السبت, نوفمبر 23, 2024
مقالاتهور الدورق-الفلاحیه في  إقليم الاحواز : أسباب الجفاف، والمخاطر الناتجة عن تدميره

هور الدورق-الفلاحیه في  إقليم الاحواز : أسباب الجفاف، والمخاطر الناتجة عن تدميره

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

المقدمة

لقد تكون مند قرون طاعنة في القدم هور الدورق  في إقليم الاحواز، وعلى حاشيته تكونت الحضارات الاحوازیه الضاربة في التاريخ؛ حيث ظل هذا الهور يغذي المواطنين الأحوازيين، ويفيض بخيراته على أهل الأحواز. بيد أن هذا التاريخ من القدم لم يمنع آلة التدمير الإيرانية من  العبث  بهذا الهور وأهله، حتى أصبحت طبيعته معرضة إلى الدمار النهائي جراء السياسات الإيرانية، التي سنشير إلى جانب منها في هذا التقرير. سياسات منفلتة غير علمية ولا مسؤلة، أتت على هذا الهور فجففته، حتى أصبح يقال على وسائل الإعلام الإيرانية ذاتها، والمسؤلين الإيرانيين أنفسهم، بأن 70 بالمئة من هور الدورق قد دُمر، أو دمرته الحكومات المتعاقبة، وسيكون مصيره الدمار المحتوم إنْ لم تتوقف آلة الدمار هذه. وإذا ما أردنا نحن فعلا استشعار طابع السياسة الإيرانية تجاه هذا الهور، والبيئة عموما، يكفينا أن نذكر بقرار السلطات الإيرانية تخصيص مساحة من هور الفلاحية المجفف لبناء سجن عام؛ قرار يصدم، بكل تأكيد، كل من يسمع مثل هذه التصرفات الهمجية.

يعد «هور الدورق» أو «هور الفلاحية» من أكبر الأهوار في العالم، بمساحة تقدر بأكثر من 500 ألف هكتار، ما جعله خامس الأهوار عالميا، قبل السياسات التي أفضت إلى تقليص مساحته وتجفيفه، بعد أن كان هورا يتحد في هور الحویزه ليشكلا معا هورا مترامي الأطراف، ومنزلا لتنوع بحري وبري تعيش فيه حيوانات وطيور متنوعة ثراءها ينبع من كثرة أنواعها.

ويبعد الهور الدورق عن الأحواز العاصمة 40 كيلومترا، لينحد بمدينة عبادان والفلاحية وخور موسى. هذا وقد حدد المؤتمر العالمي الذي عقد في إيران في العام 1971، كل من هور الدورق و«خور موسى» و«خور الأمية» بأنها المناطق التي تسمى هور الفلاحية أو الدورق . ومن أبرز ما يتميز به هذا الهور هو وجود المياه العذبة، المتدفقة من نهر كارون والجرحي، إلى جانب المياه المالحة الجارية من الخليج العربي؛ وهو ما أضاف طبيعة لمياه الهور جعلتها تضم تنوع سمكي متنوع وكائنات بحرية هائلة، وثدييات فريدة، لعل أكثرها شهرة الدلفين الدورقية  والفلامينكو. على أن بعض التقارير الحكومية الإيرانية التي تناولت التعدد الحيواني في هور الفلاحية تصرح بأن هذا التنوع يبلغ 311 فصيلا حيوانيا قابلا للرصد، دون الفصايل التي لم يتم تحديد نوعها لغاية الآن.

ويتكون هور الدورق من المياه المتدفقة من نهر الجراحي، وهو الشريان المائي الرئيسي له؛ حيث يقدر معدل المياه المتدفقة من نهر الجراحي، الممتد إلى أكثر من 600 كيلومتر، بـ3.2 مليار قدم مكعب؛ معدل يترواح من 4 إلى 6 مليار قدم مكعب سنويا. ولكن إلى جانب نهر الجراحي، يمد نهر كارون الهور هذا أيضا، بتدفقه الطبيعي البالغ 3000 قدم مكعب في الثانية، وعبر ممرين مائيين قديمين، منهما تدفق المياه من كارون لتصب فيه أيام فيضان تدفقات النهر، وهما  ممر المالح، وممر البحرة؛ حيث يبلغ حجم المياه المتدفقة من ممر البحرة 200 قدم مكعب في الثانية . وعلى العموم يمكن القول أن 90 بالمئة من مياه الهور فهي تأتي من نهر الجراحي، و10 بالمئة من نهر كارون. وبالإضافة إلى ذلك يغتذي الهور أيضا من مياه منطقة «كوبال Kopal» الإيرانية، بنسبة تقريبية تصل إلى 50 مليون قدم مكعب سنويا.

 

العوامل المفضية لجفاف الهور

لقد تعالت أصوات التحذير من قتل هور الدورق، رسميا وأول مرة، عن أفواه المسؤلين الإيرانيين أنفسهم، عند ما صرح مسؤل إيراني باحتضار الهور بجفاف 80 بالمئة منه. وعلى العموم هناك أسباب أربع تقف على رأس العوامل المفضية لجفاف الهور فدماره هي: سياسة بناء السدود المستمرة، وقصب السكر وتبعاتها التي لا تكاد تُحصى على الإنسان وتلوث الهواء ودمار المياه وملوحة الأرض إلخ (وقد تناول معهد الحوار قصب السكر في دراسات وتقارير سابقة)، والنفايات الصناعية، لشركات الصلب والبتروكيماويات، وإفراغ مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة والنفايات البلدية في الهور.

  • سياسة بناء السدود: لقد عمد النظام الإيراني إلى الرأس، إلى مصادر مياه هور الفلاحية، ونهر الجراحي، فوضع عليها سدودا كبيرة، مانع من خلالها تدفق المياه إلى الجراجي ثم هور الدورق من الرأس والأساس؛ وعلى رأس هذه السدود هي مارون وكتوند وكارون والكرخة . وعلى الرغم من هذا الحجم المهول من السدود التي حولت وادي الأحواز إلى منطقة قاحلة، فإن أهم سد سيكون القاصمة بالنسبة لهور الدورق فهو سد مارون الذي سيؤدي تدشين مرحلته الثانية والثالثة الى تجفيف الهور بنسبة قد تصل إلى 97 بالمئة، أي قتل الهور نهائيا. وذلك أن سد مارون البالغ حجمه مليار و500 قدم مكعب، وسد «كره» بحوالي تخزين يصل 400 مليون قدم مكعب، وباقي السدود الصغيرة والكبيرة لم تترك مياها بعد تتدفق نحو الهور هذا. وهذه سياسة باتت معروفة اليوم، بعد أن بات الأحواز أكبر معقل للسدود الإيرانية التي وضعت على رأس كل مصدر مياه، في جبل أو سهل أو نهر، يمر من الأحواز ويمده بالمياه. هذا ويذكر أن جميع الناشطين في مجال البيئة، فضلا عن الدوائر الحكومية الإيرانية ذاتها، قد خالفت سياسة بناء مزيد من السدود، وحذرت من تبعات بيئية واجتماعية إلخ كارثية، تتولد عن المضي في هذه السياسات، بيد أن وزارة الطاقة الإيرانية، المسؤل عن مثل هذه المشاريع، لم تبالي بأي من الهتافات التحذيرية هذه وأخذت تنفذ سياساتها على قدم وساق.
  • شركات الصلب والبتروكيماويات: لقد خطط النظام الإيراني في تدشين شركات في الصلب والبتروكيماويات على مقربة من هور الفلاحية، وعلى الأراضي المجففة التي مُنع المياه عنها أولا، ثم صودرت أراضيها من أجل تدشين مثل هذه المشاريع عليها. وكما هو معروف فإن مثل هذه الصناعات لا تطلب مياه كثيرة فحسب، بل هي تلوث المياه المجاورة لها أصلا. ولعل أولى الخطوات اللازمة في مثيل هذه الصناعات هو التصرف بالوضع الطبيعي للهور، من تعبيد طرق وتوطيد مرافق كهربائية ومائية، وأنواع الأعمدة والخزانات ونحو ذلك من لوازم المضي فيها. وقد حذر أحد الأساتذة المختصين بهذا المجال من أن حجم المعادن المتواجدة في مياه هذه الصناعات تترك آثارا بعيدة الأمد على الحياة البحرية والحيوانية في مياه الهور، بالإضافة إلى آثارها المدمرة على جسم الإنسان، بعد انتقالها إليه عبر أكل الأسماك والحيوانات. ثم إلى جانب ذلك فإن توجيه المياه الملوثة الخاصة بصناعة الصلب والبتركيماويات إلى نهر كارون، الذي قلنا أنه يمد هور الفلاحية بالمياه عبر ممر المالح والبحرة، يجعل مياه هذه الممرات أنهارا تنقل في مياها أنواع الملوثات والنفايات الصناعية . هذا وقد أفاد أحد التقارير المهمة بأن حجم هذه الملوثات المتدفقة إلى هور الفلاحية تبلغ سنويا 6 مليون قدم مكعب، 60 بالمئة منها هي من المياه الملوثة لصناعة الصلب . إلى جانب ذلك فإن مرور الأنابيب النفطية ونشاط أكثر من 30 وحدة بتروكيماوية تثقل الحياة على هذا الهور. والجدير بالذكر هو أن هذه الوحدات الخاصة بالبتركيماويات و صناعة الصلب قد تأسست على أراضي الهور التي قد جففها النظام، وأخذ يؤسس عليها مصانع هي الأخرى تعدو على المياه المتبقية بالتلوث والنفايات الكيماوية.
  • قصب السكر: إن هذه الصناعة الزراعية التي تطرقنا لها في تقارير سابقة لا تترك مجالا في البيئة الأحوازية إلا لوثته وأتت بآثار ضارة عليه. فبموجب إحدى الدراسات الأكاديمية يختلف مستوى ملوحة مياه الفلاحية، قبل وبعد ترك مياه قصب السكر بنسبة كبيرة: فبينما تكون نسبة الملوحة قبل وصول مياه قصب السكر7 دسي زيمنس، تقفز هذه النسبة بعد ترك المياه هذه إلى 51.5 دسي زيمنس في كل قدم مكعب . وبينما تشير جل الدراسات الأكاديمية والتقارير الصحفية إلى الأضرار الجسيمة التي يتركها قصب السكر على المياه وباقي المجالات، بيد أن الكثير من التقارير الحكومية تحاول خداع الرأي العام عبر التأكيد على أن المياه المتواجدة، في الوقت الراهن، في الهور هي من مياه قصب السكر، وأنها هي من حافظت عليه من الجفاف الذي حصل نظيره في هور الحويزة . وهذه التصريحات الحكومية الرسمية تتنصل من جميع الحقايق العلمية التي تصنف صناعة قصب السكر الأكثر تلوثا عالميا للمياه والتربة: فإن هذه الزراعة التي تحتاج من 26 ألف إلى 35 ألف قدم مكعب من المياه لكل هكتار، و300 إلى350 كيلوغرام من سماد نيتروجينه لكل هكتار، هي الزراعة الأكثر خطورة على المياه الجوفية والمياه السطحية . هذا وقد حدى تمادي قصب السكر في عبثها بمياه الأحواز بشركة المياه والكهرباء في الأحواز إلى التحذير من أن المبيدات والسموم المستخدمة في زراعة قصب السكر ستترك آثار كبيرة على طبيعة المياه .
  • إفراغ المياه الملوثة والنفايات البلدية: لقد أفاد أحد الناشطين في البيئة أن مستوى تلوث المياه المتدفقة نحو هور الفلاحية يبلغ مستوى ألف و800 نيترات، الأمر الذي فاقم ملوحة المياه، وخلق حالة موت بطيئ للحياة البحرية فيه. ثم إننا إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود قسم من هور الفلاحية بمياه مالحة، كما قلنا سابقا، فإن دخول مياه ملوثة ومالحة من صناعات مختلفة يزيد الوضع البيئي ارتباكا كبيرا. فبموجب المعلومات شبه الرسمية تتدفق سنويا 8 مليون طن من الأملاح في هور الفلاحية، حتى تسبب هذا الأمر بتكوين بحيرة مالحة على القرب من نهر الجراحي تسع 90 ألف هكتار. وفي إحدى الأعوام الماضية أقدمت بلدية عبادان على ترك ما يقارب 35 ألف قدم كعب من النفايات النفطية من منطقة قيسي .وتفيد أيضا المعلومات شبه الرسمية بدخول نفايات بلدية إلى هذا الهور بنسبة تصل يوميا إلى 300 طن، حتى بات 100 هكتار من مساحة الهور مخصصا للنفايات هذه  وسط انفعال حكومي لا يبدو يمتلك خطط لوضع حد إلى هذا العبث الكبير بالطبيعة.

 

أهم التبعات العاجلة لتدمير حياة الهور

وإذا كانت حياة هور الفلاحية أصبحت قريبة من الموت على يد كل تلك المسببات الكبيرة، من بناء السدود، وملوثات قصب السكر، وصناعات الصلب والبتروكيماويات، وترك النفايات إلخ، كأهم الأسباب التي ذكرناها سابقا، فإن لهذه المسببات تبعات خطيرة على جميع مناحي الحياة الأحوازية، المجاورة للهور أولا، والقريبة منه، وجميع المناطق الأحوازية التي إن لم تكتوي بفقدان معيشتها القائمة على حياة الهور واستمرار ازدهاره بالمياه، فإنها ستكابد من الجزئيات المتطايرة التي ستطال مناطقها عبر ظاهرة الكثبان الرملية. ومن أهم التبعات العاجلة لتدمير حياة الهور يمكن التطرق إلى الأمور التالية:

  • الحفاظ من السيول: يعمل هذا الموقع المائي الكبير والرائع، يعمل طبيعيا كآلية تعمل، في أوقات زيادة الماء عبر السيول أو الأمطار إلخ، على استيعاب الماء الفائض، باحتكاره في جوفه، ومنعه سرعة تدفقه من المصدر. وفضلا عن منع السيول فإنها تحول المياه الآتية من جراء ذلك إلى إثراء الحياة البحرية فيها، وتغذية المياه الجوفية أيضا . ثم بعيدا عن كل ذلك فقد شهد أهل الفلاحية بالسيول الأخيرة، قبل بضعة أعوام، مساهمة هور الفلاحية بمنع السيول من الوصول إلى القرى والمدن القريبة منه، على العكس من المدن الأخرى التي لم تكن تتمتع بمثل هذا الخزان الطبيعي الذي يحفظ للحياة توازنها.
  • العمل كمصاص للأتربة: وإلى جانب كل ذلك فإن أهم ما يميز هور الفلاحية هو أن المياه الممتدة فيه لها القابلية في امتصاصها الجزئيات التربية التي تتطاير في الأجواء، ومنعها من الإنتشار طويلا والوصول إلى أماكن مختلفة. فبينما باتت الأحواز كلها، والمحافظات الإيرانية أيضا، تعاني من ظاهرة الكثان الرملية والعواصف المتكررة، بعد اشتداد هذه الظاهرة بجفاف هور الحويزة، وتحوله إلى مصدر من مصادر الكثبان، فإن تأثير هور الدورق في التقليل من حدة هذه الظاهرة ثبت للعيان، حيث تمتع هذا الخزان المائي بالمياه اللازمة سيعني الحد من هذه الظاهرة والتخفيف من وطأة تأثيراتها على الصحة وحياة الإنسان والطبيعة عموما.
  • الغطاء النباتي الكبير: ثم إذا كانت ظاهرة الكثبان هذه منتشرة على عموم الأحواز، فإن ذلك سيعني إرباك الغطاء النباتي الذي يحوط المنطقة هذه، ويساعد دورة الحياة الطبيعة فيها على الاستمرار. هذا وقد أشارت إحدى الدراسات المعنية بتقليص مساحة الغطاء النباتي والشجري في هور الفلاحية، بين أعوام 2000 إلى 2011 بنسبة 37 بالمئة.
  • دمار النخيل: ثم إذا خرجنا من دور هور الدورق في الحفاظ على الحياة الطبيعة في المنطقة عموما، حينها نستطيع الإشارة سريعا إلى أبرز التبعات التي صاحبت جفاف الهور منذ لحظاته الأولى. لقد كانت منطقة الفلاحية وما جاورها من مدن وقرى، وفق الاحصاءات الرسمية الإيرانية المدعومة بشهادة الأهالي، تتمتع بوجود أكثر من 6 مليون نخلة، بات هذا العدد بعد موجة الجفاف العامد الذي عصف بالمنطقة هذه أقل من مليون ونصف المليون نخلة. وبينما حاولت السطات الإيرانية إحالة موت النخيل إلى انخفاظ نسبة الأمطار خلال السنوات الأخيرة، فقد فند أحد المزارعين بأسلوب يسير هذه المزاعم حين قال: إن النخلة لا تصل إلى مرحلة قطف الثمار إلا بعد 20 سنة، وهي لا تموت بعدم وصول الماء لها في عام أو عامين، ومن أجل ذلك فإن هذا الموت الذي طال النخيل هو حصيلة أعوام من التجفيف بفعل السدود المبنية، وليس لنسبة الأمطار تأثير عليه .
  • دمار المواشي والصيد والأسماك والطيور: ولا تختصر المأساة على ذلك فحسب، بل إن هور الفلاحية بتأمينة نمير أكثر من 400 ألف ماشية، وفق إحدى التقارير، سيعني جفافه وموت الغطاء النباتي فيه انعدام الأغذية اللازمة لتربية المواشي؛ مهنة طالما وفرت لأهلها النعيم، ومنحتهم السكينة في الحياة، لأنها نمط حياة وليس مجرد نحلة لكسب المعاش. وإلى جانب ذلك سيعني الجفاف بكل تأكيد موت الأعمال الخاصة بالصيد، الأسماك والطيور، ومن ثم رمي أهالي هذه المنقطة في غمرة فقر مدقع سرعان ما يأتي عليهم بتعبات اجتماعية كبيرة، سنتاولها في سلسلة تقارير متتالية. ولعل أدهى صورة علقت في الأذهان من هور الفلاحية الخلاب، هي تلك الصورة التي تظهر مياه خضراء تحوطه من كل جوانبه، وهي خضراء بخضرار التلوث الحاصل من نفايات الصلب والبتروكيماويات والنفط ونفايات المشافي، مياه باتت غير صالحة لا للري ولا لشرب الحيوانات الأهلية التي ذاع الخبر عن موتها وهي ترتوي من المياه الملوثة في الهور والأنهر.

 

النتیجه

إن الكوارث البيئية التي  عصفت بشعب الأحوازی، التي ظهرت بأقسى صورها في المياه والأرض والجو إلخ، هي نتاج السياسات المبرمجة التي تنفذها الدولة الإيرانية، المتمثلة بإقامة السدود على الأنهار المتدفقة نحو الأراضي الأحوازية، وحرفها مجاريها و نقلها باتجاه المناطق الوسطى الفارسية مثل أصفهان و كرمان و يزد.  ولعل من بين الأنهار التي أقيمت عليها هذه السدود هي نهر كارون والدز والكرخة والجراحي، حتى نتج عن كل ذلك كوارث لحقت أضرارها بكل شيء حتى أصبح الحديث عن تقليل أضرارها حديث لغو، ناهيك عن تعويضها. وهذا لا يدع مجالا للشك بأن مستقبل الشعب الأحوازي بأسره بات رهين هذه السياسات التي دمرت البيئة، البيئة الأحوازية فداء لتنمية الأقاليم ذات الأغلبيه الفارسية، وعلى حساب الشعب الأحوازي دوما.

لقد كان من نتاج هذه السياسات الاستعمارية إلحاق أشد الأضرار بقسم كبير من مجتمعات  الشعب الأحوازي، بكل فئاته، كالذين يعملون في مجال الزراعة أو في تربية الماشية أو صيد الأسماك إلخ. وأولى تبعات هذه السدود، كما رأينا، هي تجفيف المسطحات المائية المعروفة بالأهوار، و منها هور الحويزة و هور  الدورق -الفلاحية  وهي مسطحات كانت موجودة منذ ألاف السنين، وهي ملجأ الطيور المهاجرة ومراع لبعض الحيوانات بالإضافة الى الثروة السمكية، هي موطن الإنسان أولا وأخيرا. وبعد قتل الشعب الأحوازي بثرواته النفطية والغازية، والآبار النفطية الثرية التي لم يجني منها الشعب سواء الدخان والعواصف الترابية والتجفيف المتعمد المتفاقم لحدود قطع ما تبق من رمق العيش..

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"

1 COMMENT

Comments are closed.



error: Content is protected !!