المقدمة
تتعالى بين الفينة والأخرى أخبار في الصحافة الإيرانية، والصحافة الفارسية الناشطة في الأحواز، تتحدث عن موجات هجرة مستمرة من الأحواز إلى باقي المحافظات الإيرانية، تجري بشكل مستمر دون علم الرأي العام العربي المعني بالأمر. وبناء على هذه الأخبار التي تتضمن معلومات رسمية وشبه رسمية يتم تناول أبعاد الهجرة، والأسباب الباعثة لها، وفق الصحف والجهات المعنية. ولكن الهدف الأول من هذا التقرير هو التوقف عند دلالات المعلومات الخاصة بالهجرة، حيث يأتي التطرق إلى الأسباب لإلقاء مزيد من الأضواء على حجم الهجرة والفئات التي أقدمت عليها.
- معلومات الصحف الإيرانية الرسمية
تفيد احصائية نشرتها وكالة مهر بأن 44.5 من الأحوازيين في الشمال، ما يسمى «محافظة خوزستان»، يرغبون في الهجرة، والذهاب إلى مناطق أخرى في إيران. كما أضافت الصحيفة بأن الأحواز تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد المهاجرين بين «المحافظات الإيرانية» بتسجيلها هجرة أعداد كبيرة منها إلى باقي المحافظات الإيرانية.
وعند الحديث عن مختلف المدن الكبيرة الأحوازية التي تعاني من الهجرة، تفيد هذه الإحصائية بأن الأحواز العاصمة وحدها شهدت رغبة في الهجرة بلغت 48 بالمئة من السكان، بينما كانت النسبة في مدينة عبادان 51.1 بالمئة.
وقد بلغ بين الأعوام 2006 لغاية 2011 حجم المهاجرين من شمال الأحواز («خوزستان») 115 ألفا و640 فرد، 49 ألفا و514 منهم من مدينة الأحواز العاصمة وحدها. بينما سجلت الأعوام الواقعة بين 2011 لغاية 2016، سجلت هجرة 135 ألف و206 شخص، بنسبة زيادة بلغت 20 ألفا بالمقارنة مع الفترة السابقة. أما في العام 2019 فقد أفادت معلومات مركز الإحصاء الإيراني باحتلال شمال الأحواز المرتبة الثانية من حيث تصدير المهاجرين.
- ملاحظات حول هذه الإحصائيات
وعند قراءة هذه الاحصائيات والبحث في الملاحظات التي كتبتها الصحافة حولها، تتبين الملاحظات التالية:
أولا: تتصاعد نسب الهجرة في المناطق التي شهدت توسعا وكثافة سكانية. وهي تلك المناطق التي شهدت موجة استيطانية منذ عقود طويلة. أي تلك الأحياء والمدن التي سجلت موجات استيطانية كبيرة على مدى عهود ضمن برامج التحديث المتبع من جانب الدولة الإيرانية المحتلة. ومن هنا يمكن فهم وقوع مدينة الأحواز العاصمة وعبادان في صدارة المدن المصدرة للمهاجرين، لأنهما أكثر المدن التي استجلبت مستوطنين من باقي المناطق الإيرانية، عند بداية النشاط النفطي، وما استلزمت تلك الصناعة من قوى عاملة وتقنية تديرها. فمنذ العشرينات والثلاثينات عملت دولة الاحتلال الإيراني على جلب قوى عاملة من كل المناطق الإيرانية إلى الحقول النفطية الأحوازية، بهدفين: أولهما هو محاولة منع الأحوازيين من العمل والتوظيف في الحقول النفطية، وثانيهما جلب المستوطنين لإدارة الشأن النفطي من جهة، وتنفيذ عملية الاختلاط بين سكان الأرض العرب والمستوطنين الفرس لإتمام عملية التفريس من جهة أخرى. ومن أجل ذلك تم تخصيص موارد هائلة من مصادر النفط كمحفزات ومرتبات يتم صرفها للراغبين في الاستيطان.
ومن هذه النقطة بالتحديد يمكن استخلاص نتيجة أولية بأن الترتيب الزمني لحياة المستوطنين في الأحواز كان يحتم عليهم الهجرة منها، بعد إتمام فترة الخدمة في الجهاز الإداري النفطي، ليكون ذلك بمثابة عودة هؤلاء إلى ديارهم أو مناطق فارسية أخرى بعد إتمام فترة الخدمة البيروقراطية هذه.
ثانيا: وإذا ما كانت هذه النتيجة الأولى المذكورة غير مدعومة بـ إحصاء رسمي يكشف الهوية القومية للمهاجرين، فإن هناك من المؤشرات المتاحة في الصحافة ما تشير إلى ذلك: فقد وردت فقرة في التقرير المذكور تفيد بأن «هوية المهاجرين أو الراغبين في الهجرة يثبت بأنهم ممن أتى الأحواز قبل عقود، واستوطن فيها بحثا للعمل والحياة المرفهة». وهذا يكشف بوضوح بأن موجة الهجرة برزت واستفحلت بين هذه الفئات بالتحديد. ولتعزيز هذه النتيجة لا بد من أخذ تاريخ الاحتلال الإيراني في التصرف مع العرب، الشعب الأحوازي، بعين الاعتبار: وذلك لأن السياسات الاستراتيجية البعيدة المدى للنظام الإيراني، منذ العهد البهلوي لغاية الجمهورية الإسلامية، كانت قائمة على أساس تفريس العرب، أو تهجيرهم إلى باقي المناطق الإيرانية. وبناء عليه فإذا حدثت الهجرة بين العرب، فسيكون ذلك مكسبا للنظام دون أن يكون خصص له موارد أو سعى إليه. ونتيجة لكل ذلك يمكن تعزيز الخلاصة السابقة بأن النسبة الكبيرة من المهاجرين هم من غير العرب السكان الأصليين للأحواز.
ثالثا: تفيد هذه المعلومات المشار إليها بأن معظم المهاجرين هم من النخب. وقد يكون المقصود بالنخب هم الموظفون وباقي الفئات المتعلمة. وبناء على ذلك فإن الإشارة إلى النخب هنا تعني هجرة تلك القوى البشرية العاملة في النظام الإيراني وأجهزته الحكومية. وبما أن إجمالي حصة الشعب الأحوازي العربي من التوظيف والعمل الحكومي في الأحواز لا يتجاوز عشرة بالمئة، وفق معظم الاحصائيات والمعلومات المسربة والانطباعات، فإن ذلك يثبت مرة أخرى بأن سواد المهاجرين قد لا يكون من العرب.
- أسباب ازدياد الهجرة
وما إنْ تذكر الصحف الإيرانية معلومات عن الهجرة في شمال الأحواز حتى تبدأ بذكر الأسباب التي جعلتها تتصدر قائمة المناطق المصدرة للمهاجرين بين باقي المحافظات الإيرانية. وتذكر معظم الصحف الأسباب التالية كأهم الدوافع التي جعلت فئات من الأحوازيين يرغبون في الهجرة.
وبينما يكون الاهتمام بالأسباب هنا اهتماما ثانويا، فإن الهدف من ذكرها هو استكشاف بعض الوقائع الخاصة بهذه الإحصائيات، وهوية الفئات المهاجرة بالتحديد. وذلك لأن الفقرة السابقة أثبتت بأن الأكثرية من المهاجرين هم من غير العرب، بل من المستوطنين الذين أتوا إليها منذ عهود تحت تأثير مختلف المحفزات المالية التي منحتها دولة الاحتلال الإيراني للفرس الراغبين في الاستيطان في الأحواز(2).
أولا، التلوث البيئي: تجمع جميع الدراسات الأكاديمية والصحفية التي تتناول قضية زيادة الهجرة من الأحواز على أن التلوث البيئي الذي تعاني منه هذه المنطقة هو السبب الرئيس في رغبة الناس للهجرة نحو باقي المحافظات الإيرانية التي لا تشهد تلوثا بحجم التلوث الأحوازي الراهن، الذي جعل معظم أيام العام ملوثة غير صالحة للحياة. وبغض النظر عن ظاهرة الكثبان الرملية والعواصف الترابية التي عبثت بسلامة الطقس بشكل كبير وتسببت بمختلف الأمراض، فإن التلوث البيئي يشمل درجة الحرارة وانعدام الحياة النباتية والجفاف وباقي الأحوال التي تتعلق بطبيعة الجغرافيا من الأساس وليس حدثا طارئا. ويعني ذلك أن هذا النوع من الطقس ليس غريبا كليا عن الشعب الأحوازي، مع اختلاف كبير في النسب بكل تأكيد، بل اعتاد الناس مثل هذا الطقس، ولم يحدو بهم إلى التفكير في ترك موطنهم. وإذا كان التلوث بلغ مستويات كبيرة في العقود الأخيرة، ولكن المفارقة في تعامل الأحوازيين أهل الأرض معه، هو أنه لم يجعلهم يفكرون في مغادرة محل عيشهم، وأنه غير صالح للحياة ومن ثم يجب تركه، بل كانت الفكرة العامة بين الناس تدور حول كل شيء ما عدا ترك الوطن. ولذلك فإن التلوث البيئي لا يعد أزمة تستحق ترك الموطن بالنسبة للعرب، عرب الأحواز وشعبها، بل تعد لهم أزمة من جملة تلك الأزمات التي تحيط بحياتهم كلها. فهنا يماثل الأحوازي بين أزمة التلوث وأزمة الفقر، وأزمة التمييز، وأزمة الهوية، وأزمة الصحة، التي لم تؤدي به إلى الهجرة. لذلك لا يمكن لهذا الأزمة، من جهتها، أن تعمل على استفحال الهجرة من الأحواز (وهذه النتيجة هي حصيلة المعايشة اليومية، ليس من إحصاءات قادرة على إثباتها لغياب الإمكانية في ذلك).
ثانيا، الجفاف والمزارعين: وهذا السبب من جهته يلقي بعض الأضواء الكاشفة على طبيعة الهجرة في الأحواز. فإذا كان الجفاف الذي تسبب، إلى ما تسبب فيه، بإنعدام إمكانية الزراعة، واستحالة العمل على الحقول، ومن ثم الهجرة كما تزعم المعلومات والدراسات، فإن ذلك لو صدق لكان يعني تشكيل نسبة كبيرة من المهاجرين من هؤلاء المزارعين أنفسهم، لأن الزراعة في الأحواز تقلصت بنسب عالية قد تفوق النصف. ولكن على العكس من ذلك فإن القليل من المهاجرين هم من المزارعين، للملاحظات التالية:
ألف) على رأسها إنعدام إمكانية هجرة المزارع مجتمعيا، لأنه ينتمي إلى جماعة معينة، قبيلة، لا يمكنه أن يتصور حياة من دونها، ولا يفكر في الإنقطاع عنها. وحتى عند تركه لقريته وحاضنة جماعته، فإنه سرعان ما يجنح نحو من سبقه من جماعته في المدينة، فضلا عن التواصل المستمر مع هذه الجماعة عبر كثرة التردد إليها. ب) كما أن بنيته السيكولوجية التي انعقدت حول الحياة التقليدية وقوامها الألفة مع المكان والأفراد، تحتم عليه البقاء في حواضر وأماكن قريبة على نفسياته، هوياتيا ولغويا ومن حيث العادات والتقاليد. ولذلك كيف يمكن لقروي أحوازي عربي انعدمت إمكانية الزراعة وتأمين الحياة لديه أن يفكر في الذهاب إلى أصفهان أو كرج أو باقي المناطق الإيرانية دفعة واحدة، وهو لا يعرف لا لغتها ولا عاداتها ولم يكن لديه اتصال معها. ج) ثم إلى جانب ذلك لو كانت الفئات المهاجرة من المزارعين لما كانت المدن الأحوازية، من الأحواز العاصمة إلى عبادان إلى المحمرة إلى السوس إلخ، مطوقة بهذا الحزام من الحاشية والعشوائيات المحيطة بالأحياء الهامشية التي تتكون من دون استثناء من العرب. نعم إذا ما كان لا بد من الحديث عن هجرة المزارعين الأحوازيين لإنعدام إمكانية الزراعة نتيجة الجفاف، فإن هذه الهجرة هي من القرى والأرياف الأحوازية، إلى حاشية المدن الأحوازية ذاتها، وليس إلى باقي المناطق الإيرانية.
ثالثا، البطالة: وهي أهم الأمور التي يمكن إكمال الصورة بها، إكمال صورة هجرة الأحوازيين عن موطنهم. لأنه إذا ما كانت الأسباب المذكورة تصب لصالح قلة هجرة الشعب الأحوازي العربي عن موطنه، ما يعني منطقيا اختصار الهجرة على المستوطنين الفرس، فإن عامل البطالة هو الحاسم في هذا الموضوع. فعامل البطالة أول ما يصيب من فئات عربية هي الفئات المدنية، في المدن الأحوازية الكبيرة، وهي الفئات المتحصلة على تعليم كاف، وعلى احتكاك بالثقافة الفارسية وربما تماه معها، يجعلها مستعدة للهجرة طلبا لحياة أفضل. وهذا بالتحديد هو ما يفسر وجود أعداد كبيرة من الأحوازيين المتعلمين في باقي المدن الإيرانية نظير كرج ومشهد وطهران يعملون في مختلف المجالات الخاصة بأعمال الطبقة الوسطى.
ويمكن القول بقوة بأنه إذا ما كانت هناك من هجرة للعرب عن الأحواز فهي خاصة بهذه الفئات المدنية بالدرجة الأولى، تضطر إثرها إلى الاغتراب عن الوطن. ومعظم الفئات الراغبة في الهجرة من هذه الفئة، هي فئة المتقاعدين، والشباب الفاقدين للعمل. لقد نشأ في العقد الأخير خاصة توجها بين المتقاعدين العرب يقضي بهجرتهم إلى باقي المدن الإيرانية بعد إتمام سنوات توظيفهم مباشرة، بدواعي مختلفة منها التلوث ومنها إنعدام إمكانيات الرفاه، ومنها الرغبة في حصول الأبناء على حياة خالية من التمييز كما في الأحواز. ورغم كل ذلك فإنه بما أن الفئات المتقاعدة قليلة نسبيا، فإن حجمها هو الآخر لا يشكل نسبة خطيرة. ولكن الخطورة تكمن في الفئات الشابة التي باتت تميل يوما بعد يوم نحو الهجرة لإيران بغية الحصول على العمل. وذلك يتم في البداية عبر مهاجرة الشاب بمفرده إلى باقي المناطق، ثم إذا تحصل على عمل يضبط به حياته، عمد بعدها إما إلى الزواج بفارسية يستمر معها في إيران هكذا، وإما إلى جلب أهله وزوجته العربية من الأحواز إلى المنطقة التي استقر بها.
وختاما يمكن القول بأن ظاهرة الهجرة في الأحواز تزداد تعقيدا وقتامة في ظل انعدام احصائيات حكومية شفافة تسمح أولا بتحديد الهوية القومية للمهاجرين، وثانيا بالأعداد المهاجرة وطبيعة عملها ونشاطها.
ولكن على الرغم من ذلك فإن هناك عدة عوامل تصب لصالح قلة الهجرة بين الأحوازيين، منها ما هو قومي، ومنها ما هو طبيعي، ومنها ما هو مدني عمراني. فمن حيث الجانب القومي يصعب مجتمعيا وسيكولوجيا على الفرد الأحوازي ترك موطنه، لقوة اتصاله بجماعته، ولاعتياده على الحياة العربية التقليدية الطابع التي ليس لها مثيلا في المناطق الإيرانية التي قد تكون وجهة الهجرة. كما أن العامل الطبيعي الخاص بالتلوث والجفاف وانعدام إمكانية الزراعة هو الآخر لا يمكن أن يكون سببا في الهجرة لأن الشعب الأحوازي نفسيا وتاريخيا اعتاد الحياة في الأزمات، وأن العيش في خضم الأزمات، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية، هو سمة الحياة الأحوازية في ظل الاحتلال، مما صنع من الشعب الأحوازي شعبا قادرا على تحمل وطأة الحياة ومختلف صعوباتها. وخير من يعزز هذا التحليل هو هذا الطابع المدني في المدن الأحوازي الذي جعل الحاشية في الأحواز متكونة من العرب بالمطلق، لا توجد حاشية أو عشوائية من الفرس المستوطنين، مما يعني أن الأحوازي يفضل السكن في الحاشية على الهجرة إلى باقي المدن.
وإذا ما كانت هذه العوامل تصب لصالح النتيجة القائلة باختصار الهجرة على المستوطنين، فإن عامل البطالة ينال من هذه العوامل، ويزيد الصورة التحليلية الخاصة بالهجرة قتامة وتعقيدا. وذلك لأن البطالة التي تنتشر في المدن الأحوازية، تعمل كبؤرة لتصدير المهاجرين. وبما أن البطالة في الأحواز تطال العرب دون المستوطنين، وبما أن هؤلاء العرب المدنيين على استعداد للتعامل مع الفرس نتيجة مضي أجيال منهم يجاورن الفرس في المستوطنات، فإنه من المتوقع أن تجنح هذه الفئات إلى الهجرة إلى خارج الوطن.
ولكن في ظل كل ما تقدم من حجم الهجرة، ووقوع الأحواز في صدارة «المحافظات الإيرانية» المصدرة للهجرة، فإنه يمكن الجزم لغاية الآن بأن الهجرة هي هجرة المستوطنين، أولا لأن النظام ما كان ليحذر من الهجرة كما يحذر الآن لو كانت مختصرة على العرب، وهو يميل إلى تهجيرهم وانصهارهم في الثقافة والهوية الفارسيه، وثانيا إذا كان لا بد من تناول الهجرة الأحوازية العربية، فيجب عندها تناولها ابتداء من العقد الأخير وليس كظاهرة قديمة. وذلك لأن العقد الأخير على وجه الخصوص هو الذي شهد ميلاد أجيال أحوازية مستعدة لمغادرة الوطن، وأن تعيش في إيران والمحافظات الإيرانية، وأن تذهب بعيدا إلى التعامل مع الفرس بوصفهم مواطنين لهم، والزواج معهم والحياة في حواضرهم.
رحيم حميد، باحث مختص في شأن الأحوازي في معهد الحوار للأبحاث والدراسات
الهوامش:
2: ورغم كل ذلك، لا أحد يستطيع أن ينكر السياسات الاستعمارية للدولة الإيرانية الرامية إلى تهجير السكان العرب الأصليين في الأحواز( https://astudies.org/2023/06/ahwazis-silenced-twice-over-by-irans-securitisation-the-worlds-indifference/).
وقد تم الكشف عن إحدى هذه السياسات عام 2005 في وثيقة إيرانية أعدها محمد علي أبطحي، الذي كان المستشار الأول للرئيس السابق محمد خاتمي، كشفت عن خطة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية للسكان العرب في موطنهم الأحواز على مدى عشر سنوات. وقد حدّدت هذه الوثيقة استراتيجيات تهجير الأحوازيين إلى المناطق النائية في بلاد فارس، وفي ذات الوقت تعزيز هجرة الفرس وغيرهم من العرقيات لاسيما اللورية إلى الأحواز. وقد كتبت الرسالة، التي حملت علامة “سري للغاية”، وموجهة إلى الدكتور نجفي، رئيس منظمة التخطيط والموازنة للدولة آنذاك. وقد تضمنت توجيهاً من مجلس الأمن القومي الإيراني يؤكد على ضرورة تغيير التركيبة السكانية في الأحواز لصالح المستوطنين، وإعادة توزيع الاحوازيين في مناطق مختلفة في البلاد.
وتضمنت الوثيقة أيضاً عدة إجراءات، منها:
– تشجيع هجرة المجموعات العرقية الأخرى إلى الأحواز.
– نقل الطلاب والمعلمين وضباط الشرطة الأحوازيين إلى مناطق نائية.
– إعادة تسمية الأحياء والقرى والشوارع والميادين بأسماء فارسية.
– إرسال المراسلات إلى مختلف الوزارات الرئيسية، مثل وزارة الإعلام ووزارة الداخلية ووزارة الإسكان والتطوير الحضري، لتسهيل تنفيذ هذه الخطط.
رداً على هذه الوثيقة، أشعل الأحوازيون انتفاضة كبيرة عُرفت فيما بعد بانتفاضة نيسان/أبريل، حيث قُتل المئات من المحتجين الأحوازيين على يد قوات الأمن وسُجن المئات ولا يزال العديد منهم في السجون( https://www.refworld.org/reference/countryrep/amnesty/2006/en/37605?prevPage=/node/37605 ).
بالإضافة إلى ذلك، استخدمت الحكومات الإيرانية استراتيجيات أخرى مختلفة، بما في ذلك فرض الفقر والتمييز في الوظائف وبناء السدود على الأنهار، مما أدى إلى تجفيف الأراضي الزراعية الأحوازية والحرمان المنهجي للأحوازيين من المياه. مع ذلك، فشلت إيران في تحقيق حلمها بتهجير الشعب الأحوازي، ولمواجهة ذلك، ينزل الأحوازيون إلى الشوارع كل عام لمواجهة هذه السياسات الاستعمارية مرددين شعارات مثل ” بالروح والدم نفديك يا أحواز، لن نتخلى عنك أبداً يا أحواز” ( https://shorturl.at/2vYmR).