافة وعادات؛ الأمة الإيرانية هي القومية الإيرانية، حركة لتوحيد الشعوب! الإيراني؛ القومية الإيرانية إنه نظام جديد يعتمد على الأهداف اليومية للتاريخ الإيراني الصرف ([11]).

 

ثانيا، التغییر السكاني بالاستناد إلى الجغرافيا الاستيراتيجية والقوامة القومية والاقتصادية

أ: الموقع الجغرافى

من الواضح والمعلوم أن مساحة الاحواز الجغرافية تعد ثاني مساحة بين دول الخليج العربي في أهم موقع جغرافي خليجي، وبذلك تكون الأحواز وسيلة الترابط الهامة بين البلدان والدول العربية وبلاد فارس (= إيران) قديما وحديثا، وهذا الموقع يبلغ مقدار (210 آلاف ک م م) ([12]).

 

ب: القوامة البشرية ــ القومية

نقصد من البنية البشرية الوجوه المشتركة في القومية التي تخص السلالات العرقية التي تختلف بين جمهور وآخر ليبرز أمامنا النسب الانتماء السلالي العربي والأساس القومي.. وبتعبير أكثر تكرسا: ذلك الاهتمام السلالي – القومي الذي يميز لنا القوامة البشرية الأحوازية في مجموعة شواخص الشعب.. بغية الكشف عن القوام الجوهري في البنية السلالية ([13]). وبناء على هذا الاعتبار فإن البنية الأحوازية البشرية في الأحواز يمكن رصدها بالرؤى الانثربولوجية الواردة في الأدبيات الكتابية واللسانية والتي تزاد كما وكيفا في أعمال النخبة وشرائح الشعب المثقفة حتى اللحظة.

وقد سعت مؤسسات النظام الإيراني منذ عام 1925م تزويره هذه القوامة وفي الوقت ذاته تدميرها بأنواع المشاريع المخططات ويأتي التغيير السكاني القومي الأحوازي في صدارة المساعي. بناء على اعتبار وهو أن هذه القوامة القومية الأحوازية في تضاد مع المحتل الإيراني وتهديدا لمنظومته الأمنية لأنها لا تنسجم ولا تتناسق مع رؤية ایرانیسم ومتعلقاتها الفرسيزم. ومن هنا يكثف القوميون الفرس دراساتهم في نفي الانتماء العربي الأحوازي إلى الأحواز ويشمل هذه التكثيف مجموعة من المفاهيم والمصطلحات والوجوه النقدية المتضادة لشعب الأحواز[14]، بينما يرى الباحث القومي ــ الإيراني كسروي: (من المتبقين وما توفر الأدلة التاريخية أن وجود العرب يعود إلى قرون ما قبل الإسلام وحتى قبل السلالة الساسانية.. ) ([15]).

وكما بينا في محله فإن هذه القوامة القوامية الأحوازية (النظام العربي السلالي ــ القومي). تعمل كأداة في الحفاظ على الوجود العربي ومتعلقاته كاللغة والثقافة والانتماء العربي.. وهذا ما يجعل مؤسسات الدولة وخطط الأنظمة الإيرانية المتوافقة ضد الأحواز أن تواصل الخطط مهما تبدلت الأنظمة في مسألة التغيير السكاني الأحوازي القومي.

 

ت: القوامة الاقتصادية

مع اكتشاف النفط وسعى بريطانيا في مشروع التنمية الصناعية في الأحواز وفي التحديد في ميناء عبادان التاريخي بينما كانت الأحواز تستعد للإعلان عن إمارة عربية مستقلة تماما في سواحل الشمال لشرقي العربي للخليج وضع اكتشاف النفط مانعا أمام مقدمات الإعلان، وهو في الوقت ذاته من سبب داع إلى تحريك عزم رضا خان على تطبيق فرضية الاحتلال وبدعم بريطانيا! ولو أن في السياق الأكاديمي لا يمكن اعتبار البترول السبب الرئيس في الاحتلال لأن ممارسة النظام إن كانت قد تحققت بالاستيلاء على هذه الثروة المعدنية الاقتصادية الحيوية فلمَ نشهد ظهران ممارسات غير مترابط بالخطط الاقتصادية للمحتل الإيراني؟ وهذا ما يتطلب دراسته وفق فرضبة المحتل.

لقد رأت فارس أنها بحاجة إلى هذه القوامة الاقتصادية القوام بخاصة وأنها في الأحواز وهي أقرب بلد خليجي في الخليج العربي لطهران وذلك في القرن التاسع عشر. وهذا ما يعني أن البنية الاقتصادية الطبيعية للأحواز سوف تتعرض إلى استنزاف من قبل دولة المحتل. وهذا ماحصل بالفعل فاليوم بعد مضي تسعين عاما الكوراث تكشف عن نفسها وقد بلغت مرحلة تدمير البنية الاقتصادية إلى تدمير البنية البشرية للترابط القائم بين البنيتين في العصر الحديث حيث لم يجدِ طريقة الحياة التقليدية أثرا فيما عصر الثورة الصناعية، أي أن البنية الاقتصادية الأحوازية التقليدية لم تستطع الثبوت أمام متطلبات المحتل الإيراني التي ستسحق المتطلبات المحلية الأحوازية لصالحها، وأعني من المتطلبات المحلية هي الاكتفاء الأسري الاقتصادي التقليدي على الزراعة والتربية المواشي والحرف اليدوية والملاحة وصيد الأسماك.

 

ث: استراتيجيات التغيير السكاني الإيراني المدروس في الأحواز

التنفية والتهجير

يمكن القول أن أول التغيير سكاني حصل في الأحواز يعود إلى التهجير الأول لعام1925م والذي قام به رضاخان لما يزيد على 1500 مواطن أحوازي من العوائل والأسر وكبار القبائل والعشائر كبارا وصغارا على مسافة 1300كيلومتر انطلاقا من مدينة البسيتين حتى طهران مشيا على الأرجل في الفترة البهلوية الأولى ثم، محاولة التغيير السكاني المكشوف في عهد الجمهورية الإسلامية ما كشفت عنه وثيقة تهجير 15.04.2005م والتي أدت إندلاع انتفاضة نيسان الصادرة عن مكتب رئيس الجمهوريّـة محمّد خاتمي الدالة على تطبيق خطة التغيير السكاني ثلثي مواطني الأحواز العرب وتوزيعهم على مختلف المناطق الإيرانية وإحلال أعداد من المستوردين اللور والكورد، ثم تأتي خطة فيضانات فبراير  2019 م للتهجير  والتي اجتاحت بلدات ومدن ودمرت ما يزيد على 234 قرية بالمياه بالكامل نزوح على إثر ذلك  أكثر من 400 ألف مواطن أحوازي عربي ([16]).

 

خطة اعتبار أجزاء واسعة من الأحواز أرضا حربية

عند نشوب الحرب الإيرانية العراقية 1980 ـ 1988م أجلى نظام ولاية الفقيه ( الجمهورية الإيرانية) المواطن الأحوازي من مناطق سكنه ولم يسمح بعودته إلى أراضيه وممتلكاته حتى بعد انتهاء الحرب ويشمل هذا التغيير السكاني القومي عشرات الآلاف من سكان مدن وقرى وأرياف المحمرة وعبادان والبسيتين والحويزة ([17]) وأطراف الأحواز المحاذية للعراق.. ودون تعويض لكل متضرر من الحرب التي لا دخل للمواطن الأحوازي في نشوبها أو دعمها! على سبيل المثال: يمنع النظام العودة إلى كل قرى بین الفيلية والشلمچة من المحمرة بذريعة بالألغام والمتفجرات، وهي حاليا بيد الحرس الثوري الإرهابي الذي امتنع عن إجلاء الألغام ويهدد المواطن الأحوازي بشتى الأساليب لبيع الأراضي على مؤسسات ومنشآت تابعة للحرس الثوري أو بغية انتزاعها بلا عوض! ومصداق المنع حقوقيا بحسب تعريف القانون الدولي كما تقدم عن العودة المواطن الأحوازي لم يعد أمرا طبيعيا لو سلمنا بتبعات الحرب إلا أن النظام الإيراني لقد أنشأ مستوطنات للوافدين الفرس أو الكورد أو اللور… ومارس منهجيا بناء القواعد والمنشاءات العسكرية إلى جانب مصادرة الأراضي المجاورة الزراعية وتنفيذ المشاريع الاقتصادية المنصبة في توفير وتموين حياة المستوطن الأجنبي إلى الأحواز.

 

صناعة قصب السكر الوهمية

 يسعى الاحتلال في إطار التغيير السكاني القومي الأحوازي ضمن مشاريع وهمية ــ وطنية في مختلف مدن وقرى الأحواز لتنفيذ مشروعات صناعة الزراعية لانتفاع للمواطن الأحوازي منها لأن الاحتلال يستورد من مدن إيران المختلفة إلى هذه المشاريع اليد العاملة. وعلى سبيل المثال دمر الاحتلال في السوس وتستر عشرات القرى بالكامل لصالح المساحة لمزارع السكر!  وتم الاستيلاء عليها ومصادرة الأراضي الزراعية لهذه القرى وقام الاحتلال بإدماج سكان القرى العرب في مستوطنات بالقرب من عمال مستوردين من محافظتي أصفهان ويزد وشيراز وطهران.. وقد انطلق المشروع في عهد هاشمي رفسنجاني، تمت الموافقة على مشاريع قصب السكر كخطط وطنية من قبل الجمعية الاستشارية الإسلامية، وهدم عشرات الآلاف من القرى العربية من شمال الشعيبة إلى بلدة المحمرة وشواطئ كارون الأحواز والمحمرة. ويقول رفسنجاني: (ينبغي مراجعة سياسات التنمية أو أنه يجب تغيير التكوين الديموغرافي للحدود.. سبيل المثال أن بناء مصفاة في عبادان ليس له أي مبرر اقتصادي.. مثلا في الحويزة وخور العظم أدى إنشاء استخراج النفط إلى تدمير أرض الخور ومصادرة الأراضي الزراعية، وتدمير عشرات القرى في منطقة الحويزة ([18]).

 

بناء المستوطنات

يمكن اعتبار التوسع بظاهرة بناء المستوطنات والتي بدأ التخطيط لها في عهد البهلوي الثاني والتنفيذ في فترة الجمهورية الإسلامية أعلى أشكال السياسة المعادية في الجمهورية الإيرانية، فإن في عهدها نفذ مشروع المستوطنات مختلفة في عمق المدن والقرى الأحوازية لتدمير التركيبة السكانية القومية الأحوازية. على سبيل المثال شمال مركز الأحواز نشهد: شيرين شهر ([19]) على الطريق الأحواز وعبادان، وشهرك رامين ([20]) بالقرب من مدينة ملاثاني قد بنيت حصرا للمستوطنين الوافدين والمستوردين [21]) من القوميات المتطرفة وشرائح موالية للنظام من مختلف الشعوب الموجودة في خارطة إيران لهذا المنظور. والأمر لا يقتصر على الشمال؛ إذ تم الكشف عن عينة أخرى في جنوب مركز الأحواز في قاطعة عبادان والبدء بمستوطنة جديدة لعام 2018م في منطقة العلوانية (منطقه علوانیه عبادان ) ([22]) سميت بـ(شهرک بزرگ مسکونی الماس أي مستوطنة الماس السكنية الكبيرة).

وتشير صحيفة كيهان البوق الإعلامي الأول للنظام على أن المشروع تشرف عليه وزارة الدفاع الإيرانية! وعدة جهات أمنية رفيعة المستوى في النظام على أن المقاول لمشروع شيرين شهر يعمل لوزارة الدفاع: (سرپرست این گروه که تحت نظارت وزارت دفاع مشغول به کار شده اند. قال المسؤول عن المجموعات العاملة والتي تقودها وزارة الدفاع!!) ([23]).

 

التوظيف الرسمي والعمالة الوطنية وشطب الموارد البشرية الأحوازية

لقد سعيت الأنظمة في إيران إلى منع المواطن العربي الأحوازي من الوصول إلى المناصب الحكومية وهذا الأمر كما بينا في سياقات التغيير السكاني فهو أيضا ضمن مشاريع مدروسة يتم القيام بها خلال قرارات وقوانين غريبة تهدف إلى استلاب  العمالة من مدن إيرانية الأخرى. ويعد قانون الاختيار (= قانون استخدام كشوري) طريقة لمنع المواطن الأحوازي من حق الانتفاع من إمكانيات الأحواز في طلب لقمة العيش، وأنه يتضمن بنود خطيرة مثل منع توظيف لمن: يتحدث باللغة العربية! أقارب وأسرة ومن له تواصل مع الناشطين الأحوازيين.. وهذا تمهيد عمليا لغير المواطن الأحوازي لكي يهاجر إلى الأحواز.

 

المحصلة

تبين الشواهد أن عملية التغيير السكاني للأحواز لا تتوقف عند نظام إيراني محدد، بل اللاحق على أثر السابق يسعى إلى تدمير القوام البشري الأحوازي لصالح فرضيات غير إنسانية معادية لقيم الأخلاق والأعراف الدولية وأن الجمهورية الإيرانية الإسلامية حاليا أشد عداء لما فات من تاريخ الاحتلال على أرض الأحواز.

 

 

كمال بن سلمان

 

 

المصادر

   پارسیسم: فرضية تعني اللغة والمذهب الفارسي، التفريس لأمر ما . انظر:

https://www.vajehyab.com/?q=%D9%BE%D8%A7%D8%B1%D8%B3%DB%8C%D8%A7%D9%86&d=en

  الموقع الاستراتيجي هو مصطلح جغرافي يستخدم لتعريف والتعبير عن الموقع أو المكان الذي يحتل أهمية ومكانة سياسية، أو عسكرية، أو اقتصادية، أو جميعها معاً على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو العالمي.

1. يؤكد Von Weise : أن يستخدم التغير بديلا محايـدا مـن فكـرة التقـدم استخداما إحصائيا يجعله تصورا كميا خالصا؛ وقصره على التحولات التي تلم بعلاقـة الإنسان بالإنسان. انظر: مدبولى، جلال، الأجتماع الثقافى: 139، دار الثقافة للطباعة والنشر ، القاهرة ١٩٧٩م.
2. Linz, K. and Stula, S.(2010). Demographic change in Europe – An Overview: 2Working paper no. 4 of the Observatory for Sociopolitical Developments in Europe
3. السید، عبد المعطي، علم اجتماع السكان : 65 ، دار المعرفة الجامعیة ، الإسكندریة ٢٠٠٤
4. الشحات، أمينة محمد سليم، دراسة تحليلية لأبعاد المشكلة السكانية بريـف محافظـة الـشرقية: 15، رسالة دكتوراه، جامعة أسيوط ٢٠١٠ م (مسودة).
5. ينشر النظام الإيراني أشكال تاريخية مزورة ةمنها أن القومية اللورية ــ البختيارية هي القاعدة الرئيسية الإمبراطورية الفارسية والأخمينية وبلاد فارس!! ومركزها الرئيسي طهران ويزد وكرمان وأصفهان، بخاصة الأحواز العربية!!!. انظر: https://iranglobal.info/node/16752
6. https://www.radiozamaneh.com/441585
7. بعد غياب طويل تسعى إيران إلى إحياء التاريخ المزور المتعلق بحماية الأراضي الوطنية التاريخية المزورة!
8. انظر، افغان‌نامه، دکتر محمود افشار يزدى، جلد سوم، چاپ تهران، ١٣۶١ خورشيدى، صفحات ۴٧۵ تا ۴٨٢
9. تم النقل عن: (ضد استعمار) نشريه داخلى حزب پان‌ايرانيست، سال دوم، شماره ١٣، فروردين ١٣٧٨هـ.ش.
10. انظر: https://www.dusc.org/ar/article/1337
11. قمت بتعريف المنظور بالابتناء على تعريف معجم لاروس، انظر:

https://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/ethnologie/31415

12. انظر ما كتبه الباحث القومي ناصر كرمي: (در تاریخ مستند ایران دو نژاد و قوم یعنی عرب و تُرک به سرزمین ایران مهاجرت کرده اند. اعراب از قرن هفتم تا نهم میلادی و مردم تُرک از اواخر قرن یازده، ولی ادعای مالکیّت همین دو نژاد مهاجر و مهاجم به سرزمین ایران از همهء تیره های ایرانی و هند و اروپاییِ ساکن فلاتِ پهناور ایران که از سه هزار سال قبل در این جغرافیا سکونت داشته اند و امپراطوری ها را بنا نهادند و تمدن جهانی را پایه گذاری کردند، بیشتر هست، و همین دو قوم جلوی رشد و جهش به دوران تکاملی و تفاهم ملّی را سد کرده اند. انظر:

https://iranglobal.info/node/16752

13. يقول كسروي: (تا آنجا كه يقين است و دليل در دست است تـاريخ هجـرت تازيان به ايران را بايد قرنها پيش از اسلام و آغاز پادشاهي ساسانيان در نظـر گرفـت… از زمان ساسانيان يقين است كه طوايفي از تازيـان در گرمـسيرهاي ايـران از خوزسـتان .. نشيمن داشتهاند). انظر، كسروي: تاريخ بانصد ساله خو ز س تا ن [الأحواز] : 98. ط عام 1335 هـ.ش.
14. انظر: https://al-ain.com/article/iran-ahwaz-sinking و http://www.arabmubasher.com/109494
15. انظر التقرير المفصل:

القُرى الحدودية في الأحواز… مصداق واضح للإبادة الجماعية

   http://kurdane.com/article-2547.html

16. انظر، وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني الإرهابي: https://tn.ai/1941985
17. انظر، وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني الإرهابي: https://tn.ai/1941985

  https://iranglobal.info/node/18214

18. انظر، فاز اول احداث شهرک بزرگ مسکونی الماس کلنگ زنی شد، خبرگزاری برنا ، النشرة الإخبارية:: 816205، رابط مختصر: https://2u.pw/kr9gi ؛ وكالة  مهر الرسمية: https://mehrnews.com/news/4549958

  https://www.magiran.com/article/2286091

[1]  پارسیسم: فرضية تعني اللغة والمذهب الفارسي، التفريس لأمر ما . انظر:

https://www.vajehyab.com/?q=%D9%BE%D8%A7%D8%B1%D8%B3%DB%8C%D8%A7%D9%86&d=en

[2] الموقع الاستراتيجي هو مصطلح جغرافي يستخدم لتعريف والتعبير عن الموقع أو المكان الذي يحتل أهمية ومكانة سياسية، أو عسكرية، أو اقتصادية، أو جميعها معاً على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو العالمي.

[3] يؤكد Von Weise : أن يستخدم التغير بديلا محايـدا مـن فكـرة التقـدم استخداما إحصائيا يجعله تصورا كميا خالصا؛ وقصره على التحولات التي تلم بعلاقـة الإنسان بالإنسان. انظر: مدبولى، جلال، الأجتماع الثقافى: 139، دار الثقافة للطباعة والنشر ، القاهرة ١٩٧٩م.

[4] Linz, K. and Stula, S.(2010). Demographic change in Europe – An Overview:  2Working paper no. 4 of the Observatory for Sociopolitical Developments in Europe

[5] السید، عبد المعطي، علم اجتماع السكان : 65 ، دار المعرفة الجامعیة ، الإسكندریة ٢٠٠٤

[6] الشحات، أمينة محمد سليم، دراسة تحليلية لأبعاد المشكلة السكانية بريـف محافظـة الـشرقية: 15،
رسالة دكتوراه ، جامعة أسيوط  ٢٠١٠ م (مسودة).

[7] ينشر النظام الإيراني أشكال تاريخية مزورة ةمنها أن القومية اللورية ــ البختيارية هي القاعدة الرئيسية الإمبراطورية الفارسية والأخمينية وبلاد فارس!! ومركزها الرئيسي طهران ويزد وكرمان وأصفهان، بخاصة الأحواز العربية!!!. انظر: https://iranglobal.info/node/16752

[8] https://www.radiozamaneh.com/441585

[9] بعد غياب طويل  تسعى إيران إلى إحياء التاريخ المزور المتعلق بحماية الأراضي الوطنية التاريخية المزورة!

[10] انظر،  افغان‌نامه، دکتر محمود افشار يزدى، جلد سوم، چاپ تهران، ١٣۶١ خورشيدى، صفحات ۴٧۵ تا ۴٨٢

[11] تم النقل عن: (ضد استعمار) نشريه  داخلى حزب پان‌ايرانيست، سال دوم، شماره ١٣، فروردين ١٣٧٨هـ.ش.

[12] انظر: https://www.dusc.org/ar/article/1337

[13] قمت بتعريف المنظور بالابتناء على تعريف معجم لاروس، انظر:

https://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/ethnologie/31415

[14] انظر ما كتبه الباحث القومي ناصر كرمي: (در تاریخ مستند ایران دو نژاد و قوم یعنی عرب و تُرک به سرزمین ایران مهاجرت کرده اند. اعراب از قرن هفتم تا نهم میلادی و مردم تُرک از اواخر قرن یازده، ولی ادعای مالکیّت همین دو نژاد مهاجر و مهاجم به سرزمین ایران از همهء تیره های ایرانی و هند و اروپاییِ ساکن فلاتِ پهناور ایران که از سه هزار سال قبل در این جغرافیا سکونت داشته اند و امپراطوری ها را بنا نهادند و تمدن جهانی را پایه گذاری کردند، بیشتر هست، و همین دو قوم جلوی رشد و جهش به دوران تکاملی و تفاهم ملّی را سد کرده اند. انظر:

https://iranglobal.info/node/16752

[15] يقول كسروي: (تا آنجا كه يقين است و دليل در دست است تـاريخ هجـرت تازيان به ايران را بايد قرنها پيش از اسلام و آغاز پادشاهي ساسانيان در نظـر گرفـت… از زمان ساسانيان يقين است كه طوايفي از تازيـان در گرمـسيرهاي ايـران از خوزسـتان .. نشيمن داشتهاند). انظر، كسروي: تاريخ بانصد ساله خو ز س تا ن [الأحواز] : 98. ط عام 1335 هـ.ش.

[16] انظر: https://al-ain.com/article/iran-ahwaz-sinking  و http://www.arabmubasher.com/109494

[17] انظر التقرير المفصل:

https://www.padmaz.org/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8F%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B2-%D9%85%D8%B5%D8%AF%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%A7%D8%B6%D8%AD/

 [18] http://kurdane.com/article-2547.html

[19] انظر، وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني الإرهابي: https://tn.ai/1941985

[20] انظر، وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني الإرهابي: https://tn.ai/1941985

[21] https://iranglobal.info/node/18214

[22] انظر،  فاز اول احداث شهرک بزرگ مسکونی الماس کلنگ زنی شد، خبرگزاری برنا ، النشرة الإخبارية:: 816205، رابط مختصر: https://2u.pw/kr9gi ؛ وكالة  مهر الرسمية: https://mehrnews.com/news/4549958

[23] https://www.magiran.com/article/2286091