الأحد, مايو 19, 2024
دراسات البتروكيماويات: إحصاؤها، أنواعها وتأثيراتها على مدن الأحواز الساحلية (عبادان، معشور، أبوشهر، عسلوه،...

 البتروكيماويات: إحصاؤها، أنواعها وتأثيراتها على مدن الأحواز الساحلية (عبادان، معشور، أبوشهر، عسلوه، كنغان)

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

ملخص:

في هذه الدراسة المختصة بشأن أمر البتروكيماويات الموجودة على الأراضي الأحوازية والتي تتناول أنواعها وإحصاءها بتفكيك المدن الساحلية وتأثيرات هذه الشركات البتروكيماوية على المدن الأحوازية الساحلية كما هو معنون ومدرجٌ في الأعلى، وسنتناول هذه التأثيرات ونتداولها بأنواعها وأسبابها ومضراتها وما تخلفه وتسبب به في هذه المدن الساحلية على وجه التحديد، كما أننا سنسعى لكشف دور هذه الشركات في تغيير التركيبة السكانية وممارسة الترانسفير أو التهجير البطيء بحق سكان هذه المدن الأصليين واستبدالهم بمهاجرين فرس من المركز الإيراني. وفي الآونة الأخيرة وصل أمر توظيف الفرس والمهاجرين إلى درجةٍ جهوريةٍ حتى صارت الشركات تضع القومية ضمن الأسئلة المدرجة في اختبارات دخول الشركات.

ونعتمد في هذه الدراسة المقدمة لمركز دور انتاش الأحوازي للدراسات والبحوث الإستراتيجية المختصة بالشأن الأحوازي والإيراني على الإحصائيات المعترف بها والتي تقدمها وتقر بها نفس مؤسسات وأنظمة الإحتلال الإيراني ، وتشمل هذه الإحصائيات عدد الشركات والموظفين وتفكيك الموظفين حسب القومية العربية وغير العربية ، كذلك نسبة تأثيرها على البيئة المرتبطة بتلك المنطقة وميزان التلوث وإحصاء المصابين بالأمراض الجلدية والرئوية في تلك المناطق التي تتمركز وتستقر فيها الشركات البتروكيماوية ومصافي النفط والغاز وعدد الوفيات الناجم عن أمراض السرطان غير الطبيعية والتي غالبا ما تكون من مخلفات وتأثيرات هذه الشركات المستقرة في المدن الساحلية الأحوازية. كذلك سنعتمد إحصاء الهجرة من المركز الفارسي للمدن الأحوازية وعكس ذلك بسبب عدم توظيف الأحوازيين واعتماد المهاجرين بدلهم مع كل الإمكانيات التي توفرها لهم مؤسسة النفط الإيرانية والتي تخضع هي الأخرى لأوامر وقرارات وزارة نفط الإحتلال.

كلمات ذات صلة:

الشركات البتروكيماوية ، النفط ، المدن الساحلية ، معشور ، عبادان ، عسلوه ، كنغان ، التهجير ، الأمراض الجلدية ، السرطان ، الانفجارات

المقدمة:

القلب النابض أو كما عبّر عنها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي قلب إيران النابض، ويقصد بها الأحواز التي تنعش الإقتصاد الإيراني وتحمل أكثر من 80 % من موارد إنتاجه على أرضها وفي برها وداخل بحرها ومن نهرها، فهل القلب النابض لإيران كان نابضاً لأهله وسكانه الأصليين يوماً؟ أم أنه ينبض حصراً للفرس والمهاجرين والمسؤؤلين ذوي الرتب العليا في النظام الإيراني؟ إلى متى سيبقى هذا القلب نابضاً؟ ولمَ يتم التعامل مع سكان هذا القلب بوحشيةٍ وترتكب أفضع الجرائم والمجازر بحقهم.

لا شك أن لكل إقليمٍ أو شعبٍ أو قطعة أرضٍ أو بقعةٍ جغرافيةٍ في الكرة الأرضية ثرواتٌ وهبها الله لها منذ الإنفجار الكوني الأول وصارت في العصر الحديث هذه الثروات مصدر دخلٍ اقتصاديٍ للدول التي تشكلت وتمت إقامتها على هذه الأقاليم والأراضي ، وأصبحت هذه الثروات مصدراً قوياً للاقتصاد الخارجي وأبرز هذه الثروات هو النفط أو كما يكنّى بالذهب الأسود الذي كانت معظم صراعات العالم والشرق الأوسط بسببه ولأجله، فصراعات العالم والشرق لم تنفك حتى راعت الدول بعضها وتقاسمت النفط فيما بينها وبات النفط محط صلحٍ بعد ما كان سبب صراع بين الشعوب والدول المستعمرة والتي راح ضحيتها الملايين من الأبرياء.

لكن ما انفكت الصراعات هذه حتى هذا اليوم ولا تزال مستمرةّ خاصةً في الشرق الأوسط والدول العربية، فلا تزال الدول والقوى العظمى تأخذ النفط مقابل حمايتها لتلك الأنظمة والدول، فالنفط كان ولا زال النعمة على بعض الشعوب والدول والنغمة على بعضٍ آخرٍ كالأحواز المحتلة من قبل النظام الفارسي الإيراني الذي يمتص النفط والغاز والماء منذ أكثر من تسعة عقودٍ ويمارس علاوةً على ذلك شتى أنواع الإضطهاد بحق الشعب الأحوازي حارماً إياه أبسط الحقوق والممارسات الإنسانية والمدنية كالدراسة باللغة الأم وحق التوظيف والتمتع بالتأمين وتوفير الخدمات الصحية والسكن وغيرها من الأمور البديهية التي يحق لكل إنسانٍ أن يتمتع بها في القرن الواحد والعشرين.

تعد الأحواز من أغنى وأثرى الأقاليم في العالم فهي تمتلك ثالث إحتياطيٍ للنفط بعد فنزويلا والمملكة العربية السعودية، بالإضافة لثاني إحتياطيٍ للغازِ بعد دولةِ قطر ، وأكثر من سبعة أنهرٍ حية ومياه جوفية وآباراً حالية وثروة سمكية عالمية، كذلك تتمتع الأحواز بجوانب تأريخية ومعالم أثرية تعود للألفية الثانيةِ قبل الميلاد. فكل هذه الثروات من النفط والغازِ والأنهرِ والثروة السمكية صودرت باسم الإحتلال الإيراني وحتى التأريخ والحضارة والآثار تمت مصادرتها وصناعة تاريخٍ هشٍ مزيفٍ للإحتلال الإيراني.

منذ عهد المقبور رضا شاه الأب وبعد احتلال الأحواز عام 1925 بدأت سرقة الثروات الأحوازية ومصادرتها لصالح إيران، وفي عهد محمد رضا شاه الإبن بدأت السلطات الإيرانية بأمرٍ منه ببناء وإنشاء الشركات البتروكيماوية ومصافي النفط ومحطات استخراج النفط والتنقيب المداوم والمستمر للنفط والغاز وباقي مصادر الطاقة الموجودة في الأرض الأحوازية. واستمر هذا التنقيب والإنشاء حتى هذا اليوم وتمركزت هذه العمليات في المدن الأحوازية الساحلية التي تطل على الخليج العربي كعسلوه وأبوشهر وكنغان، والمدن التي تطل على خور موسى كميناء معشور ومدينة خور موسى وعبادان وغيرها في تلك الضواحي. وتشكل هذه الشركات في المناطق المذكورة 90% وأكثر من مجموع استثمارات الإحتلال الإيراني البتروكيماوية التي سنذكرها بالتفصيل مع الآثار المخربة التي سببتها بتدمير بيئة المنطقة وتلويثها والتسبب بموت الآلاف بسبب الأمراض الجلدية والرئوية الناجمة عن المعادن الثقيلة وثاني اكسيدات الكربون التي تحترق في الأجواء.

 تفكيك الشركات البتروكيماوية في مختلف المدن الساحلية الأحوازية:

 

مدينة معشور:

نبدأ بمدينة معشور الساحلية أو ميناء معشور لأن المدينة بحرية ساحلية وفيها موانئ وسفن عملاقة للاستيراد والتصدير ومخازن عملاقة لتخزين وتوزيع المواد الغذائية الاولى مثل الحنطة والذرة وغيرها من المواد الغذائية الأولى اللازمة لكل بلد، فيتم توزيعها على كل مناطق إيران والمصانع والشركات المركزية الفارسية. ولكن لسنا بصدد الخوض في هذا الجانب بل نريد تفكيك شركات البتروكيميا في مدينة معشور والمناطق التابعة لها.

شركة iran – japan أو كما تسمى پتروشيمي بندر إمام حالياً : تأسست هذه الشركة سنة 1974 على أرضٍ مساحتها تفوق 270 هكتاراً في عهد المقبور محمد رضا بهلوي في معشور وكانت هي أول شركة بتروكيميا تؤسس ضمن جغرافيا ما يسمى ايران وتم إنشاؤها على حريم مياه البحر (خور موسى) بعد طم جزءٍ كبيرٍ من البحر بالرمل والإسمنت وتغيير حالة الجزر والمد بالتالي، فكانت هذه الشركة منذ البداية منتجةً لأنواع الغازات والسوائل الكيميائية الأولية كغازات الميثان والبروبان، والسيانيد،والسوائل وااكحول مثل الأثانول والميثانول وغيرها التي تعتبر مواداً أولية لإنتاج مادة البلاستيك الأولى أو ما يسمى LD.

فإن هذه الشركة لم تكن وحدها في مخطط الشاه المقبور بل كانت مجموعة شركات تبدأ وتأخذ كل ما يستلزمها من مواد من هذه الشركة الأولى الضخمة، وبالطبع لم تكن الصناعة الإيرانية متطورةً بما فيه الكفاية لإنشاء الشركة فلجأوا لليابان ودعوهم لتأسيس شركة يابانية على الأراضي الأحوازية، وبعد قيام ثورة الخميني لم يتغير شيء غير أن نظام الملالي سار بنفس خطة الشاه المقبور وفسخ العقد مع اليابان واستملك الشركة بعد أحذ التقنية اليابانية وبعدها تمت دعوة تركيا لتأسيس وإنشاء شركة بتروكيماوية أخرى بجانبها تنتج الأحماض والأمونياك باسم شركة رازي للبتروكيميا وبعد انتهاء الإنشاء أيضاً يفسخ نظام الملالي العقد مع تركيا وتصادر كل التكنولوجيا والصناعة والعلم الذي قامت به تركيا، وبعدها تبدأ حكومة الملالي بدعوة الدول لإنشاء الشركات على الأراضي الأحوازية وتحديداً على حريم بحر معشور الذي تم طم أكثر من مساحة المدينة نفسها أي ما يعادل أكثر من 2500 كيلومتر مربع. حتى صار عدد الشركات التي تم إنشاؤها 34 شركةً للبتروكيميا منها ما ذكرناه من الشركتين والشركات التي تخضع لهما مثل فراورش وألفين وخوارزمي وبسبارش وغيرها التي تنشعب من شركة پتروشيمي بندر امام، أو شركة لاله للبتروكيميا وأكشن اللتين تنشعبان من شركة مارون. وهنالك شركات خاصة وحكومية أخرى مثل أبوعلي سينا، امير كبير، فجر 1، فجر 2، كارون، پتروشيمي خوزستان، تندكويان، فن آوران، رجال، أروند، غدير، فارابي،  وغيرها من الشركات البتروكيماوية التي تم إنشاؤها في مدينة معشور على حريم البحر وتم إنتاج المحاصيل فيها وأغلب ما تنتجه هذه الشركات هي الأحماض الأسيدية والمواد الكيماوية الأولية كالأمونياك وأخواتها والمطهرات والمعقمات والکحول والمواد البلاستيكية الخام والأولية والتي يتم إرسالها للمصانع في المركز الإيراني الفارسي مثل مصانع أصفهان وطهران ويزد وغيرها من المدن الفارسية للإنتاج النهائي والتصدير والتوزيع.

وللشركات التي ذكرناها أضرارها الكبيرة والبعيدة المدى والتي بدأت بالبروز بشكلٍ جهوريٍ في الآونةِ الأخيرة، مثل أمراض سرطان الرئة والجلد والربو وسرطان الدم وأمراض أخرى يستعصي الطب شفاءها، وتحرق هذه الشركات يوميًا ما لا يقل عن أطنانٍ من المواد الزائدة والفاسدة الخطرة التي لا يمكنهم استعمالها وتقذف أطناناً أخرى بالبحر لتلعب الدور الرئيسي في تلويث البحر وتخريب البيئة وبالتالي تلوث الأسماك بأكلها للمعادن الثقيلة مثل الزئبق والمشتقات النفطية وبالتالي نقل الأمراض التي يستعصي علاجها للسكان والمواطنين الأحوازيين الذين يسكنون تلك المدينة.

مدينة عبادان:

تقع مدينة عبادان شمال غربي الأحواز، وهي مدينة شبه جزيرةٍ تحادد البر والبحر والنهر بنفس الوقت، وتعد من أقدم المدن الأحوازية العريقة التي تغنى بها شعراء العصر العباسي كأبي العتاهية وابن زيدون وغيرهم، تتميز مدينة عبادان بنخيلها وبيئتها الخصبة التي يمكن فيها زراعة كل شيءٍ ونموّه بسهولة، ففي الماضي كانت مدينة عبادان والقصبة التابعة لها وحدها تحتوي أكثر من 4 مليون نخلة من أنواع النخيل وأجودها، والتي باتت كل هذه الأمور في خبر كان بعد تلوث المياه والتربة والهواء في عبادان إثر احتراق المشتقات النفطية في المصفاة ليلاً نهاراً، بالإضافة لمصانع القِير والعوازل البلاستيكية والمدينة الصناعية التي تحتوي على أكثر من 200 مصنع في المجالات الصناعية والبتروكيماوية المختلفة. وهنا نركز على مصفاة عبادان النفطية المعروفة دولياً وهي أول مصفاةٍ لتكرير النفط في الشرق الأوسط، وشركة عبادان للبتروكيميا التي تعد من الشركات الأولى والتي أسستها بريطانيا في زمن الشاه المقبور محمد رضا، فيتم تأسيسها عام 1970ميلادي، وتبدأ بإنتاج منتج الـ pvc ، دون وقفة وحتى بعد ثورة الخميني، ولكن تتوقف الشركة إبان الحرب الإيرانية العراقية وتتعرض عدة مراتٍ للهجوم الصاروخي ويتم تدميرها كليا، وهذا ما يوقفها 20 سنة حتى تمت إعادة بناءها وبدأ الإنتاج فيها بثلاثة محاصيل وإضافة للـ pvc ، صار محلول الصوديوم الحارق ودوديسيل البنزين. (1)

أما مصفاة تکرير النفط المعروفة في عبادان، فهي بنيت واكتمل بناؤها في عهد الشيخ خزعل بن جابر أمير المحمرة عام 1912، بالتعاون مع بريطانيا العظمى وبدأت وقتها المصفاة بتكرير النفط لكن ببطءٍ شديد وتكنولوجيا بدائية، ولعبت دورا مهما في الحرب العالمية الثانية بتهييئها لوقود طائرات المتفقين وجعل فوزهم في الحرب أكثر نسبةً. وتعطلت المصفاة في الحرب الإيرانية العراقية وخسرت الكثير من معداتها وأجهزتها بسبب القصف الصاروخي وتمت إعادة بناءها بعد الحرب وحتى وصل انتاجها لتكرير 400 ألف برميل نفطٍ يومياً وتعد أكبر وأعظم مصفاةٍ لتكرير النفط في جغرافيا ما يسمى إيران. وكانت في ما مضى تأخذ نفطها الخام من مسجد سليمان شمال الأحواز، أما الآن فصارت تأخذ النفط الخام من حقول دور خوين شمال الفلاحية ومسجد سليمان والأحواز والغيزانية، وتباشر بعملية تكرير النفط على مدار الساعة دون توقف وتنتج أكبر عدد ممكن. (نفس المصدر)

أبوشهر، عسلوه، كنغان:

عمدنا درج هذه المدن الثلاث معاً لاتصالها الجغرافي والبيئي وحتى الإنتماء المذهبي الديني حيث ينتمي أهل جنوب الأحواز أي أبوشهر وعسلوه وكنغان للمذهب السني بنسبة 90% منهم وأكثر وحتى قبل أكثر من عشر سنوات لم تكن هنالك حسينية أو مسجد للمواطنين الشيعة وكانوا يتعايشون بسلامٍ تامٍ مع بعض وحتى يتزوجون من بعضهم. تمتلك هذه المدن الثلاث موقعية جغرافية قوية ومهمة جداً حيث تحيطها الجبال ومياه الخليج العربي، فهم نفسهم الذين يقال عنهم سكان الساحل الشرقي،  موقعيتهم المهمة هي من حية اتصالهم بالخليج العربي وقرب المسافة بينهم وبين الدول العربية كالإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان، ووجود منابع الغاز في عمق البحر والمياه الجوفية الحالية في تلك المدن هو السبب ايضاً كما أن قلة عدد السكان في تلك المدن أيضاً كان سببا رئسيا لتوجه العيون الإيرانية نحو تلك المنطقة بالإضافة لأرضها الخصبة  رغم وجود البحر والمستعدة لزراعة كل شيء فيها.

مفاعل أبوشهر النووي للطاقة:

منذ أكثر من 50 سنة انتبهت سلطات الإحتلال الإيراني لتلك المنطقة ورأت الهوية العربية واتصالهم بالخليج العربي والأراضي الشاسعة في تلك المدن الثلاث المذكورة، وبدأت محاولات الإحتلال الإيراني التخريبية في جعل تلك المنطقة مركزا للمستوطنين والشركات البتروكيماوية الضخمة، وبدأت بالفعل بإنشاء الشركات بمساعدة الدول الأوروبية على الأراضي الأحوازية الجنوبية وأولها بدأ الإحتلال بمدينة أبوشهر حيث أحدثوا أول مفاعلٍ نوويٍ في تلك المدينة وكان أمر إنشاء هذا المفاعل النووي للطاقة قد صدر من الشاه الإيراني محمد رضا عام 1974 وجان الشركة الصانعة ألمانيةً حيث بدأت بالعمل على إنشاء المفاعل وكان من المقرر انتهاء الإنشاء وبدء عملية الإنتاج سنة 1984 ولكن بعد ثورة الخميني عام 1979 توقف مشروع إنشاء أول مفاعلٍ نوويٍ للطاقة بصورة كاملة حتى عام 1995 بدأت حكومة الإحتلال بالتعاقد مع شركة روسية وتم إنشاء المفاعل بصورة كاملة عام 2011.

شركة أبوشهر للبتروكيميا:

شركة أبوشهر للبتروكيميا بدأت مرحلة إنشاءها الأولى عام 2010 بأمر من رئيس إيران في ذلك الوقت محمود أحمدي نجاد، وبدأت منذ البداية مقسمة ثلاث قسمات، قسم منها في أبوشهر وآخر في عسلوه وآخر في كنغان، وجاء ضمن مشروع ما يسمى “پارس جنوبي” للشركات البتروكيماوية، وتعاقدت سلطات الإحتلال الإيراني مع السركات الأجنبية في سبيل إنشاء هذه الشركة وتم اكتمال قسمٍ منها وهو في عسلوه، والتي افتتح في يونيو 2020 على بد رئيس إيران الحالي حسن روحاني بحضور عدد من رجالات وقادة الحرس الثوري الإيراني، وتنتج هذه الشركة المواد الأولية لباقي الشركات التي بدأت عمليات إنشاءها ولا زالت مستمرة لهذا اليوم، وموادها المنتجة هي عبارة عن مجموعة غازات منها غاز البروبان وغاز البوتان والبنتان الإيجابي، وصفائح الهايدرو كربون والميثانول والأحمضة الأسيدية والأمونياك وغيرها من المواد الأولية اللازمة لباقي الشركات التي ستأتي لإنتاج الـ pvc و المواد البلاستيكية والكيميائية، وسينتهي إنشاء القسمين الآخرين بعد سنتين تقريبا حيث كان من المقرر أن ينتهي إنشاء القسمين بهذا العام ولكن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على نظام الإحتلال الإيراني كبلت أيدي الشركات المقاولة وتسببت بخروج الشركات الأجنبية من المشروع وهذه كانت من الضربات القوية التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلطات الإيرانية الفارسية.

هذا غير الشركات البتروكيماوية المنتجة والتي تمر بحالة الإنشاء، ونذكر منها: برديس للبتروكيما، ومجتمع نوري للبتروكيميا، ومجتمع بارس للبتروكيميا، آريا ساسول، مبين، جم، مهر، زاجرس، مرواريد، همت، انتخاب، كاويان، مرجان، تخت جمشيد، جم اطمينان، دماوند، فرسا شيمي، دنا، كيميا فارس، صدف، سبلان، هنگام، آريان، آبادانا، دالاهو كيميا، باد جم، شركة بارس للنفط والغاز، شركة مجتع بارس جنوبي للغاز، شركت ملي پالايش وپخش منطقه اي عسلويه، شركت ملي پايانه هاي نفتي عسلويه، شركت ملي نفت كش ايران، شركت پترو پارس عسلويه. وما هذا إلا غيضٌ من فيض وهنالك العشرات من الشركات البتروكيماوية والمنتجة للمواد والمشتقات النفطية والغازية التي لم نذكرها وهي بحاجة لإحصائية وحدها. (الموسوعة الحرة)

الانفجارات ومخاطر محو الحياة:

معشور:

لا يمكن تعيين تاريخٍ محدد أو الانفجار الأول لأن النظام الإيراني يعتمد سياسات التعتيم والكتم وعدم الإفصاح عن فشله، فأول ما يمكن ذكره هو انفجار شركة شيميايي رازي إبان الحرب الإيرانية العراقية والتي ادعى النظام الإيراني أنه تم قصفها بواسطة السلاح الجوي العراقي بينما نفت السلطات العراقية هذا الادعاء، وكان الانفجار هائلًا ومخلفاً عشرات القتلى والجرحى وراءه، والانفجار الآخر الذي نذكره عام 2003 في شركة پتروشيمي بندر امام، والذي خلّف ضحايا من فريق الإطفاءيين الأحوازيين وجرحى من العمّال والتقنيين، والذي كاد أن يؤدي لانفجار مخازن النيتروجن الذي تبلغ درجة حرارته سالب 25 ويمكن أن تحول هذه المخازن المنطقة لقطبٍ جليديٍ والابتلاء بسرطانٍ جماعيٍ وكارثةٍ إنسانيةٍ أخرى.

وفي نفس الشركة أيضاً وقبل عشر سنوات حدث انفجار آخر في قسم التخزين والذي راح ضحيته عاملٌ وجرح أربعة آخرون ليلقوا حتفهم في المستشفى إثر المواد الكيميائية الحادة. ويسعنا هنا ذكر انفجار مخزن المشتقات النفطية في شركة أبوعلي سينا ونشوب الحريق فيه طوال أسبوعٍ كاملٍ ومحاولاتٍ عديدة فاشلة من إدارة النظام الإيراني وفشلهم بإطفاء الحريق بأي شكلٍ من الأشكال حتى انتهت المشتقات النفطية داخل المخزن وتبخرت في السماء إثر الحريق وانطفأت النار وحدها، وصرحت حينها أجهزة الإعلام الإيرانية بأنهم نجحوا بإخماد الحريق، وكان هذا الحريق في أكبر مخزنٍ للمشتقات النفطية والذي خلّف ضحايا أمراض جلدية ورئوية بين العمال والإطفائيين.

لو أردنا أن نذكر هنا كل الانفجارات والحرائق لما كان يكفي كتاب كامل، ولكن نذكر الشديد منها فمثلًا تعرض مخزن المواد المطفرة في شركة لالة للحريق قبل سنتين تقريباً وتعرضت شركة تندكويان للحرق قبل عدة أشهر، ولكنها لا شيء مقابل الانفجار الأخر الذي حدث في اكتوبر الماضي ( اكتوبر 2020) ، والذي حدث في قسم آرومتيك التابع لشركة ألوفين التابعة لشركة پتروشيمي بندر امام أو الشركة النحس كما يسميها سكان معشور لكثرة الحرائق والانفجارات التي تحدث فيها، وخلّف هذا الانفجار عدة جرحى وسبب بتعطيل كل الشركات لأيام والتي تقدر خسارة اليوم الواحد بملايين الدولارات التي دوما ما تضيع بسبب سوء إدارة الاحتلال الإيراني للأزمات.

عبادان:

إن وجود المصافي النفطية والشركات البتروكيماوية بفاصلةٍ تقدر بأكثر من 100 كيلو عن المدينة خطرة بحد ذاتها فكيف إذا كانت الشركة البتروكيماوية أو مصفاة تكرير النفط في المدينة نفسها؟ ، نعم هكذا الوضع في عبادان فالمصفاة وشركة البتروكيميا والمدينة الصناعية المكونة من 200 مصنع موجودة ضمن حريم المدينة نفسها، حيث تهدد حياة كل من يسكن مدينة عبادان ويتم توسيع الشركات دائمًا وتتعدى على حريم المدينة أيضاً فلم يكن كافياً تهديد انفجار المصفاة الضخم أو شركة عبادان للبتروكيميا في الحرب الإيرانية العراقية، بل وتكررت الحوادث في الشركتين، ففي عام 2012 وبحضور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في ذلك الوقت لافتتاح القسم الموسع الجديد في مصفاة عبادان لتكرير النفط حدث فجأةً انفجارٌ مهيبٌ عند تشغيل المصفاة وخلف هذا الإنفجار حريقاً كبيراً مات إثره عدد من العمال وانتشرت الغازات السامة التي تسببت بمقتل عدد من المواطنين الأحوازيين بسبب عفونة في الرئة في ذلك اليوم، وكاد الأمر أن يؤدي لكارثةٍ إنسانيةٍ عظيمةٍ من العيار الثقيل.

ووفق تصريحات رئيس منظمة الطاقة الإيرانية السيد كاتوزيان في ذلك الوقت فإن كل الموظفين والمهنيين والمهندسين المختصين بهذا الشأن حذّروا من حدوث انفجارٍ يمكن أن يؤدي لكارثة إنسانية إن تم تشغيل المصفاة في هذه الظروف، ولكن السياسيين الإيرانيين ونظام الاحتلال لا يهمه أمر الناس والبيئة ويهمه التفاخر والتبختر أمام سائر الدول فقط وأصر المسؤولين على افتتاح المصفاة وتشغيلها للظهور في الإعلام ومقاومة الغرب حسب أقوالهم،  والتي راح ضحيتها عدد من العمال والمواطنين الأحوازيين متأثرين بالحروق والغازات السامة القاتلة التي خلفها غباء وإصرار السياسيين وأصحاب الشأن الإيراني.

وفي مطلع عام 2018 صباح الخميس، حدث انفجارٌ خلّف وراءه حريقاً هائلاً أدى لإصابة أكثر من عشرين عاملًا بحروق خطرة جداً وموت اثنين منهم ونقل الباقي إلى مستشفيات عبادان والأهواز وتم نقل ثلاثة أصيبوا بحالة حرجة لطهران، وبعد كل هذا فلم يفصح أي مسؤول أو مديرٍ أو سياسيٍ إيراني عن تفاصيل الحادث أو سببه واستمرت حكومة الاحتلال الإيراني بالسكوت لهذا اليوم دون محاسبة الفاعلين والمسببين ومعرفة المقصرين. (نفس المصدر)

أبوشهر، عسلوه، كنغان:

من الانفجارات المعروفة والمحفورة في ذاكرة الأحوازيين في الجنوب هو انفجار عسلوه في مطلع عام 2009 حدث انفجار مهيب في مجتمع برديس للبتروكيميا في مدينة عسلوه، والتي كانت قد تم افتتاحها على بد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في ذلك الوقت، وأدى ذلك الانفجار لمقتل أكثر من خمسة عمال وجرج 20 آخرين بجروح خطرة واشتعلت النيران بقسم كبيرٍ من الشركة وكادت أن تؤدي بانفجارٍ هائلٍ يمكن أن يسبب بحدوث كارثةٍ إنسانية ككارثة تشرنوبيل، وصرح فيما بعد المدير التنفيذي للشركة أن ما حصل كان ناجماً عن عملية لحيمٍ في خط نقل الغاز وكان من المفترض سد الخط وإجراء عملية اللحيم لتفادي هذا الانفجار. وهذه هي عادة الاحتلال الإيراني بالتعامل مع الأزمات بكل وقاحة. وفي انفجارٍ مهيبٍ آخرٍ حدث في عام 2019 في مجمع أبوشهر للبتروكيما بقسم كنغان وكان كالانفجار الصاروخي الحاد الذي بلغت نيرانه ارتفاع عشرين مترا وكان سببه عدم وجود المهنيين المختصين بشأن خطوط نقل الغاز وعدم التنظيم الدقيق لعملية النقل وإيقاف النقل لخطوط الغاز الرابطة بين النواحي الصناعية للشركات، وكم من هذه الأخطاء تسببت بقتل الأبرياء. (2) و (3)

كما أن هنالك أقاويل تردد على ألسن السكان الأصليين والمواطنين الأحوازيين هناك أن لو حدث انفجارٌ في أحد المخازن والمستودعات فسوف يؤدي لمحو الحياة من المدن بأكملها.

 

الأضرار البيئية والآثار الصحية:

معشور:

نشر غازات الميثان المحروق والذرات الخفيفة المعلقة بالهواء بواسطة الشركات في مدينة معشور تسببت بتسجيل معشور كأكثر مدينة ملوثة في الأحواز طيل السنوات الماضية، ومن ضمن 34 شركة للبتروكيميا في معشور تمتلك 6 منها فقط بما يسمى “سند برگ سبز محيط زيست” أي رخصة الورقة الخضراء للصحة البيئية، وتفتقدها البقية، ويتم تجاهل الدعوات والاخطارات والمطالبات بسبب الرشاوى التي تقدمها الشركات لبلدية مدينة معشور التي يجب أن تصرفها على المدينة وتشجير المدينة وتنقية مياهها، لكن لا نصيب للأحوازيين من سكان معشور لا في الوظائف بهذه الشركات ولا مما تأخذه البلدية مقابل ما يستنشقوه من هواءٍ ملوث ويشربونه من ماءٍ غير صالح. (4)

“يمكن لشركات البتروكيميا ومخلفاتها التي يتم رميها في البحر تدمير البيئة البحرية وإبادة حقول الشعب المرجانية وقتل الأسماك والمخلوقات الحية في البحر وبالتالي تبديله لمياه ميتة مضرة ومخلة بالبيئة بدل أن تكون مطهرة ومنقيةً للبيئة. ويمكن لهذه الشركات التأثير على البشر بصورة مستقيمة حيث ستسبب بكوارث إنسانية إن لم يتم التعامل معها بصورة متقنة”. وهذا ما لا يمكننا رؤية بطريقة إدارة الاحتلال الإيراني لهذه الشركات الخطرة التي يمكن أن تؤدي بأرواح الآلاف كما تسببت بموت المئات عن طريق الأمراض الرئوية والسرطانية. (5)

وبحسب ما نقلته وكالة آناتولي الإخبارية عن لسان رئيس الصحة في الأحواز، أن أكثر من ستة ألف مواطنٍ أحوازيٍ يصابون بالسرطان سنوياً، يشكل الرجال نسبة ما يقارب 53 بالمئة من هذا العدد والباقي تشكله النساء. وإن أكثر موارد السرطان شيوعاً بين الرجال هي سرطان الجلد، وسرطان الرئة وسرطان الأمعاء.  والأكثر شيوعاً بين النساء هو سرطان الثدي، وسرطان الجلد وسرطان الدم والرئة. ففي العام الماضي فقط توفي أكثر من 10  آلاف و465 مواطن أحوازي، مات منهم 4 آلاف و 906 إثر الأمراض القلبية والوريدية، ومات منهم ألف و 156 مواطناً بسبب السرطان، و 206 بسبب السكري، و 480 بسبب الربو وانسداد الرئة الحاد. (6)

ولا شك أن الأمراض القلبية والرئوية والسرطانية تأتي بنسبة 60% وأكثر بسبب البتروكيماويات الموجودة في معشور والأحواز وعبادان وغيرها من المدن الأحوازية ذات الموقعية والمكانة الإستراتيجية والبيئة المناسبة والغنية التي خيمت عليها  هذه الشركات.

عبّادان:

بحسب مقابلة نصية أجرتها وكالة صوت عبادان الفارسية (صداي آبادان) مع سيد أحمد موسوي زاد رئيس الصحة البيئية في مدينة عبادان، قد أوضح أن السبب الرئيسي والعامل المهم في تلويث وتسميم هواء مدينة عبادان وإفساد نخيلها وتربتها هو وجود مصفاة تكرير النفط العملاقة وشركة البتروكيميا المنتجة للمواد الكيميائية السامة، وأكد موسوي زاد في لقاءه أن الجهات المذكورة لا تقدم التعاون اللازم لمحاولة تنقية الأجواء والمياه وعدم التسبب بتسمم المواطنين عن طريق استنشاق الهواء وشرب الماء، كما أن الشرجتين لا تحملان ترخيص الورقة الخضراء المتحلقة بمنظمة البيئة ولا تخض للأساسيات الموضوعة من قبل منظمة الصحة العالمية والمتعارف عليها دولياً، وأضاف أن الشركات المذكورة لها يد كبيرة في إحراق البردي والقصب الموجود في أطراف الشركة وتقدم على إحراق المواد الزائدة والمستهلكة أو تكبها في البحر والشط أو مياه المجاري المفتوحة في المدينة والتي تسبب بنشر الغازات المختلفة السامة التي تؤثر سلباً وبشدةٍ على صحة المواطنين ونقاء الهواء على سطح المدينة، وأضاف موسوي زاد أن عبادان تتجاوز الحد الأقصى للخطر بنسبة 12 ضعفاً،  وهذا ما يجعل المدينة من أكثر المدن الأحوازية تلوثاً بعد مدينتي الأحواز ومعشور وأكثرها انتشاراً للربو والسرطان. (7)

في السنوات الأخيرة التي مضت كانت النسبة الكبيرة من الأمطار في مدينة عبادان أمطاراً سامة وغير صالحة لا للأرض ولا الزرع وكان آلاف المواطنين ولا زالوا يصابون بأزمات تنفسية بعد المطر وهذا بسبب الذرات الخفيفة الأسيدية المحترقة والمعلقة بالهواء التي تنزل للأرض بعد هطول الأمطار وما يبرح الجو والهواء أن يصبح نقياً حتى تعمل الشركات مرةً أخرى وتحرق المواد المستهلكة وبالتالي يتسبب بتلويث الجو مرةً أخرى، وهذا ما يثير غضب الأحوازيين ومع كل هذا فهم محرومون من المستشفيات التي تخضع لشركة النفط والبتروكيميا، فهي لا تستقبل غير موظفيها المهاجرين وهذا ما يزيد الطين بلةً ويجعلها قمة الاستعمار والتحقير واللعب والرقص على جراح الشعب الأحوازي.

تعتبر عبادان بعد معشور والأحواز من أكثر المدن الأحوازية انتشاراً للسرطان وأمراض الربو والرئة، وتتميز مدينة عبادان عن غيرها بانتشار أمراضٍ أخرى مثل نقص المناعة والفشل الكلوي الحاد، وهو الآخر ناتج عن اختلاط مياه الشرب بالمشتقات والمخلفات النفطية والمواد الزائدة من إنتاج محاصيل الشركات ومصفاة تكرير النفط وعدم تغطية مخازن المياه المفتوحة وتصفيتها بالطرق الفنية والعلمية وفقدان أساسيات وبنية تحتية مناسبة لتنقية مياه الشرب وعزلها عن مجرى مياه المجاري والصرف الصحي في تلك المدينة، وهذا ما تسبب بوجود أكبر إحصائية لمرضى الفشل الكلوي الحاد في عبادان، ومع كل هذا فهم محرومون من العلاج المجاني والحكومي لعدم التمتع بالتأمين الخاص والمتعاقد مع شركة النفط، ويستمر هذا الوضع منذ سنوات عديدة دون إيجاد حلٍ له من قبل مسؤولي الاحتلال الإيراني وإنهاء الظلم والاضطهاد بحق المواطنين الأحوازيين. (8)

أبوشهر، عسلوه، كنغان:

من أبرز ما يمكن أن أنقله للقارئ كي تتضح له الصورة الكاملة والشفافة عن إجمالي الأضرار التي تسببت بها شركات البتروكيميا في الجنوب الأحوازي هو أن الإنسان الذي يعيش في عسلوه وكنغان لمدة سنتين يصبح دمه غير صالحٍ للإهداء وعلي مراجعة الطبيب لتنقية دمه على الدوام المستمر وإلا فسيتحول الدم لكتلٍ دموية وأجسام وبالتالي يسبب بأمراض منها سرطان الدم والانسداد الشرياني والنوبات القلبية وغيرها من الأمراض الناتجة عن فساد الدم داخل جسد البشر.

وفي تصريح لرئيس الصحة البيئية في جنوب الأحواز نقلًا عن وكالة تسنيم للأنباء الإيرانية قال فرهاد قلي نجاد: ” إن استقرار وتمركز كل الشركات البتروكيماوية في منطقة بارس جنوبي جوبي المخصصة وعدم رعاية الشركات والمجامع البتروكيماوية لأساسيات العمل الدقيق والفني المناسب وغير المضر بالبيئة والمناخ سبب في تدمير وتلوث أجواء مدينتي كنغان وعسلوه ويهدد هذا الأمر حياة الإنسان والحيوان ويضر بالزراعة والنبات أيضاً. (9)

تغيير التركيبة السكانية وتوظيف المهاجرين:

معشور:

اعتمد النظام الإيراني منذ إنشاء شركات البتروكيميا في معشور تهميش السكان الأحوازيين وعدم توظيفهم حتى في أبسط الوظائف، وتوظيف وإسكان الفرس المهاجرين من المركز الإيراني وإنشاء مستوطناتٍ بآلاف الوحدات السكنية وتوفير كل الخدمات الرفاهية والإمكانيات اللامحدودة لهم مع التأمين والعلاج المجاني والسكن المجاني والمطاعم المجانية والمدارس والجامعات والمراكز الترفيهية المجانية الخاصة بالشركات والمستوطنين. بحسب آخر الإحصائيات التي تمت عام 2016 إن موظفي ومسؤولي ومتصدي الشركات البتروكيماوية والميناء والمصانع والدوائر الحكومية في معشور هم من المهاجرين الفرس الذي جاؤوا من المركز الإيراني كطهران واصفهان وشيراز وغيرها من المدن الفارسية، ويشكل المستوطنون مع عوائلهم نسبة 40 ألفٍ من مجموعة 200 ألف نسمة في معشور طبق آخر إحصائية عام 2005، وينعم هؤلاء المستوطنون بكل الإمكانيات والخدمات الرفاهية المناسبة على طريقة الاستعمار البريطاني، حيث لا يحق لأحد من السكان الأصليين استخدام نفس الامكانيات والخدمات كالتأمين والمستشفيات والسينما والمنتزهات وغيرها. (10)

عبادان:

لا شك أن مدينة عبادان كانت من أول المدن الأحوازية المتعرضة لحملة الاستيطان ومحو الهوية العربية ولهذا أسباب عدة أولها أن عبادان كانت عاصمة الثقافة العربية الأحوازية في ذلك الوقت وكانت أكثر من طهران ثقافةً ونظافةً في عهد الشيخ خزعل وبعده، وهذا لمجاورة عبادان للمحمرة العاصمة ووجودها في موقعية استراتيجية مهمة حيث أن عبادان يقال عنها شبه جزيرة، لأنها محاطة بالمياه من كل مكان تقريبا، ويلتقي فيها البحر والشط وتتمتع بميزة مجاورتها للعراق الشقيق. ومن الأسباب الأخرى وجود مصفاة تكرير النفط كأول مصفاةٍ في الشرق الأوسط والتي بنيت في عهد أمير المحمرة وحاكم الأحواز في ذلك الوقت الشيخ خزعل بن جابر سنة 1912 ميلادي، وبعد احتلال الأحواز ومغادرة المهندسين والمهنيين البريطانيين للمصفاة قام الشاه بحملة التغيير الديموغرافي الأولى، بإرساله أكثر من ألفي فارسي من القومية اللورية والبختيارية المعروفين بحقدهم وكرههم للعرب والذين يرددون شعار (العربي عدوي مهما كان وأين ما كان)، وإثر تلك الحملة تم إرسال شعراء وكتاب فرس متعمدين ليجسدوا ثقافة المدينة كما يزعمون وكانوا الكتاب المعروفين من أمثال إبراهيم كلستان وفروغ فرخزاد وغيرهم من الكتاب والشعراء الذين يعتبرونهم من كتاب الدرجة الأولى في إيران، وعمدوا إصدار كتبهم في عبادان مع تغيير اسم المدينة لآبادان وإعطاءها ألقاباً فارسة كعروسة خليج فارس وغيرها وتغيير أسامي مناطق المدينة العربية والقرى، وتهجير المواطنين الأحوازيين للحاشية وطردهم من المدينة وقتل رؤساء المراكز الثقافية العربية وتدمير المراكز الثقافية كحزب السعادة ورئيسه حداد كنعاني الذي أحرقوه هو وزوجته في بيته.

وبعد نشوب الحرب الإيرانية العراقية وتخلية المدينة من السكان وسيطرة الجيش العراقي على المدن الأحوازية وتحريرها من الاحتلال الإيراني عمدت سلطات الاحتلال لتهجير الأحوازيينَ للمركز الإيراني وللشمال مع ضمان عدم رجوعهم ووهب بيوتهم المدمرة للحكومة وإقامتهم كلاجئين في مدن إيران الشمالية والمركزية وعمدت سلطات الاحتلال استبدالهم بمواطنين فرس بعد انتهاء الحرب ووهب مشاريع إعادة الإعمار للفرس وعدم الاهتمام بالأحوازيين الذين فقدوا كل ما يملكون وكانوا المتضرر الوحيد بهذه الحرب الدامية. ولو أردنا الرجوع لأصل الطرح ودور مصفاة النفط وشركة البتروكيميا في تغيير تركيبة عبادان السكنية لوجدنا أن أكثر من 80 ألف مهاجرٍ يسكنون عبادان ويشغلون الوظائف العليا والإدارية والمناصب الحكومية وإدارة الشركات والمدينة الصناعية الضخمة الموجودة في عبادان، وهذا ما يجعلهم أصحاب القرار الأول والأخير في المدينة العربية الأحوازية وهذا ما يرنو إليه ويريده الاحتلال الإيراني من كل هذا وهو أن لا يكون للأحوازي كلمة في مدينته وأن يكون دائما تبعاً للمسؤول الفارسي الذي ينهي ويأمر وي در القرار.

أبوشهر، عسلوه، كنغان:

وجود شركات البتروكيميا المنتجة هذا بالإضافة عشرات الشركات التي تمر بمرحلة الإنشاء في منطقة جنوب الأحواز وتحديدا المدن الثلاث أبوشهر، عسلوه، كنغان جعل من هذه المدن محط أنظار المهاجرين الإيرانيين من أراضيهم الجافة وجبالهم الخاوية، وهذا ما تريده السلطات لتمرير مشاريعها وضرب العصفور بحجرين، ولكن رغم جروح العصفور فهو عصي على السقوط أو الإستسلام للرياح.

فإن مدن أبوشهر وعسلوه وكنغان ستكون من أكبر المستوطنات في المستقبل القريب، وهذا سيؤدي لتغييرٍ فاحشٍ في ثقافة تلك المنطقة والتركيبة السكانية التي ستنقلب رأساً على عقب، ففي كل شركة من الشركات الموجودة في تلك المدن يعمل أكثر من 5 آلاف عامل وفي بعضها عشرة ألف وفي بعضها أكثر، وكلهم من المهاجرين الذين يقيمون في المنام الخاص بالشركات وبعد بدء الإنتاج سيتم نقلهم للبيوت المخصصة والتي تبنيها منظمة النفط التابعة لوزارة النفط في الاحتلال الايراني.

وتركز سلطات الاحتلال الإيراني على توظيف الشيعة في رأس الدوائر في تلك المنطقة السنية وتبني الحسينيات ومقرات الباسيج والحرس الثوري في كل مناطق المدن المذكورة لطمس الهوية الأصيلة لتلك المنطقة و80% من المهاجرين هم من اللور والبختياريين المعادين للعرب والأحوازيين والمعروفين بحقدهم وضغينتهم الشديدة التي يحملونها تجاه العرب، وحتى لو استمرت هذه الممارسات لن تختفي الحقيقة ولن تفلح سلطات الإحتلال بطمس هوية الجنوب الأحوازي كما فشلت مع المركز وشمال الأحواز.

الاستنتاج:

يسع استنتاج بعض الأشياء بعد كل ما طرح وتم تداوله في هذه الدراسة المقدمة لمركز دور إنتاش الأحوازي للدراسات الاستراتيجية والتي أصبحت طويلةً شيئاً ما ومع هذا لم نتناول فيها إلا الغيض من الفيض وجزءاً صغيراً جداً مما يعانيه الشعب الأحوازي وما يتحمله المواطنون الأحوازيون من ظلمٍ وتهميشٍ وتمييزٍ بحقهم غير محاولات الإبادة الثقافية ومشاريع التفريس الممنهجة والمخطط لها من قبل مجمع اللغة الفارسية الإيراني.

نستنتج من هذه الدراسة أن كل ما يخطط له النظام الايراني هو محو الأحوازيين وتصهيرهم واستبدالهم بالفرس لتفادي المقاومة الأحوازية، ونقل المشاريع المخربة للبيئة والطبيعة للأراضي الأحوازية دون الفارسية وتوظيف الفرس على رأسها وبناء مستوطنات مركزية لتكون المدينة الأصيلة والسكان الأصليون في الحاشية، وهذه أبرز ما وجد في مدن معشور وعبادان وهي قد التنفيذ في الجنوب الأحوازي وتحديداً مدن أبوشهر وعسلوه وكنغان، على الأحوازيين المقاومة بكل ما لديهم وكسر حاجز التوظيف ودخول الشركات والتوسط لتوظيف أقرانهم وأقرباءهم وأصدقائهم، وإيجاد حالة من المقاومة أمام الموظفين الفرس في الشركات حتى يصبح للأحوازيين فيها قرار وكلمة تؤخذ بالحسبان وهذا لا يأتي إلا بالجهد المداوم والعلم الوافي والهدف الثابت والمعيّن والمرجو.

على الأحوازيين استغلال فرصة القرية العالمية أو بالأحرى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التي جعلت من العالم قريةً صغيرةً يمكن للجميع الوصول لبعضهم بثواني، فيمكن للأحوازيين نقل المحروميات والتمييز والممارسات العنصرية التي يقوم بها الاحتلال الإيراني بحق الشعب الأحوازي في كافة المجالات ومجال التوظيف والبتروكيماويات وتوفير السكن والغذاء والدواء والتأمين والمستشفيات الخاصة والمراكز الثقافية للفرس المهاجرين، وانعكاس الصورة الواضحة للوضع الأحوازي ونشرها عالميا ليصل صوت الأحوازيين للعالم أجمع، وهذا الأمر يمكن أن يجعل العالم يتضامن ويطالب بحق الأحوازيين الذين يتعرضون لكل ما يتعرضون له من محاولات طمس وتهميش وإبادة وتجويع وتهجير.

وختاماً يجب القول أن لا سلاح أقوى  وأشد فتكاً من الثقافة والمقاومة الثقافية وهذا ما يملكه الأحوازيون ولا يمكن أيستغنوا عنه مهما كلف الأمر.

 

نهال محمد

 

المصادر والمراجع:

  1. مرکز امور مناطق آزاد و وِیژه اقتصادی> مناطق آزاد> اروند». بایگانی‌شده از اصلی در ۱۶ نوامبر ۲۰۱۱. دریافت‌شده در ٢٩ اکتبر ۲٠٢۰.

https://web.archive.org/web/20111116083631/http://www.freezones.ir/Default.aspx?tabid=96

  1. راديو فردا؛ انفجار در مجتمع پرديس در عسلويه(آخر مراجعة 24 ديسمبر 2020). الرابط https://www.radiofarda.com/a/2118623
  2. نيپنا(چهارشنبة14اسفند 1398 شمسي) تقرير عن انفجارٍ لقسم كنغان من شركة أبوشهر للبتروكيميا(المراجعة الأخيرة 24 ديسمبر 2020). الرابط

https://www.nipna.ir/fa/newsagency/20324

  1. https://www.eghtesadonline.com/بخش-انرژی-9/336561-قطب-صنایع-پتروشیمی-کشور-فاقد-سند-سبز-است-صنایع-پتروشیمی-ماهشهر-رکورددار-دریافت-اخطاریه-های-محیط-زیستی-خوزستان

اقتصاد آنلاين (28 بهمن 1397 شمسي) آخر مرجعة 24 ديسمبر 2020.

  1. 5. Rafeenejad , E . (2007). Carelessness of petrochemical industries about mercury discharge to Persian Gulf.http://www.farsnews.com.
  2. 6. وكالة اناتول. (يناير ٢٥، ٢٠١٧ ). هر سال 6 هزار نفر در خوزستان ایران به سرطان مبتلا می شوند. ارجاع ديسمبر ١٥، ٢٠٢٠. الرابط

https://www.aa.com.tr/fa/ایران/هر-سال-6-هزار-نفر-در-خوزستان-ایران-به-سرطان-مبتلا-می-شوند/735022

  1. 7. صداي ابادان. (دي ٨، ١٣٩٢ ) . پالایشگاه و پتروشیمی عمده‌ترین دلیل آلودگی هوای آبادان است. ارجاع ديسمبر ١٥، ٢٠٢٠. الرابط

http://www.sedayeabadan.ir/headlines/9546-تکنولوژی-قدیمی-عمده%E2%80%8Cترین-دلیل-آلودگی-هوای-آبادان-است.html

  1. مجلة IRANIAN JOURNAL OF CRITICAL CARE NURSING (IJCCN) شتاء 1988 شمسي. علل نا رسايی مزمن كليه در بيماران همو دياليزي شهرستان آبادان (المراجعة الأخيرة 24 ديسمبر 2020). الرابط

https://www.sid.ir/fa/journal/ViewPaper.aspx?id=102139

  1. وكالة تسنيم للأنباء الإيرانية نقلا عن رئيس الصحة البيئية في جنوب الأحواز(24 خرداد 1398 شمسي) المراجعة الأخيرة 24 ديسمبر 2020.الرابط

https://www.tasnimnews.com/fa/news/1398/03/24/2031953

  1. جامعه خبري تحليلي الف:(26 آذر 1398 شمسي) تبعيض آزار دهنده غیر بومیها در حق ساکنان بومی در شهرستان بندر ماهشهر واطراف(المراجعة الأخيرة 24 ديسمبر 2020). الرابط

https://www.alef.ir/news/3980926060.html



error: Content is protected !!