المقدمة
كانت انتفاضة تموز قد عمَّت الأحواز كلها وقد كان مردُّ هذه الانتفاضة الشاملة إلى قضية المياه، والجفاف الذي عصف بالأحواز بمختلف مدنها، وبأنهرها الكثيرة المتدفقة بالمياه، وأهوارها التي كانت تزخ بالوفرة. وكان يوم الخامس عشر من يوليو حزيران لعام 2021 على انفجار غضب متراكم، فاتحته كانت في هور الحويزة، مهد الأراضي الخصبة والأهوار المتدفقة، حينما خرج الشعب في تلك المناطق، محتشدا أمام بنايات النظام الإيراني هناك، عند مبنى المحافظية ومنظمة المياه والكهرباء، منددا بالجفاف المتعمد الذي حول التربة الوفيرة إلى صحاري قاحلة. فما كان منها (بداية الانتفاضة)، من الاحتشاد الغاضب هذا، إلا أن رأى مساندة الشعب الأحوازي برمته، وخروج الكافة في باقي المناطق نصرة للقضية التي تمس الجميع.
وكانت احتجاجات الشعب الأحوازي قد تمركزت في هذا الانتفاضة على قضية الجفاف المتعمد، وسياسات نقل المياه إلى محافظات إيرانية صحراوية، وتبعات ذلك على التصحر وجفاف الأنهار والأهوار، والتمييز الممنهج من النظام السياسي الهادف إلى تدمير الاقتصاد الأحوازي، وتخريب بيئته تتويجا بتغير سكاني شامل.
وفي خضم هذه الانتفاضة وبالرغم من تأكيد المحتجين وإصرارهم على سلميتها، توافدت القوات الأمنية بكثافة، وهرعت قوات مكافحة الشغب معززة بقوات الاستخبارات، ليبدأوا كلهم بفتح النار على المحتجين، ورميهم بوابل من الغاز المسيل للدموع. وبناء على معلومات منطمات حقوق الإنسان والناشطين الأحوازيين، فقد ذهب في هذه الأحداث العشرات من الجرحى، والعديد من القتلى (بلغ 7 أفراد عند أولى أيام الانتفاضة).
الأحداث المفضية إلى انتفاضة تموز
بعد انتشار الصور المتعلقة بنفوق الأسماك في هور العظيم في وسائل التواصل الاجتماعي، اندلعت موجة غضب عارم من الأحوازيين أفضت بهم وبنشطاء البيئة إلى تسيير احتجاجات على تجفيف الأنهر، خاصة هور الحويزة، أمام مبنى المحافظة ومبنى منظمة المياه والكهرباء في الأحواز العاصمة. وفي هذه الوقفة الاحتجاجية التي سُيرت في اليوم الثالث من يوليو 2021 حمل المحتجون لافتات وُصف فيها هور الحويزة برئة الأحواز. وقد ذكَّر المحتجون في هذه الوقفة بضرورة إعادة النظر في السياسات الجارية التي أفضت إلى تجفيف هور العظيم ومنع تدفق المياه إليه.
وإلى جانب ذلك كان أهالي قرية المراونة، من جهتهم، سيروا وقفة احتجاجية طالبوا فيها بالسماح بتدفق المياه إلى أراضيهم وحقولهم الزراعية، وقفوا فيها أمام مبنى منظمة المياه والكهرباء، وطالبوا بحل قضيتهم العادلة، والكف عن تداول الموضوع من جانب السلطات لشراء الوقت والتسويف بحقوقهم. وقد كان يتقدم هذه الوقفة زعيم قبلي اسمه الشيخ خلف المهلهل، خاطب فيها جميع العنصريين الفرس قائلا: هذه الأراضي هي وطننا، ولن نبرح منها، ولن نتركها. لقد قتل يزيد 72 شخصا، بينما أنتم تقتلون الملايين. ومهما حاولتم، وإنْ أنزلتم بنا السيول في الشتاء والجفاف في الصيف، فلن نترك هذه الأرض، ولن نهاجر منها، فهذه أرضنا وهذه أوطاننا. وهذا الدور الملهم للشيخ حدى بكثير من المراقبين أن يعدوه السبب الرئيس في اندلاع تلك الانتفاضة، إلى جانب أسباب أخرى لها أهميتها بطبيعة الحال.
وبالرغم من الطابع السلمي الذي اتسمت به هذه الاحتجاجات، أقدمت قوات أمن النظام الإيراني على التصدي العنيف لها، ومصادرة عدد من المضخات الزراعية للفلاحين من أهالي هذه القرية. وفي موجة من الغضب من قوات الأمن سطت القوات الأمنية، عند 11 من الشهر ذاته، على الأهالي، فاقتادتهم اعتقالا إلى جهات مجهولة، فضلا عن جرح عدد منهم. هذا وتقع قرية المراونة والقرى المجاورة لها على مقربة من مزارع غصب السكر، شركة دهخدا، حيث يشهد المزارع وفرة المياه في هذه المزارع الحكومية، في الوقت ذاته الذي تُمنع المياه منهم وعن مزارعهم ومواشيهم.
وعقيب هذه الاحتجاجات التي برزت في مقدمتها قرية المراونة، انضمت حشود من القرويين من الشعب الأحوازي، عند العاشر من يوليو، احتجاجا على سياسة التجفيف التي طالت الأنهر والأهوار، ومنع الزراعة، ونفوق الأنعام والأسماك، وتدمير مصدر العيش الوحيد للناس. وقد كانت اللافتات والشعارات أمام مبنى المحافظة تصرح: ” لقد سرقتم كل شيء: النفط والغاز والمياه. أخرجوا دباباتكم من وطننا، وتركونا نحن وحدنا نتحمل أعباء الحياة، وإن على حفر الآبار وتوفير المياه منها. كما أضاف المحتجون في شعاراتهم: «باسم الدين باكونا الحرامية». وفي هتافات أخرى قال المحتجون بأن الأحواز تتضور عطشا إثر انعدام الكفاءة في المسؤلين، والسياسات التي جففت الأنهر والأهوار والجداول على رأسها هور الحويزة. وعقيب هذه الاحتجاجات هرعت قوات الأمن إلى المحتجين، وألقت القبض على 4 أفراد (منها إمراة اسمها ح.ع) واتهمتهم بقيادة الاحتجاجات على طول ثلاث أيام، وفرضت عليهم التوقيع على وثيقة تظهر ندمهم، والتزامهم بعدم المشاركة في أي احتجاج آخر.
وفي هذا اليوم قاد الحرس الثوري، وقوات التعبئة البسيج، حملة واسعة أقدموا فيها على اعتقال عدد كبير من المحتجين والمتظاهرين. ومن بين المعتقلين تحددت هوية ثلاث منهم فقط، هم «إسماعيل رحيم العبيداوي » و«فهد رحيم العبيداوي» و«علي الشريفي»، من سكان الأحواز العاصمة. كما تم القاء القبض على «الشيخ رضا سلامات» بعد استدعائه إلى الأجهزة الأمنية فأعتقل هناك.
وبالرغم من الأجواء الأمنية المحتقنة خرجت جموع محتشدة في الأحواز في اليوم التالي، يوم الأحد، واستمرت في الخروج ليومين متتالين، كان ملتقاها المباني الحكومية، رفقة عدد من الناشطين والمزارعين وعموم الناس المساندين. أما في يوم الاثنين، فقد كانت مدينة المحمرة على موعد للخروج، اكتسبت معاني ومطالبات أخرى: فهناك كانت معظم الهتافات والاحتجاجات تتمركز حول الشعارات القومية، المناهضة للحكم الفارسي، بالرغم من المطالبة بإيقاف سياسة التجفيف والتمييز الممنهج العنصري. وبالرغم من كثافة حضور القوات الأمنية الفارسية، بيد أن المحمرة كانت تهتف بالشعار القومي الشهير: «بالروح بالدم نفديك يا أحواز» على مقربة من قوات الأمن التي كانت تمطرهم بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.
وبالتزامن مع ذلك خرجت مدينة الحميدية، قرية خزرج والجنادلة، في 14 من يوليو، اشتبكوا خلالها مع القوات الأمنية، ومنعوهم من مصادرة مضخات المياه الواقعة على ضفاف كارون، أجبرت القوات الأمنية على الهروب، ثم سرعان ما اعتلى هتاف «بالروح بالدم نفديك يا أحواز».
اليوم الأول للانتفاضة
كان الشعب الأحوازي في 15 من يوليو على موعد مع خروج شامل في عموم مدنه الواقعة في الشمال. وكانت الأوضاع محتقنة، فيها تكدست القوات الأمنية من جميع الجوانب، حيث أقدمت هذه القوات، في بعض المناطق، على إطلاق النار على المحتجين، نظير حي الزوية في الأحواز العاصمة. وكانت الصور المنتشرة من المدينة تظهر بوضوح تأهب القوات الأمنية بشكل تام، بالتزامن مع إقدام النظام الإيراني على قطع الانترنت من عموم الأحواز.
وقد كانت مدينة الحميدية في الغرب من الأحواز، شهدت عند مساء الخميس احتشادا للشباب في الساحة العامة للمدينة، ارتفعت فيها هتافات نظير «كلا كلا للتهجير»، رفضا لسياسات التهجير التي يتبعها النظام الإيراني بغية تهجير العرب من الأحواز، وإحلال المستوطنين الفرس بدلا عنهم. وفي الفيديوهات المنتشرة من هذه الاحتجاجات ظهر جليا أن المحتشدين يقومون بترديد هتافاتهم التي تندد بالأوضاع المزرية العامة في حياتهم، والمرافق العامة، ترديدها بسلمية دون أي رغبة للاشتباك مع قوات الأمن.
وفي هذه الأثناء كانت مدن منطقة ميسان، هي الأخرى، شهدت تجمعات احتجاجية غاضبة على سياسة تجفيف المياه، ومنع المياه عن الزراعة والحقول الخاصة بالمزارعين.
أما مدينة معشور كنظيراتها لم تتخلف عن ركب الاحتجاجات هذه، وخرج الشعب هناك في الشوارع والساحات العامة، منددا بانعدام الكفاءة بين المسؤلين، مناهضا السياسات العامة التي أفضت إلى دمار البيئة، وقضت بنقل المياه من الأحواز إلى المناطق الإيرانية الأخرى. وقد أقدم محتجو معشور على قطع الطريق الواصل بينها وخور موسى بحرق الإطارات. وقد كانت معشور شهدت في احتجاجات آبان الشهيرة، بعد ارتفاع أسعار البنزين، مجزرة مروعة أقدم فيها الحرص الثوري على ارتكاب مذبحة بحق شباب المدينة، وقتَّل العشرات من أبنائها في وسط تعتيم أعلامي متعمد.
كما خرجت مدينة السوس بالتزامن مع المدن المنتفضة الأخرى، نددت بالجفاف الذي طال الأحواز المعروفة بوفرة المياه، ورفضت التعمد في إغلاق نوافذ السدود التي تحوط بمصادر كارون، فضلا عن التعمد في عدم تخصيص مياه للزراعة.
اليوم الثاني للانتفاضة
وبعد استمرار الاحتجاجات في مختلف المدن الأحوازية، خاصة منها المناطق الواقعة في شمال الأحواز، التي نددت بالجفاف ونفوق الأنعام بشكل كبير إلى جانب موت الحياة البحرية بجفاف الأهوار على شكل خاص، أقدم الأمن الإيراني على قتل شابين في حي كوت عبدالله ومدينة الفلاحية.
وتفيد شهادات الحاضرين في الاحتجاجات أن القتيل الأول يدعى «قاسم حميد خضيري الناصري» البالغ من العمر 23، قتل متأثرا بجراحه بعد ما تم نقله للمشفى، إثر إصابته برصاصة حية، عند مساء الجمعة في حي كانتكس من كوت عبدالله. أما في مدينة الفلاحية فقد أصيب بإطلاق نار عشوائي على المحتجين من قبل قوات الأمن، شاب يدعى «مصطفى قادر النعيماوي» يبلغ من العمر 30 عاما، أصيب على مفترق طرق لاله وسط الساحة العامة في مدينة الفلاحية لليوم الثاني من الاحتجاجات في هذه المدينة. هذا بينما تثبت جميع الفيديوهات المنتشرة من هذه الاحتجاجات سلميتها، وتأكيد المتظاهرين على تتبع مطالباتهم عبر الطرق السلمية، ونبذهم إثارة الشغب، أو الإضرار بالمال العام، فضلا عن رغبتهم عن الاصطدام بالقوات الأمنية.
وقد استمرت هذه الاحتجاجات في اليوم 16 من شهر يوليو، في 11 مدينة من المدن الأحوازية، على رأسها مدينة السوس والحويزة والخفاجية والبسيتين ومعشور والفلاحية والمحمرة والحايي وعبدالخان ومناطق محاذية أخرى. وقد كانت معظم الهتافات تتمركز حول الجفاف الذي طال جميع الأحواز، والتمييز الممنهج الذي يمارس ضديد الأحوازيين، وتفضيل الفرس المستوطنين على أهالي الاقليم هذا. وتفيد شهادات المتظاهرين والمحتجين أنه بالرغم من الطابع السلمي لهذه المظاهرات، وإصرار المحتشدين على الابتعاد عن المصادمات العنيفة، جنحت قوات الأمن إلى العنف، وأخذت ترمي المتظاهرين بوابل من الرصاص الحي والمطاطي، فضلا عن الغاز المسيل للدموع الذي غطى جميع انحاء المدن لكثافته.
وتثبت شهادات الناشطين في حقوق الإنسان في مدينة تستر مقتل شاب يدعى«مهدي جمال الكناني» البالغ من العمر 20 عاما، يسكن حي انديشه من مدينة تستر، وذلك بإصابته برصاصة حية من القوات الأمنية، نقل إثرها إلى المشفى فأستشهد هناك. وفي الفلاحية استشهد مواطن هناك يدعى«حاجم العساكرة» إلى جانب ذلك أصيب طفل من ناحية رأسه فاستشهد بذلك، يدعى «منتظر عقيل الربيحات». أما مدنية شاوور فهي الأخرى سجلت وقوع إصابات وصلت إلى 10 أفراد حسب إفادة منظمات حقوق الإنسان الأحوازية.
وفي اليوم الثاني من الانتفاضة أقدمت القوات الأمنية على تدشين حملة اعتقالات واسعة، اقتادت الكثيرين إلى معتقلات غير معلومة. ومن ضمن الذين أعتقلوا ونقلوا إلى أماكن مجهولة هو عيسى عبدالسادة المزرعة، وعلي كعب الحائي من حي الثورة، ومحمد الصخراوي 23 عاما، وباسم الحيدري 20 عاما، وحسن سعيدي 30 عاما، وعباس ناجي الساري من حي كلدشت.
اليوم الثالث للانتفاضة
واستمر خروج الشعب الأحوازي لليوم الثالث على التوالي في مختلف المدن الأحوازية. وقد كان التواجد الأمني وكثافة العناصر الأمنية في بعض المدن على درجة عالية من التأهب، نظير الأحواز العاصمة والسوس والحويزة والخفاجية ومعشور والفلاحية وعبدالخان.
وتفيد شهادات مختلف الناشطين أن الاحتجاجات كانت تجري في جو مشحون من التوتر والاحتقان. فلقد أقدم المحتجون على قطع الطريق الواصل بين الأحواز العاصمة والسوس، وتم تعطيل حركة المرور ما بين الأحواز وطهران. كما وقعت السيطرة على المرافق العامة في مدينة السوس بيد المحتجين لساعات من الليل.
وفي مدينة شاوور، فبالتزامن مع إقدام القوات الأمنية على رمي المحتجين بوابل من الرصاص الحي، أضرم عدد من المحتجين النار في سيارة تابعة للقوات التعبئة الشعبية البسيج.
أما مدينة الخفاجية فبعد استمرارها بالاحتجاج على سياسة الجفاف المتعمد احتشدت أمام قائم مقام المدينة، فضلا عن التجمع أمام بيت قاسم الساعدي النائب البرلماني لمدينة الخفاجية، لكن الجماهير المحتجة واجهت وابل من الرصاص من قوات الحرس يريد منعها من التجمع حوالي البيت والحي الذي يسكن فيه النائب.
على أن الملاحظ في اليوم الثالث من الاحتجاجات هو تسارع وتيرة الاحتجاز والاعتقال من قبل القوات الأمنية في مختلف المدن الكبيرة والصغيرة. وبناء على تقارير نشطاء حقوق الإنسان تم اغتياد عدد من الشبان إلى أماكن مجهولة، هم: «عامر خلف الزهيري» البالغ من العمر 18 عاما، و«حمود سالم الكناني» البالغ من العمر 19عاما، و«حمود الشموسي» البالغ من العمر 18 عاما من أهالي العين، و«ماجد الحميدي» من أهالي ملا ثاني، و«خالد نوير المزرعة» و«علي شعيع المزرعة» و«قاسم عامر المزرعة» و«فيصل المزرعة» من مدينة شاوور.
اليوم الرابع للانتفاضة
هكذا استمرت احتجاجات الشعب الأحوازي لليوم الرابع على التوالي ضديد الجفاف وسياسات نقل المياه وبناء السدود في مختلف المناطق الأحوازية. وكانت هذه الاحتجاجات سجلت طريقة تعامل القوات الأمنية التي لم تتردد للحظة عن اطلاق النار تجاه المحتجين العزل في المدن والقرى.
وفي مساء الأحد من 18 من يوليو، لم يمنع توافد القوات الأمنية وعناصر الاستخبارات وقوات الحرس والبسيج، الناس من التوافد على الساحات العامة، من أجل تسجيل حضورهم، ورفع هتافاتهم المنددة والرافضة لسياسات النظام الإيراني. وكانت الاحتجاجات تجري في 17 مدينة من المدن الأحوازية، منها الخفاجية والحميدية والسوس وباقي المناطق المهمة الأخرى.
على أن اليوم الرابع من الاحتجاجات سجل كثافة احتجاجية وسخب كبير في مدينة الخفاجية والحميدية مقارنة بباقي المناطق. ففي هذه المناطق واجه الناس وابلا من الرصاص الحي آتى من قبل القوات الأمنية التي كانت على أهبة الاستعداد مستعدة للتصدي للمتظاهرين هناك. وقد كانت الخفاجية عمت بالاحتجاجات في جميع أحيائها، نظير حي أبوذر والميدان العام في المدينة والمنطقة التي يسكن فيها النائب البرلماني المذكور أعلاه. كما احتشد محتجو الحميدية أمام مباني الدوائر الحكومية ومقار المؤسسات الأمنية، وسط كثافة من تكدس القوات الأمنية خاصة الشرطة. على أن الهتافات المتعالية هناك فكانت تندد بالجفاف وسياسة نقل المياه.
وقد أقدم النشطاء على نشر صور توثق كمية الغاز المسيل للدموع المستخدم لتفريق هذه الاحتجاجات، في الوقت الذي أكد جل الشهود أن المحتجين كانوا أظهروا درجة عالية من ضبط النفس، حيث لم يقدم أحد منهم على رمي حجارة واحدة على القوات الأمنية. كما أظهرت هذه الصور عدد الجرحى الذين أصيبوا بكثرة في مختلف المدن الأحوازية نظير الخفاجية والحميدية والسوس وتستر.
وفي اليوم الرابع من الاحتجاجات التحقت جموع مدينة الباجي بالمحتجين، وقطعوا الطريق الواصل بين الأحواز وطهران. أما حي الملاشية في الجنوب الغربي من الأحواز فلم يتخلف عن الاحتجاج وانضم لجموع المحتجين، على أن ثوار الملاشية أقدموا على إضرام النار في السيارات الأمنية ورموا القوات الاستخبارية الفتاكة بالحجارة.
وفي هذه الأثناء كان المحتج العباداني في حي سليج أقدم على قطع الطرق العامة وترديد هتافات تندد بالظروف الصعبة المعيشية في مختلف مناطق عبادان. أما مدينة السوس فكان قد أجتمع المحتجون أمام مبنى القائم مقام في المدينة.
على أن مساء يوم الأحد كان على موعد لالتئام الاحتجاجات في مدينة معشور، حيث أظهرت الفيديوهات الخاصة بهذه الاحتجاجات كثافة إطلاق الرصاص من القوات الأمنية تجاه المحتجين العزل، الذين احتموا بالمباني المجاورة والسيارات من أجل الفرار من الرصاص العشوائي من قوات النظام الإيراني.
وتفيد تقارير نشطاء المنظمات الحقوقية في الأحواز باعتقال 6 مواطنين أحوازيين، على يد القوات الأمنية هم: «علي عبدالحسين اكطافة» و«منصور يابر سليماني»، و«درام حاصود سليماني»، و«عبدالرضا يابر سليماني»، و«يارالله سليماني» ونجله «علي سليماني»، حيث تم اغتيادهم إلى أماكن مجهولة.
اليوم الخامس من الانتفاضة
وفي مساء يوم الاثنين من 18 يوليو دخلت احتجاجات الشعب الأحوازي على تجفيف وطنه من قبل النظام الإيراني الفارسي يومها الخامس. على أن الفيديوهات الخاصة بهذه الاحتجاجات تشير بوضوح إلى إصرار القوات الأمنية على أخذ زمام المبادرة والهجوم ضديد المحتجين، خاصة في بعض المناطق الحساسة، نظير حي الثورة التي أظهرت توحش القوات الأمنية، وهجومها العنيف على المتظاهرين. وقد تزامن هذا التصدي الأمني البحت للاحتجاجات مع قطع تام للانترنت في مختلف المناطق الأحوازية، وفرض تعتيم إعلامي تام على تغطية الأحداث الخاصة بهذه الاحتجاجات العامة.
وقد كانت الهتافات المستخدمة في هذه الاحتجاجات هي «كلا كلا للتهجير»، و«بالروح بالدم نفديك يا أحواز». ويظهر أحد الفيديوهات المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي دوي هتافات أخرى أبرزها «أم الشهيد اتنادي الأحواز عز بلادي». وفي فيديو آخر صرح المحتجون عن تضامنهم مع الأسرى لدى نظام الاحتلال الإيراني عبر هتاف «عیدك امبارك أخوي اللي بالسجن». واللافت في احتجاجات حي الثورة هو تواجد العنصر النسائي بشكل كبير، حيث قمن النسوة بشحذ همم المحتجين بالزغاريد والهلاهل.
كما تعممت احتجاجات مدينة الأحواز العاصمة إلى منطقة الباوية في الشمال الشرقي، حيث التئم وفد المحتجين في مدينتي ملا ثاني وويس. وفي مدينة الخفاجية كان الشعار هو «أرادو لنا الذي ونحن الأباة» وسط جموع غفيرة ملأت الساحات العامة، وكانت المطالبات تتمركز حول المطالبة باستقالة القائم مقام. على أن جانبا من المطالبات تمركز على الأسرى، طالب المحتج السلطات العامة بإطلاق سراح المعتقلين، وفك قيد الأسرى. وذلك تجلى في شعار«فكوا فكوا أسرانا».
وفي مدينة رامز في اليوم الاحتجاجي الخامس على التوالي، ضديد الجفاف المتعمد في الأحواز، أقدمت الحشود على قطع الطريق العامة في المدينة. كما انضم لهذه الاحتجاجات محتجو مدينة القنيطرة.
وبناء على ما أفادته تقارير المنظمات الأهلية الناشطة في حقوق الإنسان، شهد اليوم الاحتجاجي الخامس اعتقال 5 مواطنين هم «مالك الكلداوي» البالغ من العمر 28 عاما، و«جاسم الكلداوي» البالغ من العمر 35 عاما، والطفل «ميلاد العبيداوي» البالغ من العمر 14 عاما فقط، و«فرج العبيداوي» البالغ من العمر 40 عاما، و«مهدي حميد» من الخلفية، حيث لم تعلن الجهات هذه مكان اعتقال هؤلاء المخطوفين من قبل القوات الأمنية.
اليوم السادس للانتفاضة
وفي اليوم السادس على التوالي من احتجاجات الشعب الأحوازي ضديد سياسة تجفيف الأحواز من مياه الأنهر والأهوار، وموجة الجفاف العام الذي يطال الأحواز برمتها، كان تصدي القوات الأمنية تصديا أمنيا كبيرا، حيث قامت العناصر الأمنية من الحرس والاستخبارات والبسيج، بإصابة 7 من المحتجين استشهدوا متاثرين بجراحهم، فضلا عن إصابة العشرات، وموجة الاعتقالات التي طالت الكثيرين.
على أن بدء اليوم السادس من الاحتجاجات الأحوازية اندلعت من الشمال، من مدينة إيذج، احتدمت فيها الاحتجاجات، وبلغت مرحلة الذروة حين أقدمت القوات الأمنية على فتح الرصاص على المحتجين، مات أحدهم فيها إثر الإصابة المباشرة يدعى «محمد عبداللهي».
أما مدينة الأحواز العاصمة فهي في يومها السادس من الاحتجاجات لم تكد تهدأ، وسُجل أولى الاحتشاد الاحتجاجي في حي إرفيش اعتلت فيها شعارات نظير«بالروح بالدم نفديك يا أحواز» منددين بالسياسات العامة التي أفضت إلى جفاف عام، وتبعات ذلك على مختلف الحياة الأحوازية خاصة البيئة والفلاحة ونحوها. كما ندد المحتجون بشكل صريح بمقاربة النظام الإيراني مع الاحتجاجات، وناهضوا الكم الهائل من العنف المنفلت.
على أن استمرار الاحتجاجات في حي الثورة كان قد سجل نقطة حرجة بعد فقدان طفل لبصره إثر إصابة رصاصة غاز مسيل للدموع عينيه. على أن التقارير المتحصلة من شهادات الأهالي والمشاركين في الاحتجاجات تفيد باستشهاد شاب يبلغ من العمر 20 عاما، يدعى «محمد منصور الكروشات» من حي المندلي، أصيب برصاص حي من القوات الأمنية في مساء 18 من يوليور نقل إثرها إلى المشفى لكن المنية وافته هناك متأثرا بجراحه. على أن احتجاجات حي الثورة كانت قد سجلت وقوع شهيد آخر يدعى «حمزه فريسات» يبلغ من العمر 30 عاما، بعد أن أصيب بطلقة مباشرة.
ولم ينتهي التقتيل بهذا الحد عندما أقدمت، في ليلة الثلاثاء في مدينة السوس، أقدمت عناصر الأمن على اطلاق النار على «محمد الكناني» فأردته شهيدا، كما استشهد مواطن أحوازي آخر بالطريقة ذاتها من تعامل القوات الأمنية، يدعى «عيسى البالدي» أُردي في مدينة معشور على يد قوات الحرس الثوري.
على أن المحتجين الأحوازيين لم يتراجعوا عن مطالباتهم الحقة، حيث استمرت الهتافات بالمطابات ذاتها، تنص على الانتهاء من التمييز الممنهج، وإيقاف مشاريع التهجير للعرب، والكف عن سياسة نقل المياه والتجفيف العامد للأحواز أنهرا وأهوارا، بالإضافة إلى المطالبة الملحة بفك قيد الأسرى والمعتقلين السياسيين.
وكانت المطالبة بفك قيد السجناء هي التي حدت بإحتجاجات الخلفية يوم الثلاثاء أن تلتئم أمام مقر قائم مقام المدينة، مطالبة بفك قيد جميع السجناء الذين أعتقلوا تعسفا. أما الاحتجاجات في عبادان فأدت إلى قطع جسر سليج، الجسر الحيوي في المدينة، على يد المتظاهرين. بينما أقدم المحتجون في مدينة دارخوين على ترديد هتافات قوامها «كلا كلا للتهجير»، منددين هكذا بالجفاف المتعمد، والتمييز الممنهج ضديدهم.
وفي هذه الأثناء أقدمت قوات النظام الإيراني بقطع الانترنت عن كافة المدن الأحوازية، أو الإقدام على الاخلال بعملها.
وبالتزامن مع كل ذلك شنت القوات الأمنية الفارسية في الأحواز حملة اعتقالات واسعة على بيوت النشطاء المدنيين والسياسيين، حيث تم اعتقال 13 فردا على الأقل، تم التعرف على هويات بعضهم: «أحمد عبد علي شميل الساري» و«على كعب الحايي» البالغ من العمر 50 عاما من أهالي حي الثورة، و«مهدي حميد» و«أميد الطوسي» و«جاسم الطوسي» و«مهدي الزغيبي» و«حسن العموري» كلهم من مدينة الخلفية. أما مدنية الخفاجية فهي الأخرى شهدت اعتقالات تم التعرف على عدد منها وهم «منصور محمد الجلالي» البالغ من العمر 17 عاما، و«مجتبى محمد الصالحي» البالغ من العمر 18 عاما، و«رضا عباس العفراوي» البالغ من العمر 24 عاما، و«حمزة مجيد العفراوي» 26 عاما، و«عبدالأمير الجلالي» 45 عاما، و«عادل النادري» 40عاما.
اليوم السابع للانتفاضة
وفي اليوم السابع على التوالي من عمر انتفاضة الأحواز ضديد التجفيف الطاغ على المشهد في الحياة الأحوازية العامة، وسياسة التمييز الممنهج الاقصائي، كان مصحوبا بمظاهرات واحتجاجات اندلعت في مناطق أخرى من الأحواز، منها من انضم حديثا لركب الانتفاضة، ومنها من واكبها منذ أولى شرارتها. وهكذا طالت الاحتجاجات الأحواز العاصمة، ومسجد سليمان والخفاجية والفلاحية ومعشور والسوس وشاوور والحايي وباقي المدن الصغيرة.
أما الفلاحية في سابع يوم انتفاضتها شهدت تحشيدا جماهيريا واسعا صرحت بأنها لن تنثني عن تتبع مطالباتها إلا حال تحقيقها بالكامل. وفي اليوم السابع تم قطع طريق خور موسى.
أما في مسجد سليمان في سابع يومهم الاحتجاجي في يوم الأربعاء عم الاحتجاج الساحات العامة، والشوارع الكبرى، وسط هتافات نددت برؤس النظام الإيراني والسياسات التمييزية المنفذة منه، توافدت إثرها عناصر الأمن والاستخبارات وهاجمت الجموع وأمطرتهم بوابل من الرصاص الحي.
وفي الفيديوهات المنتشرة من احتجاجات الخفاجية في وسائل التواصل الاجتماعي خاطبت إحدى النساء المحتجة خامنه اي قائلة له: «إن أهل الخفاجية أسود لا تستطيع إخافتهم أنت». وطلبت من المصورين إيصال رسالتها هذه «أوصلوا رسالتي هذه إلى المسؤلين، لن نسكت ولن نرجع إلى بيوتنا إلا عند تحقيق كامل مطالباتنا».
والليلة ذاتها كانت الملاشية مع موعد احتجاجي آخر جرت في أجواء سلمية وبالشعارات والهتافات ذاتها.
وإثر تنفيذ الطريقة العنيفة للتعامل مع المحتجين في اليوم الاحتجاجي السابع، واستخدام الرصاص الحي للتصدي للمتظاهرين، صرح أحد المواطنين الأحوازيين بـ«أن احتجاجنا سلمي تماما، فلماذا يتم إطلاق الرصاص الحي علينا؟ لماذا يفرط في استعمال الغاز المسيل للدموع؟ أنظروا لنا كيف خرجنا كلنا عن بكرة أبينا: الشباب والشيوخ، النساء والرجال، كلنا خرجنا خروجا سليما لا أثر فيه للسلاح والعنف».
على أن الفيديوهات المنتشرة سجلت طريقة تعامل العناصر الأمنية مع الاحتجاجات ومحاولتهم المستميتة من أجل إظهارها احتجاجات شغب وعنف؛ ففي سوق حي الثورة المركزي أقدمت عناصر الأمن على إضرام النيران في المحلات، وتكسير المال العام، والاعتداء على المرافق العامة.
أما احتجاجات الكورة فقد أقدم فيها المحتشدون على قطع الطريق الواصلة بين ميناء معشور ومدينة الأحواز العاصمة ورامز والعميدية. وبناء على تصريحات شهود عيان تم قطع هذه الطريق بالأحجار والإطارات على يد المحتجين. كما قطع المحتجون بوابة منطقة الكورة ومنعوا عناصر الأمن من الدخول إليها.
ولم تخلو كل من مدينة إيذج وأرجان عن الاحتجاجات في يومها السابع، حيث توافدت حشود من الجمهور إلى الساحات العامة مشاركة منهم في الاحتجاجات وتضامنا معها.
وفي اليوم السابع من الاحتجاجات شهدت مدينة الكورة استشهاد «ميثم عجرش» إثر إصابته من قبل القوات الأمنية عند الظهيرة برصاص حي، رقد فيها أياما بالمشفى لكن المنية وافته متأثر بجراحه. كما استشهد الشاب البالغ من العمر 22 عاما «حميد عيسى المجدم» من مدينة كركر بعد استهدافه من قبل الحرس الثوري.
وبناء على إفادة نشطاء حقوق الإنسان في الأحواز، سجلت الاحتجاجات لغاية يومها السابع، اعتقال41 شخصا، منهم يوسف منصور حمزة نيا 20 عاما، من منطقة الجرف في تستر، وعامر المجدم 25 عاما من الملاشية، وبسام حميدان الزركاني 30 عاما، وعباس شمع الزركاني 27 عاما، وناصر شعلان الزركاني 27 عاما، ومحمد علي العسكري 29 عاما، ومهدي خلف الزركاني 20 عاما، من مدينة الزركان في الأحواز العاصمة. كما أعتقل كل من فلاح حسن الكلداوي 20 عاما، وميلاد الساري، وميثم الساري، ورعد رحيم الحيدري وأخيه فهد رحيم الحيدري، ومحمد الكروشات من حي الثورة. هذا بينما أعتقل في الحميدية كل من راضي الدحيماوي. أما الخلفية فقد أعتقل فيها كل من محمد العموري، وخالد العموري، وجواد الجابري، وحامد الخالدي، وصلاح الخالدي، وفرزاد العتابي، ومحمد ألبوشوكة، وحيدر ألبوشوكة، ومجيد الموسوي، وسجاد الموسوي، وأحمد أصلي. كما تم القاء القبض على كل من علي الخزرجي، وحسن محسن زيدان، وأخيه علي محسن زيدان، وجميل العبيداوي، وصالح العبيداوي، وعلي حيدر االكعبي، وعلي الكعبي في مدينة شاوور. بينما اعتقال كل من علي العبيداوي 23 عاما، وإسماعيل حسن الجلالي 40 عاما، وعماد رحيم العبيات وأخيه إياد رحيم العبيات، ومحمد بدر الحريزاوي 24 عاما، وحسين عبدالرضا المنشداوي 22 عاما، ونادر العبيات، ورضا عباس العفراوي 23 عاما، تم اعتقالهم في مدينة الخفاجية. هذا ويذكر أن مصير جميع المعتقلين ما يزال غامضا في اليوم السابع من الاحتجاجات المندلعة، ولم تعلن الأجهزة الأمنية عن مكان اعتقالهم.
اليوم الثامن للانتفاضة
واستمرت الاحتجاجات السلمية للشعب الأحوازي ضديد أزمة المياه والجفاف والسياسات العنصرية التمييزية الممنهجة ليومها الثامن على التوالي، حيث عمت مدن أخرى في الأحواز، في مقدمتها مدينة غنوة وبرازجان في المحافظات الوسط من الأحواز وفي القرب من بوشهر.
على أن الملفت في هذه الاحتجاجات هو الحضور النسوي فيها بشكل لم يسبق بمثيل. ففي اليوم 22 من شهر يوليو، أقدمت جموع من النساء الأحوازيات على التجمع أمام مبنى المحافظية، تنديدا بسياسة نقل المياه. وكانت النسوة رددن هتافات تقول «نموت ولا نُذَل» و«فداك كارون أرواحنا ودماؤنا».
وقد صاحبت هذه الاحتجاجات إضرابات عمال شركة تل السباع نددوا فيها بالمسؤليين، معلنين عن تضامنهم مع الاحتجاجات القائمة في عموم الأحواز، مطالبين بتلبية مطالباتهم.
أما مدينة الحايي المحاذية للأحواز فكانت هي الأخرى لم ترى الهدوء في الاحتجاجات لليوم السابع على التوالي. أما أهالي مخيم الحر من قضاء القنطيرة قد أقاموا مساء الخميس احتجاجات كبيرة أعلنوا مناهضتهم للجفاف المتعمد ومساندتهم المحتجين.
وفي ميناء غنوة وبرازجان من المدن الجنوبية في الأحواز عمدت جموع من المحتجين على إضرام النار في الإطارات، قطعوا فيها الطريق المنتهية إلى بوابة المدينة، وقطعوا بذلك المواصلات.
وفي الشمال من الأحواز تم قطع الانترنت بشكل تام. وقد صرحت نت بلاكس المنظمة المعنية بالأمن السايبري وهيمنة الانترنت أن صبيحة الخميس شهدت اخلالا كبيرا في عمل الانترنت.
وتفيد تقارير النشطاء في حقوق الإنسان في اليوم الثامن من الاحتجاجات تم اعتقال عدد من المحتجين هم: محمود الساعدي، وعباس الساعدي، وصادق العبيات، وقاسم الساعدي، وطيبان الساعدي، ورسول السواعدي، وصادق الساعدي، من مدينة الحميدية. بينما اعتقال كل من فلك العموري، وخالد العموري، ومسلم العجرش، وعلي العموري، تم اعتقالهم في مدينة الخلفية. كما أعتقل كل من مهدي مجيد الخزرجي، وعبدالله مرداو العبيداوي، وحسون عراقي، ومحمد فاخر الكعبي، وحسين شوملي، وعلي حيدر الكعبي الطفل البالغ 12 عاما، وعبود النمنوم، في مدينة شاوور. أما عباس مالك الحائي 19 عاما، وأمير خلف الحائي 28 عاما، ومبارك وحيد الحائي 45 عاما، وعباس وحيد خوين 30 عاما، وعبدالرزاق وحيد 36 عاما، في مدينة الحائي. أما رضا لازم الساري 23 عاما، وميثم مغامس النيسي 26 عاما، وكمال الساري 24 عاما، فقد أعتقلوا في حي الثورة. وكان اعتقال كل من هاشم المطوري 27 عاما، قد تم في مدينة المحمرة. هذا وطبقت الجهات الحكومية والأمنية مقاربتها الإرهابية في التعتيم على مكان الاعتقال، ولم يعرف الجهة التي نفذت الاعتقال بهم.
اليوم التاسع من الانتفاضة
لقد كان اليوم التاسع من الانتفاضة ضديد الجفاف الذي طال الأحواز، ومناهضة سياسة التمييز العنصري الممنهج، قد استمر على التوالي بالرغم من قطع الانترنت، وتنفيذ موجة من الاعتقالات بحق المواطنين العزل.
وقد تم تداول فيديوهات تظهر انقطاعا تاما للتيار الكهربائي في مساء الجمعة، وصبيحة يوم السبت، في مدن مختلفة من الأحواز العاصمة. وتظهر تقارير مختلف الناشطين، إلى جانب الفيديوهات المتداولة، تظهر احتشاد قوات الحرس الثوري والبسيج بشكل كبير، في كل من مدينة الخفاجية ومعشور والفلاحية ومسجد سليمان والسوس وباقي المناطق الأحوازية، حيث يمكن الاستنتاج من هذا الحضور الكثيف فرض حالة من حالة الطوارئ في المدن هذه.
ولكن بالرغم من كل ذلك فكانت الاحتجاجات في حي الثورة جارية على قدم وساق لم تفقد زخمها المعهود، عند مساء الجمعة، حيث حوَّطت القوات الأمنية الشبان المحتجين، لكنهم فشلوا بتطويقهم، وتمكن الشبان من فك الحصار الأمني المفروض عليهم. وقد أقام المحتجون معوقات أمام حركة القوات الأمنية، وكرروا هتافاتهم المنددة بالأوضاع العامة في حياتهم المفروضة عليهم من قبل النظام الإيراني العنصري.
أما مدينة البرومي في الأحواز فهي الأخرى شهدت إضرام النار في الإطارات من أجل منع حركة القوات الأمنية ومحاولة لتخفيف من تصديهم العنيف، كما قطع المحتجون الطريق الواصل البرومي بالأحواز العاصمة.
وفي حي الملاشية أقدم الأطفال على حماية المحتجين، عبر تشكليهم طوقا بأرواحهم من أجل ممانعة القوات الأمنية من الدخول إلى بعض الأماكن العامة التي تشهد احتجاجات.
وفي مدينة معشور لم تنطفي شرارة الاحتجاجات، بالرغم من التوافد الأمني الكثيف والمقاربة الأمنية العنيفة. ففي الفيديوهات المنتشرة من هذه المدينة يلاحظ دوي الرصاص الجائي من القوات الأمنية يستهدف صدور المتظاهرين العزل.
وفي كل من الحميدية والخفاجية، وهي معقل الاحتجاجات الأخيرة، تم فرض حكما طارئا من غير الإعلان عنه، أقدمت فيها القوى الأمنية بمساندة البسيج والحرس على حملة اعتقالات واسعة النطاق، هتكوا فيها حرمات البيوت الآمنة.
وبناء على المشاهدات اليومية وشهود العيان والنشطاء، شهدت كل من مدينة الفلاحية ومعشور والخلفية والأحواز العاصمة والبسيتين والحايي والمحمرة عودة للاحتجاجات وزيادة في زخمها. ومن ضمن المعتقلين في اليوم التاسع من انتفاضة تموز هم: عباس ألبوناصر الشاعر الشاب البالغ من العمر 18 عاما من مدينة الفلاحية، وسجاد اسحاقي من ميناء معشور، ورضا العبيات 23 عاما من مدينة الخفاجية، وعباس عبدالزهراء الدغاغلة 26 عاما من منطقة الدغاغلة في شمال الأحواز العاصمة، وقاسم محمد الساري، ومرتضى جواد الكلداوي، وحمود الساري من حي الثورة، وكريم خليفة الساري 30 عاما، وعبدالأمير المزرعة من حي الزوية في الأحواز العاصمة.
كما استشهد مواطن أحوازي باسم أمير صمد مشاري 22 عاما، من حي الغزالة في ميناء معشور، في 21 من يوليو إثر إطلاق القوات الأمنية النار عليه بصورة مباشرة فأردوه شهيدا.
اليوم العاشر للانتفاضة
وبينما كان يمر اليوم العاشر من عمر الاحتجاجات الأحوازية، التي اشتملت على مدن نظير الفلاحية وباقي المناطق من الأحواز على رأسها الجراحي ومعشور وغيرها، شهدت في هذه الأثناء مناطق من الشعوب غير الفارسية من جهتها احتجاجات مماثلة في منطقة أذربيجان تضامنا منهم مع الشعب الأحوازي.
وفي مدينة الأحواز العاصمة، بالرغم من توافد الكثير من القوات الأمنية، خرج حي الثورة للاحتجاج، وساندته الأحياء الأخرى، منددة كلها مع بعض بالأوضاع البائسة التي تجري في الأحواز عامدا على يد النظام الإيراني.
وبناء على تقارير المواضع الإخبارية المحلية شهدت الانترنت المحمولة اتصالا في يوم السبت، 24 من يوليو، بيد أنها عادت فاختلت وانقطعت تماما منذ عصر اليوم ذاته، في كل من الأحواز العاصمة، والخفاجية والسوس والفلاحية وإيذج ومعشور، وباقي المدن الواقعة في الشمال من الأحواز، واستمر الانقطاع إلى يوم الأحد. كما تم قطع التيار الكهربائي في عدد من مناطق شمال الأحواز لساعات طويلة.
وفي اليوم ذاته خرج بعض المزارعين من أهالي مدينة الشعيبية في تستر، احتجاجا على عدم تسديد الأضرار النابعة عن الجفاف الملحق الأضرار بالمحاصيل نظير القمح، التي تعهدت بها الحكومة، وشركات التأمين التابعة لها. ونظم المحتجون وقفة احتجاجية أمام مبنى إدارة بنك الزراعة الواقع في الأحواز العاصمة. هذا ويذكر أن الكثير من المحاصيل الزراعية، طيلة السنوات الأخيرة، أصيبت بأضرار بالغة إثر الجفاف أو السيول، دون أي مبالاة من قبل الأجهزة الحكومية المعنية بالأمر.
الأحداث التي أعقبت انتفاضة تموز
عقيب انتهاء انتفاضة تموز التي استمرت لأسبوعين، وامتدت من 15 يوليو، أصدرت اللجنة التنسيقية لحركة تموز بيانا أوضحت فيه أسباب الانتفاضة الأخيرة، وسردت فيه مطالبات الجماهير ضمن عشرة مواد. فلقد جاء في هذا البيان أن نظام الجمهورية الإسلامية، بتنفيذه سياسات تمييزية على يد مؤسسات نظير الحرس الثوري، يسعى في نقل المياه، وتدمير البيئة، تمهيدا لتهجير قسري الأحوازيين.
واستمرت عملية الاعتقال بعد انتفاضة تموز على أشدها، في المدن الصغيرة والكبيرة. وبناء على تقارير نشطاء حقوق الإنسان، تم تحديد هوية أربعة من المعتقلين هم: عزيز العتابي 19 عاما، وعدنان العتابي 21 عاما من مدينة شاوور، ومنصور الكعباوي من حي الثورة، وعلي عباس الساري 23 عاما من أهالي الخفاجية.
وفي يوم 27 من يوليو، أقدمت القوات الأمنية الإيرانية، المرتدية الزي المدني، على قتل شابين من قرية المالكية في الخفاجية، وهي من أهم مناطق الاحتجاج، حين ما أمطرتهم بوابل من الرصاص وأردتهم شهداء. وتفيد المصادر المحلية، وشهادة الأهالي، أن شابا يدعى علي الساري تحمل جراحات صعبة إثر إطلاق النار عليه، إلى جانب شاب آخر يدعى مهدي حبيب الساري جرح فنقل إثرها إلى غرفة العناية المشددة.
على أن الاحتجاجات لم تنقطع بعد ذلك بالكامل، وسجل شاطئ الأحواز العاصمة وقفة احتجاجية نددت بسياسة نقل المياه من الأحواز، ألقيت إثرها القوات الأمنية القبض على عدد من المحتجين بينهم نساء. وقد لوحظت على اللافتات المرفوعة من قبل المحتجين شعارات تندد بسياسة نقل المياه، ومنع تدفق المياه للزراعة، وتجفيف الأهوار. وفي اللحظات الأولى من الاحتجاج تم تطويق محل التحشد على يد القوات الأمنية. ومن ضمن أبرز المعتقلين من النشطاء كان إبراهيم الحايي، وسالم أنواري، ووليد البدوي، وسعيد الهليجي، والهام الموسوي، وفاطمة النعامي.
مساندة الشعوب غير الفارسية لانتفاضة تموز
أقدم منذ الأيام الأولى من انتفاضة تموز ضديد الظروف القاسية في الأحواز، نشطاء أتراك من أذربيجان على مساندة الشعب الأحوازي، ومطالبه الحقة الإنسانية، فرفعوا عشرات من اللافتات والمنشورات على عموم مدنهم المختلفة في أذربيجان.
وبعد مساندة الشعب التركي في أذربيجان الجنوبية في السبت الثاني من مرداد (تموز)، وبينما كانت الأحواز تثور بالاحتجاجات وبنار رصاص القوات الأمنية، ضدا على أزمة المياه ومناهضة لسياسة نقل المياه، خرج الشعب الأذربيجاني في أذربيجان الجنوبية، معلنا عن مساندته الشعب الأحوازي، حيث سير مظاهرة في مدينة تبريز. وتفيد الفيديوهات المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي بجموع غفيرة التحقت بهذه المظاهرات، ترفع هتافات تصرح: «أذربيجان الأحواز اتحاد اتحاد». كما ساند، من جهة أخرى، كل من الأحزاب والجماعات السياسية للشعوب غير الفارسية انتفاضة تموز، وأقدموا على إصدار بيانات من أجل الإعلان عن تضامنهم.
ردود فعل النظام الإيراني
لقد أنكر في البداية محافظ شمال الأحواز (خوزستان) وجود أية احتجاجات فيها، وقال عن الفيديوهات المتداولة في وسائل التواصل أنها مفبركة لا صحة فيها. لكن ما كان من القادة العسكريين إلا سرد التهم ضديد المحتجين، حيث وصفهم حسين أشتري، القائد العام لجهاز الشرطة، أن الاحتجاجات في الأحواز هي مؤامرة تريد النيل من أمن المنطقة هذه، وتوعد المحتجين بأنهم سيرون تعاملا وثأرا شديدا من قبل الجمهورية الإسلامية.
وفيها هذه الأثناء خرج النائب عن مدينة الخفاجية، قاسم الساعدي، بتصريحات اجتر فيها أقوال القوات الأمنية، وقال أن الاحتجاجات تدار من قبل «المجموعات الإرهابية في الأحواز التي هي من أطلقت النار على المحتجين».
وفي توالي ردود الفعل الآتية من النظام الإيراني صرح المدعي العام ومحكمة الثورة لمدينة الأحواز العاصمة، في بيان نشره، أن المحتجين سيلاقون مصيرا مرا، وأن التصدي لهم سيكون قاسيا وعاجلا.
أما حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، قام بزيارة إلى الأحواز، بالتزامن مع قيام حملة اعتقالات واسعة في الأحواز بناء على إفادة جل الناشطين في الأحواز.
وفي هذا السياق صرح محمد علي موسوي جزايري، الوكيل السابق للمرشد في الأحواز، الذي يوصف بأنه الحاكم الفعلي للأحواز، صرح عن الاحتجاجات أنها تنبع من الأيادي الأجنبية، ووصف المحتجين بأنهم «محاربين» الله و«انفصاليين» سيلقون جزائهم الذي يليق بعظم جرائمهم.
ردود فعل المنظمات والدول العالمية
لقد أصدرت منظمة العف الدولية تقريرا صرحت فيه عن «مقتل 8 من المحتجين ضمنهم شاب قاصر»، وطالبت المسؤلين الإيرانيين بالكف عن قمع الاحتجاجات للمواطنين الأحوازيين، على يد قوات الأمن التابعة للجمهورية الإسلامية. كما أكدت هذه المنظمة الدولية على ضرورة التزام إيران فورا بالكف عن استخدام السلاح الآلي ورصاص الخرطوش ضديد المتظاهرين.
وقد تفاعل المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ميشيل باشله، مع احتجاجات الأحواز واحتج على قمع هذه المظاهرات السلمية. وقد نشر المفوض السام بيان طالب فيها المسؤلين الإيرانيين بالكف عن استخدام العنف ضديد المناهضين لسياسة التجفيف في الأحواز، واتخاد سياسات، بدل ذلك، كفيلة بحل هذه الأزمة.
أما مرصد حقوق الإنسان فقد أصدر تقريرا في 9 يوليو صرح فيه بأن ارتفاع حصيلة القتلى، والاعتقالات التعسفية، تثير مخاوف حقيقة حول ردود فعل النظام الإيراني حيال الاحتجاجات في الأحواز، وعلى السلطات الإيرانية الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين الذين اعتقلتهم في خضم الاحتجاجات هذه.
أما مستشار مدير إدارة الشرق الأوسط التابع لمنظمة العفو الدولية فقد وصف استخدام العتاد الحربي، للتعامل مع المحتجين، كمصدر خطر جدي على سلامة حياتهم، ونقض صريح لالتزامات الجمهورية الإسلامية في الحفاظ على أرواح الناس.
وفي توالي ردود الأفعال صرح ند برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، بأن التقارير الآتية من الاحتجاجات تشير إلى إطلاق النار على المحتجين وقتل عدد منهم: «إن الولايات المتحدة الأمريكية تدين العنف المستخدم ضد المتظاهرين» وتدعم حق الشعوب في «التجمعات السلمية والتصريح عن المطالبات».
أما ديفيد لكا عضو لجنة الشؤون الخارجية وحقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي أدان استخدام العنف ضد المتظاهرين في الأحواز من قبل الجمهورية الإسلامية قائلا: «إن الناس بحاجة إلى الماء. ولا يمكن جازما أن يساعد استخدام العنف وإطلاق الرصاص الحي، واعتقال المحتجين على يد النظام الإيراني، يساعد في حل قضية نقصان المياه».
وفي الختام يمكن القول أن انتفاضة تموز، أو انتفاضة العطشى، هي تعبيرا صادقا عن ضمير شعب لا يقبل بالإستهانة والهوان، بل إنها احتجاجات كشفت نفاق رجالات الدين وزيف دعوتهم مناصرة المستضعفين. لقد أثبت الشعب الأحوازي، في انتفاضته هذه، أنه لا يزال حيا ينبض بهويته الاحوازية الأصيلة.
إن هذه الانتفاضة هي أولى الحركات الأحوازية التي تمكنت من جلب انتباه العالمين، والمجتمع الدولي، وظفرت بأصدقاء ومناصرين لها في مختلف ربوع المعمورة، سواء في الساحة الدولية أو من قبل الوطن العربي. ففي الوطن العربي لم نعثر على مفكر ولا كاتب، ولا مثقف من العرب، إلا ساند هذه الانتفاضة، ودعم قيام تموز، حيث أصبح هاشتاغ الأحواز تنتفض من أبرز الترندات عالميا.
ويعتقد الكثير من الخبراء أن انتفاضة تموز قد أدخلت القضية الأحوازية وكفاح الشعب الأحوازي إلى مرحلة جديدة قد تكون بداية التحرر من الاستعمار الإيراني والاحتلال الفارسي.
ومن ميزات الأخرى لانتفاضة تموز في الأحواز هي كشف أعداء الأحواز عن أصدقائها، في الداخل والخارج، مما مهد الطريق أمام الأحزاب والحركات الأحوازية لبناء تحالفات مع الأصدقاء، في سبيل الوصول إلى حق تقرير المصير. إن انتفاضة تموز استطاعت أن تكشف زيف أولئك الذين يدعون مناهضة الجمهورية الإسلامية واستبدادها وتمييزها العنصري، من المجاهدين إلى البهلويين، ممن أراد امتطاء جماجم الشعوب من أجل مغانمه، وأثبتت أنهم لا يقلون معادة للعرب و الشعب الأحوازي من الجمهورية الإسلامية، وإنهم أكثر الناس نكرانا لعربية الأحواز وتاريخها وحضارتها.
إعداد: معهد الحوار للأبحاث والدراسات
بارك الله فيكم