الأحد, مايو 19, 2024
دراساتالشعب الأحوازي في إطار عمل لجنة التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة

الشعب الأحوازي في إطار عمل لجنة التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

مقدمة

انبثقت لجنة القضاء على التمييز العنصري، في عام ١٩٧٠ ، كأول هيئة دولية، يتم إنشاؤها بموجب بموجب أحكام المادة ٨ من اتفاقية القضاء على التمييز العنصري، التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار صادر عن  الجمعية العامة للأمم المتحدة (١).

تعمل لجنة القضاء على التمييز العنصري على رصد المساواة بين الأعراق وعدم التمييز فيما بينها، وهي لجنة تتبع لمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، حيث أسندت الجمعيّة العامة إلى كلٍّ من المفوّض الساميّ ومفوضيّته ولايةً فريدة تقضي بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها للجميع. ويهدف برنامج الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان إلى أن تكون حماية حقوق الإنسان والتمتّع بها حقيقة ثابتة في حياة كلّ البشر. كما تلعب المفوضيّة دورًا حاسمًا في الحفاظ على سلامة الركائز الأساسيّة الثلاث للأمم المتّحدة – وهي السلام والأمن، وحقوق الإنسان والتنمية (٢).

وتقوم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان بتقديم المساعدة عبر توفير الخبرة التقنيّة وتنمية القدرات،  بهدف دعم تنفيذ المعايير الدوليّة لحقوق الإنسان على أرض الواقع. كما تعمل على رصد ممارسات الحكومات وتساعدها في تحمّل المسؤوليّة الرئيسة في حماية حقوق الإنسان كي تفي بالتزاماتها. بما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.

تتشكل لجنة القضاء على التمييز العنصري من ” هيئة الخبراء المستقلين”، التي ترصد تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من جانب الدول، وتجتمع اللجنة في جنيف، وتعقد عادة دورتين في السنة مدة كل منهما ثلاثة أسابيع. وتُلزم جميع الدول الأطراف بتقديم تقارير منتظمة إلى اللجنة عن كيفية إعمال الحقوق. ويجب على الدول أن تقدم تقريراً أولياً بعد سنة من انضمامها إلى الاتفاقية ثم تقدم تقريراً كل سنتين. وتفحص اللجنة كل تقرير وتوافي الدولة الطرف ببواعث قلقها وتوصياتها في شكل “ملاحظات ختامية”، بالإضافة إلى إجراء تقديم التقارير، تنشئ الاتفاقية ثلاث آليات أخرى تؤدي اللجنة من خلالها مهامها المتعلقة برصد الانتهاكات المتعلقة  بالتمييز العنصري، حسب تراتبية تبدأ بإجراء الإنذار المبكر، ثم البحث في الشكاوى بين الدول، وانتهاءً ببحث الشكاوى الفردية.كما تقوم لجنة القضاء على التمييز العنصري أيضاً بتفسيرها لمحتويات الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان، المعروف بـ ” التوصيات العامة”.

أولاً- الحقوق المدنية والسياسية للشعب الأحوازي في إطار عمل لجنة التمييز العنصري

تتضمن الحقوق السياسية، حق الاشتراك في الانتخابات علي أساس الاقتراع العام المتساوي، والإسهام في الحكم وفي إدارة الشؤون العامة علي جميع المستويات، وتولي الوظائف العامة علي قدم المساواة، كما تتضمن الحقوق المدنية، ومنها الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلي بلده،  والحق في حرية الفكر والعقيدة والدين، والحق في حرية الرأي والتعبير، الحق في حرية الاجتماع السلمي وتكوين الجمعيات السلمية أو الانتماء إليها (٣).

أ: التمييز العنصري للأحوازيين في إطار حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها:

بالأساس تشكل إيران – كدولة ثيوقراطية-  دولة عنصرية داخل النظام الدولي، كونها تأسس – حسب الدستور الإيراني- على سلطوية دينية تؤمن بزج الدين في السياسة، واعتباره حاملاً أساسياً للدولة الإيرانية، وبالتالي عدم احترام باقي الأفكار والمذاهب، وينطبق الحال ذاته على البرامج الانتخابية وحتى المجالس البلدية المنتخبة من الشعب، إذ نص الدستور الإيراني في المادة ١٠٥ أنه ” في المحافظات والأقضية والمدن والقرى، والموكلة بتنفيذ البرامج الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والصحية والثقافية والتعليمية وسائر الخدمات الاجتماعية، يجب أن لا تتعارض قراراتها مع الموازين الإسلامية “، بالإضافة إلى ذلك ينصّ الدستور الإيراني في المادة ١٥١ على أنّ ” الحكومة مسؤولةٌ عن إعداد البرامج والإمكانات اللازمة للتدريب العسكري لجميع أفراد الشعب، وذلك وفقًا للموازين الإسلامية”(٤). وبالتالي يؤكد الدستور الإيراني برمته التمييز العنصري على أساس الدين والمذهب، من خلال اقصاءه لباقي الأديان والمذاهب، في تعارض واضح مع المواثيق الدولية التي ضمنت عدم التمييز على أساس العرق واللون والدين.

وعلى هذا الأساس، استمرت السلطات في التضييق على الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وسجنت الآلاف من المحتجين السلميين بتهم تتعلق بالمساس بالأمن القومي. حيث كان المجتمع الأحوازي من بين أهم الذين استهدفتهم ممارسات النظام الإيراني، فلاحق المعارضون السياسيون السلميون، والصحفيون، والعاملون في وسائل الإعلام على الإنترنت، والطلاب، والمخرجون، والموسيقيون، والكتّاب، وكذلك المدافعون عن حقوق الإنسان الذين ذهب غالبيتهم كضحايا لعمليات الإعدام الجماعية، والاختفاء القسري منذ الثمانينيات من القرن الماضي.

وما زال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أمراً شائعاً بحق النشطاء الأحوازيين دون غيرهم، ولا سيما أثناء الاستجوابات فمازالت مؤسسة الحرس الثوري، تحتجز المعارضون الأحوازيون في زنزانات  انفرادية، وتمييزهم بمعاملة أقسى، لأسباب تتعلق بتمييزهم عنصرياً، سواء من الناحية السياسية بسبب مطالبهم باستعادة دولتهم الأحواز، أو مذهبياً لمن يعتنق المذهب السني منهم، و عرقياً كونهم عرب. أذ تواصل السلطات الإيرانية حرمان السجناء الأحوازيين المحتجزين لأسباب سياسية من الرعاية الطبية الكافية، كعقاب متعمد أو لاستخراج اعترافات منهم، تتعلق بنشاطات المكونات الأحوازية المعارضة في الخارج،ويعيش السجناء الأحوازيون في ظروف احتجاز قاسية ولا إنسانية، من بينها حشرهم في زنزانات مكتظة،  وسوء التغذية، وشروط الاحتجاز المهينة والقاسية. بالإضافة لآليات العقوبة المحرمة دولياً، التي تقوم على فهم خاطئ لفكرة العقوبة حتى في الدين الإسلامي، مثل الجلد والرجم والقصاص والبتر، وإهانة جثة المنفذ بحقه عقوبة الإعدام، وذلك بتقييد ايديهم وتعليق أدوات غسيل المراحيض حول أعناقهم (٥).

ب: التمييز العنصري  للأحوازيين كانتهاك لحرية الدين والمعتقد:

شكلت ممارسات السلطات الإيرانية، انتهاكاً صارخاً لحرية الدين والمعتقد، سواء في القوانيين والممارسة، حيث واصلت السلطات فرض مدونات للسلوك العام قائمة على تفسير صارم للإسلام الشيعي، وفرضتها على الأفراد من كافة الأديان، ولم يسمح للمسلمين من غير الشيعة بأن يكونوا مرشحين للرئاسة، أو أن يشغلوا مناصب سياسية رئيسية. واستمرت الهجمات الواسعة النطاق والممنهجة ضد الأحوازيين. وشملت هذه الاعتداءات الاعتقالات التعسفية، والسجن، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وحسب تقارير ميدانية لمنظمة العفو الدولية، ” يواصل المسلمون السنة الإبلاغ عن تعرضهم للتمييز، الذي يشمل القيود المفروضة على إقامة صلاة عيد الفطر، والإقصاء من المناصب العليا، وحكم بالإعدام على شخصين – حسب المنظمة ذاتها- بسبب ممارستهما السلمية لحقهما في حرية الدين والمعتقد (٦).

ت: التمييز ضد الأحوازية بسبب العرق:

يشكل الأحوازيون عرضة للتمييز الشديد، كما تقييد حصولهم على التعليم والعمل والسكن الملائم والمناصب السياسية، وتعرض الكثير من الشباب الأحوازي، للاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، كما تعرضوا للمحاكمات الجائرة، والسجن، وعقوبة الإعدام. وكثيراً ما اتهمت أجهزة الاستخبارات والأمن النشطاء الأحوازيين بدعم ” التيارات الانفصالية” (بحسب زعمهم) التي تهدد وحدة الأراضي الإيرانية. وفي هذا الخصوص نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً حول قيام قوات الأمن الإيراني في يونيو/ حزيران، بنشر قوات في الأحواز قبل عطلة عيد الفطر لمنع التجمعات المخطط لها تضامناً مع أسر الأحوازيين المسجونين، أو الذين أعدموا لأسباب سياسية. واحتجز أكثر من ١٢ شخصاً بصورة تعسفية، واستدعي المزيد من الأشخاص للاستجواب.

وتقوم السلطات الإيرانية بوضع شروط تمييزية وعنصرية، في محاولة لتطبيقها على الأحوازيين دون غيرهم، ففي أغسطس/ آب ٢٠١٨، اعتمدت وزارة التعليم الإيرانية معايير تمييزية لاستبعاد المرشحين لوظائف التدريس، وشملت هذه المعايير،الأمراض، وحول العيون، وشامات الوجوه، وقصر القامة والوزن الثقيل (٧).

ثانياً – التمييز العنصري ضد الأحوازيين في إطار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإجراءات التقاضي والمساءلة:

يوجد في الأحواز أكثر من ٨٠٪  من حقول النفط ، و نحو ٩٠٪ تقريباً من حجم الغاز الطبيعي ومشتقاته الموجود بالدولة الإيرانية، وتعد إيران من أغنى دول العالَم في إنتاج البترول والغاز الطبيعي المستخرجين من الأرض الأحوازية، حيث تنتج إيران منها طاقة كهربائية تصل إلى ٧٤٪ من الموارد الأحوازية (٧).

استناداً للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية، الذي ضمن السماح للأحوازيين – أسوة بالعنصر الفارسي-  بالاستفادة من  الموارد المتاحة، وضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها ، حيث تفتقر التشريعات الإيرانية، لأبسط القوانين القادرة على جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية، خالية أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب. كما خلوها من إيلاء المراعاة الواجبة لحقوق الإنسان بما يضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعترف بها، بما يحقق المساواة والرفاه الاجتماعي للجميع، سواء في الأجر المنصف، وضمان حقوق المرأة، و ظروف العمل التي تكفل السلامة والصحة، تساوى الجميع في فرص الترقية، داخل عملهم، إلى مرتبة أعلى ملائمة، دون تمييز على أساس العرق أو المذهب، و حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفى الانضمام إلى النقابة التي يختارها، دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، بقصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها. وعدم إخضاع هذا الحق لأية قيود والحق ا في إنشاء اتحادات أو اتحادات قومية تساعد في الحصول على ممارسة الحقوق القومية والثقافية، والحق في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها، كما الحق في الإضراب، والضمان الاجتماعي (٩). حيث يفتقر الشعب الأحوازي إلى ذلك، ويعاني من ظروف مجحفة تتعلق  بالضمان الاجتماعي والمستشفيات العامة والخاصة، ويزيد ن ذلك سياسات التجهيل ومنع تدريس اللغة العربية الأم، وعدم استفادة الأحوازيين من مقدرات أرضهم في النفط والغاز والمزروعات.

أ: التمييز العنصري ضد الشعب الأحوازي في إطار عمل لجنة التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة : تكييف الحالة الاحوازية.

في إطار عمل لجنة القضاء على التمييز العنصري، الذي يقوم على قاعدة أساسية تتعلق برصد المساواة بين الأعراق وعدم التمييز فيما بينها، وفي إطار برنامج عمل الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، التي دعت لأن تكون  حماية حقوق الإنسان والتمتّع بها حقيقة ثابتة في حياة كلّ البشر. وفي إطار دور المفوضيّة في الحفاظ على سلامة الركائز الأساسيّة الثلاث للأمم المتّحدة – وهي السلام والأمن، وحقوق الإنسان والتنمية (١٠). تضطلع لجنة القضاء على التمييز العنصري عن طريق ” هيئة الخبراء المستقلين”، برصد تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من قبل السلطات الإيرانية، والتي تتحدد بالانتهاكات العملية التالية:

التغيير الديمغرافي كجريمة حرب: حيث ضمت إيران  أجزاء من إقليم الأحواز إلى المحافظات الفارسية، كفارس وايلام وبوير احمد وغيرهما، بحجة التنظيم الإداري للدولة. كما حرمت السلطات الإيرانية الشعب الأحوازي من مياه الشرب العذبة و قامت بتجفيف الأراضي الزراعية من خلال تحويل مسارات الأنهار وروافدها.

التمييز العنصري في إطار عدم التكافؤ في استغلال الفرص، والمساواة بحق تولي الوظائف الحكومية: حيث يعاني الأحوازيون من تمييز عنصري بسبب عرقهم، ومعرفة السلطات الإيرانية بتاريخ الأحواز، وطموحات أبنائها باستعادتها وتحريرها. وبسبب ذلك عانى الأحوازيون جميعهم معاناة الحرمان من الخدمات الأساسية للبنى التحتية، كما تحييدهم  الوظائف الحساسة، وحرمانهم من الرواتب كوسيلة تمكنهم من التمتع بأبسط مقومات الاستمرار في العيش.

التمييز العنصري في إطار القضاء على اللغة العربية، لغة الأحوازيين الأم (باستثناء الأقلية السريانية من غير العرب في كل من تستر والقنيطرة وارجان – بهبهان): حيث تعمل السلطات الإيرانية عبر سياسيات ممنهجة للقضاء على اللغة العربية، واستبدلها باللغة الفارسية، وقد ظهر ذلك بتغيير أسماء الكثير من  المدن، من أسمائها العربية إلى أسماء فارسية، فأصبح اسم  مدينة الفلاحية” شادكَان”، وهي مدينة معروفة بتاريخها العربي. وبعد الاحتلال الإيراني للأحواز، غيّر السلطات الإيرانية اسمها، في إطار سياسة التفريس الممنهجة في الأحواز، من أجل محو معالمها العربية، وإسقاط هوية الشعب الأحوازي. كما غيّرت السلطات الفارسية اسم مدينة عسكر مكرم التاريخية إلى ” بند قير”، ومدينة الصالحية إلى ” انديمشك، وتغيير أسماء أهم مدن الأَحواز التاريخية، مثل مدينة الأحجار السبع التي أصبح اسمها هفتكل حاليًا، ومدينة بندر معشور، التي اصبحت ” بندر ماهشهر”، ومدينة المحمرة المذكورة في جميع الوثائق التاريخية، ليصبح اسمها ” خرم شهر” (١١).

التمييز العنصري بسبب المذهب: حيث يظهر موقف السلطات الإيرانية المتشدد من الأحوازيين السنة والصابئة وحتى الأحوازيين الشيعة الذين يخالفون اصل ولاية الفقية، ومحاولات التضييق عليهم،  حيث أصبح التمييز العنصري في هذا الخصوص، يطغى على باقي الانتهاكات، بل واصبح السمة الرئيسية في تعامل السلطات الإيرانية سواء مع الأحوازيين، حيث فرضت السلطات الإيرانية على الأحوازيين على وجه الخصوص، الكثير من الإجراءات الإدارية، منها مطالبة إدارات المدارس الثانوية والمتوسطة في الأحواز التبليغ عن أي طالب أحوازي يظهر عليه التحول، أو الانتماء إلى المذهب التشيع الولائي، وتم اقتحام بعض المساجد، واعتقال روادها بدون أسباب مبررة، كما اعتقلت السلطات الإيرانية الكثير من الأحوازيين وعلى سبيل المثال شيخا من الأحواز، هو شيخ قاسم باوى من أهالي قرية عرب راشد الأحوازية، بتهمة إقامة صلاة جماعة على طريق أهل السنة (١٢).

ولايقتصر التمييز العنصري من قبل السلطات الإيرانية، وإنما يشكل ثقافة لدى منظري ومفكري النظام الإيراني، ففي ٥-١٠-٢٠١١  قال المفكر الإيراني الأستاذ بجامعة طهران، صادق زيبا: ” إن نظرة الفرس دونية لغيرهم، خاصة العرب، وأعتقد أن الكثير منا سواء أكان متديناً أم علمانياً يكره العرب”، معتبراً أن ذلك يعود  لأسباب تاريخية (١٣).

ب: إجراءات التقاضي والمساءلة أمام لجنة التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة:

تنظر لجنة التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة، في معرض جلسة تخصص من جلسات دورتها، لإجراء نقاش عام حول الحالات أو الجوانب المتعلقة بالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وحول تنفيذ إعلان وبرنامج المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب (١٤). وبغية تحقيق ذلك  تحدد اللجنة الجوانب التي يفضل أن تركز عليها في مداولة الجلسة، التي تتناول الشكوى عن طريق آليات رفعها بالطرق التالية، وحسب التراتبية أدناه:

رفع الدعوى عن طريق المؤسسات الوطنية المعتمدة المعنية بحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية: حيث تضطلع هذه المنظمات بتوفير معلومات عن القضايا المتعلقة بالنظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف، سواء على المستوى الشخصي وفي جلسات غير رسمية خارج ساعات عمل اللجنة، وأن ترد على الطلبات المتعلقة بتوضيح هذه المعلومات أو تكملتها.

–  الرد على تقارير المنظمات الحكومية أو غير الحكومية: حيث تقوم أمانة لجنة التمييز العنصري، بإخبار  المؤسسات الوطنية المعتمدة المعنية بحقوق الإنسان، من جهة، والمنظمات غير الحكومية، من جهة أخرى، عن برنامج عمل اللجنة بالنسبة للدورة المعنية وتزودها بنسخ التقارير التي حان وقت النظر فيها من جانب اللجنة.

النظر فيما يشكل واقعة تمييز عنصري: تقوم لجنة التمييز العنصري، إذا رأت أن الشكوى المقدمة تشكل تمييزاً عنصرياً، بتنظيم جلسات غير رسمية مع ممثلين عن المؤسسات الوطنية المعتمدة المعنية بحقوق الإنسان، أو المنظمات غير الحكومية، من جهة أخرى، حيث تتناول القضايا ذات الأهمية البالغة فيما يتصل بتنفيذ الاتفاقية.

– مخاطبة الدولة المعنية، فيما تم توصيفه تمييزاً عنصرياً: توجه لجنة التمييز العنصري الدعوة إلى الدول الأطراف للحضور فيها، وإجراءات المساءلة بالقضية التي بين ايديها.

 

ت: إجراءات التحقيق أمام لجنة التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة:

إذا تلقت اللجنة معلومات ذات مصداقية وموثقة، تؤكد  أن الحقوق الواردة في اتفاقية التمييز العنصري، قد تم رصدها، وتأكيد الانتهاك من قبل دولة طرف بشكل منهجي، فإن اللجنة تقوم بدعوة الدولة الطرف إلى فحص المعلومات وتقديم ملاحظاتها. ويجوز للجنة، على أساس ملاحظات الدولة الطرف وغيرها من المعلومات ذات الصلة المتاحة لديها، أن تقرر تعيين عضو أو أكثر من أعضائها لإجراء تحقيق وتقديم تقرير إلى اللجنة على نحو عاجل. ويجوز أن يتضمن التحقيق زيارة أراضي الدولة الطرف المعنية. ويُطلب إلى الدولة الطرف أن تقدم ملاحظاتها على استنتاجات اللجنة وتعليقاتها وتوصياتها في غضون فترة ستة أشهر،  وأن تقدم إلى اللجنة، عندما تدعوها اللجنة إلى ذلك، معلومات عن التدابير المتخذة استجابة للتحقيق. ويُجرى التحقيق بصفة سرية ويُلتمس تعاون الدولة الطرف في جميع مراحل الإجراءات (١٥).

  • تدابير إنذار الدولة التي ارتكبت التمييز العنصري، والإجراءات العاجلة في سبيل ذلك: وفي هذه الحالة تشكل لجنة التمييز العنصري فريق عامل ينظر في وضع تنفيذ قراراتها وتوصياتها في إطار تدابير توجيه الإنذار والإجراءات العاجلة، ويمكن أن يُكلف الفريق العامل باقتراح التدابير المناسبة لإعادة تنشيط هذه الآليات وبيان الوضعيات أو الحالات التي يمكن تطبيق هذه التدابير أو الإجراءات عليها (١٦).
  • تقرير المسؤولية بالتعاون مع لجان حقوق الإنسان: حيث تُبقي اللجنة القنوات مفتوحة لتبادل المعلومات مع الهيئات الأخرى المنشأة بموجب معاهدات ولجنة حقوق الإنسان والأجهزة والهيئات الأخرى التابعة لمنظومة الأمم المتحدة، التي تعنى بشكل أو بآخر بالجوانب المتعلقة بالعمل الذي تضطلع به اللجنة. وها الإجراء يشكل نوعاً من تبادل المعلومات لرصد انتهاكات الدولة المعنية في مجالات أخرى، كالإرهاب وحقوق الطفل والمرأة وغير ذلك. وتشكل هذه العملية أهمية لتبادل المعلومات بين الهيئات الدولية أو الإقليمية، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، المكلفة برصد مراعاة حقوق الإنسان واحترامها، لا سيما في المجالات التي تغطيها اتفاقية مكافحة التمييز العنصري.
  • التقارير الداعمة لرصد حالات التمييز العنصري المقدمة من الدول الأطراف: بهدف تسهيل عمل لجنة التمييز العنصري التابعة لحقوق الإنسان، تقوم اللجنة بطلب إلى الدول الأطراف أن تقوم بمقارنة التقارير المقدمة، بحيث تبدو متوافقة بشأن إدانة الدولة صاحبة الانتهاك، بحيث يظهر التوافق التام مع أحكام الاتفاقية. وتُدعى الدول الأطراف إلى توخي أقصى ما يمكن من التلخيص والإيجاز في إعداد التقارير التي تقدمها.
  • استدعاء وفد الدولة الطرف صاحبة الانتهاك: حيث يتعزز عمل اللجنة في إجبار الدول المنضوية في اتفاقية مكافحة التمييز العنصري، لتجري معها تحقيقاً بشأن التقارير المعروضة عليها. وتُركز اللجنة على أن يكون يضم وفد الدولة المعنية ممثلين أكفاء معروفون بنزاهتهم وحياديتهم. حيث يُدعى ممثل الدولة الطرف، وتقوم اللجنة بلفت الانتباه إلى أهم الجوانب التي تتضمنها الوثائق، والمعلومات الإضافية فيما يتعلق بالبيانات أو الجوانب الجديدة التي لا يعكسها التقرير، مع التركيز على المسائل المتعلقة بولاية اللجنة. ويقوم رئيس اللجنة، بعد حصولها على جميع المعلومات التي تراها ضرورية والتدقيق بها، ومقارنتها، بتعيين هيئة توفيق خاصة، تتألف من خمسة أشخاص يجوز أن يكونوا من أعضاء اللجنة أو من غير أعضائها.

 

 

خاتمة

بالرغم أن إيران هي إحدى الدول الموقعة على العهد الدولي الذي يشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع السكان دون تمييز والذي اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة رقم ٢٢٠٠ (د-٢١) في تاريخ ١٦ ديسمبر ١٩٦٦ إلا أن السلطات الإيرانية، مازالت غير ملتزمة بأدنى الحقوق التي تكفلها الاتفاقية الدولية للتمييز العنصري، بل ومارست بحق الشعب الأحوازي،  أبشع أشكال الانتهاكات الحقوقية، وقامت بالكثير من التهميش والإقصاء والإلغاء العنصري الممنهج للعرق العربي. إذ مازال الشعب الأحوازي يعاني من تمييز عنصري واضح، بسبب انتماء الأحواز للدم وللشعور العربي، بالإضافة لانتمائه الديني ولغته العربية ورؤيته السياسية التي تأسس على حق تاريخي مكفول في المعاهدات والمواثيق الدولية، تثبت حقه في الاستقلال والتحرر من ربقة الاستعمار الإيراني.

إن مكافحة التمييز العنصري يعتبر من الإجراءات التي تشكل قواعد آمرة في القانون الدولي، وبالتالي فهي تشكل قاعدة ملزمة يتوجب على جميع دول العالم الدفاع عنها، ورفعها أمام لجنة التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة، وليس بالضرورة أن تقدم الشكاوي من الأفراد أو المنظمات التي يقع في إطارها المكاني انتهاك اتفاقية التمييز العنصري. وبالتالي يمكن للأفراد والمنظمات، حتى لو لم يتسنى لها رفع الشكوى مباشرة إلى لجنة التمييز العنصري، أن تدعو أي دولة طرف برفع الدعاوي والإشارة إليها، لتقوم تلك الدولة بتقديمها للجنة التمييز العنصري.

الهوامش:

1-     قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2106 ألف (د-20) المؤرخ في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965، وبدء نفاذها بتاريخ 4 كانون الثاني/يناير 1969

2-     انظر المادة 19 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2106 ألف (د-20) المؤرخ في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965 .

3-     انظر: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966، تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49.

4-     انظر المادتين 105 و151 من الدستور الإيراني..

5-     انظر تقرير منظمة العفو الدولية، عل الرابط:  https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iran/report-iran

6-       المرجع ذاته.

7-     المرجع ذاته.

8-     انظر: جمال الدين إسماعيل أبو حسين، الأوجاع الإيرانية في الداخل: الأحواز نموذجاً، “مجلة السياسة الدولية”، إصدارات مركزالأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عدد أكتوبر 2015.

9- انظر: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966،تاريخ بدء النفاذ: 3 كانون الثاني/يناير 1976، وفقا للمادة 27.

10-    انظر المادة 19 من الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2106 ألف (د-20) المؤرخ في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965

11-    انظر موسوعة المعرفة، على الرابط: https://www.marefa.org/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B2

12-    انظر: جمال الدين إسماعيل أبوحسين، الأوجاع الإيرانية في الداخل: الأحواز نموذجا، مجلة السياسة الدولية، مرجع السابق.

13-    المرجع ذاته.

14-    انظر تقرير لجنة القضاء على التمييز العنصري، الدورة الثامنة والسبعون، 14 شباط/ فبراير، 11 آذار / مارس 2011، الجمعية العامة للأمم المتحدة، الوثائق الرسمية، الدورة السادسة والستون، الملحق رقم 18 ، الأمم المتحدة ، نيويورك، 2011، المسائل التنظيمية ومايتصل بها، ص 13.

15-    المرجع السابق، التعاون مع هيئات الأأمم المتحدة، والاجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وآليات حقوق الإنسان الإقليمية، ص 5.

16-    المرجع السابق، منع التمييز العنصري، الإنذار المبكر والتحرك العاجل، ص 7.



error: Content is protected !!