الإثنين, ديسمبر 23, 2024
دراساتمعوقات تكوين الطبقات الاجتماعية في الأحواز

معوقات تكوين الطبقات الاجتماعية في الأحواز

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

المدخل

نريد في هذا المدخل الوجيز تحديد مفهوم الطبقة في البداية، وتعيين حدود تعريفها والحيز الدلالي الذي تشير له. ماذا تعني الطبقة وفق علم الاجتماع الحديث؟ يعرف المعجم السياسي لأكسفورد (concise Dictionary of Politics, Iain Mclen) الطبقة بأنها «تقسيم أو نظم للمجتمع على أساس الحالة أو المقام أو المرتبة». على أن هذا التعريف ممطط إلى حدود كبيرة، وبناء عليه يمكن أن تتشكل الطبقات على أسس مختلفة، قد تكون، كما يحدد التعريف، مبتنية على أساس حالة ما أو مرتبة اجتماعية ما. ولعل هذا التعريف الفضفاض هو ما حدى بروزماري كرميبتون أن تقول: «أصبح من المألوف اعتبار عدم وجود تعريف واحد «صحيح» لمفهوم الطبقة، أو أي مقياس عالمي «صحيح» له[1]».

ومهما يكن من ذلك فلقد دأبت معظم المعاجم والباحثين عند تناولهم مفهوم الطبقة بوضع تعريف عام أولي لها، ثم البَدء بالإحالة إلى آراء المفكرين الكبار الذين اشتغلوا بهذا المفهوم. ومن هنا تتم الإحالة مباشرة إلى آراء كارل ماركس بوصفه صاحب أشهر تحليل طبقي في التاريخ. لقد بنى ماركس آرائه المجتمعية على أساس طبقي، وأولى نتيجة لذلك مفهوم الطبقة اهتماما كبيرا: فعند ماركس تتشكل حركة التاريخ على أساس التغييرات التي تحدث للطبقة وعلاقتها بوسائل الإنتاج، حيث لا تتكون كل مرحلة تاريخية إلا بفعل علاقة الأفراد والجماعات بوسائل الإنتاج، ومن هذه العلاقة ينبني أسلوب إنتاج معين، هو الذي يفرز اجتماعا وثقافة وسياسة وإلخ محددة. ولقد أظهر التاريخ الأوروبي، وفق ماركس، أن المراحل التاريخية التي شهدتها أوروبا، أي أساليب الإنتاج التي مرت بها، هي عبارة عن المرحلة البدائية التي انقسم فيها الناس إلى طبقة العبيد وطبقات الأسياد، والمرحلة الإقطاعية التي صنعت الإقطاعيين والفلاحين، والمرحلة الرأس مالية التي تميزت فيها الطبقة البورجوازية عن العمال. وقد كان السبب الرئيس في التحول من مرحلة العبيد إلى الإقطاعية فالبورجوازية، هو وعي إحدى الطبقتين في كل هذه المراحل بوضعها الغير عادل، ومن ثم قيامها بعملية ثورية هدمت فيها جميع علاقات الإنتاج وما تفرزه من سياسة وأفكار ومجتمع إلخ.

ومن هنا يتبين أن تعريف الطبقة عند ماركس هي مجموعة من الأفراد تجمعهم علاقة واحدة بوسائل الإنتاج، يمرون في حياتهم الطبقية بطورين: أولهما تواجدهم الغير عالم بالطبقة التي ينتمون لها (مثلا انتماءهم للفلاحين أو الإقطاعيين، أو انتماءهم للعمال أو البورجوازيين إلخ)، وهنا يعيشون في حالة قارة لا تغيير فيها يجترُّون معاناتهم اليومية (بالنسبة للطبقة المستغلة). وثانيهما الطور الذي يكتشفون فيه حقيقة معاناتهم اليومية، فيثورن ضد أسلوب الحياة الظالم، ويبنون على أنقاضه أسلوب إنتاج ومجتمع وسياسة جديدة. يسمى ماركس الطبقة في طورها الأول بـالطبقة التي في نفسها، وفي طورها الثاني بـالطبقة التي لنفسها: وهي ثائرة تمتلك وعيا ذاتيا بجميع ظروفها الاقتصادية السياسية الاجتماعية إلخ التي تحيط بها. وسنبين فيما يلي سبب إصرارنا على ذكر هذه التفاصيل خدمة للحالة الأحوازية[2].

وإذا كان كارل ماركس قد أصر في آرائه في تحديد الطبقة على جوانبها الاقتصادية، وجعل الجوانب الاجتماعية والسياسية إلخ المتصلة بالطبقة فرعا للشأن الاقتصادي، فإن العالم ماكس فيبر لم يكتفي في تحديد مفهوم الطبقة بالجانب الاقتصادي فقط، بل بين فييبر أن تقسيم الناس في المجتمع لا يتحدد بتصنيفها على طبقات حصرا، بل هناك تقسيمات أخرى يجب إدخالها بعين الحساب لأنها حاضرة بالواقع المعيش بقوة. و«في کتابه الاقتصاد والمجتمع توقف فيبر على أشكال التجمعات التي يمكن أن نجدها في المجتمعات، وقد خصص فصلين تمهيديين للتجمعات القائمة على المصلحة المادية من جهة، والسلطة من جهة[3]» أخرى. ومن دون شرح كيفية ذلك، نكتفي هنا بأن ماكس فيبر يقر من جتهه بوسع مفهوم الطبقة، وأنه قد ينطوي على دلالات مختلفة، سوى من حيث أصل التقسيم أو من حيث المآلات التي ستنتهي بالطبقة، منها ما هو اقتصادي وما هو سياسي وحضاري بصفة عامة.

وبعد أن تبين، بالاستناد على كارل ماركس وماكس فيبر، مفهوم الطبقة بأنه يعني مجموعة من الأفراد مشتركين اقتصاديا وفكريا وإيديولوجيا، فلماذا نستخدم هنا مفهوم الطبقة لتوصيف تجمعات متقاربة في الأحواز: إن الإجابة على ذلك السؤال تكمن في عدنا هذا المفهوم من المفاهيم الحديثة والتجمعات التي تتشكل في مجتمعات العصر الصناعي الحديث فهنا تعني الطبقة «ظاهرة حديثة بامتياز. ولكن وصف الطبقة الاجتماعية بـ«الحديثة» يحمل معه الافتراض بأنها في الأساس من مميزات أنظمة الطبقية الحديثة في المجتمعات الصناعية، على عكس المجتمعات التقليدية ذات التفاوت الاجتماعي التي تتصف بمميزات يفترض أن تكون طبيعية مثل مميزات الأراضي الإقطاعية أو التراتبية الدينية، إضافة إلى الجندر والعرق.[4]».

وبهذا المعنى فإن مفهوم الطبقة سيعني ضمنيا الدعوة إلى الخروج من المجتمع القديم التي كانت الفروق فيه تعد طبيعية، إلى مجتمع حديث الفروق فيه نتيجة العمل البشري، ومن مكتسباته التي يمكن الإبقاء عليها أو إزاحتها. إن مفهوم الطبقة هنا، بعبارة أوضح، هو ثورة ضد تلك التقسيمات التقليدية القديمة في المجتمع الأحوازي، التي يعدها الكثير ممن لا يعترف بالبينات الحديثة، يعدها طبيعية يجب الحفاظ عليها. نقصد بذلك أن تشكيل الطبقات في الأحواز، سيعني إزاحة التقسيمات القديمة، سواء قبيلة كانت أو أجاويد أو محاربين أو دينا أو ما في معنى ذلك. إنها دعوة للخروج من المجتمع القديم إلى مجتمع جديد.

ولكننا إنْ تسالمنا بضرورة الخروج من القديم إلى جديد، فما المسوق أن نتسالم على الدعوة إلى تكوين مجتمع طبقي؟ وبعبارة أخرى ما هو المبرر الذي يدعو إلى استخدام مفهوم الطبقة من جهة، والدعوة إلى تقسيم الناس على طبقات من جهة أخرى. إن الإجابة عن السؤال الأخير تبدو بدهية، حيث أن اللامساواة هي حالة في المجتمعات وجميع الأفراد يسهل تصديقها في بادي الرأي. فلا يخلو تجمع إلا فيه من هو أذكى ومن أغنى ومن أجل إلخ، وهذا تلقائيا يؤدي إلى فروقات بين الناس تجعلهم مصنفين على فئات أو طبقات أو أية من هذه النعوت.

 أما الإجابة عن السؤال الأول: فهي تُستقى عما قررناه في مفهوم الطبقة عند ماركس: إننا بينا بأن الفيلسوف هذا صور الطبقة في إطار الصراع الطبقي الذي قال عنه أن محرك التاريخ، وضمن هذا الصراع أدرج مفهوم الطبقة لذاتها، أي تلك الطبقة التي يتحصل لدى أفرادها نوع من الوعي الذاتي يجعلها تثور على حالتها المزرية، وتهدم كامل التركيبة المجتمعية التي عليها بُني أساس الظلم. فهنا كأننا نلوح إلى ضرورة أخذ الطبقات في الأحواز على محمل ثوري، وأن تشكيل الطبقات الحديثة في الأحواز، بعد إزاحة التركيبة القديمة، سيعني تحصل وعي ذاتي بين أبنائها، سيفضي بهم إلى تغيير الوضع الموجود، وأن هذا الوعي من غير المستبعد أن يكتسب طابعا قوميا، بل يجب عليه ذلك.

ولكن إذا سلمنا جدلا بأن هذه الفرضية تستحق الاختبار، فما الذي يثبت وجود حالة انتقالية في المجتمع الأحوازي يدل على مرور الأحواز من القديم إلى الحديث؟ إن الإجابة على هذا السؤال قد تتحصل بسؤالات أخرى: هل نحن ما نزال نعيش بالأسلوب القديم الذي كان عليه آبائنا؟ (وهو سؤال يختص بالقيم). هل مصدرنا الاقتصادي هو الزراعة بالغالب، كما كان قديما، أم مصادر كثيرة وحديثة هنالك للدخل؟ (وهذا سؤال يختص بتغيير النمط الاقتصادي والإنتاجي عموما). كم أصبح عدد القاطنين في المدن، وكم منا يرقب في الحياة فيها؟ هل ننتمي للقبيلة حصرا أم أننا نرقب بإزالتها وصرنا نتذمر منها؟ هل ما زلنا نؤمن بالقضاء والقدر وتدخل الله في مستقبلنا؟ كل تلك أسئلة ما كنا لنضعها ولا يمكن لنا أن نفهمها لو لم نكن في طور الانتقال، نسميه هنا الانتقال من أسلوب الحياة القديم، إلى أسلوب الحياة الجديد[5].

وإذا كانت هذه الأسئلة تتعلق بالجوانب الفردية، فإن التاريخ الأحوازي قد شهد أولى التغييرات الخاصة بالتحديث في عهد رضا شاه بهلوي، حيث أفضت سياساته الاقتصادية والزراعية والدينية والتشريعية والصناعية إلخ، إلى حدوث تغييرات كبيرة في المجتمع الإيراني، والمجتمع الأحوازي تبعا لذلك، حيث يعد المؤرخين لهذه الحقبة، التغيرات هذه بأنها بداية إخراج إيران من نمط حياته القديم، وجميع البنى التي كانت في ذلك المجتمع القديم، إلى المجتمع الحديث وما نشأت فيه من بنيات وطبقات جديدة: فعلى سبيل المثال إذا كانت الطبقات الاقتصادية في المجتمع القديم تنحصر في الفلاحين والملاكين مثلا، فعند الدخول في المجتمع الحديث نشأت طبقات أخرى هي طبقة العمال وطبقة التجار الصناعيين وطبقة المتعلمين من أصحاب الياقات البيضاء وهكذا. وإذا كان التشريع قديما يحتم بإرجاع حالات النزاعات بين الأفراد إلى رجال الدين أو الشيوخ، فإن الدخول في المجتمع الجديد فرض على الأفراد أن يأتوا للمحاكم العرفية لحل النزاعات بينهم وهكذا[6].

لقد قسمت هذه الدراسة على ثلاث فقرات: أولها شرحت فيها الفئات والتجمعات الأحوازية التي يمكنها أن تتحول من تقسيمها القديم، إلى تقسيمات جديدة، وسميتها الفئات المستعدة التحول إلى طبقات؛ مستعدة لأن فيها من الخروج من القديم واكتساء طابع جديد ما يجعل استعدادها هذا قابل للرصد في أسلوب حياتها عموما. وهي ثلاث فئات رئيسة: الشيوخ والملاكين، الذي يبدو عليهم استعدادهم للتحول من مجرد شيوخ وفق النمط القديم، إلى طبقة عليا ثرية. أما المتعلمون فهم ثاني المستعدين: وأظهر سمات استعدادهم التحول إلى طبقة هو أنهم باتوا يتحدثون عن انتماءهم إلى مفاهيم أوسع من انتماءهم القديم، الذي غالبا ما كان انتماء قبليا، قد يكون انتماء إلى العربية، أو الانتماء إلى مصلحة مشتركة اقتصادية، أو ما في معنى ذلك. أما الفئة الأخيرة فهم أهل السوق حيث تمتعهم بمصدر رزق جديد: التجارة والخدمات وإلخ، جعلهم في استقلال عن النظام السياسي من جهة، وعن النمط القديم في الاقتصاد من جهة أخرى.

على أن الملاحظ في هذا التقسيم هو السكوت عن المزارعين وعدم إدراجهم في أية من هذه الصنوف فما سبب ذلك؟

يعود عدم إدراجنا للمزارعين في الفئة المستعدة للتحول إلى طبقة، إلى أنهم لم يظهروا من أنفسهم سلوكيات قابلة للرصد إلى أي الطبقات تميل، كما أن التصنيف العلم اجتماعي يمكنه جعل هذه الفئات، بالنظر إلى مستوى اقتصادها، وتشوه أفكارها وتطلعاتها في مدرج لومبن بورلتاريا. لكن هذا الاسم الأخير لا يصلح كثيرا لتصنيف هذه الفئات، بل التصنيف الأفضل لها هي أن المزارعين في الأحواز ما يزالون يعيشون على نمطهم القديم: قيميا وبنيويا وتطلعات. ولذلك فهي تجمعات تنتمي إلى العصر القديم، وبالحري هي مجموعة محاربين منتسبين لقبائل.

وبعد هذا تأتي الفقرات الأخرى والثالثة تعدد المعوقات التي مانعت من تحويل هذه الفئات إلى طبقة، وأبقتها على حالة الاستعداد فقط. وبما أن الأحواز هو مجتمع شاذ بفعل وجود الاحتلال، فمن الطبيعي أن تكون المعوقات مختلفة، منها ما هو طبيعي، ومنها ماهو شاذ. وتلك الفقرتين توضح ذلك في موضعه.

 

المجاميع الأحوازية المستعدة التحول إلى طبقة

تريد هذه الفقرة استقراء التاريخ الأحوازي الحديث؛ أي ذلك التاريخ الذي بداء منذ فرض نظام السلطة الإيراني[7] على المجتمع الأحوازي، استقرائه من وجهة نظر التحولات التي حدثت فيه في ظل تلك السلطة؛ أي إننا نريد هنا البحث في التحولات التي جرت على المجتمع الأحوازي، وكيفية زلزلة البنى القديمة التي كانت فيه. وهذا يتطلب في البداية تحديد تلك البنى القديمة التي كانت تعكس الواقع المجتمعي الأحوازي. ومن البدهي أن لا يكون التحديد للبنى القديمة هنا هو الهدف بحد ذاته، بل إنما التطرق لتك البنى يكون تطرقا عابرا ومتجاوزا بمثابة تمهيد للإحاطة بالبني البديلة الحديثة التي تشكلت منذ تاريخ فرض نظام السلطة الإيراني على الأحواز.

لقد كان المجتمع الأحوازي في بداية القرن التاسع عشر، شأنه شأن الكثير من المجتمعات المجاورة، مجتمعا زراعيا، ركيزة الاقتصاد فيه الزراعة الغير تجارية، والقليل من الصناعات اليدوية الخفيفة التي كانت متصلة اتصالا كبيرا في عملية الزراعة[8]. إن الحياة المركزية في “المجتمع القديم” كانت تتمحور حول القرية، وكانت القرى هي محل الكثافة السكانية ومدد الحياة العامة. لقد كان النظام الاقتصادي في القرى ينتظم حول الحقل الزراعي، وكان عبارة عن أرض زراعية، عادة ما تكون ملكا لشخص يدعى الشيخ، هو الذي يؤجر عدد من بني أقاربة، سواء حقيقة أو وهما، هم من يقومون بزرع الحقول. وهنا كانت تتقولب هذه الحقول على نظام زراعي قوامه العلاقة النسبية بين القوى العاملة. ولذلك يبدو هنا في الوهلة الأولى تقسيم المجتمع القروي الزراعي هذا إلى فئة عاملة وفئة مالكة، سميت في التاريخ العربي الأحوازي الشيوخ والعوام بصفة عامة؛ دون تحديد فئات بينهما أو تتوسطهما، لأن الكلام هنا تميهدي لا يراد هو بحد ذاته مثلما قلت[9].

لقد كانت هذه الصورة العامة للحياة في القرى، فيها من يملك الأرض الزراعية ويتمتع بمزايا ملكيته دون عمل. لقد كانت القرى هذه منطوية على ذاتها منعزلة عما يجاورها، حيث كان النطاق الخاص بحقل زراعين، بقواه العاملة وأصحاب الحقل المرتبطين برابط النسب، يتوفر على معظم احتياجاته ليس فيه حاجة إلى الاتصال بحيز يجاور حيزه أو يبتعد عنه إلا في حالات نادرة.

ومن هنا: من انكفاء الحياة القروية على نفسها، فإن هذه الفترة التي عنها الحديث، لم تشهد ميلاد المدينة، بل النمط الذي كان يعكس المستوى الحضاري في الأحواز إبان قيام رضا خان مؤسس نظام السلطة الإيراني، هو النمط المحصور في القرى. وإذا وجدت في هذه الفترة شبه مدن في الحياة الأحوازية، فهي ظلت شبه مدن تدور على كيان وحيد دون غيره اسمه السوق.

لقد كانت الأسواق التي تشكلت على تركيبة اجتماعية مغايرة للتركيبة السكانية الموجودة في القرى والطاغية في المشهد التاريخي لذلك العهد، هي مَعْقِد التجمع الآتي باتصالات وعلاقات خارجة عن نطاق الترابط النسبي الذي كان يحكم البنية المجتمعية الأحوازية برمتها. وكان السوق يتوفر على متطلبات الحياة الزراعية اليسيرة غير التجارية، وكان مختلفي السوق يأتونه من الأرياف المجاورة، أو البعيدة في حالات نادرة، يتحصلون على بعض المنتوجات الخاصة بالصناعة اليدوية.

على أن أكثر ما كان يميز السوق الأحوازي هو نشاط “الصبة” فيه ممن كان خارجا عن نطاق الترابط النسبي والعلقة الدينية، وكان هؤلا هم النواة الأولى المستعدة إلى تكوين فئات مدنية، لو لا ذلك الطغيان التام للعلاقات القائمة حول الحقول والمترابطة فيما بينها برابط النسب. على أن هذه الأسواق من جهتها لم تكن تستطيع إنشاء مدن خاصة بها، تأتي بعلاقات مغايرة عن العلاقات الأخرى السائدة، ذلك أنها كانت عرضة أولا وأخيرا إلى سطوة تلك الجماعة المترابطة بالنسب، أولا من حيث وقوعها في نطاق الجغرافيا التي كانت تمتلكها تلك الجماعات، وثانيا من حيث عدم تمتعها بالنظام المجتمعي ولا النظام التشريعي، فضلا عن النظام الديني الذي يحفظ لها استقرارها واستقلاليتها.

هذا من حيث القراءة المستعجلة، والجد مستعجلة للتركيبة القديمة قبيل دخول نظام السلطة البهلوي الإيراني. غير أنه بعد دخول هذا النظام، ونجاح رضا خان في تأسيس نظام سياسي في الحكم، فرض سلطة سياسية ومجتمعية على نطاق حديث أسماه إيران، جنح الملك الجديد إلى تنفيذ سياسات زبدتها الخروج بإيران من تركيبة النظام القديم، إلى تركيبة النظام الحديث الرأس مالي. ومن  هنا تزعزت البنى الاجتماعية في نطاق هذا النظام السياسي المفروض زعزعة تامة، وتم إزاحة فئات قديمة وبنى طاعنة في القدم وتم احلال طبقات وفئات جديدة غيرها.

ومن دون الدخول في تفاصيل ذلك، لأنه مشهور لدى المطلعين[10]، فإنه بالنسبة للمجتمع الأحوازي حدث الأمر ذاته، إذ تحولت التركيبة المجتمعية الأحوازية القديمة، بفعل السياسات البهلوية تحولا بينا، وظهر ذلك في تتبع تبعات تنفيذ هذه السياسات بظهور فئات وشؤون مجمعية حديثة، نعدها هنا النواة المستعدة للتحول إلى طبقة، بالمفهوم المشروح في المدخل. وبعبارة أخرى فإن ما نريد الوصول إليه هنا هو الإجابة عن هذا السؤال الذي يقول: ما هي أهم الشؤون والفئات الاجتماعية في المجتمع الأحوازي المعاصر المستعدة للتحول إلى طبقة حديثة تخرج عن التقسيم القديم المتوارث؟ وللإجابة على هذا السؤال نحدد أهم ثلاث فئات يمكن لها أن تتحول من التركيبة القديمة إلى التركيبة الحديثة المسماة الطبقة، هي أصحاب الإقطاع من الشيوخ والملاكين الكبار، الفئات الناشطة في السوق، المتعلمون.

 

  • الشيوخ وملاك الإقطاع

  لقد كانت هذه الفئة في المجتمع الأحوازي القديم فئة تستند بالدرجة الأولى على أولئك الأفراد والجماعات المنتمين لها نسبيا، ممن كان يسخرونهم من أجل تعمير أراضيهم ورعي مواشيهم والضرب بهم كل منافس. بيد أنه مع التقدم الحضاري، المتمثل في بناء المدن والزراعة التجارية وانتشار التعليم إلخ، الذي نُفذ بشكل فج في العهد البهلوي[11]، ترخم ذلك السند المجتمعي الذي كان يسمح باستمرار دورهم، ومن أجل ذلك أخذت هذه الفئات تتخلى، بوعي منها أو من دون وعي، عن ذلك الترابط القائم على النسب، وعلى السند الاقتصادي الآتي من ملكيتهم على مصدر الرزق وهو الأرض الزراعية.

إن محاولة إدخال إيران إلى الزامات العصر الحديث على يد السلطة القائمة، مهما يكن من فشلها، فإنها تركت آثار باقية على هذه الفئة. لقد فعلت هذه السياسة فعلتها بالفئات المذكورة على ثلاث مستويات: اقتصاديا، ومجتمعيا، وتشريعيا.

فعلى المستوى الاقتصادي فقدت الفئات هذه استحواذها التام على مصادر الرزق الخاص بالرعية التابعة لها في قراها، وبات في مكنة الفرد المنتمي سابقا إلى هذه المجموعة النسبية الحصول على مصارد رزق متعددة، مما تسبب بحالة غنى عن المجموعة السابقة، وشروع بداية تفكك ذلك الترابط الذي كان يغتذي من الحاجة الماسة إلى العمل على الأرض. وعلى المستوى المجتمعي فإن تفكك الاستحواذ الاقتصادي أدى مباشرة إلى حدوث تفكك في الترابط النسبي، وبالتالي إرتخاء مكانة ذلك الذب عن الحفاظ على الوحدة والنظر لها كيانا لا يمكن المس به. كما أن هذا الترابط رُمي بإمكانية أخرى هي إتاحة إقامة علاقات مع أفراد ومجموعات أخرى غير تلك المجموعة المنطوية على ذاتها، سواء على مستوى التزاوج أو على مستوى الشراكات الاقتصادية أو بناء علاقات متاحة أخرى، على حساب تلك الوحدة المنطوية على ذاتها دوما. ثم إن هذا المس بالكيان الاقتصادي والمجتمعي الداعم إلى جماعات الشيوخ أفضى تلقائيا إلى فقدانهم الدور التاريخي الذي كان لهم في فض النزاعات وتأدية دور الحكم التشريعي في نوازل الأمور والمحدثات، مما كان يجعلهم العقد الناظم في المجتمعات مما يعني فقدانه زعزعة الأمن وانعدام الاستقرار وضياع الحقوق.

على أن الأخطر في كل ذلك وما يستحق العناية هو أن بعد هذه التحولات التي باتت جماعة الشيوخ وأصحاب الإقطاع على وعي بها، أخذت هذه الجماعات تتخلى عن سندها المترابط بالنسب من جهة، والاتصال بالبعض من الشيوخ وأصحاب الإقطاع من القبائل الأخرى من جهة أخرى، لخلق سند لأنفسهم جديد هم قوامه فيما بينهم، بعيدا عن أي جماعات أخرى لا تضارعهم المكانة. وبعبارة أوضح فإن شيوخ العشائر و أصحاب الأرض بعد وعيهم بفقدان مكانتهم السابقة، اقتصاديا ومجتمعيا وتشريعيا، لجئوا إلى نظارئهم في باقي القبائل وكونوا مصالح خاصة بهم، بوصفهم شيوخ، دون غيرهم يفتدون من أجلها مصلحة باقي الفئات وإن كانت من الفئات التي تربطهم بها نسب مشترك.

ومن هذه النقطة بالتحديد نستنتج أن هذا الوعي الحادث في الشيوخ وأصحاب الإقطاع والأراضي هو ما يمكن تأويله وفهمه النواة الأولى والاستعداد المعقول لتحول هذه الفئات إلى طبقة عليا، بالمفهوم المتداول في التقسيم الطبقي في علم الاجتماع، لها شؤنها ومصالحها المجتمعية والاقتصادية والفكرية أيضا، تتطلع إلى تطلعات خاصة بها. ولا يعنينا هنا الأحكام القيمة قط، من أن هذه الطبقة قد تكون رجعية بالقيم بوصفها تعد نفسها من العلية ومن النسب الأشرف أو أي من هذه الدعوات اللاغية، بل ما يهمنا بالدرجة الأولى وما كُتبت هذه الدراسة من أجل الإشارة إليه، هو وجود استعدادات مجتمعية صريحة للتحول بالمجتمع الأحوازي من مجتمع ببنى قديمة لم تتحول منذ قرون، إلى مجتمع فيه طبقات اجتماعية مختلفة هي التي تُسير عجلة التاريح، كما أوضح كارل ماركس فيما ذكرته أعلاه.

 

  • الفئات الناشطة في السوق

لا شك أن ذلك الخروج من أسلوب الإنتاج الزراعي القديم، كما هو الحال عليه في الأحواز، إلى أساليب في الإنتاج هي خليط من الزراعة التجارية والصناعة البدائية وعرض الخدمات واقتصاد السوق إلى حدود ما، يتيح حيزا مزدوجا: أولهما الانعتاق من نمط الإنتاج القديم، وثانيهما التمتع بحرية في المردود له استقلال نسبي عن نظام الحكم القائم. وإذا كان هذا الحيز المزدوج في النظام البهلوي مثلما سنرى في فقرة لاحقة متضائل، بيد أن الجمهورية الإسلامية بإقصائها الجموع العربية القفيرة ممن يسكن المدن الأحوازية المختلفة، بإقصائها من المشاركة في النظام البيروغراطي القائم، ومنعهم من التوظيف في الدوائر الحكومية بفعل سياسة التهميش الممأسسة، فإنها بفعل كل ذلك حفزت من حيث لا تدري النشاط الحر في الأسواق، وساهمت من حيث لا تريد في تشكيل نواة متجذرة لسوق أحوازي يحتكم بمنطق الأسواق الحرة إلى حدود ملحوظة سيؤل مصيره إلى تحكيم منطق السوق والاقتصاد الحر: إنْ تركه النظام السياسي الإيراني على حركته هذه، ولم يتدخل في سيره الراهن نحو التقيد بمنطق السوق.

وصحيح أن هذا السوق الأحوازي الناشئ هو جغرافيا شبه متشرذم، بيد أنه يرتبط أوثق الارتباط بحكم الاتصال بين الطلب والعرض، وتأمين مختلف الحاجيات في السوق: أقصد بذلك حاجة البناء للنجار وبائع الديباج إلى السمكري ونحو ذلك. لا يمكن عد مختلف الجغرافيات الواقعة فيها الأسواق الأحوازية منفصلة، لأنها مرتبطة بفعل المنطق الاقتصادي ذاته: فلا يمكننا فصل سوق عبدالحميد عن سوق حي إرفيش، مثلما لا يمكننا فصل سوق شارع الأميري في عبادان عن ذلك السوق الخاص بعرض الخدمات للمسافرين الآتين من الدول الخليجية، وهكذا… حيث تتصل كلها عند دورها في تأمين حاجيات البعض، وكل ذلك في انعتاق عن نظام السلطة القائم، وفي تحرر شبه تام من الاقتصاد القديم القائم على الجماعات المنطوية على ذاتها.

طبقة العمال: والملاحظ في تكوين مختلف الطبقات الناشطة في السوق، ممن يمكن اطلاق اللفظ الشهير عليها فئات الطبقة الوسطى هو غياب طبقة العمال في الأحواز من قائمة الفئات المستعدة للتحول إلى طبقة. وفي اعتقادي أن ذلك الأمر، أي غياب الفئات العمالية، يعود إلى أمرين رئيسين: أولهما ضعف الصناعة في نظام السلطة الإيراني، ومن ثم في الأحواز، وثانيهما إلى مأسسة التهميش والطرد في النظام البيروغراطي الإيراني إلى قبيل عقد من الزمن. فإذا استثنينا العقد الأخير الذي شهد توظيفا لمختلف الفئات العربية الأحوازية في المعامل والشريكات الحكومية الكبرى نتيجة الضغط السكاني الكبير لعرب الأحواز، خاصة من قبل المتحصلين على تعليم عال ومهارات صناعية، إذا استثنيا هذا العقد، فقد كانت جميع سياسات الجهاز البيروغراطي الحكومي الإيراني تقضي بإبعاد العرب من التوظيف، وطردهم من التمتع بمزايا ذلك الجهاز، مما مانع تشكيل طبقة عمالية، من شأنها التحول بجموع الكادحين إلى طبقة عمالية واعية.

 

  • المتعلمون

 إننا لا نبالغ إن قلنا إن الأحوازيين، في العقود الثلاث الأخيرة، سجلوا طفرة نوعية في التقدم الدراسي والتعليم المهني، سواء في المدارس أو المعاهد أو الجماعات. وفي ظل غياب احصائيات في ذلك فإن الكلام سيكون عن انطباعات تكتسب موثوقيتها من أنها مشتركة بين عدد كبير من أفراد هذا المجتمع. ويروي المجتمع الأحوازي سواء في العاصمة أو المدن الرئيسة، وحتى القرى، أنه نادرا ما يخلوا بيت من متخرج جامعيا. وصحيح أن هذه الفئات ليس كلها على درجة واحدة من الدخل والرؤى والتطلعات المستقبلية، بيد أن مشتركاتهم أكثر من اختلافاتهم. وهذه الفئات هي بَرك الطبقة الوسطى، وهي المعول في التقدم. ولقد ألقيت بحكم اللحظة التاريخية الشاذة التي يمر بها الشعب على هذه الفئات مسؤليات جسيمة تاريخية وهووية وسياسية، فضلا عن المسؤليات المجتمعية والأخلاقية، للخروج من هذه الحالة الشاذة التي قوامها الاحتلال إلى حالة التحرير وصناعة التاريخ أي صناعة القطر القومي العربي الأحوازي[12].

إن أول ما تتميز به هذه الفئات هي أنها على انعتاق يكاد يكون تاما من البنى والانتماءات القديمة المتوارثة في المجتمع الأحوازي، لأنها استطاعت الدخول إلى العصر الحديث بحكم واقع تعليمها، فضلا عن الكينونة في العصر الحديث التي تعصف به العولمة بما فيها من سرعة الاتصالات وثورة المعلومات، وما تحمله معها من قيم جديدة ورؤى مباينة لكل تلك الرؤى القديمة، يجعلها تصطنع انسانا يتوائم مع مقتضياتها الراهنة.

ولكن من جهة أخرى وبعيدا إلى حين عن التحولات العالمية الراهنة، فإن انعتاق هذه الفئات عن البنى القديمة العربية الخاصة بالتاريخ الأحوازي ومجتمعه، فإنها سرعان ما جعلها تلفي نفسها أمام ذلك المجتمع الفارسي المتغلب، ومن هذه النقطة بالذات، من نقطة الخروج من الموروث القديم ومحايثة المصنوع الحديث الفارسي بالمجمل، محايثة يومية في حياة المتعلم الأحوازي، انفصمت هذه الفئات على نفسها، مما أمكننا رصد ثلاث فئات متعلمة أحوازية في الوقت الراهن: ألف) المتعلمون القوميون وب) المتفرسون وج) المذبذبون.

ففي الفئة الأولى التي تحصلت على أعلى درجات الوعي الذاتي التاريخي تدور الحياة على سؤال الفعل ماذا يكون؟ وكيفية السبيل إلى الخروج عن اللحظة التاريخية الراهنة واصطناع لحظة تاريخية أخرى حديثة وقومية بالضرورة قوامها الديمغراطية والاقتصاد السليم إلخ. وتجد هذه الفئات نفسها مثقلة بقضيتين: أولهما قضايا النظام السياسي الإيراني الراهن وما يعاني منه من مختلف الأزمات، وثانيهما القضايا الخاصة بالمجتمع الأحوازي وما يعاني منه من تمتع المورث القديم وبناه من ديمومة وقوة، وانطواء فئات الشعب على نفسها والانهماك بقضايا لا تعكس التطلعات الخاصة بهم. وهذه الفئات مستعدة جدا إلى التحول من مجرد نواة متحصلة على تعليم عال إلى طبقة المثقفين التي في مكنتها التنظير والتأريخ واصطناع إيديولوجيات مختلفة إلخ تنتمي إلى طبقات المثقفين كما هو الشأن في البلدان الأخرى.

أما الفئة الأخرى فهي على نقيض تلك الأولى وهي متكونة ممن انسلخ عن عربيته وقوميته، ووقع فريسة في فكي سياسة التفريس التي يتبعها نظام السلطة القائم. وهنا تتسربل السلطة الفارسية في جميع مسامات الثقافة والمجتمع والهوية الأحوازية محاولة اصطياد هؤلاء وانتزاعهم عن عربيتهم، وانكار القومية الخاصة بهم، عملا بمقضتى سياسة صناعة الأمة الفارسية المتبعة من جميع الحكومات الإيرانية[13]. وعادة ما تكون هذه الفئات من أولئك الذين طالت فترة مدنيتهم وتوغلهم في الحياة المدنية، خاصة تلك الفئة التي تحصلت على تعيينات في النظام البيروغراطي الإيراني، وعاشرت نتيجة لذلك جموع الفرس وأخذت عنهم ثقافتهم ولغتهم، وقلدتهم في جميع مناحي حياتهم حتى حدى الأمر بها إلى الإنصهار الكبير فيهم، والإنصهار التام لإبنائهم من الأجيال تعاقبت بينهم.

وإذا كانت الفئة الأولى والأخرى من الأقلية في المتعلمين، فإن الفئة الثالثة المذبذية هم السواد الأعظم في فئات المتعلمين، وهم عادة ما يعانون من غموض في رؤاهم وانعدام المقاصد والتطلعات البينة فيهم، ولذلك نراهم هو وقود الأحداث وطوارئ الأمور، يميلون دعما إلى القوميين تارة ويناصرون القاضايا العربية، ويساندون تارة أخرى السياسات الفارسية، ويدعمون تلك الفئات من الناشطين العرب الداعمين إلى ضرورة الاندماج في المجتمع الإيراني والتخلي عن التطلعات التي تجرمها السلطات الإيرانية الفارسية. وإذا كانت المواقف السياسية الصادرة عن هؤلاء هي على ما وصفت فإن انتمائهم القومي، وما يتصل به من الحفاظ على العروبة ثقافة ولغة وتمظهرا إلخ، هو الآخر مرتاب يشتد طورا وطورا آخر يترخم[14].

 

المعوقات الطبيعية أمام تكوين الطبقات المجتمعية في الأحواز

تبين من الفقرة الأولى أن دخول المجتمع الأحوازي في التركيبة الحديثة، مجتمعيا واقتصاديا وفكريا إلخ، خلل النظام المتوراث القديم والبنى المجتمعية فيه، وجعل فئات من الشعب الأحوازي تستعد استعدادا قريبا للانتزاع من التصنيف المجتمعي القديم، سوءا قبيلة أو شيوخ وعوام أو غيرها، واكتساء تصينف جديد، حددناه في ثلاث: ما يمكن إطلاق الطبقة العلية عليه من ذوي الدخل والمكانة الرفيعة، وطبقات السوق التي قوامها من الناشطين في التجارة والخدمات مما هي الزامات الاقتصاد الحديث المتنوع المصادر والمهن إلخ، والطبقة المتعلمة التي بالرغم من تنوعها تشترك في أنها طبقة وسيطة تطلعاتها تصب في مصب الحياة الحديثة.

لكن كلامنا هنا سيدور حول الأسباب التي أعاقت عملية تحول تلك الفئات إلى طبقات محددة، مميزة عن باقي الطبقات، تحيى في مجتمع حديث يتيح لها أقصى إمكانيات النشاط، فضلا عن اعترافها بها، وتقديم سند قانوني تشريعي لتأطير كيانها والحفاظ على استقلاليتها من المساس.

ونحدد هنا أهم المعوقات أمام تكوين الطبقات في الأحواز في ثلاث، هي القبيلة، والدين والنظام الزراعي البدائي، بوصفها معوقات طبيعية خارجة عن سير التاريخ الأحوازي بذاته، وطبيعة المجتمع الأحوازي في صيرورتها ومختلف فئاته. لكن بما أن الأحواز كما ذكرت في جميع ما كتبت تعاني من مجتمع شاذ ووضع غريب إثر وجود الاحتلال، فإنه من الطبيعي تماما أن تكون هناك معوقات أخرى جائية من خارج الطبيعة التاريخية والمجتمعية الأحوازية، وبالتالي فهي معوقات غير طبيعية، أجملتها هي الأخرى في موضعها في الفقرة الثالثة.

 

أهم المعوقات الطبيعية التي مانعت تكوين الطبقات في الأحواز

  • القبيلة:

    تنتمي القبيلة إلى تركيبة المجتمعات الواقعة في ما قبل الرأس مالية، وهي بنية من أقدم البنى الطاعنة في المجتمعات العربية عموما والمجتمع الأحوازي كذلك، ذلك أن “للعرب تراثا قبليا تاريخيا عريقا جعلهم يتميزون بإضفاء معاني ودلالات على هذا المصطلح”[15]. وهذا القدم يدل دلالة صريحة على توطيدها وتجذرها مما يجعل الكلام عن إزاحتها كلاما خطيرا يكاد يكون تعسفيا إنْ لم يقدم على عرض تبريرات وثيقة لذلك. إن استمرار القبيلة في الوجود، ونجاحها في الحفاظ على جميع سندها يكمن من جهة في بقاء تلاحمها الجواني، وفشل شبه البنى والدوائر الحديثة في مزاحمتها وعرض بديل يفوقها من جهة أخرى.

على إننا إنْ نظرنا إلى أي السبيين تأثيرا في بقاء القبيلة، فإننا نميل إلى فشل الدوائر الحديثة في عرض بديل كأكثرهما تأثيرا. فإذا نظرنا إلى النظام الأمني في الأحواز وجدنا تفوق القبيلة في عرض الأمن وضمان الرادع أكثر من تأثير نظام السلطة الإيراني بجميع أذرعه الشرطية والإستخبارية. ثم إذا نظرنا إلى النظم التشريعية في المحاكم الحديثة وجدنا سرعة فض النزاع تكون لصالح القبيلة، مقارنة بتعقيدات المحاكم القائمة. وكل ذلك، والأمثلة في ذلك كثيرة، يصب لصالح تمتع القبيلة بالحفاظ على كيانها، إلى جانب تقديم السند المتعدد الأوجه لمن ينتمي لها، ويحدد ذاتها فيها.

ولعل أوضح سمات القوة في القبيلة هو أن بالرغم من اندثار الأساس الاقتصادي لها، وزعزعة حاضرتها في القرى، تبقت على قوتها، وتمارس تأثيرها عبر آلتين رئيستين: أولا عبر المنظومة القيمية التي لها، وثانيا عبر التحامها المتمثل في سلامة نسبها. ففي المنظومة القيمية يتصرف الأفراد بمقايسة أنفسهم معها، وجعل المنظومة هذه مثالا أعلى تزن التصرفات بها. وفي الحفاظ على الانتساب إلى جد واحد تتمظهر تلك الحاجة إلى التحديد الهووي، والرجوع إلى طمأنة الانتساب الدال على عراقة الفرد والجماعة معا.

  • الدين

    : إن مفعول الدين بوصفه أحد المعوقات أمام تكوين الطبقات في الأحواز يضارع مفعول القبيلة ذاته. إذ أن النظام الديني له من المنظومة التشريعية والرصيد الإيماني ما به يناهض تماما التكوين الحديث والعالم الحديث. فهو هنا لا يعترف بمنطق السوق، على سبيل المثال، ويعارض دون أي عرض بديل، منطق التكويم الرأس مالي، تارة عبر الأمر بالزكاة، وفي الحالة الشيعية الخمس، وتارة عبر تحفيز منظومته الإيمانية على نبذ الدنيا والحث على التحرر من حطامها. إن وجود الدين الإسلامي لا يحتاج المضي بعيدا في عده معوقا أمام سير المجتمع نحو الحداثة، لأنه قضية ابتليت بها جميع البلدان العربية التي يقف فيها الإسلام، والجماعات التي تنادي الدعوة لمناصرته، يقف منافسا لعرض مجتمع واقتصاد وحضارة مغايرة للعصر والوضع اليوم[16].

على أن الإسلام في جوفه يحمل طبقات خاصة به، تتمظهر أكثر ما تتمظهر في التراتب الديني الذي يقام بين أصحاب المرجعيات الدينية، ثم المجتهدون، والطلاب العوام، متعاليين كلهم عن عامة الناس. ويظهر في المجتمع الأحوازي تعارضا بينا فيما بين الدين والقبيلة حول قضية جد هامة، هي قضية التشريع. فبينما يؤدي رجال الدين عادة الدور التشريعي في معظم البلاد الإسلامية، فإن ذلك الدور في المجتمع القبلي هو حكرا بيد الشيوخ، لا يسمحون لرجال الدين مزاحمتهم فيه. على أن رجال الدين من جهتهم يكتفون بدل ذلك بنيل التجلة من مختلف فئات المجتمع، وحصاد الضرائب الدينية التي تأتيهم من نذور وغيرها من الوجوهات.  

  • النظام الزراعي

    : ولعل من أولى التأثيرت التي تركها الإسلام بخصوص النظام الزراعي الأحوازي الذي آل إلى الاندثار في الوقت الراهن، هو طريقة الإسلام في تقسيم الفرائض والمواريث بين الأبناء. فخلافا للنظام الإقطاعي الأوروبي الذي كان الأب الأكبر يرث أباه حصرا دون باقي الأبناء، هنا ينقسم الإرث الخاص بالأب بين الأبناء والبنات معا، مما يساهم في توزيع مصادر الدخل، وبالتالي ممانعة تكوين طبقات تمتلك الأراضي الشاسعة مما يمكنها تشكيل طبقات العلية. وفي هذه الحالة التي تنقسم الأرض الزراعية إلى أكثر من فرد، تجعل الزراعة لا تنتج فائض، مما يساهم في انعدام الادخار لدى الأفراد، والاستمرار في حالة الكد من أجل العيش لا من أجل العرض.

ومن أحدث المعطيات الراهنة في حياة المجتمع الأحوازي فإنه يعود إلى سياسات الجمهورية الإسلامية في تجفيف المياه التي تصب في الأهوار والأنهر الأحوازية، مما جعل المزارعين الأحوازيين يفقدون مصادر رزقهم، وبالتالي لجوئهم إلى المدن المجاورة لهم محاولة منهم للحصول على مصدر رزق. وهذا بالتحديد هو ما يجعل المزارع أمام مختلف التغلبات التي قد تعصف به من جراء دخوله إلى نمط جديد من الحياة، يغاير ذلك الذي اعتاده. وتشير الكثير من الدراسات التنموية إلى أن هذه الجموع الفلاحية قد تكون لقمة سائعة لمختلف الأفكار المتشددة التي قد تفتك بالمجتمع ومختلف الفئات المدنية[17].

 

المعوقات غير الطبيعية  أمام تكوين الطبقات في المجتمع الأحوازي

إذا كانت القبيلة والتشيع والنظام الزراعي تبعا له من أهم المعوقات الطبيعية في تكون الطبقات في الأحواز، لأنها مولودة عم رحم تاريخه، وملازمة للمجتمع ذاك ملازمة الطبع، فإن حدوث تلك اللحظة التاريخية التي مكنت قومية من احتلال قومية أخرى مناهضة لها ضعيفة أمامها، أضاف تلك المعوقات معوقات مضاعفة جديدة، مغايرة تماما لواقع هذا المجتمع، ومن ثم فإنها عبثت فيه وجعلته مرتبكا إلى حدود بعيدة.

لا شك أن نظام السلطة الذي فرضته السلسة البهلوية له أهدافه ومقتضاه الحضاري الخاص به، ومن أجل ذلك فإن معظم السياسات التي نفذها لم تكن تختص بهذا المجتمع، وكان فرضها وإمضائها يعني ارباكه والخروج به من سيره الطبيعي. ومهما يكن من أمر هذه اللحظة التاريخة المستمرة إلى اليوم، فإن أهم المعوقات الخارجية غير الطبيعة الآتية كمعوق أمام تكوين الطبقات هي الآتي:

  • العبث في الاقتصاد

    : إن أولى التبعات المجتمعية في السياسات البهلوية التي صنفناها من صنف المعوقات غير الطبعية، هي تلك السياسات الكبرى التي عبثت في الاقتصاد الأحوازي وفرضت عليه واقعا لم يكن يلائم واقعه وصيرورته. لقد أمضى الملك البهلوي الأول سياسة اقتصادية صناعية من جهة قضت بتوسيع المدن، وبالتالي جعلها مجاميع متسلطة على القرى، في الدخل وفي الحصول على المحاصيل الزراعية، فضلا عن مزاحمتها قيميا للمنظومة الأخلاقية القروية التي أخذت منذ ذلك الحين تستشعر الدونية أمام المدني القاطن في المدن، كما قام هو بالعبث في الزراعة عبر سلب ملكية الأراضي الكبيرة والخصبة من أصحابها، واستحواذه هو عليها أو منحها لحاشيته من المستوطنين من جهة أخرى. ثم بعد ذلك أتى الملك محمدرضا بهلوي وأقدم على سياسة الإصلاح الزراعي هي الأخرى شرذمت الجموع القروية، وجعلت الأراضي التي بحوزتهم لا تكفي لسداد حاجاتهم. فلقد أشار المؤرخ الإيراني إبراهاميان أن طريقة التقسيم الزراعي التي نفذها محمدرضا شاه أظهرت وقوع 7 هكتار من الأراضي الزراعية لكل أسرة، بينما المعطيات في الفترة تلك كلها كانت تشير إلى أن الحد الأدنى من الأراضي المطلوب لسداد احتياجات الأسرة كان يفوق عشرة هكتار[18].

وإلى جانب العبث بالنظام الزراعي وترك الفلاحين في مسغبة من حياتهم، فإن تتبع السياسة الصناعية تظهر هي من جهتها حجم الأضرار الناتجة عن ذلك. فبعد رمي جماعات الفلاحين يجتهدون في الحصول على مصدر رزق غير الفلاحة، لم تعمد الحكومة الإيرانية في ضمهم إلى الطبقة العمالية الناشئة. بل إننا إذا نظرنا إلى صناعة النفط التي كان مقرها في مدينة عبادان، وجدنا أن معظم العمال والموظفين العاملين في هذه الصناعة من غير العرب من أبناء هذه المناطق، بل ظلت هذه الصناعة بعيدا عنهم لا يعرفون عنها شيئا؛ خاصة أن نظام السلطة قد بنى مدنا ومستوطنات خاصة بهؤلاء العاملين في الصناعة هذه أبعدهم تماما عن سكان المنطقة هذه.

ثم عندما أراد النظام الإيراني، بفعل تغيير الواقع وزيادة الجمعية السكانية للعرب في الأحواز وتحصلهم على تعليم مطلوب اجتذابهم إلى النظام البيروغراطي في النظام السياسي، فإنه سرعان ما رماهم بعملية التفريس تلك وفرض نمط خاص من الحياة عليهم، يقيدهم من النشاط الفردي فضلا عن النشاط الجمعي أو القومي. ومن هنا عمل الجهاز البيروغراطي الإيراني على استحالة الذوات الفردية الأحوازية عبر عملية المراقبة والترهيب الجارية فيه.

  • عمل حزب توده

على أن الإصرار على عدم تكوين طبقة عمال عربية لم يكن خاصا بنظام السلطة الإيراني فحسب، بل إن الاحزاب الإيرانية أيضا كانت لها قناعة مماثلة. فإذا أخذنا عمل حزب توده كأكبر الأحزاب في التاريخ الإيراني هيكلا ونشاطا، والحزب الذي لا تسمح منظومته اليسارية بتبني القومية الفارسية، وجدناه هو الآخر مساهما في تلك العملية، إذ لم يدرج يوما في مطالبته إدخال “الجماهير العربية” في صناعة النفط الذي كان يتحكم بها في عبادان بنقابته التي ما فتأت تتحكم بإستخراج النفط الأحوازي عبر الإضراب والمطالبات العمالية المختلفة. فهنا نجد هذا الحزب على نقيض من الشعب الأحوازي، حتى جعلت تلك المعاداة خاتمة حياته بيد الأمة العربية، والنهضة التي خرجت ضده إبان العام 1325 هـ.ش، فختمت نشاطه في عبادان.

  • الدور البهلوي في تعزيز القبيلة عبر سياسة ضربها ببعض

وهنا نجد نوعا آخر من المعوقات يظهر في تعزيز الحاجة إلى القبيلة للدفاع، مصدره هذه المرة نظام السلطة القائمة على الأحواز، إذا نجد أن سياسة النظام البهلوي كانت تقضي بمعاداة القبيلة، واستغلالها كأحد القنوات الرئيسة لجريان سياسة فرق تسد. لقد شهد التاريخ الأحوازي استخدام القبائل العربية في ضرب بعضها من أجل جعل المجتمع العربي مجتمعا متشرذما ضعيفا لا يسمح بتقديم الممهدات التي تسمح الرقي به من مجرد مجموعات قبلية إلى مجتمع تربطه سمات حضارية كبيرة، من جهة، ولتجذير الحاجة إلى القبيلة في نفوس الأفراد الذين ما فتأوا حتى وجدوا أنفسهم متصارعين مع القبيلة العربية الأخرى التي كانت تجاورهم، في غياب تام للسلطة وأذرعها التنفيذية الأمنية. وقد لعبت القبيلة للنظام البهلوي الذي كان يعاني من جيش ضعيف ومواصلات غير معبدة، دور اليد الضاربة له من بعيد، دون أن يضطر إلى التدخل المباشر في المناطق التي كانت تبتعد عنه.

  • دور الجمهورية الإسلامية في تعزيز القبيلة عبر التقليدية

على أنه إذا كانت علاقة القبيلة بنظام السلطة الإيراني علاقة استغلال وتضارب، كان عهد الجمهورية الإسلامية بمثابة تصالح فيما بين القبيلة والجمهورية الإسلامية، عبر التقائهما في التقليدية. لقد كانت القبيلة في العهد البهلوي تستغل من جانب السلطة الإيرانية في إطار سياسة فرق تسد، مثلما قلت، تُقْدم فيها السلطة الإيرانية على ضرب القبائل ببعضها اتقاء لشرها، ممانعة بذلك من تشكيل مجتمع عربي موحد وأمة عربية تتوخى قيام سلطة خاصة بها. بيد أنه في مقابل ذلك كان حلول عهد الجمهورية الإسلامي قد صالح القبيلة وتماهى معها، عبر التقليدية التي كانت تحتمي بالاثنين معا: بالقبيلة السائدة في الأحواز، والسلطة الدينية القائمة على الدولة. لقد التقت القبيلة ملتقى تصالح مع الجمهورية الإسلامية في التقليدية، المتجلية في الأبوية، والقول بالنظام التسلسلي التراتبي، على حساب الفرد، والاحتفاء بالمذهب، وتقديس الأسرة[19].

 

الاستنتاج

لقد بدأت الدارسة هذه في الفقرة الأولى بالقول بأن دخول المجتمع الأحوازي في التركيبة الحديثة، مجتمعيا واقتصاديا وفكريا إلخ، خلل النظام المتوارث القديم والبنى المجتمعية فيه، وجعل فئات من الشعب الأحوازي تستعد استعدادا قريبا للانتزاع من التصنيف المجتمعي القديم، سواء قبيلة أو شيوخ وعوام أو غيرها، بالتزامن مع حصولها على تصنيف جديد حددته الفقرة ذاتها في ثلاث: ما يمكن إطلاق الطبقة العلية عليه من ذوي الدخل والمكانة الرفيعة، وطبقات السوق التي قوامها من الناشطين في التجارة والخدمات مما هي الزامات الاقتصاد الحديث المتنوع المصادر والمهن إلخ، والطبقة المتعلمة التي بالرغم من تنوعها تشترك في أنها طبقة وسيطة تطلعاتها تصب في مصب الحياة الحديثة.

وحددت الفقرة الأخرى أهم المعوقات أمام تكوين الطبقات في الأحواز في ثلاث، هي القبيلة، والدين والنظام الزراعي البدائي، بوصفها معوقات طبيعية خارجة عن سير التاريخ الأحوازي بذاته، وطبيعة المجتمع الأحوازي في صيرورتها ومختلف فئاته.

ولكن بما أن الأحواز تعاني من مجتمع شاذ إثر وجود الاحتلال، فإنه من الطبيعي تماما أن تكون هناك معوقات أخرى دخلت عليه من خارج الطبيعة التاريخية والمجتمعية الأحوازية، وبالتالي فهي معوقات غير طبيعية، أجملتها في السياسة الاقتصادية في عهد البهلوية والجمهورية الإسلامية، والسياسة البهلوية القاضية بدعم القبيلة عبر ضربها ببعض، وأخيرا سياسة الجمهورية الإسلامية المتقاطعة مع القبيلة في التقليدية.

 

بقلم ميثاق محمد

 

 

المصادر

[1] .روزماري كرمبتون، الطبقات والتراصف الطبقي، ترجمو محمود عثمان حداد وغسان رملاوي، المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، بيروت 2010، ص40.

[2] . لقد استندت هنا في عرضي لوجيز آراء ماركس على الكتاب التالي الذي يعود لأحد كبار مفسري الفلسفة الماركسية: [2] .Allen Wood, Karl Marx, 2 nd ed, Routledge 2004.

[3] . يانيك لوميل، الطبقات الاجتماعية، ترجمة جورجيت الحداد، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الأولى2008، ص29.

[4] . كرمبتون، المصدر ذاته، ص45.

[5] راجع في كل ذلك الكتاب الكلاسيك هذا: Daniel Lerner, The Passing of Traditional Society: Modernizing the Middle East, London, Collier Macmillan limited, 1985.

[6] . راجع حول إخراج إيران من المجتمعات ما قبل الصناعية إلى المجتمعات النصاعية هذا الكتاب: Ervand Abrahamian, Iran between Tow Revolution.

[7] . نقترح استخدام هذا الاسم المركب لـ”إيران” بدل “الدولة الإيرانية” التي هي ليست بدولة وفق تحديد علم السياسة الأكاديمي لها، نتيجة لفساد الأسس التي أقيم عليه هذا النظام، كما أن هذا الاسم يظهر ما قامت عليه “الدولة” المزعومة هذه من قهر عار.

[8] .Ann Lambton, Landlord and Peasant in Persia: A study of Land Tenure and Land Revenue Administration, Oxford University Press1953.

[9] . يرواند ابراهاميان، مقالاتي در جامعه شناسي سياسي ايران، ترجمه سهيلا ترابي فارسياني، نشر مركز 1390.

[10] . راجع في ذلك مثلا:  Ervand Abrahamian, Iran between Tow Revolution.

[11]. Homa Katouzian, The political Economy of Modern Iran: Despotism and Pseudomodernism, 1926-1979.

[12] . راجع آراء ياسين الحافظ في الأقطار العربية وضرورة الوحدة فيما بينها في: ياسين الحافظ، الأعمال الكاملة لياسين حافظ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2018.

[13] . Richard Cottam, Nationalism in Iran, 1975.

[14] . راجع جميع ما ورد في فقرة المثقفين في: تحولات الطبقة الوسطى في الوطن العربي، أحمد موسى بدوي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2013.

[15] . محمد نجيب بوطالب، الظواهر القبلية والجهوية في المجتمع العربي المعاصر: دراسة مقارنة للثورتين التونسية والليبية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت 2012.

[16]. أنظر في ذلك: على أومليل، في التراث والتجاوز، المركز الثقافي العربي، بيروت عدة طبعات.

[17] . تجمع الكثير من الدراسات التي تناولت موضوع ظهور الفاشية في ألمانيا على أن مساندة هذه الأفكار جاءت من الفلاحين الذين فقدوا عالمهم المألوف جراء التصنيع الذي حدث في ألمانيا، وأصبحوا وقودا للنازية هروبا من فقدانهم المألوف. أنظر في ذلك تحليل هنه أرندت في كتابها جذور السلطوية.

[18] . إبراهاميان، المصدر ذاته.

[19] . راجع دراسة: موضع القبيلة في القضية الأحوازية، قبول بالعرض ومناهضة بالذات، معهد الحوار للأبحاث والدراسات.

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!