الخميس, ديسمبر 19, 2024
دراساتشروط الارتقاء بالقضية الأحوازية: من البنية العقدية إلى العقيدة

شروط الارتقاء بالقضية الأحوازية: من البنية العقدية إلى العقيدة

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

المدخل

لا يترك السؤال عن الخبو في القضية الأحوازية عقول المعنين بها: لماذا تشهد القضية الأحوازية هذا الضعف في الطرح، وهذا الجهل بها؟ ليس في الوطن العربي والمنطقة فحسب، بل بين بعض من فئات الشعب الأحوازي ذاته؟ لقد حدى هذا الضعف في طرح القضية الأحوازية وتناولها ببعض التأويلات أن تنسبه إلى تراكم تاريخي منذ القدم، ليس وليد الساعة. ولذلك من المشروع السؤال عما هي الشروط اللازمة للارتقاء بالقضية الأحوازية، على المستوى المجتمعي بين أوساط الشعب الأحوازي أولا، وعلى المستوى الإقليمي والدولي؟ وهو سؤال يلازم الهاجس الأول ويتفرع عنه.

كما يعني تعديد هذه الشروط، شروط الارتقاء بالقضية الأحوازية، التخلف في تحقيقها أو إهمالها رأسا، وهي الشروط التالية:

 

الارتقاء بالقضية الأحوازية إلى مستوى العقيدة

إن العقيدة هنا لا تعني الأمر الديني المتعالي، وإنما تعني فعل العقيدة ذاته، أي ذلك الفعل الذي يجعل من المعتقدين ينظرون إلى مصاديق اعتقادهم، وترجمتها على أرض الواقع، أمرا إيمانيا يمثل الحقيقة المطلقة التي لا حياد عنها، لأنها تمنح الحياة معنى، وتضع غاية للحياة إليها تتوجه الحركات والنشاط.

كما تعني العقيدة هنا تلك البنية الذهنية التي تستحيل فيها الذوات والفردانية، وهي تتحكم بنشاط الأفراد، التي تقولب فاعليتهم، وتشدهم إلى بعض، حتى ينتمون بذلك إلى أمر موحد بين الجميع، فيه يكون الملتقى، ومنه تصدر الفاعليات والنشاط، وعليه توضع القيم على المحك.

وإذا ما كانت العقيدة تعني الاعتقاد فعلا ونشاطا، كما تعني بنية عقلانية في الأذهان، فإن ذلك في القضية الأحوازية، لهو الأمر المغيب. فالقضية الأحوازية لم تستطع الارتقاء إلى عقيدة شاملة تعم المجتمع بفئاته وآحاده، بل هي ظلت مسارا سياسيا عند نخبة قليلة، تقولبه تارة على شكل خيار سياسي قد يتأتى ضمن حالات تحافظ على شكل النظام الإيراني القائم، وتارة على هيأة خيار لا يجد طريقا للتنفيذ إلى على شكل المساس بالنظام وتغييره جذريا. وفي كل هذه الحالات فإنها لا تعدو من كونها قضية سياسية، صلتها عقديا وإيمانيا خافتة فاترة.

كيف سيكون تحويل القضية الأحوازية إلى عقيدة؟

لا شك أن هذا الأمر لا يندرج في الفعال الفردية، ولا النخبوية فحسب؛ بل إنه فعل حضاري تقوم به جميع الفئات المجتمعية، وتنهض به جميع القوى العمرانية لجماعة قومية ما؛ إنه فاعلية قومية محددة بعينها في مغايرتها التام مع باقي الأمم المناهضة والمعادية على وجه الخصوص. إنه ينطلق من الوضع الراهن، رفضا وثورة، ويشمل التاريخ والجغرافيا والثقافة والقانون والدين والسياسة إلخ. إنه هنا في معناه الدنيائي العلماني، الإيديولوجيا بحد ذاتها وأتم معناها[1].

لكن على الرغم من ذلك، فإنه مهمة تنبري لها العقول العالمة للأمة الأحوازية من مفكرين وفلاسفة، وهؤلاء هم الصدر الذي يجب أن يمهد، كتابة وتفلسفا، الطريق التي تؤدي إلى تكوين بنية عقلانية أحوازية، تتقولب فيها أفكار محورها إعادة بناء الأمة الأحوازية بالمعنى المحدد والمتعين للكملة، تشخصها عن العالمين.

وان هذا المنطلق إذا ما أخذنا التاريخ مثالا على هذه العملية الواجبة، والفريضة الأولى، إذا ما أخذنا التاريخ بوصفه نقطة الإنطلاق، التاريخ بمعناه الممتد، حددنا بعدك ذلك سردية أحوازية تحدد معالم الشعب الأحوازي، العربية بالضرورة، تبتدي من بدايات تشخيص الأمة هذه وتعينها تاريخيا، فتأخذ تصف بدقة صفاتها، وأبرز مراحل تحولاتها، حتى إذا أكملت محددات الأمة الأحوازية، ومعالمها، أتت على المعوقات التي كبلت حركتها، وهنا بالتحديد أتت على التاريخ الفارسي الذي طالما كان المعوق الخارجي الأول في وجه الأمة هذه، ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الوجودي، وبعد ذلك جعلته الضد الذي به تتميز الأمة هذه.

وعند هذا المتلقى تبرز فاعلية العقيدة، أي الإيديولوجيا بالتحديد، فتُري تلك الكيفية التي استعبد فيها الفارسيُ الأحوازيَ/العربيَ، وأوقف الأمة الأحوازية من التحول إلى أمة ناشئة، إلى أمة تكاد تكون ميتة منهزمة، هزيمة حضارية، بأتم معناها، هزيمة جعلت الأمة هذه تصاب بانكفاء، لا تعرف حاضرها فضلا عن ماضيها ومتسقبلها، إنها هزائم متتالية.

فعلى سبيل المثال إذا ما أرادت الأمة الأحوازية بناء سردتيتها التاريخية، سرعان ما تجد في تاريخها سحابة سوداء تحجب العالم أمامها، تتمثل في الفرس، وأدوار الصراع الوجودي معهم. وفي هذه السردية لا يختصر دور الفرس في عام 1925، تاريخ احتلال الإمارة الكعبية، الإمارة الأحوازية العربية الرمزية، بل سيجد أن هزائم العرب، الشعب الأحوازي، على يد الفرس، تمتد إلى جذور أبعد، ربما قبل هزيمة الدولة المشعشعية، الأكبر شأنا من الإمارة الكعبية؛ ما يعني أن العدو الفارسي ليس عدوا وليد ذلك التاريخ، ولا عدوا يمارس اليوم التفريس على الأمة الأحوازية ويقتلها ويفقرها إلخ، بل هو عدو الوجود، عدو الأمة هذه بكل ما تحمله: حسب ما يثبته التاريخ، ومن أجل ذلك، فلا يمكن الحديث عن أي إنتماء أحوازي، أو الشعب أحوازي، دونما قطع جميع صلات ذلك الإنكسار على يد الفرس، ودونما  القضاء على جميع رسوبات الهزائم.

وإذا استطاعت السردية التاريخية الأحوازية، في بناء هذه الصورة التاريخية الواقعية عن طبيعة علاقتها بالفرس، حينئذ لا يمكن للأحوازي، العربي بالضرورة، تلقائيا إلا أن يساوق بين التحرير وبين قطع الصلة بالفرس، بين الازدهار المعيشي وقطع الصلة بالفرس، بين الرقي الثقافي وقطع الصلة بالفرس، بين الرقي الفني وقطع الصلة بالفرس، وبكلمة واحدة بين الحياة وقطع الصلة بالفرس.

هذه هي البنية العقدية الإيديولوجية التي يجب أن تكون، وهذه هي الثقافة العامة التي يجب أن تسري في الأبدان مع ألبان الأمهات قبل العقول، ليس على شكل رومنسي يخبو ويعلو، بل على شكل سردية عقدية معززة بالتاريخ الذي لا ينفك يشير إلى هذه الحقيقة: حقيقة قتل الأمة (أو ما هو قريب من قتلها، لأنها لا زالت حية تنجب) الأحوازية على يد الفرس كلما نهضت وانتعشت، مرار وتكرار في مختلف أدوار المنازلات بين الأمتين.

هل هذه العقيدة القائمة على معاداة الآخر الفارسي لها، المعززة كل التعزيز بالواقع التاريخي، عقلانية؟ إن الإجابة على هذا التساؤل لا يحتاج غورا بعيدا في البرهنة، بل يمكن القول إن فلسفة الإيمان اليوم، في الوضع المعرفي العالمي المتقدم اليوم، لم تعد تنظر للعقلانية المبرر والمسوق لصحة أمر واقعي ما، عقيدة أو فعلا. بل يكفي في صدق كل معتقد قيام الفرد أو الجماعة به، ومقدرته على منح الفاعل معنى يتلقاه، ودافعا يحفزه على القيام[2].

وإذا ما أردنا هنا إشباع فضول القاريء حول ما نعنيه، ربما سندله على ما حدث في ألمانيا بعيد الحرب الكونية الأولى، وما جرى من شحن لها، على مستوى الأمة الألمانية قاطبة، ضد اليهود، في كتاب منقطع النظير اسمه «جلادو هتلر المستعدون» للمؤلف دانييل غولدهاغن تناول فيه دور البنية السيكولوجية للشعب الألماني وتقولبها على أساس البغض لليهود بشكل غير انساني، وما أدى بهم ذلك إلى التعامل معهم بصورة تلقائية، وعلى أساس معاداة تسري في العقول والنفوس والأبدان تلقائيا ومن دون تأمل مسبق. ولعل القارئ النبية لا يظن بنا هنا، في القرن الواحد والعشرين، ندعو إلى تبني المقتلة والعنف العاري تجاه الفرس، بل هو يعلم بما نريده من جعل هذا النص مثالا بارزا لدور البنية السيكولوجية العقدية في جعل معتقد ما يسري سريان الأمر العادي الطبيعي بين الأمم وتحوله إلى ثقافة سائدة[3].

وبناء على هذا فإن النجاح في تكوين بنية عقدية هو الكفيل بالرقي بهذه القضية وجعلها روحا تسري في مختلف فئات الشعب؛ وأكثر من هذا فإن ذلك يتيح خارة طريق له، يجعله لا يحيد عن الجادة، بل هو يتنفس هذه العقيدة الشاملة في جميع نشاطاته الفردية والمجتمعية، فضلا عن أن ذلك يقضي على جميع المثبطات أمام حركة الأمة نحو التحرير، أي نحو التشخص القومي القائم على أساس الغير، والتمايز عنه، وربما العداء له، لتلك العقبة التاريخية من الهجوم والإحباط.

 

من البنية العقدية إلى العقيدة الفردية

وإذا ما كان تكوين بنية عقدية، قوامها تمهيدات تاريخية موضوعية، في الحالة الأحوازية، تفيد بوجود طرفي نزاع، تمكن أحدهما الغلبة على الآخر، فاشتق عن ذلك علاقة سيد وعبد، أو محتل ومحتل، فإن تلك البنية تمنح الأفراد استعارات تتمخض عن هذا الواقع الثنائي، غالب ومغلوب.

وهذه الاستعارات على خلاف ما يبدو، في الوهلة الأولى، من كونها حالة ذهنية في التعقل، لكنها من خلال ترجمتها على استعارات، تنزل إلى ساحة أرض الواقع، إلى ساحة أسماء نطلقها على ظواهر أو مسميات نعيشها كل يوم. وبعبارة أخرى إن ما تمنحه العقيدة، والإيديولوجيا، لا فرق، هو توفير قاموس لغوي من المفردات والمفاهيم للشعب الأحوازي، تساعدة على تحديد ما يجري في حياته اليومية، سواء على المستوى الفردي أو المستوى الجماعي الأممي، مفاهيم تكون بمثابة استعارات نحيا بها، هي التي تجعل العالم الخارجي لنا، عالما مفهوما.

وأخطر ما في هذه الاستعارات أنها لا تحتاج إلى عملية تعقل كبيرة، بل هي تسري مسرى الحياة المعيشة، بالنسبة لجميع الأمم، على سواء، تجعل تعاطيهم  مع الواقع تعاطيا على أساس الفهم[4]. الفهم الذي يكون متمخضا عن عملية تصور جماعي، تبني مخيال الأمة، مخيالا قوامه تمايزها مع الآخرين من بقاء الأمم، حتى تكون بذلك الأمة جماعة تصويرية أو مخيالية تعايشها واقعيا هو الذي يمنحها موضوعيتها، ويصنع لها ما تريده من ماض وحاضر ومستقبل مشترك[5].

ومن هنا يُمنح الأحوازي، بهذه العملية العقدية الثنائية التعاطي، بين بنية إيديولوجية واستعارات تحيا بها الأفراد، يتوفر على مفاهيم تبني رؤيته الفردية، دون أن يكون مثقفا، ودون أن يكون متعلما، ناهيك عن أن يكون مفكرا أو أديبا أو فيلسوفا، مفاهيم لا يمكن لها أن تزول، لأنها حصيلة تراكم معرفي كبير، ومفاهيم لا يمكن لها أن تُخدع لأنها عقيدة يؤمن بها الفرد لم يأخذها عبر عملية معرفية تجري في بطون الكتب.

وهذا القاموس المفاهيمي يصور الواقع على هذا الشكل: فبدل أن يقول الأحوازي بعد نجاحنا في تكوين البنية العقدية المتقومة على استعارات نحيا بها، بدل أن يقول تائها وعلى مضض «الدولة الإيرانية»، سيقول الاحتلال الإيراني، وبدل أن يقول «أنا عربي إيراني» سيقول أنا عربي أحوازي، وبدل أن يقول «العشائر والقبائل الأحوازية» سيقول الشعب الأحوازي العربي، وبدل أن يقول «السجين السياسي» سيقول الأسير، وبدل أن يقول «الشيخ خزعل» سيقول الأمير خزعل، وبدل أن يقول «عيد النوروز» سيقول عيد الفرس أو عيد الاحتلال أو يوم الحزن، وبدل أن يقول «1925» فسيقول يوم النكبة أو يوم الاحتلال، وبدل أن يقول «اللر» سيقول المستوطنون، وهكذا على مستوى الاستعارات المتبقية وهي كثيرة؛ أما على المستوى العملي في ساحة الواقع فينزع نحو المواظبة على الزي العربي في هيأته الأحوازية، ليعلو هامته بالكوفية السوداء البيضاء بدلا عن الكوفية الحمراء، وسيعمد على إنعاش اللهجة الأحوازية من الاحتضار بدل استخدام لهجات عربية أخرى للدلالة على عروبته، وسيجنح إلى تبني أسر الأسرى بدلا عن تركهم يواجهون المذلة والفقر والطرد، وسيميل نحو الابتعاد عن الفرس ومخالطتهم بوصفهم مستوطنين بدلا عن مصاهرتهم أو نكاحهم، وسيفضل الشراء من المتاجر العربية للشعب الأحوازي بدلا من مبايعة المستوطنين سراق الوطن إلخ.

 

التاريخ العقدي صاحب الرسالة

وهكذا نمضي فيما يمنحه لنا هذا الأساس العقدي، الجماعي الإيديولوجي من جهة والفرداني الاستعاري من جهة أخرى، حتى نصل إلى ما يمنحه لنا على مستوى كتابة التاريخ، على أيادي المؤرخون الأحوازيون، وفهمه وتداوله على يد الشعب عامته وخاصته.

فهنا إذا ما كانت القضية الأحوازية متمكنة من تكوين بنية عقدية، لما شهدنا المؤرخ الأحوازي، وهم قلة منزورة، يسطر تاريخا أحوازيا فارغا عن المعنى والمغزى، تارة بتأثير من موضوعية مزيفة، من زاوية المناهج التاريخية أنفسها ومن زاوية طبيعة العلوم الاجتماعية،  وتارة حصيلة اجتهادات باردة تهادن النظام وتسابق الزمن لوقاية فتكه، بدلا عن كل تلك الموهومات، لتوفرنا على مؤرخ يعلم أن التاريخ سوف «يظل علما في طور البناء على شاكلة مجتمعنا الذي لا ينفصل عنه»[6].

وإذا ما أردنا معاينة واقع المؤرخ الأحوازي، في ظل غياب الرصيد العقدي الإيديولوجي ومن ثم فقدان الاستعارات المسعفة، لا نجده متخلفا، كل التخلف، عن كتابة تاريخ قومي لشعبه، قوامه الاحتلال وإسقاط الحكم الأحوازي، تاريخا وواقعا ومستقبلا، فحسب، بل نجده يجتهد في إسقاط السردية القومية لهذا الشعب أصلا. ومن أكبر دلالات هذا الواقع هو محاولات الكثير من المتطفلين على التاريخ تزييف كتابة الأحواز بالحاء، والإصرار على الأهواز، وإسعافها بمصادر تاريخية تؤيد ذلك[7].

وصحيح أن التاريخ يسعف التسمية بالهاء، لكنه يسعف بالنفس الدرجة التسمية بالحاء؛ بيد أن الفاصل الكبير بينهما، وهو ما يجهله المتورط في تناول التاريخ تناولا معطوبا، هو أن تسمية الأحواز تحمل في طياتها دلالات نضالية كبيرة، وتقترب، بل تضع في صلب التاريخ الملتزم الذي يعي متطلبات الحاضر ويعي الخط الممتد من ماضي الأمم إلى مستقبلها. وهذا هو ما اكتشفته دراسة تناولت هذا الموضوع، الذي أخذناه مثالا يسيرا على طريقة التناول التاريخي الأحوازي على يد أبناءها، اكتشفته بيد أنها ظلت متأرجحة فأتت بقول معطوب  بصحة التسميتين، متنصلة بذلك عن العقبة الإيديولوجية لكل تسمية، وما يلزم عن كل منهما[8].

على أن هذه الدعوة إلى الأخذ بالواقع عند التناول التاريخي، لا تعني أبدا الدعوة إلى كتابة لا منهجية فيها ولا موضوعية، تأتي بوقائع خارج التاريخ والماضي، وتزور وره بما لم يحدث فيه، بل هي دعوة إلى التعرف على التناول المؤصل، وإحكام المناهج الجديدة في التأريخ، والعبرة بكبار المؤرخين القوميين الذين مهدوا الطريق اللازم لبناء وعي تاريخي به أسسوا دولهم وبلوروا شخصيتهم القومية.

إن التاريخ هو الوعاء الذي يجب أن يبتدي العمل السياسي والمجتمعي والنضالي منه، وهو السند الذي يجعل الواقع واضحا، لا واقعا يثقل فهم الفرد والجماعة. إن مما لا شك فيه هو أن كل أحوازي يمتلك قليلا من الوعي، تساءل عن نفسه وعن أصحابه مرات عديدة عن سبب الوضع الذي يمر به الشعب الأحوازي. ومما لا شك فيه أن الأجوبة عن ثقل الحاضر تجعل عموم الشعب الأحوازي مثقلا بهموم ماضيه وحاضره، متناسيا تماما مستقبله. تلك حقيقة لا يمكن أن يجادل فيه أحد في الأحواز، لأنها تجربة تتكرر كل يوم. ونحن نعتقد أن مصدر كل ذلك الغموض، وتكرار التساؤل هذا، يرجع قبل كل شيء إلى غياب الرؤية التاريخية الأحوازية الطابع، والتخلف عن بناء سردية أحوازية، تلاصق الواقع وتصدر عنه، بهدف واحد وغاية واحدة هي إخضاع الماضي والحاضر والمستقبل، في خط ممتد ومتصل، إلى الفهم، وجعله مسعفا للحياة، لا ثقلا عليها يكبلها ولا يقدم الأجوبة الممكنة للخروج من أزمة أو حلما في مستقبل واعد.

وهذا هو المراد من التاريخ، وهذا هو واقع التاريخ الموضوعي أصلا، والغاية التي تجعل جميع المؤرخين يلجئون إليه عند كل نازلة وعند كل اجتهاد: صلات الواقع وهمومه وقضاياه هي بوصلة الذهاب نحو التاريخ، ولا يمكن قط الإدعاء بوجود تاريخ يخلو من هموم الماضي، لأنه رواية الحاضر بصيغة ماضية، كما يكرر هذا القول كبار المؤرخين والفلاسفة. ومن أجل ذلك فإن كتابة أي تاريخ أحوازي، للشعب الأحوازي، لا بد من أن تعي ذلك، ولا بد أن تبدأ وتنتهي من الواقع المعيش والظرف الراهن.

وبما أن الظرف الأحوازي الراهن هو ظرف احتلال فلا بد أن تتقوم السردية الأحوازية على هذا الأساس، كما قلنا. ولتدعيم هذه الدعوة، يمكننا أن نأتي بعشرات الأمثلة لكبار الفلاسفة في الغرب الذين فعلوا الشيء نفسه لشعبهم: فهذا المفكر السياسي نيكولو ميكافلي وقد ترجم كتاب تاريخ توسيديد من أجل مساعدة الجمهورية في فنيز، وهذا الفيلسوف الكبير ثامس هوبز وقد جاء في جميع كتبه، ومن ضمنها اللوياثان، يأتي بتفسير للحرية والحكم والملك كلها تصب لصالح توطيد حكم مستقر في بلاده[9].  ففي كتاب اسكينر حول توماس هابز، الذي أشرنا إليه في الهامش، يأتي المؤرخ الكبير هذا فيضع هوبز في خضم المناقشات الطويلة والمحتدمة في بلاده وعصره، ويشرح كيفية تعاطيه معها، الكيفية التي جعلته يسفه الكثير من الآراء، سيما آراء أرسطوطاليس العظيم، ليخرج بصياغة فلسفية لوطنه والحكم الذي كان يراه الأنسب لحفظه وبسط الاستقرار والأمن فيه. أجل لم نعثر على فيلسوف أو مؤرخ كتب تاريخه في برج عاجي بعيد عن واقع حاله، وحال موطنه، حتى أتت كل التاريخ سردية لواقع فيلسوف وهموم عصره.

وإذا كان حال الفلسفة التي ينبغي لها التجريد والابتعاد عن محايثة الواقع، فإن الأولى بالتاريخ ملاصقة الواقع على حد أكبر. وهذا ما فعله العلامة ابن خلدون في تأريخه وعملية إعادة كتابة التاريخ العربي، حيث جاء تاريخا مثقلا بهموم الواقع، ومحاولة فريدة، لفهمه وتمهيد الطريق لتغييره[10].

وبعد كل ذلك فغني عن القول ماذا نقصد بضرورة التزام السردية الأحوازية بتأريخ ينطلق من الواقع الأحوازي، وما نتج عن ذلك الواقع من ثقل الاحتلال، وضرورة بناء فهم للواقع قد يرى معالجة تفضي إلى دحره وتبني الشعب لها.

 

اللغة مدخل الفاعلية العملية

لغاية الآن تحدثت الدراسة عن أبرز الوجوه العقدية الإيديولوجية، على مستوى البنية السيكولوجية وما يتفرع عنها من ثقافة، وحصرت تأثيرات البنية على جانبين فكري هما تكوين إيديولوجيا شاملة تضم كافة الشعب، وإعادة كتابة التاريخ الأحوازي بما يتوائم مع طابع هذه الإيديولوجيا القائمة على أساس واقع الاحتلال. وما يتبق هنا هو شرح الكيفية التي تتأثر بذلك على ساحة الواقع. وهنا أيضا شنشير إلى ساحتين فقط كأهم الساحات، التزاما للاختصار وعرض أمثلة دون التطرق لكافة الأوجه.

فأول ما يجب أن يتقوم عمليا على أساس ذلك، هو اللغة العربية الأحوازية، وما يتفرع عنها من جميع أطوار الشعب الأحوازي. ولا نعني باللغة هنا العربية الفصحى فحسب، فتلك لغة خالدة بخلود الأمة العربية، بل نعني الحفاظ على اللهجة الأحوازية بالدرجة الأولى، لأنه شاهد عروبتنا، والباب الوحيد الذي يسمح لنا بالدخول إلى العروبة، والهوية العربية الواحدة.

ولا نرى أي تعارض بين الكلام المحكي والكلام المكتوب الكلام العالم، إذ إن تعايش العامية والفصحى معطى تاريخي وواقعي يحدث كل يوم في البلدان العربية، ولم يفضي إلى تعثر المستويين، إلا في حالات نادرة لا نريد التطرق لها لأنها ليست من صلب قضايا الشعب الأحوازي في ظرفه الراهن.

إن أول ما يجب الانطلاق منه في جعل اللغة انعكاسا لإيديولوجيا الشعب الأحوازي هو صيانتها اللهجة الأحوازية، ليس لأنها شاهد عروبتنا وإثبات ذلك، بل لأنها ذلك المخزون الذي جلعنا نكون على ما نحن عليه اليوم. أعني بذلك محاكمة هذه اللهجة محاكمة عادلة حول مساهمتها في بناء واقعنا: ما هي المفردات التي تعكس ترابط هذه اللهجة بالفرس؟ ما هو حالها قبل الاحتلال وبعده؟ ليس احتلال الإمارة الكعبية فحسب، بل احتلال الدولة المشعشعية، وكذلك العداون المستمر من الفرس على الأحواز طيلة تاريخها الطاعن إلى ما قبل الشمشعية والكعبية.

وهنا كأننا نستدعي اللغة نستفتيها عن واقع مكنون، أو واقع غامض لا يسعفنا فهمنا عن إدراكه وتبريره: كيف أصبحت الأحواز منهزمة دوما أمام العدو الفارسي؟ وكيف انعكس هذا الانهزام على مفردات اللغة؟ لماذا تخلو اللهجة العامية الأحوازية عن وصف الفرس وعلاقتهم معها سوى ببضع مسميات، نظير العجم، ونظير القجر ونحو ذلك؟

إن اللغة كما يقول ويتغنشتاين ومعاصره سوسور تتضمن في طياتها ومفرداتها وتراكيبها ما يجعلها الإطار الذي يدور فينا، والقالب الذي يقولب أفكارنا[11]، ولذلك نبحث فيها عن سماحها حدوث كل ذلك وتصيرنا إلى ما نحن عليه الحال.

هذا من حيث أهميتها الأولى، ولكن إلى جانب ذلك، ذلك البعد الذي لا يعني قط القاء الوم عليها بشكل ولداني، فإنها كما قلنا باب الدخول إلى العربية بالنسبة لنا. ومن أجل هذا بالتحديد فإن الحفاظ عليها يتطلب خوض عملية من أجل تدوينها، وتأيلف قواميس في مفرداتها، ومدى صلتها بالعربية الفصحى إلخ[12].

وذلك من دون شك يتم عبر كتابة روايات ومسرحيات باللهجة الدارجة، والخروج بها بأفلام جديرة، تجعلها قريبة إلى المحكية بين الشعب، كما يتطلب ذلك دعمها بمفردات توضع من أجل تسمية أجهزة وظواهر، كانت موجودة في السابق، لكنها أهملت نتيجة استخدام الفارسية بدلا عن اللهجة. وهنا، مرة أخرى، وعلى هذه الساحة التي كان يجب أن تكون نقية محصنة، يظهر العداون الفارسي. فبينما كان الكلام المحكي الأحوازي مفعم بالكثير من العبارات والمردافات والتعابير، وشأنها شأن العربية الفصحى الجذر والأم، أصبحت اليوم تعاني من مفردات تسعف بها الناطقين عبرها من أجل تعبيراتهم اليومية، وذلك فضلا عن مزاحمة الفارسية لها، فإنه ناتج عن قصور تدوين المحكية الأحوازية وتراكيبها وسلامة نطقها، بعد أن ماتت أجيال ممن كان بعيدا عن الاحتكاك بالفرس وما ينتج عن ذلك من ركاكة اللهجة وعجزها.

 

العمل التنظيمي الأحواز: ذراع العقيدة

ثم إذا ما كانت العقيدة تتجلى فكريا في وضوح الحاضر المستند على سردية تاريخية أحوازية قومية، واعية حاضرها ومستقبلها، فإن أولى نتائج ذلك وضوح الرؤية السياسية بين المنظمات الأحوازية الكثيرة العدد القليلة التأثير والفاعلية.

فأولى ما يسجل على عمل هذه المنظمات التحررية هو غياب وضوح أطروحاتها، وفقدانها العرض المتسلسل القائم على مراحل، وطرق نيل المراحل وتحقيقها. وما ذلك إلا انعكاسا عن انعدام الإيديولوجيا فيهم، ذلك النظام الفكري الذي ينتظم نشاط الحركات التحررية، ليس على مستوى استقطاب العالم والعرب لقضيتهم، بل من أجل استمالة الشعب الأحوازي، قبل كل ذلك، وإقناعه بجدية القضية، وأحقيتها، والارتقا بها إلى مصاف القضايا الحقة، التي تميز بين الحر وبين العبد.

لم يتحرك المناضل الأحوازي من سردية تسعفه في بيان ما تتمتع به قضيته من صدق تاريخي، وتزامنا مع ذلك ما بتين به حجم العدوان الفارسي على ذلك التاريخ، الذي تغلب على شعب فقلته ونهب جميع مقدراته، وأرفق كل ذلك بعملية من التزوير التاريخي والهووي له، لا لشيء سوى لدورانه في متاهة ليس فيها معالم طريق تهديه إلى الصواب.

وإذا ما كان هذا واقع حال المناضل الأحوازي، والمنظمات التحررية، في إخفاقها في عرض صورة للقضية الأحوازية شاملة تبرر صدق نضالهم بين العرب والمنطقة والعالم، فإن غياب العقيدة جعل من المناضل ذاته يهتز في كثير من المنعطفات والمراحل النضالية التي يمر بها. فكثيرا من سمعنا حياد مناضلا عن النضال أمام مال أو سجن أو إرهاب، لا لضعف شخصية أو حب بمال أو جبن، وإنْ كانت الحالات هذه صادقة على كثيرين، بل نعتقد أن ذلك يعود إلى فقدان تلك البنية العقدية التي تجعل أي حياد عن النضال كفر يستوجب عقابا أخلاقيا.

إن القضية الأحوازية، وهنا على مستوى النخبة المناضلة والمنظمات، لا تعني عقيدة مقدسة ولا إيديولوجيا مبررة موضوعيا، بل هي في أحسن الأحوال تبدو في عيون الكثير من المناضلين ظلم سياسيا وقع على شعب، وليس قضية تتعلق بالكرامة الفردية قبل الجماعية، وقضية تتعلق بالميز بين الأحرار والعبيد، أو قضية موت أو وجود: كما هو الشأن بالنسبة لباقي الشعوب الذين وقعوا تحت احتلال؛ وذلك كما قلنا مرارا ليس ينجم عن جينات في الأحوازيين تجعلهم دون غيرهم، بل لأنها أولا وأخيرا نتاج ذلك العجز في بناءها كعقيدة إيمانية راسخة بين الجميع.

إن النجاح في تكوين بنية عقدية، سيمنح، من دون شك، الشعب الأحوازي الاستمرار في تبني قضيته، ويمنحهم بالآن ذاته المضي فيها بصورة تكبد الاحتلال خسائر تجعله يعيد النظر في استمرار الاحتلال، أو على الأقل التخفيف من وطأته. إن الاحتلال الإيراني تكبد أقل الخسائر، مقارنة بكافة تواريخ الاحتلال، عند كل سياسة أرد تنفيذها بين الشعب الأحوازي، حتى يمكن القول بأنه أرخص احتلال عرفته البشرية. وذلك نظرا لغياب تام للوعي من الشعب بحقيقة ما يجري على ساحة الواقع، حتى أخذ الكثير يتصور النظام الإيراني دولة شرعية لها الحق في التصرف بكل مناطق خاضعة لدولتها، ومن ضمنها الأحواز.

ثم إلى جانب ذلك تعني العقيدة رسوخ روح التضحية بين النخب والتنظيمات، وهو أمر طالما لوحظ على النشاط الأحوازي، وبشهادة المناضلين جلهم، بأن روح التضحية يكاد يكون مغيبا في العمل التنظيمي؛ ليس التضحية بالأنفس والأهل، بل المقصود بغياب التضحية هو التضحية المالية والإدارية، التي قد يستوجبها العمل النضالي في مرحلة من المراحل. وهذا الغياب يقفد بالدرجة الأولى القضية قيمتها، ويفقدها التصديق بها من قبل الشعب والجميع، ويجعلها قضية خفيفة الوزن، لم ترتقي إلى مستوى يجعلها جديرة بالتداول والتناول.

 

الإستنتاج

حاولنا في هذه الدراسة التطرق إلى شروط الارتقاء بالقضية الأحوازية، ومن كونها قضية منسية بين الشعب الأحوازي، قبل المنطقة والعالم، إلى قضية حديث الساعة يشعر بها الجميع، ويرى ضرورة التطرق لها.

وعند الحديث عن تلك الشروط تطرقنا لأخطرها، فقلنا أن أهم الشروط هو نجاح الشعب الأحوازي، أفرادا وجماعات ونخب إلخ، في تكوين بنية عقدية تجعل قضيته تنافس الأمور الإيمانية، تلك الأمور التي تلازم الفرد والجماعة تلازما يوميا، في جميع أنشطتهم في الحياة والواقع المعيش. وكأمثلة على ذلك أتينا على التاريخ، وقلنا أن التاريخ الأحوازي الذي يُكتب دون الالتزام بواقع الاحتلال وسريانه على الشعب الأحوازي فإنه تاريخ مزيف لا يراعي أدنى شروط الموضوعية. والتاريخ بهذا المعنى يجب أن ينطلق أولا وأخيرا على مدار سردية أحوازية توضح الظرف الذي أدى بالأحواز إلى واقعه الراهن، وتجلي له غموض الوضع الراهن، والضياع الذي يعيشه الشعب. ولإبراز موضوعية هذا النوع من كتابة التاريخ عززنا ذلك بأمثلة من فلاسفة كبار.

ثم تطرقنا إلى ما يمكن أن تؤدي إليه عملية تكوين بنية عقدية تاريخية، من استدعاء اللهجة الأحوازية، واكتشاف ما فيها من مخزون أهمل الاحتلال، وتغافل عما يدور حوله من تغلب وعدوان، لأننا اعتبارنا اللغة الخزان الذي يعكس ماضي الأمم وحاضرها. فإذا غاب عن اللهجة الأحوازية مفردات كثيرة تدل على واقع صراعها مع الفرس فإن ذلك يعني مدى جهلها بحالها ومرارتها. وهكذا بعد ذلك أجلينا ما يؤثركل ذلك الغياب العقدي على العمل النضالي الأحوازي المنظم، الذي يعاني من كثير من الغموض، فاقدا لأطروحات شاملة تشرح مراحل التغيير، التغير من الاحتلال إلى التحرر وبناء الدولة الأحوازية. وذلك لأن القضية الأحوازية لم تصبح عقيدة بالنسبة لكثير من المناضلين أنفسهم، فمال بالك عن الشعب المنهك تحت ظائل الجهل والفقر والتقتيل على يد النظام الإيراني الذي جعله مستعبدا لا يراعي فيه أية حقوق ولا كرامة.

 

 

سعيد سبهان

 

 

المصادر   

[1] . في معنى الاعتقاد فلسفيا راجع: Anthony Kenny, What is Faith?Essays in philosophy of Religion, Oxford University Press,1992.  وهو كتابا كلاسيكيا استوحينا منه الأفكار، ولا يعد إحالة مباشرة لما نقوله هنا؛ وفي معنى الإيديولوجيا الذي يعد مصدرا مباشرا لما نقصده هنا راجع كتابا كلاسيكيا آخرا: Terry Eagleton, Ideology: an Introduction, Verso, New York1991.

[2] . أنظر في ذلك المصدر السابق لكاتب عظيم يحتل صدارة المؤرخين للفلسفة في الغرب: Anthony Kenny, What is Faith?Essays in philosophy of Religion, Oxford University

[3] Daniel Jonah Goldhagen, Hitlers willing Executioners, Alfred A.Knopf, 1996.

[4] . جورج لايكوف ومارك جونسن، الاستعارات التي نحيا بها، ترجمة عبدالمجيد جحفة، دار توبقال للنشر، الدار البيضا 1996.

[5] . بنديكت أندرسن، الجماعات المتخيلة: تأملات في أصل القومية وانتشارها، ترجمة ثائر الديب، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت2014.

[6] . فرانسوا دوس، التاريخ المفتت: من الحوليات إلى التاريخ الجديد، ترجمة محمد الطاهر المنصوري، المنطمة العربية للترجمة، بيروت2009.

[7] . راجع في ذلك: عبدالنبي قيم، بادشاهي ميسان واهواز يا احواز، نشر اختران، تهران 1398.

[8] . عارف عبدالله نصر، الأهواز التأصيل التاريخي واللغوي للتسمية، في دراسات في التراث الشعبي الأحوازي، دار أمل الجديدة، دمشق 2018.

[9] . راجع في ذلك مثلا: Quentin Skinner: Habbes and Republican Liberty, Cambridg University Press,2008.

[10] . محمد عابد الجابر، فكر ابن خلدون، العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت1970.

[11] . راجع في ذلك: Roy Harris, Language Saussure and Wittgenstein: How to Play Games with Words, Routledge1990.

[12] . ولا بد هنا أن ننوه، بأسماء آيات التنويه، بالعمل الذي قام به الأستاذ الشويكي وقاموسه العظيم الذي جعله مدخلا إلى التعرف على اللهجة الأحوازية.

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!