الإثنين, ديسمبر 23, 2024
مقالاترؤية تاريخية: مأساة الناشط بعد سقوط الحكم العربي في الأحواز

رؤية تاريخية: مأساة الناشط بعد سقوط الحكم العربي في الأحواز

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

المقدمة

منذ سقوط الحكم الملكي في الأحواز حصلت عدة ثورات وانتفاضات، وأكثرها كانت تواجَه بالقمع الدموي، بل حتى الاطفال والنساء وكبار السن لم يسلموا من هذه الأعمال الوحشية تجاه الشعب الأحوازي. وبعد أن دخل كفاح الشعب الأحوازي المرحلة السياسية-الثقافية غيّر النظام أسلوبه من الهجوم على معاقل الثوار بالطيران والجيش إلى الاعتقالات والتصفيات للمناضلين والنشطاء. وهذا منذ عام 1956م حين تم تأسيس الاستخبارات الإيرانية السيئة السمعة والتي معروفة باسم “السافاك”.

 

السافاك الإيراني وقمع الأحــوازيين

السافاك الإيراني منذ تأسيسه عام 1956م، لم يترك فرصة في قمع المثقفين والمناضلين في الأحواز، وكان مجرد سماع اسم “السافاك” بين الناس، يثير الرعب بينهم. كانت السافاك مؤسسة امنية تطبش في الشعب وسجنت العديد ولم يسلم منها لا شاعر ولافنان ولا كاتب. على سبيل المثال، تم اعتقال العديد من الفنانين مل احمد كنعاني وعبدالامير دريس وأيضا العديد من الشعراء من أمثال الشاعر الأحوازي؛ ضياء الدين الخاقاني لأجل قصيدة عربية ألقاها في جمع من المثقفين في مدينة المحمرة! فتعرض للسجن والتعذيب، وحصلت إعاقة لرجله اليسرى، وتلف في الرئتين مما سبب له أذى مدى حياته.

تعامل السافاك في الأحواز يختلف تماما عن تعامله مع الفرس والقوميات التي قريبة للفرس ثقافيًا ولغويًا، وأيضا، بسبب الأهمية الاستراتيجة والاقتصادية جعلت الأحواز محل اهتمام الحكومات في طهران، وبهذا السبب يواجهون أي بادرة ثقافية أو سياسية في الأحواز. استمر هذا الوضع بعد مجيء النظام الجمهوري الإسلامي حيث استولت مؤسسة “الاطلاعات” دور الأمن في البلاد حيث بطشت بالبلاد وسلبت أمن العباد.

 

السـجـــون في الأحـــــواز

السجون في الأحواز بصورة عامة ترمز للتعذيب والمآسي، وليس مكانًا لإعادة التأهيل، حتى بالنسبة لسجناء الإجرام والملفات القضائية وغيرهم من السجناء، أما السجناء الثقافيين والسياسيين المطالبين بحقوق الشعب الأحوازي وكذلك المناضلين؛ فهم يتعرضون لأسوأ تعامل ممكن أن يحدث داخل السجون والمعتقلات، كما أن طرق التعذيب الإيرانية معروفة في العالم، سواء في عهد النظام الملكي أو النظام الطائفي الحاكم الحالي.

إدارة السجون في الأحواز لم تكن يوما ما بيد مواطنين من الأحواز بل من أكثرهم من الفرس وأيضا من المناصرين للقومية الفارسية. وبالتالي يعامل هؤلاء الإنسان الأحوازي دون أي رحمة أو إنسانية. تأسست السجون الإيرانية لتحطيم الإنسان الأحوازي الثائر نفسيًا وجسديًا، وسحق كرامته الإنسانية المجروحة في الأساس خارج السجون.

 

السجون في الأحواز تنقسم إلى قسمين: السجون السرية والسجون الظاهرة

ينبغي معرفة أن السجون في الأحواز لها خصوصيتها بسبب الظروف التي بالشعب الأحوازي، لأن القمع النفسي والثقافي والسياسي يتم تنفيذ بطرق ممنهجة، والإنسان الأحوازي ليس أمامه خيارات مناسبة لكي يعبر عن هواجسه وتطلعاته بل بسبب شبكات الاستخبارات الواسعة يتم إلقاء القبض على أي مجموعة أو شخص يبادر بعمل ثقافي أو سياسي ضمن إطار مستقل عن العمل الذي ترتضيه الاستخبارات؛ سواء كانت “السافاك” في السابق أو الاطلاعات في الوقت الحالي. هنالك نوعان من السجون في الأحواز؛ السجون السرية والسجون الظاهرة. فالسجون السرية هي ترمز للجحيم بعينه. وهي مختصة بالسجناء السياسيين الأحوازيين وكذلك النشطاء الثقافيين والمدنيين. أما السجون الظاهرة فهي مختلطة، ينزلها جميع الذين تصدر المحكمة بحقهم عقوية قضائية، لكن في هذه السجون أيضا فيها سجناء ثقافيين وسياسيين ومناضلين، ويطلق على القسم المختص بالثوار بقسم سجناء “الأمن”.

السجون الظاهرة مكتظة بالسجناء وخاصة أن درجات الحرارة في صيف الأحواز مرتفعة جدا، فمعدل الحرارة في الصيف ٥٠ درجة مئوية. وكذلك تفتقد هذه السجون أقل الإمكانات المطلوبة. وقياسًا مع باقي السجون في جغرافية ما تُمسى إيران؛ فسجون الأحواز تعد جحيمًا بالمعنى الكلمة للجحيم.

 

الســجــون السـريــة

السجون السرية هي تختص بالسجناء السياسيين والثقافيين والمدنيين والمخالفين للنظام الحاكم، وينبغي أن يعرف المتابع لشأن السجناء أن السجناء السياسيين يختلف التعامل معهم حسب قومياتهم، وكذلك حسب نوع مطالبهم، فأسوأ معاملة تنتظر المعتقل الأحوازي الذي يطالب بإطار الشعب الأحوازي، فالمحققون لا يتركون أي طريقة تعذيب إلا وجربوها لكسر عزيمة وشخصية هذا النوع من السجناء.

السجون السرية لا يمكن عدها أو إعطاء معلومة وافية تجاهها، لأن بسبب بوليسية الأنظمة الإيرانية وغياب حرية الصحافة والقضاء، تبقى هذه السجون سرية، بالرغم من كشف بعضها بواسطة السجناء ذاتهم، على سبيل المثال أن كثير من المعتقلين إفاداتهم كانت تشير إلى سجن سري قرب المطار الدولي في الأحواز العاصمة، وكذلك سجون سرية أخرى في حي جلستان.

 

السـجــون الـظـاهــرة

السجون الظاهرة؛ فكثيرة جدا في الأحواز، ولا تخلو مدينة من المدن في الأحواز من السجون. النظام لا يخصص سجون للسجناء السياسيين بل يرفضون وجود هذا النوع من السجناء في السجون! بل يحاولون أن يشوهوا صورة السجناء السياسيين والثقافيين، وأن يزيفوا الرأي العام في الأحواز وإيران والعالم، لكي لا يتعاطف معهم الرأي العام.

السجون التي تضم أكبر عدد من السجناء موجودة في العاصمة الأحوازية، ثم باقي المدن الأحوازية. مثل:

 

سجن كارون

هذا السجن كان السجون السيئة الصيت في الأحواز، وهو أحد أقدم السجون الايرانية في الأحواز وقد تم سجن الكثير من السياسيين في هذا السجن، وكان يفتقد لأدنى الشروط المعيشية، سواء في الجانب الصحي أو التغذية أو التعامل. ومن أبرز من نزل في هذا السجن؛ حاتم بن جعلوش، المعروف باسم حتة. كان في هذا السجن في فترة السبعينيات من القرن الماضي. وهو اليوم من رموز الكفاح في الأحواز. وقبل أعوام قليلة تم تجميد عمل هذا السجن لأنه وسط المدينة ويذكر الناس بالسجناء وحكايات التعذيب وغيرها.

 

سجن الحويرة (سبيدار)

يقع هذا السجن أيضًا في الأحواز العاصمة، ولا يقل سوءًا عن سجن كارون. وبعد أن تم تجميد سجن كارون ازداد عدد السجناء في هذا السجن، بالرغم من أنه منذ البداية لم يكن يستوعب عدد السجناء الذين يقبعون فيه.

سجن شيبان: تم بناء هذا السجن خارج الأحواز العاصمة، في منطقة بعيدة عن أنظار المواطنين والمتابعين، وخاصة أسر السجناء. سجن شيبان في الوقت الحالي يضم عددًا كبيرا من السجناء السياسيين والمناضلين والنشطاء الثقافيين، وغيرهم من السجناء الذين دخلوا السجن بسبب اتهامات أمنية.

 

الــتــعـذيـب الـجـسـدي

الأنظمة الاستبدادية توظف التعذيب والترهيب لقمع المعارض أو المخالف أو أي تشعر أنه يشكل خطرًا ضدها، والتعذيب الجسدي يختلف من دولة إلى أخرى، وأما السجون الإيرانية معروفة بأساليبها الوحشية. والاستخبارات الإيرانية من أسوأ ما يمكن أن يجربه الإنسان في حياته.

التعذيب الجسدي بالنسبة لأي سجين أحوازي بات أمرًا مألوفًا؛ بسبب التعذيب المكثف لفترات طويلة جدًا في معتقلات الاستخبارت، وطرق التعذيب الإيرانية معروفة جدًا والباحثين في شأن التعذيب في العالم يدركون مدى سوء التعذيب الإيراني لنزع الاعتراف من السجين أو لبغية كسر عزيمته.

التعذيب الجسدي يشمل خلع أظافر اليدين والرجلين، وأحيانًا تتكرر العملية مع المعتقل عدة مرات حتى يعترف أو يوقع على ورقة اعتراف معدة سابقًا بواسطة الاستخبارات. وكذلك التعذيب بالكهرباء أو أنواع الأسواط، ومن أسلاك الكهرباء. والضرب في الأغلب يكون على الظهر أو باطن الأرجل. لكن هنالك طرق تعذيب قاتلة جدا، يظل السجين يعاني منها لفترات طويلة، وهي جعل السجين أن يتناول كثير من السوائل ثم بعد ذلك يقومون بتكبيل يديده ورجليه وثم يقومون بلف مطاط على الآلة الذكرية لمنع السجين من التبول، ويبقى على هذه الحالة حتى يعلن أنه جاهز للاعتراف أو لقبول إملاءات الاستخبارات، هذه من أسوأ طرق التعذيب المعروفة في المعتقلات. وأما شد السجين من رجليه إلى السقف؛ فهذا يمر به كل السجناء. وهنالك طرق أخرى لا يمكن حصرها في دراسة واحدة.

 

الـتـعـذيـب الـنـفـسي

التعذيب النفسي هي مرحلة ما بعد إنهيار الجسد أو بعد فقدان السجين الإحساس بجسده، فالمحقق حتى بعد نزع الاعتراف لا يترك السجين، بل يعمد إلى تحطيم السجين نفسيًا وعصبيًا، وهذه الطرق كانت مستخدمة في كثير من البلدان في العالم، لكن بعض الدول غيرت من أساليب السجون بفعل التغيير الذي طرأ على الأنظمة، لكن في إيران الأمر لم يتغير حتى بعد تغير الأنظمة. بل التعذيب من الأمور القليلة التي لم تتغير، حافظت على وحشية الأساليب وزادت على وحشيتها.

التعذيب النفسي في سجون الأحواز تعتمد تدمير صلابة السجين، ولا تترك أسلوبًا في التعذيب النفسي إلا وتجرّبه على السجين. من ضمن هذه التعذيبات التهديد بتعذيب احد افراد العائلة أو الزوجة أمام مرأي ومسمع السجين. ويتم هذا عبر تمهيدات لكسر عزيمة السجين وجعله أن ينهار أمام المحقق. وأحيانًا يتم جلب احد افراد العائلة أو الزوجة بالفعل ثم ينقلونه إلى غرفة مجاورة ثم يعلو صوت صراخ وبكاء ويستمر لوقت ما، ثم بعدها يأتي المحقق ويتحدث بالتفصيل عن التعذيب مما يجعل السجين أن يفقد سيطرته على نفسه المتأزمة في الأساس.

بعض الأحيان يعتمدون على خلق سيناريوهات وهمية للسجين للتشكيك بأفضل أصدقائه أو حتى أفراد أسرته، مثل الزوجة والأخ لتدمير معنويات السجين. وأحيانًا جلب صوت أو شخص يشابه أحد أصدقائه ويظهرونه كيف يتعامل أو يدلي باعترافات ضد السجين.

قلة النوم من الأساليب التي تساهم في الإنهيار العصبي للسجين الأحوازي، يتناوب عدة جلادين على ضرب السجين، أثناء الليل والنهار مع حرصهم الشديد أن لا يغمض السجين جفنًا ولو للحظات قليلة فيبدأ السجين بالهلوسة وتخيل أمور وهمية، هذه الحالات سترافق السجين لفترات طويلة بعد السجين، وأحيانًا تتحول إلى أمراض نفسية مزمنة.

 

الزنزانة الانفرادية

من أساليب التعذيب الأشد فتكًا بالسجين هي الزنزانة الانفرادية لفترات طويلة، فالزنزانة الانفرادية تعني الصمت المطلق القاتل، زنزانة مظلمة تمامًا؛ تجعل السجين لا يعرف التوقيت الذي هو فيه ولا الأيام التي تمر عليه، ولا توجد أي حركة يتمكن السجين من خلالها أن يعرف الأيام التي قضاها في الانفرادي ولا حتى التوقيت اليومي.

بعض السجناء الذين قضوا فترات تزيد عن العام الكامل في الزنزانة الانفرادية لم يتعرفوا على أنفسهم ولم يستطيعوا التحدث أو التعرف على باقي السجناء الذين على صلة بهم إلا بعد مدة طويلة.

الزنزانة الانفرادية قد تكون في بلدان أخرى أقل أذى مما يتكبده السجين الأحوازي، هذا الأمر يتعلق بالثقافة الاجتماعية للسجين، في الثقافة الأحوازية العلاقات الاجتماعية تشكل حيزًا كبيرًا من حياة الفرد الأحوازي، وهذا السمة الثقافية تجعل الزنزانة الانفرادية أكثر أذى بالنسبة لهذا السجين.

 

السجينات الأحوازيات

تتعرض السجينات الأحوازيات إلى التعذيب كما يتعرضه الرجل الأحوازي، والنظام لا يفرق بين الاثنين كما أن مطالب الاثنين واحدة، بل إن المرأة الأحوازية تتعرض لتعذيب وتحطيم أشد من الرجل، لأن الأنظمة الإيرانية المتعاقبة لم تتساهل مع وجود طبقة نسائية واعية في الأحواز بل نهجت سياسة تخويف المرأة الأحوازية وترهيبها من القيام بأي عمل أو مبادرة في ثقافية أو سياسية أو حتى نسوية في سبيل تثقيف المجتمع الأحوازي.

هنالك تصريحات من سجينات فارسيات تشاركن في المعتقلات مع أحوازيات بأن السجينة الأحوازية تتعرض لتعذيب مضاعف لسببين؛ الأول أنها أحوازية والثاني إنها امرأة. وهذا تصريح السجينة الفارسية سبيدة غليان التي رافقت السجينات الأحوازيات أمثال صهباء حمادي التي تعرضت إلى تعذيب شديد ووحشي. وكذلك السجينة آمنة حطّاب التي تعرضت لتعذيب مماثل وهنالك العشرات من السجينات اللاتي يتعرضن لأنواع التعذيب؛ الجسدي والنفسي وتهديدات بالاغتصاب وأمور أخرى يندى لها جبين الإنسانية.

الأمر المؤسف الذي يؤكد أن الشعب الأحوازي يتعرض إلى مظالم مزدوجة؛ من النظام من جهة ومن المجتمع والفارسي ونخبته من جهة أخرى؛ هو أن النسويات الفارسيات لا ينشطن ولا يثير انتباههن اعتقال المرأة الأحوازية. على سبيل المثال عام 2018م عندما تعرضت الفتاة الأحوازية مائدة عموري للاعتقال بسبب إلقاء قصيدة وفي الوقت ذاته اعتقل النظام فتاة أخرى في طهران، اسمها مائدة هزبري بسبب قيامها برقص في مواقع التواصل الاجتماعي. كل الإعلام الفارسي؛ في داخل إيران والخارج وحتى منظمات حقوق الإنسان الإيرانية ركزن على مائدة هزبري دون أي اهتمام بالفتاة الأحوازية. وهذا الذي دعا كثير من الأحوازيين أن يخيب ظنهم بالنخبة الفارسية وحتى الذين يعملون في حقل حقوق الإنسان.

لا يمكن الحديث عن السجينات والمعتقلات في الأحواز دون الحديث عن السجينة المحررة فهيمة بدوي فهي رمز المرأة الأحوازية الحرة والمناضلة التي ضحت بأحلى سنين عمرها في سبيل حرية شعبها وقد حكم الإعدام بحق زوجها وتم تنفيذه أمام مرأي منها. وقبل إعدام زوجها بمدة أنجبت ابنتهما الوحيدة في الزنزانة الانفرادية. وقد ظلت في السجن 12 عامًا في ظروف قاسية جدًا. الأمر الذي يثير الدهشة والاشئمزاز من النظام الإيراني؛ هو أن هذه السيدة تعرضت لمضائقات وتعذيب لأجل تسمية ابنتها، أرادوا منها أن تغير اسم ابنتها إلى اسم فارسي أو اسم مذهبي يتناسب مع عقيدة النظام الحاكم.

 

انتفاضة الحياة في السجون في عام 2020

بعد تفشي وباء كورونا في أنحاء العالم، وأيضًا إهمال السلطات الإيرانية في الإعلان عن تفشي الوباء بين أوساط الناس، وارتفاع عدد المصابين في السجون؛ خيّم الذعر على السجون، خاصة سجون الأحواز التي تفقتد إلى أدنى مستويات الجودة، وكذلك وجود عدد كبير من السجناء في السجون أكثر مما تتسع. قدم السجناء اعتراضات إلى إدارة السجن وكذلك طلبوا رعاية صحية تحد من انتشار وباء كورونا في السجون، لكن إدارة السجن لم تهتم لهذه الاعتراضات والمطالب الإنسانية. فبسبب هذا الإهمال غير الإنساني انتفض السجناء لأجل الحياة، لأجل ألا يموتوا في السجون، أما النظام واجه هذه الانتفاضة السلمية بالسلاح.

انتفاضة السجون لم تكن في الشوارع لكي النظام يقول أن هؤلاء المنتفضين مدسوسين أو مرتبطين بأجندة عالمية!! أو ينسب لهم استخدام العنف أو السلاح. كانت الانتفاضة في السجن بأيدي خالية. لكن هذه الأيدي كانت ترتفع إلى الهواء والحناجر تطالب بالحرية من الجدران التي تعبت من تعذيب هؤلاء السجناء ومن إراقة دماءهم. كان الثمن باهضًا جدًا، ذهب ضحية هذه المطالبات كثير من السجناء الذين ماتوا برصاص قوات أمن السجون وكذلك رصاص رجال الاستخبارات الذين تدخلوا لإخماد الانتفاضة التي وصل صوتها إلى العالم.

 

ما دور المحكمة في الأحواز

قد ترمز المحكمة إلى العدل في كثير من البلدان التي تنعم بقضاء مستقل وعادل، لكن المحكمة في الأحواز لا ترمز إلى الظلم التمييز العنصري، سواء كان في محاكمات عامة أو الثورية.

المعتقل السياسي تتم محاكمته بالتنسيق مع الاستخبارات ولا ينصب قاضي في محاكم الأحواز إلا ويكون متواطئًا مع الاستخبارات، لأن الملفات الأمنية التي يتم تجهيزها في وزراة الاستخبارات سيصادق عليها القاضي دون أي اعتراض، بل قد يضيف إليها موارد أخرى تزيد من حكم المعتقل الأحوازي، وهذا يحدث كثيرًا، وسبب هذا العمل هو مغازلة القاضي للاستخبارات لكي يبقى في منصبه لفترة أطول، لأن منصب القضاء في الأحواز فيه مكسب مادي كبير، فالإنسان الأحوازي بأي دليل إذا دخل المحكمة سيتم مضاعفة مشكلة مما سيضطر إلى دفع رشوة للقاضي للتخلص من ورطته برغم الفقر المدقع الذي يرزح تحت وطأته عموم الشعب الأحوازي.

دور المحكمة في الأحواز هو أن تعامل الإنسان الأحوازي من خلال قاعدة “أنت مجرم حتى تثبت براءتك”. لهذا أغلب المواطنين يالجأون إلى العرف الاجتماعي لحل مشاكلهم لا المحكمة.

لا توجد في الأحواز محاكمات مفتوحة، لا أمام الناس ولا أمام الصحافة. فالمحكمة مغلقة وفي الأغلب لا تتجاوز دقائق قليلة لإصدار حكم إعدام بحق إنسان أو مجموعة. لا يمكن تصديق أنه يوجد قاض هكذا يسحق المواثيق الإنسانية بدم بارد. لكن للأسف الشديد يجري هذا في الأحواز منذ عقود غير قليلة.

الاعترافات التي نزعوها بواسطة التعذيب توضع أمام القاضي، والسجين يعترض أمام القاضي أن هذه الاعترافات كانت بسبب التعذيب ولا هي غير حقيقية. لكن القاضي سيحكم بناءً على هذه الاعترافات التي انتزعت من السجين بالسوط!

 

 الجماعات الإيرانية/ الفارسية المتطرفة

بعد سقوط الحكم الملكي في الأحواز في عام 1925م عمد النظام الإيراني أن يجلب الفرس من المدن الفارسية إلى الأحواز لأجل تغيير التركيبة السكانية وفي عهد محمد رضا شاه قام النظام بسلب أراضي زراعية من المزارعين الأحوازيين وسلمها لمهاجرين من محافظة يزد الإيرانية، في حي “الخالدية” والتي اطلق عليها النظام عنوان “كيانبارس” وتعني الكيان الفارسي. هذه الجماعات الفارسية هم من الفرس المتطرفين الذين يعتقدون بتفوق العنصر الفارسي والتي مدعومة بالنظام سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا وقد لعبت دورًا كبيرًا في اضطهاد الناس، فأبناء ذلك الجيل المهاجر أصبحوا اليوم رجال كبار في الاستخبارات وكذلك في مناصب مفصلية في إقليم الأحواز.

هنالك جزء من هذه الجماعات المتطرفة وهي تظهر على أن نشاطها ثقافيًا، لكن تركيزهم الأساسي على متابعة أي ناشط ثقافي محلي، ومحاربته وإلصاق التهم به وبهذا العمل يمهدون للاستخبارات لاعتقاله. وهذه العملية يديرها جماعات تطلق على نفسها “بان إيرانيست” وهي مجموعة من الأفراد المرتبطة أمنيًا بالاستخبارات. وتروج للعنصر الفارسية وتفوقه على باقي الشعوب، ولديهم أفكار توسعية في المنطقة.

 

الصحافة عندما تكون مرتعًا للاستخبارات

ترسخ في أذهان الناس في العالم أن الصحافة دائمًا تتقصى عن الحقائق لكشفها إلى الناس، وأن الصحفي الحر في أتم الاستعداد لتقديم الغالي والنفيس لأجل الحقيقة والعدالة، لكن هذا النوع من الصحافة غير موجودة في الأحواز للأسف الشديد. وكالات الأنباء المرخصة للعمل في الأحواز كلها مرتبطة بجهاز الاستخبارات، وهذه الوزراة هي التي تحدد المواضيع التي ينبغي التحدث عنها. وكذلك هذه الصحافة تمهد للاستخبارات ما تريد القيام به من اعتقالات أو تبرر الإعدامات وتلصق الاتهامات بهم لأجل تزييف الحقائق ووعي الناس. وبسبب عدم وجود صحافة حرة ومستقلة كثير من الناس يصدقون هذه الوكالات الخبرية المدعومة من النظام.

على سبيل المثال هذه الصحافة لا تتطرق إلى الثقافة الأحوازية وتراثها ولا حتى الأدباء الأحوازيين والشخصيات الشعبية بل تروج لأفكار ثقافة لتفريس المجتممع وتزييف وعيه.

هذه الوكالات وكذلك الجماعات المتطرفة وغيرها من الجهات تعمل وتنسق لإماتة أي حراك ينبثق من رحم المجتمع الأحوازي. هذه العملية أشبه بعملية إبادة مستمرة دون انقطاع.

 

تاريخ الاتهامات في الأحواز

السياسة الإيرانية كانت ترى أي بادرة ثقافية وسياسية ستكون ضد وجودها غير المشروع على أرض ليست لها. لهذا عمدت هذه السياسة في شرعنة اغتيال أي حراك ينبثق من رحم الشعب.

بداية الأمر ونظرًا لطبيعة الصراعات في ذلك الوقت كانت الانتفاضات والاعتراضات تظهر بصورة حركات قهرية ومسلحة، وكان النظام يرد على تلك الحركات بقسوة غير مبرر لها. على سبيل المثال إذا جماعة ما قامت تتصدى للجيش الإيراني في منطقة ما؛ يقوم الجيش بشطب تلك المنطقة ويقتل أهالي تلك القرى بأكملها أو جزء كبير منها. كذلك لأجل تفقير الناس كان أفراد الجيش يقضون على بقار وأغنام سكان المناطق. بعد هذه الأحداث اضطر الممناضلين إلى ترك المناطق الآهلة بالسكان واختاروا حياة متنقلة في الغابات والأهوار الأحوازية وهي أماكن جيدة للاختباء آنذاك.

الأنظمة الإيرانية المتعاقبة وظفت متغيرات إقليمية وسياسية كثيرة لأجل الاستمرار في تدمير مقومات الشعب الأحوازي، وأكبر خطر تراه هم النشطاء الثقافيين الذين يحافظون على التماسك المجتمعي في الأحواز. لذا عمدت على شطب هذه الطبقة التي تبث الوعي بين أوساط الناس.

بصورة عامة يمكن شرح تاريخ الاتهامات وتبريرات النظام الإيراني لقتل واعتقال الأحوازيين وتعذيبهم والحكم عليهم بأحكام جائرة إلى عدة اتهامات وهي كما تلي:

 

الفراري

هذا الاتهام بدأ في الأربعينيات من القرن الماضي وامتدت إلى السبعينيات، لكن أوج توظيف هذا الاتهام لاعتقال كثير من الأحوازيين وإعدامهم كان في الستينات، وهذا الاتهام لم يكن يلصق به اتهامات أخرى مثل الارتباط بجهات خارجية أو مدعوم من قوة إقليمية وما شابه ذلك بل كانوا يتعرضون إلى القتل والمحاكم العكسرية الجائرة. ومن أبرز من عُرف بين الذين التصقت بهم التسمية هو المناضل حاتم بن جعلوش المعروف باسم “حتة”. كانت الجرائد في طهران تتحدث عنه يوميًا وعن حراكه وكذلك تزايد شعبيته. وبهذا السبب بذل السافاك كل جهوده للقضاء عليه. وكذلك قبله كان شخصًا يدعى “ادعير البستان” وكذلك تعرض للمطاردة. أكثر الذين تم إلصاق هذه التسمية عليهم؛ تعرضوا للمطرادة والقتل.

 

ناصري

الناصري هي نسبة إلى الحركة القومية التابعة لجمال عبد الناصر رئيس جمهور مصر الذي كسب شهرة واسعة بين العرب بسبب الكاريزما التي كان ينعم بها وكذلك سياسته الثورية ضد الاستعمار. لكن بما أن النظام الملكي الإيراني ساءت علاقاته مع النظام المصري  وقد أخذت هذه الثورة الناصرية تغازل الإيرانيين وعموم الشعوب وكذلك الشعب الأحوازي، أخذ الاسخبارات “السافاك” آنذاك سياسة تلفيق تهم جديدة لاعتقال المناضل الأحوازي وكذلك الناشط الثقافي لتبرير تعامله الوحشي معهم وإنزال أحكام جائرة بحقهم.

الأنظمة الإيرانية سعت دائمًا أن تخلق عدوًا وهميًا في أذهان المواطنين ثم تلصق تهمة التعاون مع هذا العدو بالمعارضين والمناضلين في الأحواز. هذه التهمة بدأت مع بزوغ نجم جمال عبد الناصر واستمرت إلى وفاته. وكانت الاتهامات دائمًا تتأثر بالمتغير السياسي في المنطقة وخاصة العلاقات مع دول الجوار. ومن أبرز الذين حكم عليهم بالإعدام في هذه الآونة هم الشهداء الثلاثة؛ محي الدين آل ناصر، ودهراب، وعيسى المذخور.

 

البعثية

هذه التهمة كانت من أقسى التهم الواردة على السجين الأحوازي. عندما استولى حزب البعث على الحكم في العراق ساءت العلاقات بين النظام العراقي والإيراني، وكذلك بدأ الإعلام الإيراني بخلق عدو افتراضي آخر، وعلى هذا الأساس قام ملك إيران بتأسيس حزب “رستاخيز” والذي هو ترجمة حرفية لاسم حزب البعث التي تشكل في كل من سوريا والعراق.

الإعلان الإيراني استطاع أن يخلق أجواء عدائية تجاه النظام البعثي في العراق من خلال تحريك مشاعر الناس طائفيًا بواسطة رجال دين مأجورين، والذي يسنقلبون عليه في حين من الزمن.

النظام الإيراني كان يتخوف كثيرًا من تأثير النظام البعثي على الشعب الأحوازي، خاصة توجد حدود طبيعية ممتدة بين الجغرافية الأحوازية والعراقية. وكذلك التقارب الثقافي بين الشعبين. لذا ركز كل قوته الاستخبارية في الأحواز وحدوده مع العراق. وكان يتعامل السافاك مع بقسوة مع أي حركة أو مبادرة يشعر بخطر منها، خاصة في المدن المتاخمة مع العراق وبصورة أشد في مدينة المحمرة وعبادان والخفاجية. من أبرز الذين اغتالهم النظام بتهمة التعامل مع نظام البعث “الشيخ فيصل حريزات” والذي قامت قوات السافاك بقتل جميع أفراد أسرة الشهيد فيصل معه في بيته في قرية من قرى مدينة الخفاجية وحصل هذا قُبيل الثورة بمدة قصيرة.

 

خَلْقي

هذه التهمة طبخها رجال الدين في خضم الثورة التي أطاحت بالملكية العنصرية، وقد اعتقل الكثير من المطالبين بحق الشعب الأحوازي وحريته. لكن بما أن أعم الناس كانت غارقة في الثورة التي حركها العاطفة الجياشة لا العقلانية السياسية؛ ارتضوا هذه الاعتقالات والمحاكمات الثورية التي كانت تعض عشرات من الجسناء في خط واحد فتقوم بإصدار الحكم والتنفيذ في الوقت نفسه.

هذه التهمة حصدت أرواح كثير من النشطاء السياسيين والثقافيين وكذلك المناضلين من الأحوازيين، ولفترة غير قليلة كانت هذه التهمة السبة التي يلصقها النظام بالمعارض له أو بالشخص الذي يطالب بحقه سياسيًا وسلميًا.

لا يمكن تحديد شخصيات تم إعدامهم بسبب هذه التهمة لأن العدد كبير جدا والإعدامات كانت عشوائية ومن دون محاكمات رسمية ومسجلة. وهذه التهم لم تخترص كما السابقات من التهم بالأحوازيين فقط بل شملت كل الشعوب غير الفارسية.

 

صدّامي 

كما يتضح من التسمية أن هذا الاتهام يرتبط مباشرة بشخص صدام حسين، رئيس جمهور العراق آنذاك. هذه التهمة راجت نهاية الحرب الإيرانية-العراقية، ووحدات التعبئة التابعة للحرس الثوري كانت تشرف على هذه الأمر. وكان الإعلام يكثف في النشر ضد صدام حسين باعتباره “كافر” . فهؤلاء لا ينظرون إليه على أنه خصم سياسي بل يضفون إلى الصراع السياسي بُعدًا طائفيًا لتحريك مشاعر الناس البسطاء الغارقة في المعتقدات الطائفية التي روج لها النظام خلال عقد مضى من الحكم.

فكان الانتساب “للصدامية” يعني أنواع التعذيب ثم الإعدام، برغم أنه لا وجود لهكذا انتساب على أرض الواقع، لكن النظام كان يوظف هذا الاتهام للقضاء على الذين يطالبون بحقوق قومية للشعب الأحوازي.

النظام الإيراني وإعلامه الإيديولوجي يستفيد من المتغيرات السياسية في المنطقة للقضاء على أي حراك ينبثق من عمق الشعب. وأحيانًا يوظف ينسب اتهامات أو يربط هذه النشاطات بأنظمة أو شخصيات قد تكون مدانة في المجاميع الدولية لكي يبرر عنفه تجاه هذه النشاطات الرامية لإحقاق الحقوق المسلوبة من الشعب الأحوازي.

 

انفصالي

مع أواخر التسعينات من القرن الماضي بدأت المحاكم تعاقب النشطاء السياسيين والثقافيين باتهام النشاط الانفصالي، وكانت الأحكام جائرة جدًا، وفي الأغلب كان يصدر حكم الإعدام بحق الذين يتهمون بالانفصال والذي يرافقه هذا الاتهام اتهام آخر وهو “زعزعة الأمن القومي الإيراني” وهنا بدأ الإعلام الإيراني يربط هذه النشاطات بقوى عالمية لا إقليمية، وفي الأغلب يتم ربط هؤلاء النشطاء بدول غربية وعلى رأسهم أمريكا برغم أنه لا يوجد أي دعم حقيقي للقضية الأحوازية من هذه الدول، لكن توظيف الاختلافات السياسية مع هذه الدول وإلصاق اتهامات بالنشطاء الأحوازيين سيجد مبرره في الشارع الفارسي مادام المتهم والمحكوم هو إنسان أحوازي.

الأزمة الأخلاقية في المنظومة الثقافية الإيرانية أكثر تنكشف للمتابع عندما يرى شخصيات إيرانية/فارسية تضم صوتها مع النظام وتسمي هؤلاء النشطاء بالانفصاليين بدل المطالبيين بالاستقلال أو حق تقرير المصير. صحيح أن المصطلحين نتيجته واحدة لكن مصطلح الانفصالي في الأغلب يصدر عن شخص يرفض هذه العملية السياسية التي من حق كل شعب. وأما مصطلح استقلاليين تحمل طاقة إيجابية تجاه هذه العملية. فهذه العملية أكثر مما تكون انفصال؛ هي في الواقع استقلال شعب كان مستلبًا من أبسط حقوقه الإنسانية.

 

وهابي

هذا الاتهام تمخض بعد الاختلافات السياسية التي حدثت بين السعودية وإيران، وقد الحرس الثوري هذه الورقة الطائفية لاعتقال أي ناشط يقوم بعمل ثقافي أو سياسي في الأحواز. والمضحك المبكي من السهولة أن نجد ناشطًا تم اعتقاله وتعذيبه خلال فترات متقطعة بتهم مختلفة. مثل الصدامية والانفصالية والوهابية!! برغم أنه لا يوجد بين الاتهامات أي تجانس سياسي أو ثقافي. لكن الإعلام الذي يسير وجهات عامة الناس يبدل العدو الافتراضي. فالعدو بعد أن كان النظام العراقي في عهد صدام، فجأة أصبح الشعب العراقي الشقيق.

هذا الاتهام بدأ بعد عام 2007م إلى اليوم إلى جانب اتهام الانفصالية، وقد حوكم الكثير من النشطاء بهذه التهمة الطائفية التي غير موجودة بين الشعب الأحوازي، غير أنه كما ذُكر آنفًا أن الأنظمة الإيرانية تستفيد من المتغيرات الإقليمية والسياسية للقضاء على أي تحرك في الأحواز. وهذا التخوف ليس إلا بسبب أن الأنظمة الإيرانية تعرف جيدًا أن هذا الشعب يريد حقوقه المشروعة لكن الطبيعة الاستبدادية هي التي ترد على النضال السلمي السياسي بالنار والرصاص.

 

داعشي

يقضي العشرات من الثوار الأحوازيين ولا سيما من النشطاء السنة فترات سجن طويلة في إقليم الأحواز لمخالفتهم للنظام الإيراني وخاصة بعد احداث المنصة عام ٢٠١٨. لذلك الصق النظام عنوان الداعشي بهم لكي يتم التخلص من هولاء عن طريق السجون أو المشانق.

 

النتيجه

استخدم النظام الايراني سياسة تراكم الاتهامات المختلفة ضد نشطاء الأحواز بهدف نزع الشرعية عن مطالب الشعب الأحوازي. كما لعبت هذه الاتهامات دورًا كبيرا في تحويل قضية الأحواز إلى قضية أمنية. من ثم، أمننة قضية الأحواز منحت إيران حرية التصرف ليس بهدف استهداف النشطاء الأحوازيين فحسب بل استخدمتها للتنكيل بالشعب بأكمله. بالتالي مكنت السياسة الامنية المفروضة على المجتمع الأحوازي من قبل السلطات الإيرانية مأساة طالت لعشرة عقود.

 

بقلم رحيم حميد

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"

2 COMMENTS

Comments are closed.



error: Content is protected !!