الجمعة, مايو 17, 2024
دراساتالتراث المعرفي الأحوازي، بین شبح التلف وانتکالیة المثقفین

التراث المعرفي الأحوازي، بین شبح التلف وانتکالیة المثقفین

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

مقدمة

بادئ ذي بدء وبقطع النظر عن المنطلقات التي ندرس عبرها التراث  ، یحیلنا الحدیث عن هذا المفهوم  بالدرجة الاولی وقبل کل شئ ، الی نسق معرفي تم انتاجه في فتره تاریخیة معینة علی ید العلماء والمفکرين ، عبر التفاعل والنقد والتطور والابداع …الخ .اذاً فالتراث المعرفي بمعنی من المعاني هو نتاج لتراکم معرفي ، الا انه بنفس الوقت یشیر ایضاً هذا المفهوم _اي التراث _ الی معرفة تنتمي إلى زمن تاريخي بعيد عنا. ولا يستقيم الحديث عن التراث ، إلا بعد أن ينقطع ذلك التسلسل.

 لکن حين تكون المعرفة متواصلة وتنتج باستمرار وتتطوربصورة متراکمه ، بحیث نکون أمام حلقات متواصلة ، فغالباً ما یتم استخدام مفاهیم اخری کالاتجاهات والمدارس والتيارات، ویبحث عن الاختلاف فی ما بینهما ،بدل استخدام مفهوم التراث کاطار اشمل واوسع .و يتمظهر التراث  بشكل جلي في العقيدة، والشريعة، واللغة، والأدب، وعلم الكلام، والفلسفة، والتصوف …الخ

والان بعد هذا التحدید العام لمفهوم التراث ناتي الی التحدید الخاص لهذا المفهوم في العنوان وهو” المعرفي الأحوازي” وما هو القصد منه . حیث انه یشیر ضمناً الی کتب ومکتبات وعلماء ومفکرین …الخ في برهه زمنیة بعیده عنا سوف نحددها في اطار هذا المقال ؛لکنها محدده مکانیاً  بالأحواز .و هذا الامر یحمل في طیاته عدد من الأسئله .

وهي کالتالي:

يا ترى الى اي فترة من فترات تاریخ الأحواز یمکن لنا ان نرجع تاریخ هذا التراث؟

هل یمکن لنا اساساً ان نمیزه هذا التراث  عن الاطار العربي _الاسلامي  ؟

ماهي محددات وتجلیات هذا التراث ؟

الهویة العربیة للتراث والشخصیة الأحوازیة 

یمیز علماء الاجتماع بین مفهومي الهویة ککل یتحدد عبر الوعي بالاخر او مایعبر عنه “بالغیریة” وهو مایکون من اختصاص السوسیولوجین اکثر من غیرهم .ومفهوم اخر هو مفهوم الشخصیة الذي یشیر الی هذاالمعني ایضا لکن ضمن  الاطار “الفردي” ولیس “الجمعي “وهو مایکون من اختصاص السیکولوجیین . وبذلک تکون الهویة بالمعنی السوسیولوجي “کل ” یمکن لنا ان نمیزه عن  “کل ” آخر دون الاخذ بالفوارق التي تکون ضمن  هذا “الکل ” بینما الهویة بالمعني السیکولوجي فهي تاخذ هذه الفوارق بعین الاعتبار، بحیث تعتبر “الکل ” عباره عن مجموعه من “الفردیات ” تطلق علی الواحدة منها مفهوم الشخصیة .ونحن نسوف نستلهم من هذا المعنی مفهوم “الشخصیة المعرفیة الأحوازیة” بعتبارها شخصیة ثقافیة ومعرفیة ممکن نمیزها عن شخصیات اخری ضمن اطار “التراث المعرفي العربي_ الاسلامي ” وهي هویة هذا التراث الشاملة.

 کما اننا نستطیع ان نطبق هذا التحدید ایضاً في التاریخ الاسلامي علی الشخصیة اندلسیة او بصریة او یمانیة …الخ .وما یستوجب علینا ذلک ، لیس ترف نظري بل ضرورة ملحه غابت عن المفکریین العرب والاجانب فظلاً عن الاحوازیین انفسهم. ذلک ان مفهوم “عصر الانحطاط ” او عصر النضوب المعرفي الذي عرفه التاریخ العربي بالمکیزم الانکافائی والتکراري دون طاقة الابداع والخلق والدینامیة التي عرفها في عصوره الذهبیة. وبالتالي  اختصر علماء تلک الفتره بالمعارف السابقة والاكتفاء بشرح ما كتبه القدامى، واعتبارهم النموذج الوحيد الذي لا ينبغي الانزياح عنه . لا یتطابق ومعالم هذا العصر في الاحواز، الذي کان بمجمله عصر تفاعل وتطور وابداع وتجدید علي الصعید الفکري والادبي …الخ یحیث یمکن الحدیث عن نسق معرفي خاص سوف نشیر الی نماذج منه في مقالنا هذا لنستانف الاسهاب فیه بدراسة موسعه اخری  .

یعود مایمکن اعتباره بدایة تکوین “الشخصیة الأحوازیة ” ککیان سیاسي خاص و کشخصیة معرفیة  ایضاً ،تراکمت وتطورت کحلقات متواصله في اطار الفکر العربي _الاسلامي ، الی اواسط القرن التاسع الهجري (٨٤٥ ه ق) وذلک علی يدي رجل يدعی السيد محمد بن فلاح المشعشعي الملقب بالمهدي الذي اعلن عن امره مطلقاً مشروعاً لتشييد دولة  قام بالتخطيط لها سنين کثيرة. وقد نجح في تحقيق ذلك وبالتالي استطاع بفضل هذه الدولة ان يضخ الروح من جديد فی جسد الثقافه والأدب کما فی السياسية والمجتمع الاحوازي .

وتعتبر حرکة الاخیر اول خروج بالسیف لاقامة دولة بعصر “الغیبة ” المعروف بالمذهب الشیعي الاثنی عشري . وذلک بتوظیفه “لمیثولوجیة المهدوية ” خلافاً لرأي اجماع علماء الشیعة عند ذاک .حیث انهم کانوا یعتبروا اقامة اي دولة بهذا العصر  “اغتصاب” لحق “الامام المعصوم “.بل کان البعض من الفقها الامامیة من جانب یفني برمي الخمس والزکات بالبحر لغیبة ذلک العصر من “الامام ” ومن جانب اخریعتبر کل حکومة تقام هي حکومة  “جور ” سوا کانت هذه اسلامیة ام غیر اسلامیة بل شیعیة ام غیر شیعیة .

وقد شرح صاحبنا ای ابن فلاح المشعشعي افکاره في مجموعة من الرسائل والخطب السیاسیة عرفت بکتاب “کلام المهدي ” تکفل احد الاخوه بدراستها وتحقیقها وسوف تنشر قریباً ان شاءالله .وهذا الکتاب ممکن اعتباره من اهم الکتب في اطار المذهب الاثنی عشری . ذلک انه بمثابة “ابیستمي ” جدید للفکر السیاسي الشیعي الاثنی عشری  غاب بصورة تامه عن الدراسة والنقد المعرفي (علی عکس تاریخ الدولة المشعشعیة التي افرز لها باحثین کثر دراسات وکتب مفصله.) الا ان ظهور کیان شیعي اخر هي الدولة الصفویة ، تصدت بشکل قاطع للخطاب الذي تبناه المشعشعین  بتهمیش اوطرد خطابهم هذا ، باسالیب کالغزو وقتل الامراء والعلماء في هذه الدولة بداوعي الغلوا والمهدویة بل واحیاناً الالوهیة !!!.

وعموماً ما مرت إلا بضع عشرات من السنين إلا وكان محمد بن فلاح الذي فر هارباً من فتوی تجيز قتله في العراق سلطانا وقف جيشه على ابواب بغداد. وتوسعت في ايام ابنائه لاسيما الملک محسن مناطق نفوذهم حتى وصلت من بغداد الی الاحساء والقطيف مروراً بكل اقليم الاحواز وجزء من بلاد فارس[1].وقد خلق هؤلاء الحكام بيئة خصبة لنمو العلماء ما جعل ان  تهوى “نحوهم افئدة علماء (العرب والمسلمين) وادبائهم فقصدوا الحويزة من أقصی البلاد و يمّموها من کلّ فّج‌ و وهاد فحظوا بترحيب حکام المشعشعين و إجلالهم و أغدقوا عليهم بالعطاء و الصلات فتجمّع‌ أهل العلم و الفضل فيها و بنيت المدارس و برز الاساتذة و المدرّسون و قصدها طلاّب العلم من‌ جميع اطراف المنطقة،…، و نتيجة لحضور العلماء و سکناهم فی الحويزة فقد ألّفت فيها الکتب و الأسفار و نقلت إليها مخطوطات قيّمة من شتیّ انحاء المعمورة، و استنسخت فيها نسخ جليلة و نادرة، و أسّست فيها مکتبات عامرة تضمّ کتبا فی أنواع العلوم المتداولة آنذاک،و من أهمّ تلک المکتبات،مکتبة السادة الموالي امراء الحويزة التی لا تزال بعض مخطوطاتها موجودة إلی زماننا هذا فی‌ المکتبات العالمية و فی إيران و العراق،” [2] ویفصل السید علي بن السید عبدالله المشعشعي احد الامرا المشعشعین ایضاً  الاحوال العلمیة  لاهل الحویزة عاصمة هذه الدولة ، في کتابة المسمی بالرحلة المکیة بقولة

  • “علم الله أنه کانت لهم (اي اهل الحویزة ) خصال حمیدة وافعال مرضیة ذکیة وشیم عربیة لو اعددتها لم تحصرها الأوراق ، فسادتهم ساداتهم وامرائهم امرائهم [3]ونجاباهم وعامتهم اخیار ابرار اتقیا بلا اغراق ویعلم الله أنه یکفیها (الحویزة ) شرفاً أنها دار العلماء ومجمع الفضلاء والاتقیا ومعدن الأبرار والصلحاء ….”[4]

ویرجع البعض من الباحثین  الهوية العربية للحکام کعامل اساس ساهم فی انعاش الحرکه العلمية وخاصة الادبية فی الاقليم ففي ذلك يقول السيد هادی باليل “وکان علماء هذه المنطقة يمتازون بصبغتهم الأدبية علی‌ سواهم بالإضافة إلی تخصّصهم فی سائر الفنون العلمية، و ذلک لإنّ الأمراء فيها من صميم‌ العرب يتذوّقون الشعر و الأدب و يعملون علی نشره و رفع مستواه، و کان العلماء و الأدباء و الشعراء يؤلفون لهم الکتب و يصدّرونها بأسمائهم و ينظمون القصائد في مدحهم لما يجدونه‌ فيهم من ميل و رغبة فی العلم و الأدب،حتی انّك لتجد الحاکم منهم يبش و ينفرج و يأمر بالصّلات السنية من أجلّ بيتين من الشعر يقعان موقع القبول منه”[5] ويشير محمد اهليل الجابري الی هذا ايضاً بقوله “(ان الهويه العربيه لحکام هذا الاقليم فی مقدمة اسباب النهوض الثقافی والادبی فقد انتعشت حرکه الشعر والنثر والتأليف”[6]

ويمکن أن نعتبرتسنم آل مطلب بن حيدر بن المحسن المشعشعی للحکم يمثل القفزة النوعية الثانية للثقافة والادب فی عهد المشعشعيين وتم ذلك اواخر القرن العاشر وبدايه القرن الحادی عشر حيث: ” الثقافه بکل ابعادها قد قطعت شوطا مرموقا فی النضوج والسمو والاتساع وکانت فرص  نادره لاصحاب المواهب الخلاقه لکي تنمو وتزدهر قدراتهم وتشخذ اذهانهم “[7] و شكلت تلك الحركة الثقافية قاعدة صلبة رفدت الحركة العلمیة  فبثت فيها الحيوية والنشاط . وقد الف المرحوم السید هادي بالیل الموسوي کتابة المسمی “الیاقوت الازرق في اعلام الحویزة والدورق “واشار الی اسماء المئات منهم . وانني شخصیاً اطلعت علی المئات من المخطوطات لهولاء العلماء والمفکریین، الموجوده في المکتابات الایرانیة والعربیة والعالمیة. واجریت الدراسات المفصله علی بعضها املي ان تری النور قریباً . منها دیوان ابي معتوق الحویزي وهو من کبار شعراء هذا العصر وللاخیر قصیده یمدح فیها الملک علي بن خلف الحویزي ویشیر الی مولفاته بقوله :

له كُتبٌ يعِزُّ النّضبُ عنها         إذا شنّت كتائِبُها مُغارا

حكَتْ زَهر الرّياضِ الغضّ حُسناً         ونشْرَ المِسكِ طيباً واِنتِشارا

وفَاقَتْ عينَ تسنيمٍ صفاءً         وعينَ الشمسِ نوراً واِشتِهارا

فواصلُها سُيوفٌ فاصلاتٌ         وهَدْيٌ بالضّلالةِ لا يُمارى

من الدّيباجِ ألبسَها ثِياباً         وصاغَ من النُضارِ لها فِقارا

إذا في إثْرِها الأفكارُ سارتْ         لتُدرِكَ ثارَها وقَفَتْ حَيارى

(فنورُ مُبينِها )جمْعُ الدّراري         و(خيرُ مَقالِها )الدُرَرُ النِثارا

وفي( نُكَتِ البيانِ) أبانَ فضلاً         بمُختَصرٍ حوى حِكَما غِزارا

كتابٌ كُلُّ سِفرٍ منه سِفرٌ         من الإقهارِ في الأقطارِ دارا

کما انني وجدت المئات من هذه المخطوطات موجوده ایضاً في المکتبات الشخصیة الاحوازیة  في مدن تستر والاحواز والفلاحیة وعبادان …الخ اغلبها تعاني الاهمال وعرضه للتلف کما ان اصحابها غالباً لا یعرفون قیمتها ویحتفظون بها لصرف التباهي بها، لانها منسوبه لاجدادهم ! .

اشکالیة المنهج واولویات البحث

ان هذا المقال لا یتسع للحدیث عن محددات وتجلیات هذا التراث ولا حتی  المنهج الذي من خلاله یجب دراسة .فاذا کان المفکریین العرب مثل: حسين مروة، والطيب التزيني، وعبد الله العروي، ومحمد عابد الجابري، وعبد الكبير الخطيبي، وغالي شكري، وزكي نجيب محمود، وأدونيس، عبداله بالقزیز، وحسن حنفي، ومحمد عمارة….الخ حاولوا بعدة رؤى ومنظورات ان یدرسوا التراث العربي _الاسلامي في اطاره الاشمل فالمثقف العربي  وخاصه الاحوازي فی مایخص التراث الاحوازی لدیة اولویه اخری _غالباً ما تکفل بها المستشرقیین في بدایات عصر النهضه _هي انتشال هذا التراث من التلف واکوام الغبار الذي تجمع حوله وبالتالي تحقیقه واخراجه کنصوص و کتب محققه  الی النور  . حیث ان الحدیث عن التراث هو بشکل مباشر حدیث عن نصوص وبالتالي کتب وهذا ما یجعل المهمه مضاعفه علی النخب المثقفه الاحوازیة ان یهتموا ویبادروا بهذا الامر .واما مسئلة المنهج والمنظورات والمنطلقات التي یجب من خلالها دراسة هذا التراث علی اهمیتها تقع عند ثاني اولویاتنا.

ضرورة العودة لدراسة التراث الاحوازي

مسئلة العوده الی التراث شغلت  حیزاً کبیراً من اهتمام المفکرین العرب .وقد تعددت آراؤهم واختلفت مناهجهم، فمنهم من درس التراث من منطلق عقلاني، محاولا تغيير نمطية الدراسات الفكرية وإخراج الإرث الثقافي من دائرة الاستهلاك والاجترارية، ويعتبر محمد عابد الجابري من أهم المفكرين الذين نادوا بهـــذه الفكرة، كـــما نادى آخرون بضرورة التخلص من الفكر الاستشراقي وإعادة صياغة الموقف الفكري الـــــراهن انطلاقا من إعادة استيعاب الذات العربية وجعلها المدار الأساس في الدراسة، و قد حــمل محمد أركــون لواء هذه الفكرة، أما نصر حامد أبو زيد وحسن حنفي فـقد حاولا إعادة تأويل الـنص الـديني، والخطاب الديني من منطلق تاريخي، وعلى أسس مختلفة.

أما النقاد فقد اختلفت مناهجهم وتنوعت، فمنهم من نادى بالخرق ورأى فيه معيارا نقديا، يبرز الجوانب الحداثية في التراث العربي ويعتبر أدونيس من أهم ممثليه، أما بالنــسبة لعبد الله الغذامي فقد رأى بأن الــــتراث تتحكم فيه مجموعة من الأنساق الثانوية بين أرجاء نصوصه الإبداعية والتي تمارس إشعاعها الجمالي والفني، على النص وعــــلى متلقيه لذلك يدعو إلى اكتشافها من خلال آلية النقد الثقافي، أما عــبد العزيز حمودة فهو يرى بأن التراث زاخر بمختلف الإشارات التي تصلح أن تكون مبادئ لنظرية عربية أصيلة.ولـــــكن مهما اخــــتلفت الـرؤى والإجراءات المنهجية المتبعة من ناقد إلى آخر ومن مفكر إلى آخر، فإن هؤلاء جميعهم حاولوا إثراء الموقف الثقافي العام، وانتشال الفــــكر العــــــربي من براثن الجمود والتبعية. [8] لکن نحن في الأحواز فعودتنا لدراسة التراث هي ضرورة ملحه ومضاعفه لعدد من الاسباب  ممکن اجمالها بالتالي

اولاً :حالة الاستلاب الثقافي التي یعاني منها المجتمع

تعني حالة الاستلاب والانسلاب بأبسط تعريفاته حسب ما يره جاك الول هو ان تصبح شخصآ آخرآ  وبمعنى آخر فأن هذا يعني انسلاخ الشخص عن نفسه ليصبح خاضعآ وحتى متمثلآ بشخص اخر [9] أي في حالة نفسية تجعل الفرد يبتعد وينبذ ثقافته لصالح ثقافة وافدة.

تتسم ثقافة الانسلاب بعدة سمات منها[10]:

١-  يشيع فيها جو عام بالاحباط واليأس ، ويسهل فيها الانقياد لري المجموعة دون النظر العقلي .
٢ –  الانطلاق من فكرة المألوف وعدم اعمال العقل.
٣ – ندب الحظ على الواقع المرير دون محاولة احداث تغير ايجابي فعال.
٤ –  الرضا بالأمر الواقع خشية التغير انطلاقا من المثل السابق.
٥ – الانهزام النفس تجاه الطغيان والقهر الذي تمثله السلطة أيا كان نوعها.
٦ – الشعور بالتبعية الشديدة والاعتمادية على اخر قوى كالطفل يخشى الكلام دون ان يسترق النظر من والده وكانه يخشى العقاب.
٧ –  أعتبار الهوى (بزعم انه العقل) هو المرجعية التي تحكم تقيمه للأمور.
٨ –  الانطلاق من فرضيات مسبقة تفسر الواقع

وبغض النظر عن مدی درجة انطباق هذه العوامل علی المجتمع الاحوازي الا ان المهم ان علی الاقل البعض من هذه العوامل تفسر حقیقة حالة التذذب التي یشهدها المشهد الثقافي والسیاسي والمذهبي في الاحواز .والذي تجعل من الفرد واحیاناً المجموعات تفتي تارة بالهث ورای الفکر القومي وتاره بالسعي ورا الفکر المذهبي السلفي التقلیدي (الشیعي او السني ) ….الخ .من هنا یاتي عامل التراث باعتباره مؤشرا حقيقيا للدفء الذاتي، ومنبعا للاستقرار والتوازن النفسي، ووسيلة لتحقيق الشعور بالانتماء الحضاري والثقافي، وتوفير الراحة النفسية أثناء التعامل مع الآخر، حیث يقول علي زيعور بأن:” التشكيك بقيمة الموروث الحضاري عملية تزعزع الثقة بالنفس وبالنص؛ لأنها تخل بالتوازن بين الأنا وحقلها الحضاري الذي يعطي الإنسان عمقا، وقيمة، وشعورا بالانتماء. ومن ثمة، بالأمن والاطمئنان. أي: بالقدرة على الاستمرار والتكيف[11] “وهذه الدعوة لا تعني التزمت بالتراث وجعله المحور الذي تکسب الاشیاء مشروعیتها منه مقابل نسیان المعاصر بل انني اری ایضاً الحاجة الملحه للبحوث الراهنیة بالجانب الاجتماعي والسیاسي والثقافي لتعضد هذه البحوث المعرفیة الاصالیة.

ثانیاً : اهمال دراسة التراث الاحوازي في الوطن العربي باعتباره العمق الثقافي والحضاري و في ایران باعتبارها العمق السیاسي العملي  :

ان من اهم المشاکل التي تواجة التراث الاحوازي وبالتالي تجعل البحث فیه ودراستة ضرورة مضاعفة انه  یعیش حالة ” برزحیة ” بل ویعامل احیاناً باعتباره ولید غیر شرعي اذ ان العرب وهم العمق الحضاري للتراث الاحوازي بالفترتیین العربیة الاسلامیة والعصر المشعشعي لم تدرس  هذا التراث بعتباره نتاج فکر عربي الا ونسبته الی بعض البلدان المجاوره کالعراق والبحرین …الخ ام اهملته تمام الاهمال .وکذلک الحال مع الایرانیین حیث انهم ایضاً لم یدرسوا هذا التراث لا فی المقررات الدراسیة المدرسیة والجامعیة ولا في الابحاث والدراسات المستقلة !!؟

ثالثاً : مصادرة التراث الأحوازي :

کما نوهنا سالفاً ان ثمة جانب من التراث الاحوازي ضئیل وقلیل جداً نظراً الی النتاج الضخم والغزیر للاحوازیین في الفترتین العربیة _الاسلامیة والعصر المشعشعي درس وحقق الا انه نسب الی بلدان غیر وطن هولاء الشعراء والعلماء والنحاء والفلاسفة .اهمهم ابن السکیت الدورقي  وابي هلال العسکري وابي نواس وعبد علي بن رحمة الحویزي وابي معتوق الحویزي …الخ والیوم یعرف وینسب نتاجهم المعرفي هذا الی غیر بلادهم وانني اشرت في درسة اخري حول  “المقام الحویزي “مثلاً الذي ابدعه عبد علي بن رحمة الحویزي لکنه ینسب لغیر صاحبة ولغیر وطنه الام .وکذلک هو الحال مع شعر البند وهو جنس غریب عن باقي اجناس الشعر العربي ابدعه اهل الحویزة لکن  اعتبروه البعض بانه عراقي …الخ

عود علی بدء

وبعد هذه اللمحه التي حاولنا فیها بعیداً عن الغور في التفاصیل والاطناب بما یتناسب والمقالات الصحفیة ،تعریف التراث الاحوازي والضرورة الحیاتیة لحیاء هذا التراث ،نشد علی ایدي المثقفین الاحوازیین والعرب  للکف عن الانتکالیة والاهتمام والسعي الحثیث لدراسة هذا التراث الضخم الذي قدموه اجدادنا الی العلم وشارکوا به بصورة فاعله في بناء صرح الحضارة العربیة العظیم . ومن نافل القول یجب اعتباره  هذا الامر کجزء من مشروع اضخم لتعزیز الثقة بالنفس لدي المجتمع ،حیث المجتمعات المستلبه والتي لا تتفنن بالاستلذاذ بذاتها الثقافیة لا تستطیع الابداع الانتاج ابداً ،بل انها ستضل تندب حظها وتبکي علی جثوم الاخرین علی خیراتها دون تحریک ای ساکن .وهذا ما نامل جمیعاً بتوخیه وتجنیبه عن مجتمعنا.واخیراً اتمنی ان لاندخر جهداً ولا نؤلو سعیاً بمساعدت ومساندت هذا المشروع ،اما بالبحث والدراسة والتحقیق المباشر واما بالمسانده والمساعده بالنفس والنفیس لا بمجرد التشجیع للذین یخوضون هذا الغمارالصعب .

تنبيه: استخدم الكاتب اسم الأهواز في هذه الدراسة، لكن تم تغييره الى “الأحواز” بتبع سياسة المعهد.

 

د/ عارف عبدالله

 

المصادر

 

[1]المشعشعي ،علي بن عبدالله: الرحله المكية ورقة 20/القيم ،عبدالنبي :تاريخ عرب الأهواز ،ص119

[2]الموسوي ،هادي باليل: تاريخ الأدب الشيعي في الحويزة والدورق ،ص176-177

[4]الرحلة المکیة ورقة 221

[5]نفس المصدر ص177

[6]آمارة المشعشعين ص 20والشعر العراقي في العصر المشعشعي ص470 نقلاً عن اللامي ، عبدالرحمن كريم : تاريخ الأدب العربي في الأهواز98-99

[7]اللامي ، عبدالرحمن كريم : اديب من الأهوازوتحقيق كتاب مناهج الصواب في علم الاعراب ،ص18

[8] http://www.startimes.com

[9] صالح خليل ابو اصبع ،قضايا اعلامية ،ط2 2005، بيروت،دار المجدلاوي للنشر ،ص283.

[10] نفس المصدر

[11] 4- سيد يوسف ،تزيف العقل العربي بثقافة الاستلاب ،جريدة وطن الكوتية،عددالثلاثاء 22دبسمبر 2009.



error: Content is protected !!