مقدمة
تتعرض النساء الأحوازيات في سجون سلطات النظام الإيراني لظروف مهينة و قاسية؛ تفوق أحياناً ما يتعرض له باقي المعتقلين، في تعمد من النظام الإيراني لبث الخوف والرعب والحيلولة دون مشاركة النساء في العمل والحراك السياسي التحرري، إذ تُمارس بحق المعتقلات الأحوازيات أبشع أنواع التعذيب، وتُبتكر أبشع الممارسات التي تنال من شخصية المرأة الأحوازية، وما لذلك من أثر ذلك في الثقافة الأحوازية، إذ يتم اعتقال الناشطات والسياسيات الأحوازيات في أعتى الأماكن الأمنية في سجون الحرس الثوري الإيراني، حيث شكلت رواياتهن في المعتقلات قصصاً غرائبية تكشف عقيدة التوحش والدموية التي يمارسها النظام الإيراني، في تعارض واضح مع ما كفلته اتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩ والبروتوكول الإضافي الأول بشأن الحماية الواسعة النطاق للمعتقلين المدنيين، وما يتعلق بالنزاعات المسلحة غير الدولية كما هو الحال في الحالة الأحوازية، فقد أكدت اتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩ والبروتوكول الإضافي الثاني على أن الأشخاص الذين حرموا من حريتهم لأسباب تتصل بالنزاع، يجب أيضاً معاملتهم معاملة إنسانية في جميع الأحوال، وقد قررت لهم اتفاقيات جنيف الحماية من القتل والتعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة.
أولاً- معاملة الأسرى والمعتقلين استناداً لاتفاقيات جنيف ١٩٤٩: الحالة الأحوازية بين النزاع المسلح والنزاع غير الدولي
تتعامل القوى السياسية والمدنية في الأحواز مع السلطات الإيرانية كاحتلال، بينما تتعامل السلطات الإيرانية مع الناشطات والناشطين الأحوازيين كمجرمين خارجين عن القانون الإسلاموي الإيراني، فتوجه تهم الكفر ومحاربة الذات الإلهية، وتارة أخرى باعتبارهم انفصاليين يهددون وحدة البلاد، وبالتالي تخضع الحالة الأحوازية في معرض توصيفها في إطار القانون الدولي إلى ثنائية النزاع المسلح من جهة، والنزاع غير الدولي من جهة أخرى.
١- اتفاقية جنيف الرابعة ١٩٤٩ في معرض نزاع دولي مسلح أو نزاع داخلي غير دولي
ساوت اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في ١٢ آب/أغسطس ١٩٤٩، بشأن حماية الأشخاص المدنيين بين النزاع الدولي المسلح والنزاع الداخلي غير المسلح، وبالعودة إلى واقع المعتقلات الأحوازيات فإن جميعهن من المطالبات بالحرية والحقوق المدنية والاستقلال، وبالتالي اندماجهن في خانة المدنيين الذين ضمنت اتفاقية جنيف حمايتهم في معرض أي نزاع سواء كان دولياً مسلحاً أو نزاع داخلي غير دولي.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تضمنت الاتفاقية بأنّ الأحكام التي تسري في وقت السلم، تنطبق على هذه الاتفاقية سواء في حالة الحرب المعلنة، أو في حالة أي اشتباك مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر، حتى لو لم يعترف أحدها بحالة الحرب، كما هو الحال في الحالة الأحوازية، إذ تنكر السلطات الإيرانية أي حق للشعب الأحوازي في نيل حقوقه وبأي وسيلة كانت، وبالتالي فإن المساءلة القانونية لا تعفي السلطات الإيرانية من المحاسبة أمام هيئات القضاء الدولي المختصة، كلما استطاع الناشط الأحوازي إثبات مشروعية مقاومته ضد النظام الايراني، وإعطاء المشروعية القانونية لذلك من خلال الوثائق التاريخية التي تثبت تاريخية الدولة الأحوازية وسيادة الشعب الأحوازي عليها، خصوصاً وإن اتفاقية جنيف الرابعة ١٩٤٩ تنطبق أيضاً على جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي، حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة. أما إذا لم تكن إحدى دول النزاع طرفاً في هذه الاتفاقية، فإن دول النزاع الأطراف فيها تبقى مع ذلك ملتزمة بها في علاقاتها المتبادلة.
٢- مساءلة السلطات الإيرانية في إطار الانتهاكات بحق المعتقلات الأحوازيات
تأتي مساءلة ومطالبة المجتمع الدولي في وقف الانتهاكات الحاصلة في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف المتعاقدة، ويلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى أحكام الاتفاقية بشأن الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، وبالتالي تمنع الاتفاقية الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وكذلك الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة و الحاطة بالكرامة، إذ يمتنع على الدول والحال هذه إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة، كما يجوز للناشطين السياسيين الطلب من هيئة إنسانية غير متحيزة، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تتدخل للاطلاع على واقع الاعتقالات (١).
ثانياً- واقع المعتقلات الأحوازيات في السجون الإيرانية
عمدت السلطات الإيرانية إلى استغلال الدين كغطاء لتبرير جرائمه، واستخدام الأحكام الدينية لشرعنة أبشع الانتهاكات بحق المرأة الأحوازية، لتتعرض للإهانة جسدياً واجتماعياً، وبالتالي معاناتها المزدوجة بالقمع التمييز فهي المرأة العربية غير الفارسية التي تعيش في ظل سيطرة النظام الإيراني، وهي المرأة بشكل عام التي يقع عليها التمييز الاجتماعي والمذهبي والقمع السياسي. وعلى هذا الأساس دفعت المعتقلات الأحوازيات ثمن ذلك بعقوبات مغلظة أو مضاعفة، إذ تم تنفيذ عقوبة الإعدام بشكل تعسفي بحق ناشطات سياسيات لم تتجاوز أعمارهن الـ ١٨ ربيعاً وإخبار ذويهن بذلك، كما شهدت السجون الإيرانية حالات عن أطفال يولدون في السجن لآباء غير معروفين، ويكبرون في السجن، ويقضون سنوات خلف القضبان دون أي ذنب.
١- شهادات لكتّاب وناشطين إيرانيين لواقع المعتقلات في إيران
أفادت الكثير من التقارير عن الحالات الخطيرة لاستغلال القاصرات والنساء في السجون الإيرانية. وفي هذا الخصوص يقول الكاتب المحلل الإيراني ” فرزين كارباسي” موضحاً بشكل عام واقع المعتقلات في السجون الإيرانية إنّ أجهزة الأمن والاستخبارات تستغل الفتيات داخل المعتقلات ليصبحن ضحايا الاغتصابات، فيدفعن ثمناً مضاعفاً؛ الأول كونهن اغتصبن، والثاني أنه لا يوجد قانون يحميهن، بل على العكس من ذلك، فإنّ المرأة هي المتهمة بشكل عام في إيران، ولعل قضية ” ريحانة جباري” التي حكم عليها بالإعدام، لقتلها رجل استخبارات في يوليو (تموز) ٢٠٠٧ دفاعاً عن شرفها وتنفيذ حكم الإعدام بحقها بعد مرور ٧ سنوات، أمضى دليل على ذلك، رغم اعتراض الشعب الإيراني عليه، كما أنّ نساء كثيرات في السجن صدرت بحقهن عقوبة الإعدام لمجرد دفاعهن عن أنفسهن ومواجهتهن للمغتصبين، وأنّ بعض المراجع شرعت انتهاك كرامة الإنسان، خاصة في السجن، ومن يعتبرونهم ضد النظام. فعلى سبيل المثال فقد أجازت فتوى المرجع مصباح يزدي اللواط واغتصاب النساء في سجون إيران، وتظهر مقاطع فيديو حديث يزدي حول هذا الأمر، وهو يفتي بجواز اغتصاب المحققين للسجناء رجالا أو نساء قاصرين وقاصرات، لحملهم على الاعتراف” (٢).
٢- شهادات حية: أحوازيات تحت نير الاعتقال
شهدت الساحة الأحوازية نماذج حية لقصص مروعة من الاعتقالات التي عانت منها المعتقلات الأحوازيات، إذ تشكل حادثة المعتقلة ” صهباء حمادي” نموذجاً حياً لآلة القمع الإيرانية، وصورة للانتهاكات التي عانت منها المعتقلات الأحوازيات. وتم وضعها في زنزانة صغيرة تابعة للمخابرات الايرانية، بعد أن مُورس بحقها التعذيب النفسي، بعد نقلها إلى إحدى مراكز المخابرات الإيرانية في الأحواز للتحقيق معها مرة أخرى. وحسب إفادات المعتقلة صهباء، فقد تعرضت أمام أعين أطفالها للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية؛ وعدم إخبار عائلتها بمكان احتجازها، فقضت في السجون الإيرانية سنوات بحكم تعسفي أصدرته بحقها ما يُعرف بـ ” محكمة الثورة”، ما أدى إلى تدهور وضعها الصحي (٣).
ومن الصور المشرقة في تاريخ المرأة الأحوازية، تقف حادثة اعتقال السيدة فهيمة البدوي والتي تم اطلاق سراحها بعد ما قضت ١٤ عاما في السجون الايرانية، كتعبير لنضال المرأة الأحوازية وبسالتها، في مواجهة الواقع المزري واللاإنساني للمعتقلات الأحوازيات، حيث اعتقلت السلطات الإيرانية الأسيرة فهيمة البدوي في ٢٨ فبراير عام ٢٠٠٦، و أصدرت بحقها “محكمة الثورة” في مدينة الأحواز العاصمة حكمًا بالسجن ١٥ عامًا مع النفي إلى سجن مدينة ياسوج بتهمة “محاربة الله ورسوله”، وهي التي عُرف عنها المشاركة في أعمال مناهضة للسلطات القمعية في إقليم الأحواز المحتل، كما عُرف عنها التحدي والصمود كرمز للمرأة الأحوازية التي شاركت الرجل في مواجهة بطش السلطات الإيرانية وممارساتها ضد شعب الأحواز.
كما عُرف عنها شجاعتها ورباطة جأشها أثناء الاستجواب في أقبية المخابرات الإيرانية، بالرغم من أنها كانت حاملاً في شهرها الثامن، وأنجبت ابنتها الوحيدة سلمى في أحد معتقلات المخابرات الإيراني (٤)، حيث عانت ” فهيمة البدوي” من أبشع أنواع التعذيب النفسي، و تم تعذيبها بطرق شتى ومنها إعدام زوجها الشهيد علي مطوري أمام عينيها، وإعدام ابن بنتها في إحدى غرف مقر الاستخبارات، والحال ذاته ينطبق على الكثير من المعتقلات الأحوازيات أمثال، السيدة نبية الكعبي التي اعتقلت عدة مرات مع أخيها الشهيد عبد الله الكعبي، وزوجها الشهيد خليل الكعبي، في الوقت الذي مازالت فيه السلطات الإيرانية تمارس أبشع أشكال التعذيب وفي ظل استمرار الأوضاع الإنسانية المتردية وحالات انتهاك حقوق الإنسان التي تصل إلى حدود الإعدام بتهم تلفيقية بحق نساء الشعوب غير الفارسية بشكل عام، والأحوازيات بشكل خاص، ولغايات سياسية محضة، حيث يتعرضن للاضطهاد والقهر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لاسيما وأنّ التشريعات الإيرانية تفرق بشكل واضح بين الجنسين، استناداً لقراءات إسلاموية خاصة بنظرية الولي الفقيه (٥).
وفي هذا الخصوص كشفت الناشطة والصحفية الإحوازية من أصول غير عربية والمعتقلة السابقة” سبيدة قليان” عن أساليب التعذيب الممنهج والمستمر ضد المعتقلات الأحوازيات، التي تراوحت بين الضرب المبرح والتعذيب النفسي، والإهانات، والتحقير، والشتائم الجنسية، كجزء لا يتجزأ من أساليب التعذيب داخل المعتقلات السرية التابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية في مدينة الأحواز، حيث روت ” قليان” مشاهداتها داخل الزنازين، حول المعتقلة الأحوازية ” مكية نيسي” التي اختفى زوجها، منذ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٨، وقامت وزارة الاستخبارات بإبلاغ مكية وعائلتها المعتقلين أنه لن يتم إطلاق سراحهم حتى يعثروا على زوجها، وتسرد الناشطة والمعتقلة الإيرانية قصص وأوضاع الاعتقال المروعة بحق ” مكية نيسي” التي لديها ثلاثة أطفال صغار جميعهم مدون الثامنة ، وجميع أفراد أسرتها محتجزون باستثناء إحدى شقيقاتها، حيث تعمل “مكية” داخل السجن لكي تتمكن من النفقة على أطفالها، وقد عانت من التعذيب مرارًا أثناء احتجازها في سجنها الانفرادي، لاسيما بسبب جهلها بمصير أطفالها الذين باتوا مشردين بسب احتجاز جميع أفراد أسرتها.
كانت الناشطة الإحوازية ” قليان” التي اعتقلت بسبب تغطيتها الاحتجاجات العمالية، قد تحدثت بإسهاب عبر تغريدات على حسابها في تويتر، ” أنّ المعتقلات الأحوازيات يتعرضن للضرب والتعذيب المستمر جسدياً ونفسياً بهدف كسب اعترافات قسرية ضد أنفسهن وأزواجهن وأقاربهن، وأن الأجهزة الأمنية تستخدم هؤلاء النساء كرهينات بهدف إجبار أزواجهن أو أقاربهن المطلوبين على تسليم أنفسهم للسلطات (٦)”، أو الانتقام من أولئك الناشطين منهم في المهجر، كما حصل مع السيدة ” بسنة فرج” والدة الناشط الأحوازي محمد عليوي آل دبات، ووالدة الأسير أحمد عليوي آل دبات الذي اعتقل في عام ٢٠١٢ وحكم عليه بالسجن عشرين عاماً مع النفي إلى سجن مدينة يزد الفارسية، حيث اعتقلت السلطات الإيرانية السيدة ” بسنة فرج” في مدينة السوس شمال الأحواز العاصمة في سبتمبر ٢٠١٦، بعد أن قام عناصر من جهاز المخابرات بمداهمة منزلها واقتادوها إلى مكان مجهول، بينما أبلغت المخابرات الإيرانية زوجها أنه لا يحق لهم السؤال عن مصيرها، الأمر الذي لم يثن آل دبات – في بيان أصدره- من متابعة نشاطه ضد النظام الايراني في المهجر مهما كانت التضحيات.
٣- منظمة العفو الدولية: مناشدات حقوقية للوقوف عند واقع المعتقلات الأحوازيات
على خلفية تصاعد ممارسات النظام الإيراني بحق الناشطات الأحوازيات، واعتقال كل من ” آمنة حطاب الساري” ٢٤ عاماً، ابنة الناشط حطاب شنان الساري، وشقيقة المعتقل أمين حطاب الساري، الذين هاجمت منزلهم قوات الحرس الثوري الإيراني بالتزامن مع اعتقال أكثر من ٦٠٠ ناشط بين رجل وامرأة على خلفية أحداث الأحواز ٢٠١٨. الأمر الذي دفع بالكثير من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بإدانة النظام الإيراني لاعتقالاته التعسفية بحق النشطاء والناشطات في الأحواز. إذ قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها: “إن السلطات الإيرانية شنت حملة قمع شاملة ضد الشعب العربي الأحوازي، واعتقلت مئات الأشخاص من الناشطين المدنيين، من بينهم سيدات، بسبب دعواتهم السلمية في ممارسة حقوقهم من أجل حرية التعبير أو تكوين الجمعيات أو التجمع السلمي، أو بسبب هويتهم العربية فقط، ومن بين المعتقلين الناشطة المجتمعية ” لمياء حمادي” التي كانت حاملاً عندما اعتقلتها المخابرات الإيرانية بسبب نشاطها الاجتماعي والثقافي، في توصيف واضح أنّ ما تم ارتكابه هو جريمة ضد الإنسانية، تحتاج لتدخل المجتمع الدولي للوقوف عند واقع الحال في الأحواز، وقد اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الإيرانية بشن حملة قمع شاملة ضد الأحوازيين، وطالبت طهران بإطلاق سراح المعتقلات و المعتقلين، كما اتهمت المنظمة الدولية السلطات الإيرانية بارتكاب جرائم الاعتقالات العشوائية والتعسفية، معتبرة أنّ حجم الاعتقالات مثير للقلق الشديد حيث يشير التوقيت إلى أن السلطات الإيرانية قد استغلت هجوم الأحواز كذريعة لمهاجمة ” الأقلية العرقية الأحوازية، بما في ذلك نشطاء المجتمع المدني و النشطاء السياسيين، في غاية مؤداها سحق المعارضة في الإقليم”، حسب توصيف المنظمة الدولية التي قالت: “أنّ هناك نساء من بين المعتقلين إلى جانب لمياء حمادي، الناشطة في المجتمع المدني التي تم اعتقالها في 6 أكتوبر في منزلها في مدينة الخفاجية، وأيضاً ” زودية عفراوي” و “قيسية عفراوي”، حيث خلصُت منظمة العفو الدولية أن العرب في إيران يواجهون التمييز والقيود التعسفية على حقوقهم بالحصول على التعليم، والعمل، والسكن الملائم، والتمتع بحقوقهم الثقافية واللغوية (٦).
خاتمة
لقد شكلت ممارسات النظام الإيراني بحق المعتقلات الأحوازيات ملامسة واقعية تقارب بشكل عملي انتهاك حقوق الأسرى والمعتقلين أثناء النزاعات المسلحة دون مراعاة للاتفاقيات الدولية في هذا الخصوص، الأمر الذي يرتب على إيران مسؤولية دولية في إطار انتهاك اتفاقيات جنيف ١٩٤٩200، المتعلقة بمعاملة الأسرى والمعتقلين في معرض نزاع دولي أو داخلي.
في السياق ذاته، مازالت السلطات الإيرانية تتكتم على الأعداد الحقيقية للمعتقلين والمعتقلات الأحوازيات، ولا تعطي إحصاءات واضحة للأمم المتحدة وقد كان آخرها إحصائية أصدرتها دائرة السجون في النظام الإيراني بتاريخ أبريل ٢٠١٤، التي صرحت أن هنالك ١٣ ألفاً و٢٨٥ سجيناً فقط في شمال الأحواز، وإذا ماتجاهلنا الأعداد الفعلية، إلا أنّ هذه الإحصائيات مازالت لا تبين نوع هذه الاتهامات وأساسها القانوني والدافع وراء الاعتقالات في إطار توصيفها وتكييفها القانوني المؤدي للاعتقال، كما لم يتم تحديد تاريخ هذه المحاكمات، ولا الأحكام الصادرة بحقهم، أو نوع المحاكم التي أصدرت أحكام الاعتقال، وهي المهمة التي تقع على عاتق الناشطين الأحوازيين في إثبات البينة في ذلك، وإيصالها إلى الجهات والهيئات الدولية المعنية بالمحاسبة الدولية.
بناء عليه، لقد شكلت الآليات التعسفية لواقع المعتقلات الأحوازيات، انتهاكاً واضحاً وصريحاً للمادة ٤ من اتفاقية جنيف الرابعة التي حددت الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقية، و هم أولئك الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما، وبأي شكل كان، في حالة قيام نزاع أو احتلال، تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو تحت تصرف دولة احتلال ليسوا من رعاياها.
د/ محمد خالد الشاكر
الهوامش
- انظر: المادة 3 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949.
- انظر: الجحيم في سجون الحرس الثوري، على خطى «داعش».. سلطات الملالي تغتصب الفتيات.. وفتاوى لإباحته، الشرق الأوسط، العدد 13588، الأربعاء 10 فبراير 2016 ، على الرابط: https://aawsat.com/home/article/564811/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8
- نساء الأحواز يقاومن الفاشية الصفوية، صحيفة إيلاف، الأحد 26 أكتوبر 2008. على الرابط: https://elaph.com/Web/AsdaElaph/2008/10/377221.html
- نقل عميدة الأسيرات الأحوازيات للمستشفى إثر تعذيب قاسٍ، صحيفة إيلاف، 5 يونيو 2016. https://elaph.com/Web/News/2016/6/1092201.html
- انظر: الجحيم في سجون الحرس الثوري، على خطى ” داعش”.. سلطات الملالي تغتصب الفتيات..المرجع السابق.
- انظر: موقع الكلمة الحرة، ” ناشطة إيرانية: هكذا تعذب السجينات الأحوازيات”، القاهرة 12/23/2019 http://alkalemahalhora.com/Show.aspx?CatID=6&ShowID=20830
- النظام الإيراني يمارس الاعتقال التعسفي بحق ناشطات أحوازيات، “العفو الدولية” تطالب إيران بإطلاق سراح 600 أحوازي، الوطن 8 نوفمبر 2018. على الرابط: https://alwatannews.net/article/802535/World/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%