المقدمة
هذا تقرير صحفي تم التصرف فيه وهو بقلم بوبي غوشنشر في مجلة تايم الامريكية وترجمه حمد بن عبد العزيز العيسى وهو كاتب ومترجم سعودي مقيم بالمغرب.
بطبيعة الحال يستخدم العالم أساليب متشابهة لأخذ الاعتراف من المعتقلين. كما هناك اختلاف واسع بين معتقل واخر حيث تجد بينهما من يناضل من اجل ارضه ووطنه ويضحي من اجل الدفاع عن الانسان والإنسانية كما هي الحالة بين صفوف أبناء وبنات الشعب الأحوازي في مواجهة النظام الإرهابي الإيراني. بينما من جهة أخرى هناك البعض من المعتقلين أمثال رجال القاعدة ليس الا إرهابيين تسعى الأنظمة الدولية الكشف عنهم للقضاء على الإرهاب.
لكن نحن هنا ننشر هذه المادة مع تعديل بسيط من أجل توجيه الناشط الأحوازي والاستفادة من التجارب لمواجهة العناصر التابعة للنظام الإرهاب الإيراني.
هذا المقال يؤكد على فعالية طرق التحقيق السيكولوجية الناعمة بدل طرق التعذيب العنيفة لاستجواب المعتقلين وانتزاع المعلومات منهم. وهذا الفن هو الذي ساعد مخابرات ايران الإرهابية في انتزاع معلومات حول النشاط الثقافي والمدني والإنساني من معتقلين الاحوازيين في سجون المخابرات. وبتبع ذلك تمت ادانتهم والحكم عليهم بالسجن وبهذه البساطة من خلال الاعتراف ببعض الأمور البسيطة.
هذه المقدمة ليست تابعة للمقال وانما تمت كتابتها لتساعد القارئ الأحوازي على ربط بين الأمور وفهمها.
أكثر الاستجوابات نجاحا التي قام بها المحققون الامريكيون لم تحتج الى ممارسة طرق تعذيب مثل الحرمان من النوم او الحبس الانفرادي او الايهام بالغرق. (إيهام بالغرق هي طريقة تعود الى ايام محاكم التفتيش بإسبانيا. ويتم عبر غمر وجه المعتقل بالماء بواسطة جهاز خاص وبسيط. وجعله يتوهم بانه يغرق ويستغرق هذا الاسلوب تقريبا ٢٠ دقيقة لكنه يترك اثارا نفسية وعقلية مدمرة على المعتقل) وسيعطي هذا المقال القصير امثلة حية لمثل هذه الاستجوابات.
القصة الاولى (لمسة إنسانية)
ابو جندل كان موجودا في سجن يمني عندما وصل اليه محققان هما “صوفان” و”ماكفادن” من جهاز المخابرات الأمريكي.
لكي يستجوباه بعد اسبوع من هجمات ١١ سبتمبر. فقد كان الامريكيون يرغبون في منح المشككين ادلة دامغة على تورط القاعدة في الهجمات و خصوصا الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف الذي لم تكن أي عملية امريكية للتم في افغانستان بدون دعمه اضافة الى ان الاستخبارات الامريكية كانت في حاجة الى فهم افضل لهيكلية القاعدة و قد كان “ابو جندل” المصدر المناسب لهذه المعلومات.
كان ابو جندل حارسا لابن لادن ( زعيم القاعدة والتي تم ادراجها ضمن المجموعات الارهابية بعد احداث ٢٠٠١) الشخصي و لديه ثقة بن لادن الكاملة لأطلاق رصاصة في راسه ان قبض عليه الامريكيون.
لم تكن في نية ابو جندل ان يتعاون مع الامريكيين اذ رفض مجرد النظر اليهما و بدل ان يؤكد ان القاعدة لها يد في هجمات ١١ سبتمبر كان يصر على ان الموساد الاسرائيلي هو من نفذها. فكيف استخلصا منه المعلومات بدون تعذيبه؟
عندما ذهب ابو جندل الى المرحاض لاحظ المحققان الامريكيان انه (أبو جندل) لم يلمس الكعك المحلى الذي قدم اليه مع الشاي وتقصى “صوفان” الامر ليعرف ان ابا جندل يعاني من مرض السكري ومن ثم قدم الامريكان الى أبو جندل كعكة بدون سكر في الاجتماع التالي وكانت هذه الحركة لمسة انسانية لينت سلوك ابا جندل العدواني الشرس.
يقول صوفان لقد اظهرنا له لاحترام والتقدير عبر هذه اللمسة الإنسانية. حيث بدأ يتناول الحديث معنا لأول مرة. لقد احتاج الامر بضعة اسئلة ومكر من المحققين لكي يبوح ابو جندل بمعلومات خطيرة بينها هويات سبعة من منفذي الهجمات. لقد كان الكعك المحلى نقطة التحول الرئيسية التي جعلت ابا جندل يفكر ان المحققين بشر مثله. ثم اعطياه (المحققين) جريدة محلية كان عنوانها المزيف أكثر من ٢٠٠ يمني قتلوا في هجمات سبتمبر. حينها وافقهم ابو جندل انها جريمة مرعبة ثم بعد ذلك انهار ابو جندل وبدأ يسرب المعلومات واعترف بدون ان يدرك ان القاعدة هي المسؤولة عن هجمات سبتمبر.
بعض أكثر الاساليب استعمالا هي الاساليب العاطفية وفيها قد يثني المحققون على غرور المعتقل او يتملكونه عن طريق مدح احدى صفاته او على العكس قد يحتقرونه مما يجبره على الدفاع عن نفسه فيعترف بدون ان يدرك.
القصة الثانية
الكساندر محقق امريكي في العراق افضت جهوده الى العثور على الزرقاوي وقتله. يقول كنت استعمل دائما حيلا لا توجد في نظام الجيش لكن يعرفها أي شرطي. مثلا عندما تحضر اثنين من المعتقلين تأخذهما الى غرفتين منفصلتين وتعرض صفقة مع اول من يعترف.
فالكذب والخداع وسيلتان مهمتان. الكساندر كان يستجوب أحد المتمردين فتكلم المتمرد عن زوجته المسرفة حينها قال الكساندر للمتمرد انه يتعاطف معه لان زوجته (أي زوجة الكساندر) مبذرة أيضا. فالتحم الرجلان حول هذه المعاناة المشتركة ولم يدرك المعتقل انه خدع لان الكساندر في الحقيقة أعزب.
القصة الثالثة (التعاطف)
الكساندر يقول ان على المحقق ان يعرف دوافع المعتقل. ففي ربيع ٢٠٠٦ كان يستجوب امام مسجد سنيا يعتقد انه عميل للقاعدة في العراق التي كان يقودها الزرقاوي آنذاك. كان الامام يبارك الانتحاريين قبل ذهابهم فكانت اولى كلمات امام الجامع لألكساندر هكذا … “لو كانت معي سكين لذبحتك”.
فسأله الكساندر بلطف عن السبب فرد الامام ان الهجوم الامريكي مكن ميليشيات الشيعة من طرد عائلته من منزلها وأصبح يشعر بالإهانة والقهر ولذلك انضم الى المتمردين. فأجابه الكساندر بمكر استمع الي جيدا انا امريكي واريد ان اعتذر بصدق عن اخطائنا الكثيرة في بلدكم. عندها بكى الامام وافسح المجال. ومن خلال بعض العبارات الماكرة باح الامام بمكان امن يسكنه انتحاريون فادى اقتحام المنزل الى ايجاد عميل للقاعدة دل الامريكيين على مكان اختباء الزرقاوي ( زعيم مجموعة داعش الارهابية).
القصة الرابعة
خلال غزو العراق تعود المحقق “مادوكس” على استجواب المتمردين في اماكن اعتقالهم بسرعة فائقة وكان هدفه انتزاع المعلومات بسرعة حول اماكن المتمردين الاخرين المختبئين في الجوار. فكان يقول للمعتقل فور معرفة رفاقك باعتقالك سيفترضون إنك ابلغت عنهم وسيهربون فورا. لذلك ان اردت مساعدة نفسك والحصول على صفقة فيجب ان تخبرني بسرعة لأنك بعد ساعة او ساعتين لن تكون لديك أي معلومات مفيدة او قيمة. وقادت هذه الحيلة الماكرة “مادوكس” الى اهم واسعد ساعة له في العراق ففي اليوم الاخير لخدمته هناك وقبل ساعتين فقط من اقلاع طائرته من بغداد بدا في استجواب محمد ابراهيم وهو قائد بعثي متوسط الاهمية ولكنه معروف بقربه من صدام وكان قد اعتقل ما يقارب ٤٠ من عائلته واقربائه حينها.
حاول “مادوكس” طوال ساعة ونصف اقناعه بالاعتراف. وفي الاخير قال له “مادوكس” انه يجب ان يتكلم بسرعة لان صدام قد يغير مكانه ويصبح (محمد ابراهيم) عديم الفائدة. وانه عندما سيركب المحقق الطائرة لن يستطيع ابراهيم مساعدة المقربين منه من المعتقلين وبدل ان يتمكن من اطلاق اقربائه الاربعين سيصبح هو المعتقل الواحد واربعين. ونجحت الخدعة ففي تلك الليلة ادلى ابراهيم بمعلومات قيمة ارشدت الجيش الامريكي الى مكان اختباء صدام حسين.
***للايضاح: تم نشر هذه المادة من أجل توجيه النشطاء المدنيين في ايران لكيلا يكون ضحية القوات الايرانية فحسب، وايضا لتجنب الاخطاء حين النشاط ولكسب التجارب وايضا من أجل ان لا يقعوا في مصيدة القوات الامنية والحرس الثوري والمخابرات الايرانية حيث تستخدم مخابرات الدول عادة ما مكايد أو خطط مشابهة. لا يعبر فحوى هذه المادة عن رأي أو تاييد الافراد أو المجموعات التي تم ذكرها في المقال ابدا وانما كما تم ذكره الهدف توجيه النشطاء المدنيين لتجنب الاخطاء خلال عملهم السلمي في مواجهة النظام الايراني.