الخميس, ديسمبر 19, 2024
دراساتالأحواز وجغرافية الخرائط

الأحواز وجغرافية الخرائط

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

المقدمة

يعتقد الكثير أنه لابد أن يدرس الإنسان جميع العلوم ويبرع فيها، ولعل الجغرافيا بكل أشكالها كانت منذ القدم أحد أهم هذه العلوم التي تعطي بوضوح الهوية البنيوية للأوطان. يرى الكثير من الباحثين في هذا الشأن أنه يمكن من خلال الاهتمام بالجغرافيا أن يفسير طبيعة الإنسان وعمقه التاريخي وتنوعه العرقي والديني، بالإضافة إلى الظواهر الطبيعية العديدة والمتنوعة التي تحدث حول الإنسان، وكما يوضح هذا الحقل كيفية تأثر الإنسان بالبيئة التي نشأ فيها.

 ستتطرق هذه الدراسة إلى البحث عن علاقة ثنائية بين الأحواز والخريطة الجغرافية وتكمن أهمية هذا العمل في القيام بالبحث عن الحدود “الطبيعية والتاريخية” لهذا البلد.

ويتخذ الباحث دراسته كأي نسَق معرفي، على أسس منهجية، ويستند على كلا المنهجين الاستنباطي أو الاستقرائي.

 

النظرية ومناهج البحث الجغرافي

غالبًا ما يعتمد الباحث في الجغرافيا على المنهج الاستنباطي أو الاستقرائي للوصول إلى حقيقة وكُنه الأمور. وفيما يلي نبذة مختصرة عن تعريف هذين المنهجين:

 المنهج الاستنباطي في الجغرافيا

يَعتمد على المذهب العقلي القائل بأن العقل مصدر المعرفة وليس الحواس، والباحث الذي يسلك منهج الاستنباط ينبغي أن تكون له القدرة على التوقع الحدسي بطبيعة الحقيقة التي يريد معرفتها، وهذا ما نسميه بالتصور الذهني أو التخمين العقلي؛ الذي يبيّن كيفية تركيب عناصر الحقيقة، ويطلق على هذا التصور “النماذج البديهية” أو “الفرضية الاستنباطية”، ويَعتمِد المنهج الاستنباطي على القياس المنطقي (syllogism) من أجل الوصول إلى معرفة ما يمكن الركون إليها. (الفرا، 1990: ص 7)

وتم الاعتماد في هذا البحث على المنهج الاستنباطي في حقل الجغرافيا ودراسة الخريطة الأحوازية واستند على النموذج النظري (ModelTheoretical)، والذي يمثل ظاهرة جغرافية معينة، ويستوحى من الفرضيات حول حدود الأحواز ومن المناقشة التاريخية والنظرية والعقلية، تفاصيل موضوع طبيعية حدود هذا الإقليم، ويعوِض هذا النموذج، العملى والبحث التجريبي والميداني؛ ويحصل ذلك عن طريق القياس المنطقي، وجمع البيانات، ومعالجتها، واختيار مدى مطابقتها للنماذج والبحوث السابقة، ويعمل على مشاهدة مدى التطابق التام بينهما، وعندئذ ذلك النموذج يصبح قابلاً للتعميم؛ بتفسير العلاقة بين الإنسان الأحوازي وبيئته والخريطة الجغرافية. (مقتبس من كتاب التنظير في الفكر الجغرافي الحديث، الرسائل الجغرافية).

وحاول الجغرافيون تطبيق هذا الأسلوب في الجغرافيا البشرية؛ لعدة أسباب، نحصرها فيما يلي:

  • لأنه يجعل من الجغرافيا علمًا نظريًا يستمد من المناقشات العقلية والنظرية؛ وذلك من خلال إعطاء الأسبقية للمُنطلَقات النظرية والأيديولوجية عِوَض الانطلاق من الميدان.
  • أنه يُعوض الملاحظة الميدانية بما يسمى بـ”النموذج”، وفي هذا ضرب لخصوصية الفكر الجغرافي الذي ينبني على الملاحظة الميدانية (البرجاوي، 2015 ).

 

المنهج الاستقرائي في الجغرافيا

إذا كان المنهج الاستنباطي يعتمد على المذهب العقلي، فإن المنهج الاستقرائي يعتمد على المنهج التجريبي (Empiricism)، القائل بأن المعرفة تستمد من التجربة الحسية؛ أي: أن الحواس – وليس العقل – هي التي يمكننا بواسطتها الحصول على المعرفة. (الفرا، 1990: ص8)

ينطلق المنهج الاستقرائي من الميدان “الواقع الملموس” في دراسة الظواهر الجغرافية، بدءًا بالجزئيات وجمع المعطيات الميدانية بواسطة الملاحظة والتجربة.

بناء على دقة العمل في رسم الخريطة الأحوازية التاريخية، تعتبر هذه الدراسة مدخلاً هامًا للبحوث المعرفية التراكمية في الشأن الأحوازي ومدخلاً للخوض في الدراسات الأخرى، حيث يرسم من خلالها علاقة بين أرض الأحواز والإنسان الأحوازي، ويمكن من خلالها الوصول إلى بحوث تهتم بدراسة مدى تأثير الإنسان في البيئة المحيطة والعكس، وذلك لأن كلاً منهما يؤثر في الآخر تأثيراً كبيراً.

يقدم هذا البحث زوايا دقيقة عن الحدود التاريخية للأحواز بمنعزل عن الحوار السياسي والمطالبات السياسية ويستند إلى مدلولات تاريخية ترجع إلى قبل خمسمئة عام أثبت من خلالها ملكية الأحوازيين وتواجدهم على هذه الأرض بعيدًا عن السلطة الفارسية. تتبني هذه الدراسة الخريطة التاريخية لحدود أراضي الأحواز. وتم الوصول إليها على أساس المنهجين الاستنباطي والاستقرائي واعتمدت على تاريخ تواجد الإمارات العربية على أرض الأحواز على الضفة الشرقية للخليج العربي باعتبارها مبدأً أساسيًا في البحث والتي كونت على أثر ذلك تواجدًا ثقافيًا، تنمويًا، اقتصاديًا، تاريخيًا، سياسيًا، ديموغرافيًا، دينيًا، اجتماعيًا، ونشاطًا سياحيًا.

ويمكن للمتابع أن يرى من خلال القراءة التاريخية، الحدود الجغرافية المتكاملة ويرى التفاعل البشري في هذه الجغرافيا مع العالم الطبيعي وعلاقة الإنسان الأحوازي مع البيئة. ويستمد القارئ من هذه الدراسة أي جغرافية الأحواز التاريخية، تبادل الأفكار وعملية نقل النّاس وعلاقة الجغرافية بالتاريخ ونقل الأفكار.

 وتؤكّد هذه النوعية من البحوث، أهمية فهم جغرافيا الخريطة وأثرها على أهميّة المواصلات، وتحديد أفضل طرقها وحياة الإنسان بشكل عام أيضا. (يازفسكي، 2011).

 

الحدود الأربعة

يقع إقليم الأحواز في الساحل الشرقي من الخليج العربي، ابتداءً من الشمال وتحديدًا من الجانب الشرقي لشط العرب مع الحدود العراقية وينتهي في الجانب الغربي لنهر جاقين في الجنوب، حيث تقع الحدود الطبيعية مع إقليم بلوشستان، ومن الجانب الشرقي تفصل الأحواز حدود ممتدة علی طول جبال زاجرس المکونة كفاصل طبيعي مع بلاد فارس، وفي الجهة الأخرى يقع الخليج العربي والحدود المائية مع دول الجوار. ويشكل مساحة تبلغ مئتين وعشرة آلاف کيلو متر مربع (حسب تطبيق المنهج الاستنباطي والاستقرائي) قام بها “مركز دراسات عيلام” وطالت الدراسة ثلاثة أعوام منذ 2004 حتى نهاية 2007 ورسمت هذه الخريطة حسب الشواهد التاريخية والنموذج النظري والتخمين العقلي والبحث الميداني أي “الواقع الملموس”، من خلال جمع المعطيات الميدانية بواسطة الملاحظة والتجربة.

الموقع الجغرافي

تقع أرض الأحواز في مشرق البلاد العربية وعلى الجانب الشرقي من الخليج العربي، في نصف الكرة الشمالية ضمن المنطقة المعتدلة الشمالية، بين 30 – 40 شمال خط الاستواء، وبين 46 – 51 شرق غرينيتش وبين 44 – 49 شرق باريس. (بني تميم، 2014) وبالتحديد في جنوب وجنوب غربي جغرافية إيران الحالية. كما يمکن تحديد موقعها الجغرافي بين دائرتي عرض 26 جنوبًاﹰ 33 شمالاﹰ وخطي طول 47 غربًاﹰ و58 شرقًاﹰ وتفصلها حواجز طبيعية عن سائر النقاط والدول والأقاليم المجاورة. تقع في الشمال وشرق إقليم الأحواز، جبال زاجرس (يبلغ طولها 850 کيلو مترًاﹰ وعرضها ما بين 150 إلی 250 کيلو مترُاﹰ) ويقع الخليج العربي في جنوب وغرب الإقليم، وتنتهي حدود الأحواز في الغرب، مع العراق على ضفاف شرقي شط العرب، هور العظيم وجبل حميرن. (التميمي، 2007: ص 3)

وأما الخريطة التالية هي خريطة المشرق العربي والتي تتضمن الأحواز.

وتم رسم الخريطة الأحوازية عبر البحث في الخرائط القديمة بالإضافة إلى دراسة الحكومات والإمارات الأحوازية المتتالية تاريخيًا على هذه الأرض، وتوصلت إلى النتائج التالية:

 

تقع حدود إقليم الأحواز في جبال زاجرس كالتالي:

أ – الشمال الغربي: حدود إقليم الأحواز وإقليم كردستان

يفصل “نهر شيخ أحمد” (تشنكولة، چنگوله– 50 کيلو مترًا جنوب مدينة مهران) إقليم الأحواز عن إقليم كردستان، حيث تبدأ الحدود من “جبل الکبير” حتی الحدود العراقية، مرورًاﹰ بالخط الجبلي ما بين قمة “جبل سوار وغزل وتاف” وصولًا ﹰ إلی “جبل رباط” ونهر دز في منتهى النقطة الحدودية بين الأحواز مع إقليم كردستان (باعتبار أن “لرلك” فرع من أکراد کرمانجي).

ب: حدود إقليم الأحواز والبختياريين

تبدأ الحدود مع البختيارية من قمة جبل الرباط وصولاً إلی جبل الأصفر (زرد کوه)، مرورًا بقمم جبال قيصري وميلي وغرة (گره) ووصولاً إلى جبل دينار حيث تنتهي حدود إقليم الأحواز مع البختيارية وترجع هذا الرسم وهذه الحدود إلى ما قبل نزوح البختياريين وإسكانهم في إقليم الأحواز قبل مئة عام (راجع كتاب خلاصة الأعصار في تاريخ البختيار تأليف حاج عليقلي خان سردار أسعد بختياري وعبدالحسين لسان‌السلطنة سپهر).

ت: حدود الأحواز وعشائر بوير أحمد

بعد ذلك تبدأ حدود الأحواز مع عشائر بويرأحمد في جبال جيلوية (کوه کلويه) ومن ثم الممسني من جبل شوروم ودينار مرورًا بجبل النيل وصولاً إلى جبل کمارج.

تنويه: تعتبر عشائر البختيارية، البويرأحمدية والممسني نفسها من الأصول الكردية، ممن هاجروا في قرن السابع الهجري من جبل سماق وديار بکر إلى أراضي بوير أحمد.

ث: حدود الأحواز مع القشقائيين

ثم تبدأ حدود الأحواز مع الترک القشقائية من قمة جبل کمارج والخط الواصل وصولًا إلی قمة جبل خون (الدم) ثم جبل الأبيض ثم جبل کورم (گورم) حيث تنتهي حدود الأحواز مع ترک القشقائية.

ج: حدود إقليم الأحواز مع بلاد فارس

ثم تبدأ حدود الأحواز مع بلاد فارس في الخط الفاصل بين قمم جبل کورم (گورم) وجبل بنا وجبل الأخضر وجبل شاهين وجبل سيرو وجبل درنيان وجبل سرخان وتنتهي الحدود مع بلاد فارس عند الوصول إلى حدود إقليم بلوشستان. وأثبتت الشواهد التاريخية والتجريبية أن الأحوازيين عاشوا بين هذه الوديان منذ عصر العيلاميين حتی يومنا هذا وسكنوا في منطقة ما بين البحر وداخل الجبال ذات القمم الشاهقة التي يصل ارتفاع بعضها إلی 4000 قدم.

د: حدود إقليم الأحواز مع إقليم بلوشستان

تفصل الأحواز عن منطقة مکران في إقليم بلوشستان سلسلة جبال بشاکرد البلوشية، حيث يقع الخط الواصل بين قمم جبل سرخان وجبل الأبيض وجبل بونيکن ونهر جاقن من مبدئه في جبال بشاکرد حتی مصبه في بحر عمان (التميمي، 2007 : 3-4).

 

مساحة إقليم الأحواز في الخرائط السياسية

 ذُکرت مساحة إقليم الأحواز في المصادر المختلفة بأرقام متضاربة، تارة انكمشت فيها مساحة الأحواز وتارة أخرى تخطت حدودها التاريخية ويرجع هذا التضارب والخطأ الناجم عنه إلى عدة أسباب: أولاً: عدم معرفة الحدود والفواصل الدقيقة بين الأحواز وبلاد فارس والأقاليم الأخرى المجاورة. ثانيًا: النقل الخاطئ من المصادر. ثالثًا: إضافة أرقام ومساحات تتعلق بأراضٍ خارج الحدود التاريخية للأحواز. رابعًا: تدخل أجندات خارجية- إقليمية إملاءات على جهات أحوازية وغير أحوازية كان وراءها أهداف سياسية وبمعزل عن إرادة الشعب الأحوازي.

إننا هنا سنعرض شرحًا مفصلاً عن حدود الجغرافية الأحوازية، وذلك قبل البدء في تفاصيل مساحة إقليم الأحواز حسب الحقائق التاريخية الحديثة، والتي توصل إليها الباحثون من خلال دراسة ميدانية وبعد مراجعة الکتب والخرائط الجغرافية الرسمية المعترف بها دوليًا، قام بها مركز دراسات عيلام، لمحاسبة المساحة الدقيقة للإقليم.

 

الأحواز عهد المشعشعيين

الأخطاء الشائعة في الخرائط المسبقة:

 نعرض في البداية الأخطاء الموجودة في الأرقام المنقولة المتعلقة بمساحة الأحواز.

 

أ: مساحة الأحواز في كتب الإيرانيين الفرس

تتضارب الأرقام عند الكتّاب الإيرانيين الفرس حول مساحة الأحواز، ومنها يزعم “محمد علي إمام شوشتر” في كتابه “تاريخ جغرافيا خوزستان”، أن مساحة الأحواز تبلغ “35 ألف ميل مربع”. كما ذكر “إيرج أفشار سيستاني” صاحب كتاب “خوزستان وتمدن ديرينه آن” قائلاً: إن خوزستان التي تقع في الجنوب الغربي من إيران، تبلغ مساحتها 66.532 كيلومترًا مربعًا. وهذا التقلص والانكماش الذي تعاني منه الأحواز يرجع إلى سياسة التفتيت والتقسيم التي تمارسها إيران بغية تفريس الشعب الأحوازي وتطهيره عرقيًا. وتجدر الإشارة إلى أن “خوزستان”، هي التسمية الفارسية التي أطلقتها الدولة الفارسية على شمال إقليم الأحواز بعد احتلال آخر إمارة من الإمارات الأحوازية (الحلو، 1969: 24).

 

ب: مساحة الأحواز في كتب العرب

رغم اهتمام العديد من الباحثين العرب والأجانب بالشان الأحوازي وخاصة فيما يتعلق بمساحة الأحواز، لكن لا يزال يرى المراقب أنه لا تتقارب الأرقام المتعلقة بمساحة الأحواز في غالبية المراجع العربية التي تناولت تاريخ وجغرافية الأحواز مع الواقع، على سبيل المثال كتاب “الصراع العربي الفارسي” الصادر عن “منشورات العالم العربي”، يبيّن أن مساحة الأحواز 185 ألف كلم مربع. ويعتقد الكاتب أن السلطات الإيرانية اقتطعت منها 25400 كيلو مترًا بحجّة التنظيم الإداري عام 1925، وضمتها إلى محافظاتها: فارس في الجنوب، أصفهان في الغرب، لرستان في الشمال، وبذلك باتت مساحة الأحواز 159.600 كيلو متر مربع، بطول 420 كلم وعرض 380 كلم. واعتبر الكاتب العراقي “علي نعمة الحلو” مؤلف كتاب “الأحواز- عربستان” تأليف عام  1969، أن مساحة الأحواز، تبلغ 159.600 كم مربع، حيث ذكر طولها 420 كيلو مترًا وعرضها 380 كيلو مترًا. وجاء في كتاب “الوضع القانوني لإقليم عربستان في ظلّ القواعد الدولية” للكاتب “عبدالمجيد حقّي إسماعيل”، أن المساحة الحقيقية للأحواز تعادل 185000 كيلو متر مربع، ولكن تقلص حجم إقليم الأحواز بسبب ضم مساحات واسعة منه إلى المحافظات المجاورة لإقليم الأحواز حتى وصلت مساحتها 159000 كيلو متر مربع (بنی تمیم، 2014).

 

ج: مساحة الأحواز في الخرائط الأحوازية

1 – خارطة إقليم الأحواز الصادرة عن جبهة تحرير عربستان في الستينيات من القرن العشرين، تظهر أن مساحة الأحواز تبلغ 185 ألف ک م م (کيلو متر مربع) وتضم هذه الخريطة إمارة المحمرة إبان سلطة البوکاسب، وتشمل المناطق الغربية للإقليم وصولاً إلى ميناء ديلم . وبعد المحاسبة والتدقيق في مساحة هذه الخريطة أثبت أن المساحة التابعة لا تتجاوز85 إلی 90 ألف ک م م، ولا توجد أدلة واضحة وراء تبني هذه الخريطة، وإذا کان القصد هو الإشارة إلى خارطة المحافظة السادسة الإيرانية في الستينات (حسب الخارطة الموجودة في متحف کنيسة وانک في أصفهان التي رسمها راهب أرمني) التي تشمل کل محافظة لرستان وعاصمتها خرم آباد وجنوب همدان أي مدينة ملاير وکل محافظة إيلام وکذلك مناطق واسعة أخری من إيران فإن في تلك الخارطة مساحات لم تکن يومًا من الأيام تابعة لإقليم الأحواز.

2- خارطة الأحواز، الصادرة عن جبهة تحرير عربستان في السبعينيات من القرن العشرين: تشمل إمارة المحمرة وقسمًا من جنوب شرقي الأحواز (ليان) حتی آخر حدود إمارة لنجة التي تنتهي عند نهر الطين (گل)، تظهر أن مساحة الأحواز تبلغ 370 ألف ک م م. إلا أنه بعد التدقيق والبحث والمحاسبة تبين أن مساحتها تبلغ حوالي 155 ألف ک م م. وتبنت العديد من التيارات والأحزاب الأحوازية هذه الخريطة بشكل عفوي دون مراجعة الخرائط والأعداد والأرقام.

 

والدليل على نفي ورفض هذه المعلومة، إذا جمعنا کل مساحات محافظة فارس ومرکزها مدينة شيراز (121825ک م م).

محافظة لرستان ومرکزها مدينة خرم آباد (28392 ک م م).

محافظة إيلام ومرکزها مدينة إيلام (20150 ک م م).

محافظة تشهارمحال وبختياري ومرکزها مدينة شهرکرد (16201 ک م م).

محافظة جيلوية وبوير أحمد ومرکزها ياسوج (15563 ک م م).

محافظة شمال الأحواز (خوزستان) ومرکزها مدينة الأحواز (63211 ک م م).

محافظة بوشهر ومرکزها مدينة بوشهر (23167 ک م م).

محافظة جرون (هرمزكان) ومرکزها ميناء جرون (سورو ـ بندرعباس ) (71193 ک م م)

سوف نحصل على مساحة تعادل 359 ألف ک م م. وإذا افترضنا أن نضم “11000 ك م م” من أصفهان أو من الساحل الجنوبي لمحافظة سيستان وبلوشستان عندئذ يمكن أن نبلغ مساحة 370 ألف ک م م المفترضة. بينما لا توجد شواهد تاريخية وحقائق تجريبية تثبت امتلاك الأحواز هذه المساحة الواسعة ولا تتناسب هذه الخريطة مع إقليم الأحواز التاريخي.

إذن يمکن، حسب ما توصلنا إليه أعلاه، حاسب مساحة الأحواز بشکل صحيح کالتالي:

  • کل مساحة محافظة شمال الأحواز (خوزستان) التي تبلغ 63211 ک م م تقع ضمن حدود الإقليم.
  • کل مساحة محافظة أبوشهر التي تبلغ 23167ک م م تقع ضمن حدود الإقليم.
  • 64000 ک م م (90%) من مساحة محافظة جرون (هرمزکان) التی تبلغ 71193 ک م م تقع ضمن حدود الإقليم.
  • 10000 ك م م (50%) من مساحة محافظة إيلام التي تبلغ 20150 ک م م يقع ضمن حدود الإقليم.
  • 4500 ك م م (15%) من مساحة محافظة لرستان التي تبلغ 28392 ک م م تقع ضمن حدود الإقليم.
  • 2600 ك م م (16%) من مساحة محافظة تشهارمحال وبختياري التي تبلغ 16201 ک م م تقع ضمن حدود الإقليم.
  • 7000 ك م م (45%) من مساحة محافظة جيلوية وبويرأحمد التي تبلغ 15563 ک م م تقع ضمن حدودالإقليم.
  • 30000 ك م م (25%) من مساحة محافظة فارس التي تبلغ 121825% ک م م تقع ضمن حدود الإقليم.
  • 5400 ك م م(3%) من مساحة محافظة کرمان التي تبلغ 181714 ک م م تقع ضمن حدود الإقليم.

عندئذ يكون مجمل مساحة الأحواز بعد جمع الأرقام المستنتجة أعلاه حوالي 210 آلاف ک م م. وذلك حسب التواجد الأحوازي تاريخيًا منذ أقدم العصور حتى قبل بدء احتلال أول إمارة أحوازية في عهد الصفوية.

 

وأخيرًا، فإن فهم ومعرفة الخريطة التاريخية للأحواز من الأمور المهمة؛ لارتباطها بدراسة الإنسان الأحوازي والتشكيلة والأعراق وكل ما يؤثّر عليه والتعرف على المظاهر الطبيعية، دراسة المناخ، والسكان، ومظاهر سطح الأرض. كما يمكن الوصول إلى العلاقات بين المظاهر الطبيعيّة المتنوعة في هذا الإقليم أو بين الإنسان والبيئة، بالإضافة إلى توزيع المستوطنات البشريّة، والتحركات السكانيّة المستمّرة عبر العصور، كما توضّح دور القوى الاقتصاديّة وأثرها على مواقع المدن والاطلاع على التطورات من خلال مواكبة العولمة. كما تعتبر من ضمن هذه الخصائص أيضًا فهم الثقافات المتواجدة في الإقليم وذلك يعني معرفة كيفية اختلاف أساليب عيش الإنسان باختلاف ثقافاته، كما تعتبر هذه الجغرافية بطولها وعرضها ذات أهمية إستراتيجية وتستمد أهميتها من خصوبة أراضيها ووفرة إنتاجها الزراعي والحيواني ما جعل منها سلة غذائية بامتياز بالنسبة لمحيطها المباشر، سواء في إيران أو العراق والخليج العربي، وإن كان إشكال التلوث الشديد بالمنطقة يُهدر فرصًا حقيقية للنهوض الشامل بالمجال الزراعي (الجزيرة “مواقع إلكتروينة”، 24/01/ 2016).

النهاية

 بناء على المنهجين الاستنباطي والاستقرائي، وصلت نتائج البحث في تحديدهم حدود الجغرافيا الأحوازية انطلاقا من مكونات سطح الأرض وأشكالها كافة، التي تختلف من مكان إلى آخر؛ ونشأ عن ذلك اختلاف طبيعة الأمكنة بين الأحواز ودول الجوار.

 وحصلت النتائج أن نشاط الإنسان الأحوازي في محيطه الاجتماعي يختلف عن غيره، رغم الترابط الاجتماعي مع المحيط. وفي الخوض في صفحات التاريخ منذ آلاف السنين حتى يومنا هذا، يمكن للقارئ أن يلمس نشاط الإنسان الأحوازي داخل محيطه الجغرافي المحدد من أربع جهات؛ أي يمكن أن يرى كيفية تفاعل الإنسان الاجتماعي في الأحواز في ظل الإمارات والدول المتتالية مع المكان والجغرافيا.

 ونشاهد على سبيل المثال في مدينة البسيتين والفلاحية تفاعل الإنسان الأحوازي مع الهور، وتفاعل الإنسان في مدينة الخلفية مع الحياة البدوية، وتفاعل الإنسان في السوس والمحمرة مع الحياة المدنية، وتفاعل الإنسان الأحوازي في مدينة جرون وبوشهر والتميمية مع البحر ليشكل ثنائياً تطور على مدى العصور والذي ساعد في تشكل سلوكيات عديدة للإنسان الأحوازي؛ ومن ثمّ تحدد هذه العلاقة شكل علاقة الإنسان بمحيطه الخارجي.

يمكن أن نضع هذا البحث ضمن قائمة أولوية الباحثين، حيث يساعدنا على اتّخاذ القرارات المناسبة للتعامل مع الأحداث المستقبلية، وما يتبعها من أثر سياسي على الإقليم.

 

 مصطفى حته

 

المصادر والمآخذ:

1 – محمد علي الفرا. (1990). التنظير في الفكر الجغرافي الحديث، الرسائل الجغرافية، العدد: 139: الجمعية الجغرافية الكويتية.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/80649/#ixzz5MPJdZhx5

2 – البرجاوي، مولاي المصطفى. (2015). النظرية ومناهج البحث الجغرافي، موقع الالوية الاجتماعية، (http://www.alukah.net/social/0/80649/ ).

3- قيس بني تميم.( 14 نوفمبر 2014). الأحواز قطر عربي يمتلك ثروات كبيرة(1). موقع المزماة.
– http://almezmaah.com/2013/11/14/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B2-%D9%82%D8%B7%D8%B1-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D9%85%D8%AA%D9%84%D9%83-%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D8%A91/

4 – الحلو ، على نعمة . (الطبعة 1969م – 1970م) . الاحواز “عربستان”. بغداد: دار البصري .

5- (الجزيرة “مواقع الكتروينة” ، 24/01/ 2016 )

http://www.aljazeera.net/encyclopedia/citiesandregions/2015/12/27/%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%88%D8%A7%D8%B2

6- Joe Jaszewski, Santani Teng, Diane Boudreau & others (21-1-2011), “geography”، www.nationalgeographic.org, Retrieved 18-2-2018. Edited.

7- العناتي.علي. (2018). ” اهمية علم الجغرافيا، موقع الموضوع. آخر تحديث: 2:31 ، 20فبراير2018

https://mawdoo3.com/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A7

8- التميمي، احمد .(2007). الاحواز بعيون احوازية، مركز دراسات عيلام.

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!