السبت, نوفمبر 23, 2024
دراساتالمحكمة العربية لحقوق الإنسان: موقع الحالة الأحوازية

المحكمة العربية لحقوق الإنسان: موقع الحالة الأحوازية

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

مقدمة

في الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2013، بدأت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أعمال اجتماع اللجنة رفيعة المستوى من الخبراء القانونيين لإعداد مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي. و على مدى ثلاثة أيام لمناقشة مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، التي جاءت بمبادرة من ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، الذي أكد على أهمية إنشاء هذه المحكمة للدول العربية، كمنظمة إقليمية، مثلها مثل محكمة حقوق الإنسان في أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا. وتتضمن البرتوكول التأسيسي 28 مادة ، حيث جاء في المادة الأولى ” إن يتم إنشاء المحكمة في إطار جامعة الدول العربية ” محكمة عربية لحقوق الإنسان”  بهدف مراقبة تنفيذ الدول الإطراف لالتزاماتها الناشئة من الميثاق العربي لحقوق الإنسان 1، وتتكون من 7 قضاة من مواطني الدول الأعضاء بالجامعة العربية، يكون اختيارهم بالانتخاب من قبل الجمعية عن طريق الاقتراع السري، من قائمة تضم أسماء المرشحين من المشهود لهم بالنزاهة والالتزام بالقيم الأخلاقية العالية2. ويتم انتخاب القضاة لفترة مدتها ست سنوات مع إمكانية إعادة انتخابهم لمدة تالية مرة واحدة فقط ، وتنتخب المحكمة من بين أعضائها رئيسا ونائبا للرئيس لمدة سنتين، ويجوز إعادة انتخابهما لمرة واحدة. وقد أعلنت جامعة الدول العربية، فتح باب التوقيع على ” النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان”، و في 7 سبتمبر / أيلول 2014 أقره مجلس جامعة الدول العربية3.

 

أولاً – في آليات عمل المحكمة العربية لحقوق الإنسان: موقع الحالة الأحوازية.

يعد إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان باعتبارها آلية قانونية ضرورية لدعم منظومة حقوق الإنسان في إطار جامعة الدول العربية، من أهم القضايا الملحة لتعزيز احترام حقوق الإنسان وحمايتها. لذلك، ومنذ الأيام الأولى لوضع مشروع المحكمة، أوصت جامعة الدول العربية بتكليف لجنة رفيعة المستوى تضم الخبراء القانونيين من ممثلي الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، لتقييم أوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية، وعرض نتائج أعمالها على مجلس الجامعة العربي.

استناداً لفقه القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، وفي إطار الحالة الأحوازية، وانطلاقاً من الدور المنوط بمحاكم حقوق الإنسان والمرافعة أمامها، من اختصاصها بالانتهاكات الفردية والجماعية للأفراد والجماعات. وبالتالي تصبح مهام واختصاصات المحكمة العربية لحقوق الإنسان، تتعلق بجميع الأفراد والشخصيات العربية، سواء منها الطبيعية أو الاعتبارية، وأينما وجدت الكيانات والمؤسسات العربية، التي تحمل في هويتها وشعارها القضايا العربي، كما تصبح المحكمة العربية لحقوق الإنسان، صاحبة الاختصاص المبدئي بانتهاكات حقوق الإنسان في كل الأراضي العربية المحتلة والوقوف عند الانتهاكات بحقوق الأفراد العرب في هذه الأراضي. وعلى هذا الأساس تصبح أولى المهام المنوطة بالنشطاء الأحوازيين، هو الدفاع عن شرعية الدولة الأحوازية في إطار جامعة الدول العربية، والاعتراف بها كعضو في جامعة الدول العربية، أو عضو مراقب على أقل تقدير، بحث تتمتع بجميع الحقوق والواجبات، المترتبة على أي عضو في الجامعة.

 

  • أهمية المطالبة بعضوية دولة الأحواز في جامعة الدول العربية: مقدمة لمشروعية مقاضاة الانتهاكات الإيرانية بحق الشعب الأحوازي.

 في مؤتمرها الأول الذي انعقد في القاهرة في  يناير من العام  2017،  قدمت اللجنة التنفيذية لمشروع إعادة شرعية دولة الأحواز العربية “المحتلة”، مشروعها الذي طالب القادة والنخب في مصر ودوّل الخليج بدعم قضية الأحواز العربية، لاستعادة شرعيتها، في ضوء تتوافر عناصر الدولة لها والممثلة في الشعب والأرض والقيادة السياسية.  وجاء الطلب الأحوازي بحضور عدد من الشخصيات الأحوازية من بينهم حفيد الأمير عبد الحميد بن خزعل الكعبى، وعدد من الشخصيات العامة والإعلامية المصرية الداعمة لقضية الأحواز. وعرض المؤتمرون، أن القضية الأحوازية تكاد أن تندثر في أدبيات الجامعة العربية، وأن استحقاقات المرحلة، وبعد امتداد التدخل الإيراني في  الدول العربية، وقيامها بزرع الصراع الطائفي في المنطقة، انطلق الأحوازيون في حراكهم الداخلي والخارجي، لاستعادة المشروع التحرري و إعادة شرعية الدولة العربية الأحوازية باعتبارها شرعية قائمة.

وعلى هذا الأساس، شكلت ” لجنة إعادة شرعية دولة الأحواز” ، أحد الخطوات الجادة لاستعادة طرح القضية الأحوازية على القمم العربية المقبلة، من أجل إعادة شرعية دولة الأحواز العربية “، والمحاولة الأولى لإعادة  طرح المشروع التأسيسي لإعادة الشرعية لدولة الأحواز العربية على صعيد الجامعة العربية، انطلاقاً من كل المقاييس والثوابت القانونية، التي تشرعن للجامعة العربية احتضان الأحوازيين الذين يطمحون لنيل مقعد عضو مراقب في جامعة الدول العربية. وبالتالي يتوجب على النشطاء الأحوازيين- أفراداً ومؤسسات – طرح قضية احتلال الأحواز من جانب إيران، في جميع القمم العربية، وضرورة تأسيس لجنة متابعة خاصة، تضطلع بمهام إعادة دولة الأحواز إلى حضنها العربي، كعضو في جامعة الدول العربية، وبالتالي أحقية الشعب الأحوازي، في الوصول إلى المؤسسات والمحاكم المنبثقة من جامعة الدولة العربية، سواء منها المحكمة العربية لحقوق الإنسان، أو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وغيرها.

 إن منح عضوية مراقب لدولة الأحواز في جامعة الدول العربية، يشكل البداية العربية الحقيقة لاستعادة زمام المبادرة في مواجهة التغوّل الإيراني في المنطقة كبداية نحو انضمامها كدولة عربية في المنظمة، خصوصاً وأن المباركة المصرية، وانعقاد المؤتمر  فيها كعضو في مجلس الأمن الدولي، وعضو في لجنة مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، ما يؤهلها للتقدم بمشروع قرار لإدانة ممارسات إيران في الأحواز، والعمل على استعادة الزخم الدولي حول القضية الأحوازية.

 

  • النشطاء الأحوازيين وضرورات القفز فوق معوقات تفعيل المحكمة على الصعيد الداخلي للدول العربية:

يشكل إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان فرصة للأحوازيين في وضع الجامعة العربية أمام استحقاقات الاعتراف بالدولة الأحوازية من جهة، ومن ثم الإشارة إلى الانتهاكات التي تمارسها إيران بحق الشعب الأحوازي، وذلك من خلال العمل على أهداف المحكمة العربية لحقوق الإنسان، التي تعمل- حسب نظامها الأساسي على تعزيز واحترام حقوق الإنسان في الوطن العربي، وتأكيد التزام الدول العربية بحماية هذه الحقوق، في إطار مقاصد وأهداف الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

تشكل ولادة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، تعبيراً عن مدى جدّية الدول العربية ومنظّمات حقوق الإنسان العربية في التعامل معه. وبالتالي يتوقف عليه مدى جدية المحكمة العربية لحقوق الإنسان المنبثقة عنه. وإذا كانت الدول العربية مازالت تمر بمرحلة من التحولات الديمقراطية فرضتها التحولات والتطورات الدولية، الأمر الذي يستتبع معه تغييرات فعلية في القوانين والممارسات كي تتماشى مع الميثاق. إلا أن السؤال الكبير الذي يُطرح يتمثّل في ما إذا سينجح الميثاق في تعزيز حقوق الإنسان، بدءً من استعداد الحكومات العربية لإعادة فتح النقاش حول بعض الأمور التي تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان العربي في كل مكان، خصوصاً تلك الانتهاكات الأكثر خطورة في الدول والأجزاء العربية المحتلة، وبالتالي عدم تناقض اختصاص المحكمة العربية لحقوق الإنسان، في الدفاع عن قضايا الشعوب في الدول العربية المحتلة كالأحواز. بحيث تصبح من أهم أولويات الناشط الأحوازي الاستفادة تفعيل العامل السياسي في إطار الجامعة العربية، والدفع نحو قبول دولة الأحواز كعضو مراقب تمهيداً لقبولها كعضو أساسي في جامعة الدول العربية، وبالتالي قدرة الأحوازيين في تفعيل المحكمة العربية لحقوق الإنسان في إطار الانتهاكات الإيرانية لحقوق الشعب العربي الأحوازي.

 

ثانياً- القضية الأحوازية وإجراءات التقاضي أمام المحكمة العربية لحقوق الإنسان:

ولدت المحكمة العربية لحقوق الإنسان من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي اعتمد في 23 مايو 2004 بمناسبة القمة السادسة عشرة لجامعة الدول العربية المنعقدة في تونس العاصمة،  ويشكّل الميثاق العربي لحقوق الإنسان، أحد مؤشرات محاولات موجة الإصلاح، التي بدأت تضرب العالم العربي في وقت سابق من العقد الجاري. وكان الميثاق قد دخل حيّز التنفيذ في آذار/مارس 2008، وصادقت عليه عشر دول عربية، هي: الجزائر، والبحرين، والأردن، وليبيا، وفلسطين، وقطر، والسعودية، وسورية، والإمارات العربية المتحدة، واليمن. ويشكل الميثاق العربي لحقوق الإنسان جزء من عملية أوسع لتحديث الجامعة العربية، وبالتالي فهو يملك القدرة على أن يقلّص تشكيك الدول العربية المستمر بواجباتها في مجال احترام حقوق الإنسان في مجالات عدة، وحمايتها، وذلك في قدرته في أن يكون امتداداً لما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان.

 

  • الانتقادات الموجه للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، ومدى الاستفادة منها في إطار القضية الأحوازية: مهام المطالبة و المشاركة في التطوير:

واجه مشروع نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان، الكثير من الانتقادات، لاسيما تلك التي حصرت حق التقاضي بالدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية. وبالتالي تقييد حقوق الإنسان كقيمة أخلاقية عالمية بالدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والموقعة على النظام الأساسي. وفي إطار هذه الانتقادات وقبيل انعقاد القمة العربية في الكويت يومي 25 و26 مارس/آذار 2014، دعت منظمات وطنية وعالمية معنية بحقوق الإنسان الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية إلى تجميد جهود تبني مشروع نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان، إلى أن تتم مشاورات موسعة حوله مع جميع الأطراف المعنية، ومنها مكونات الشعب العربي غير الممثل في جامعة الدول العربية، سواء أولئك المنتشرون في العالم العربي، أو أولئك الذين مازالوا تحت نير الاحتلال، وأن يتاح لهذه الأطراف الحق في المشاركة بشكل فعلي وحقيقي في جميع مراحل إنشاء المحكمة العربية . واتهمت هذه المنظمات إن إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، جرى خلف أبواب مغلقة، و إجراءات غامضة، تتعارض مع المبادئ الأساسية للمشاركة والشفافية التي يجب أن تشمل كل عربي، وكل معني بانتهاكات حقوق الإنسان، بحيث لا تقتصر المشاورات على الممثلين من الدول الأعضاء بالجامعة فقط، بل أن تضم أيضاً منظمات حقوق الإنسان الوطنية والعالمية، ومحاميين وحقوقيين وأكاديميين، وخبراء مستقلين من العرب وغيرهم.

شكلت الانتقادات التي تم توجيهها للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، مقدمة لقدرة الأطراف العربية غير الممثلة في الجامعة العربية، من أفراد ومجموعات مدنية ومكونات سياسية عربية، كما هو الحال في القضية الأحوازية،  في تفعيل نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان، الذي مازال لا يفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومنها المعايير الإقليمية. لاسيما في المواد المرتبطة باختصاص المحكمة وولايتها القضائية، وقدرة الضحايا على ولوج المحكمة بشكل ملائم.

 

القضية الأحوازية وطرق رفع الدعوى:

تختص المحكمة العربية لحقوق الإنسان بكافة الدعاوى والنزاعات الناشئة عن تطبيق وتفسير الميثاق، أو أية اتفاقية عربية أخرى في مجال حقوق الإنسان، وبالتالي يحق لأي دولة تكون طرفاً، أو  أحد رعاياها، أن يثبت بأنه ضحية انتهاك حق من حقوق الإنسان، ما يؤهله اللجوء للمحكمة. ومن هذه النقطة بالذات، يصبح أمام الناشط الأحوازي الطرق التالية لرفع الدعوى أمام المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وهي:

 

الطريقة الأولى- الدعوى الفردية:

من خلال رفع الدعوى أمام المحكمة على اعتبار الحقوق القومية للشعب الأحوازي كشعب عربي، حيث تُلزم المحكمة في قبول دعواه، خصوصاً وأنّ قضايا حقوق الإنسان، هي قضايا تتعلق بحقوق الأفراد والجماعات. وبالتالي العمل على تفعيل اختصاص المحكمة ليمتد إلى القضايا المتعلقة بالانتهاكات التي نص عليها الميثاق العربي لحقوق الإنسان، كمرجعية لمشروعية عمل المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وأن يطالب الناشط الأحوازي بنفسه، تفسير اختصاصات وولاية المحكمة استناداً لأحكام الميثاق العربي، الذي جاء ليتفق مع الالتزامات الدولية الأخرى في مجال حقوق الإنسان. وضمان أن لا يكون مطلب استنفاد سبل الطرق المحلية عائقاً  يمنع أصحاب الحقوق من اللجوء للمحكمة العربية، وأن الشكاوى المرفوعة من الشاكي نفسه في الموضوع نفسه، هي شكاوي مقبولة أمام أية محكمة إقليمية أو دولية أخرى لحقوق الإنسان، إلا أن نطاق اختصاص المحكمة العربية هي الأولى بها. وعليه، فأن جميع الأفراد في الأراضي العربية، يعتبرون خاضعين لاختصاصها وولايتها، و يمكنهم جميعاً اللجوء إلى المحكمة العربية في حال ادعائهم بوقوعهم ضحايا لانتهاك، يدخل ذلك ضمن اختصاص المحكمة، وأن الدول الأطراف في النظام لا تعرقل بأي شكل من الأشكال الممارسة الفعالة لحق اللجوء إلى المحكمة لأي شخص أو مجموعة أشخاص، لا سيما من خلال توفير الحماية الفعالة للضحايا والمشاركين الآخرين في الإجراءات أمام المحكمة، من خلال ضمان عدم تعرضهم لأي من أشكال الضغط أو الانتقام كنتيجة لمشاركتهم في هذه الإجراءات.

 

الطريقة الثانية – عن طريق الكيانات السياسية و المنظمات الأحوازية غير الحكومية:

خصوصاً تلك المعتمدة والعاملة في مجال حقوق الإنسان، أو الكيانات السياسية والأحزاب الأحوازي، كمنظمات غير حكومية. ففي حال اشتراط عضوية الأحواز في جامعة الدول العربية، يمكن اللجوء إلى شرط استنفاذ طرق التقاضي في الدول المشكو منها ( إيران)، حيث يتعذر على العربي الأحوازي الحصول على حكم نهائي وبات وفق النظام القضائي الإيراني. وبالتالي العمل على إبعاد وتذليل أية معوقات قد تحد من لجوء الكيانات السياسية الأحوازية ومنظمات المجتمع المدني إلى المحكمة، وضمان أن أية منظمة مجتمع مدني أحوازية، وليس فقط المنظمات المعتمدة في الدول الأطراف، يمكنها رفع شكوى للمحكمة ضد أي انتهاك مزعوم من قبل أي جهة تمارس انتهاكات بحق حقوق الإنسان.

 ومن هذه النقطة بالذات، يمكن للناشط الأحوازي، أن يعمل مرة أخرى على مطالبة جامعة الدول العربية بتفعيل الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي يشكل مرجعية إنشاء المحكمة، بحيث يمكنه المطالبة بتفسير وإيضاح النظام الأساسي للمحكمة المتعلق بالسبل الأخرى للجوء إلى المحكمة، بما في ذلك للأفراد أو المنظمات، وذلك بانضمامهم إلى الإجراءات أمام المحكمة كأطراف مهتمة أو من خلال تقديم معلومات أو مذكرات ودية أو آراء خبراء. وتوفير آلية مستقلة وفعالة لرصد حقوق الإنسان و تنفيذ أحكام المحكمة، وضمان أن المحكمة مختصة بفرض إجراءات مؤقتة قد يتم اتخاذها إلى حين إصدار الأحكام النهائية، بما يضمن للمحكمة العربية القدرة على التدخل في الحالات التي فيها خطر أن يتعرض الشاكي لضرر جسيم لا يمكن جبره أو إصلاحه لاحقا. خصوصاً وأن مسودة نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان، تسمح بلجوء لجنة حقوق الإنسان العربية للمحكمة عندما تفشل في الوصول إلى تسوية ودية في شكوى تخص فرد4. لكن هذه اللجنة المشكلة بموجب المادة 48 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان ليس لها حالياً أي اختصاص بنظر الشكاوى المقدمة من الأفراد، ومع ذلك مازالت مسودة النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، تعاني من الغموض عن كيفية منح اللجنة  العربية لحقوق الإنسان هذا الاختصاص5.

 

الطريقة الثالثة- في حال قبول الأحواز كعضو في جامعة الدول العربية:

وفي هذه الحالة تصبح المحكمة ذات ولاية قضائية في القبول الإلزامي للدعوى. ويتوقف ذلك على قدرة الناشط الأحوازي في تفسير المهام والصلاحيات والوظائف والأهداف التي جاءت من أجلها جامعة الدول العربية، ودعوة الدول العربية إلى إجراء مراجعة شاملة لمشروع نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان، بما يضمن ملائمته بالكامل مع المعايير والقوانين الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزامات المترتبة على الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، التي وضعت على عاتقها الدفاع عن القضايا العربية، والممارسات التي ينتهجها المحتل بحق الشعب العربي في الأجزاء العربية المحتلة.

 

-الطريقة الرابعة – الحصول على رأي استشاري:

استناداً لبيان جامعة الدول العربية، الذي نص على أنه ” يجوز للمحكمة أن تصدر رأيا استشارياً، حول أي مسألة قانونية ذات صلة بالميثاق، أو اتفاقية عربية متعلقة بحقوق الإنسان، وتنعقد جلسات المحكمة علنية، باستثناء الحالات التي تقرر المحكمة غير ذلك”، يمكن للناشطين الأحوازيين من إرسال مذكرات تطالب الدول العربية إلى تعديل نظام المحكمة بما يتسق و الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الصادر عن جامعة الدول العربية، والذي يشكل المرجعية الأساس لرصد انتهاكات حقوق الإنسان. وبالتالي توفير إمكانية لجوء الضحايا الأفراد من الشعب الأحوازي بشكل مباشر إلى المحكمة. فاستناداً لفقه القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، يشكل وجود محكمة إقليمية لحقوق الإنسان غاية نهائية لضمان قدرة الأفراد على اللجوء للعدالة وضمان حقهم في الإنصاف على ما تعرضوا له من انتهاكات. ويشكل حجب هذا الحق، حجباً لأية آلية تمكن الأفراد من اللجوء للمحكمة العربية، خصوصاً وأنّ مسودة النظام الحالية للمحكمة تخالف الغاية والهدف من إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، التي جاءت لتكون آلية قضائية فعالة تحمي حقوق وحريات الأفراد في دول جامعة الدول العربية، وحقوق العربي أينما وجد6. كما يجب ألا تترك إمكانية رفع منظمات المجتمع المدني القضايا للمحكمة لتقدير الدول الأعضاء. وبالتالي تفعيلاً حقيقاً للنظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، وذلك بتفسير روح النص القانوني، الذي يضمن قدرة أي فرد أحوازي أو مجموعة أفراد أو كيانات من المجتمع المدني الأحوازي، بشكل مباشر أو من خلال ممثليهم على تقديم شكاوى للمحكمة العربية لحقوق الإنسان في القضايا التي يكون فيها انتهاكات لحقوق الإنسان المعترف بها عالمياً.

 

خاتمة

إن من مسؤولية جامعة الدول العربية ودولها الأعضاء العمل بشكل جماعي وفردي على ضمان تعديل مسودة النظام، بحيث تصبح متفقة مع المعايير والممارسات الدولية لحقوق الإنسان، ومنها المعايير والممارسات التي تنتهك بحق الإنسان العربي في الإقليم والعالم العربي. الأمر الذي تحتاج معه المحكمة العربية لحقوق الإنسان إلى تعديل مسودة النظام الأساسي، بما يتسق مع النصوص الدولية لحقوق الإنسان، والميثاق العربي لحقوق الإنسان على أقل تقدير.

وتأتي في مقدمة هذه التعديلات، فرض إجراءات مؤقتة أو انتقالية لحماية مقدمي الشكاوى في القضايا العاجلة، حيث تكون هذه التدابير ضرورية لتفادي وقوع ضرر، وعلى الدول الأعضاء أن تلتزم بالفكرة الأساسية لإنشاء الجامعة العربية، وأهدافها في الدفاع عن القضايا العربية، التي يشكل الإنسان العربي محورها وغايتها النهائية، وبما يضمن أن يكون  لجميع الأفراد الحق في الوصول للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، بغض النظر عن الدولة التي ارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان، سواء كانت طرفاً أم لا، وبما يضمن حقوق الإنسان العربي في كل بقعة جغرافية من العالم، بحيث يشكل ذلك اختصاصاً وولاية قضائية للمحكمة، تتناسب مع اسمها ودورها الإقليمي الذي وجدت فيه. وبما يوفر سبل وصول الأفراد ومنظمات المجتمع المدني كأطراف مهتمة في تقدم شكواها للمحكمة، أو كأطراف ثالثة أو أن تقدم آراء لتطوير وتفسير آليات عملها.

وعلى هذا الأساس، تصبح آليات العمل في إطار القضية الأحوازية، في إطار الوقوف عند مراجعة النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، بهدف تطوير عملها، بالاستناد إلى كونها آلية لضمان اللجوء إلى العدالة، الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة للنظام الأساسي بما يضمن فعالية المحكمة في رصد  ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، واتساقه مع المعايير الدولية، وفي مقدمتها النص على أن تأخذ المحكمة العربية بعين الاعتبار، تفسيرها القانوني للميثاق العربي  لحقوق الإنسان وتطبيقه، استناداً لنص المادة 43 منه، التي ضمنت لجوء جميع الأفراد إلى المحكمة العربية عند ادعاءهم بأنهم ضحايا انتهاكات حقوق تقع في اختصاص المحكمة، لاسيما تلك المتعلقة بضمان إزالة أية عوائق أمام لجوء المنظمات غير الحكومية إلى المحكمة العربية، وأن تقدم أي منظمة، وليس فقط تلك المعتمدة في الدولة المدعى عليها، شكاوى للمحكمة العربية بخصوص أية انتهاكات مزعومة تقع ضمن اختصاص المحكمة العربية. وضمان السبل الكفيلة للوصول إلى المحكمة، من خلال تمكين الأفراد والمنظمات غير الحكومية من تقديم معلومات إلى المحكمة كمذكرات ودية، أو آراء خبراء، أو أن تنضم إلى المحكمة كأطراف.

 

 

الهوامش:

  1. انظر: قرار القمة العربية رقم 593 ، المنعقدة في الكويت آذار/مارس 2014.
  2. انظر المادة (1) من بروتوكول المحكمة العربية لحقوق الإنسان.
  3. انظر : قرار جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بموجب رقم 7790 بتاريخ 7/9/2014 في دورته العادية 142.
  4. انظر: المادة 19 من النظام الأساسي للمكمة العربية لحقوق الإنسان .
  5. انظر: المادة 48 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ومقررات اللجنة العربية لحقوق الإنسان.
  6. انظر: المادة 19 من مسودة نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان.

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!