الخميس, ديسمبر 19, 2024
مقالاتهل ثمة ربيع عربي على أبواب إيران؟

هل ثمة ربيع عربي على أبواب إيران؟

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

سقط نظام الجمهوري الإسلامي في إيران منذ تأسيسه في مغبة استفحال الأزمات بما فيها ازمة الشعوب المضطهدة والأزمات الاقتصادية وفشلها في سياستها الخارجية، خصوصا مع تداعيات الأزمة النووية. هذا الوضع سوف يؤدي إلى سقوط نظام الحكم وان طال الزمن. لكن بالرغم من ذلك هناك عدة عوامل اخرى سوف تعب الدور الجوهري في سقوط النظام الايراني.

هذا المقال الذي أعده الباحث في معهد “الحوار للأبحاث وللدراسات” يؤكد إن العوامل الجوهرية التي من شأنها، تعزز سقوط النظام الايراني بعد أن أحكمت رجالات الدين قبضتها على البلاد، ثلاثة: التدخل الدولي وتحديداً الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ثانيا: الاحتجاج في المدن الكبرى: طهران، تبريز، مشهد والعامل الثالث ثورة الأحواز.

في هذا المقال الذي عنون تحت عنوان ” هل ثمة ربيع عربي جديد على أبواب إيران؟” يؤكد انه لا يوجد حاليا أي مشروع للغرب ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتغيير النظام في إيران أو ربما حتى الضغط من اجل قيام بعض من الإصلاحات كما عودتنا الغرب تطالب الدول بذلك. ففي هذا الوقت بالتحديد، يحاول الغرب الضغط على النظام الإيراني واخضاعه للجلوس على طاولة المفاوضات وتوقيع الاتفاق النووي. الجدير ان الغرب يتجاهل الاضطرابات والمظاهرات والاحتجاجات الحالية في إيران والتي اندلعت بعد مقتل شابة كردية من إقليم كردستان في طهران، مما دفع عددًا كبيرًا من المدن ان تلتحق بركب الاحتجاجات ردا على جرائم النظام.

لذلك يمكن ان يستنج الفرد، بإن هناك غياب تام للعامل الدولي الذي يمكن أن يكون له تأثير كبير على تغيير الأنظمة وسيما النظام الإيراني. وبالتالي، يشجع هذا الوضع النظام الإيراني حيث يرى أن الاحتجاجات الحالية ليس لديها القدرة الكافية لتغيير النظام. على هذا الأساس يستخدم النظام سياسة ” هندسة المظاهرات” مستغلا الزمن من اجل امتصاص الغضب أولا، ومن ثم بعد ان يشعر العدد الأكبر من المحتجين بالتعب يسهل على النظام إدارة الوضع واعتقال أو التنكيل بمن يتبقى في الشوارع. ومع ذلك، فقد تعرف الشعوب في إيران هذه السياسة أو العقلية من خلال الاحتجاجات السابقة.

يمكن ان نرى هذا الواقع من خلال التغطية الإخبارية والإعلامية للقنوات أو المواقع الغربية في مواجهة قمع الاحتجاجات في إيران حيث تدل انه لا رغبة للغرب ولا أرادة دولية لتغيير النظام في ايران. وبالتالي، فإن أي مشاركة للأحواز في الاحتجاجات قد تدفع الإيرانيين الفرس إلى إنهاء احتجاجهم بهدف إلحاق الضرر بالاحتجاجات الأحوازية كما حدث في السابق خوفا من تقسيم إيران. لذا، في رأيي، لا ينبغي للأحواز أن يتحرك في وقت الراهن بل نحن بحاجة الى مزيد من الصبر والتريث.

يظهر العامل الثاني أيضًا أنه لا توجد احتجاجات حاشدة في المدن الكبرى. من المحتمل أن يكون هناك سببان وراء ذلك: قله الامل بسبب رد الفعل الضعيف للغرب تجاه الاحتجاجات، وثانيا، غياب التنسيق بين الشعب الفارسي والشعوب غير الفارسية. يجعل هذا الوضع الكفة لصالح النظام حيث تختلف مطالب المعارضة الفارسية تمامًا عن مطالب الشعوب غير الفارسية.
حيث تهدف المعارضة والشعب من الفرس الى تغيير النظام مع الحفاظ على هياكل الدولة وقد تجلى ذلك في حديث العديد من زعماء المعارضة الفارسية في الخارج ولكي يبقى الشعب الفارسي المهيمن على الوضع فحسب ولا مكان للشعوب الأخرى في هيكل إيران المستقبل. من جهة أخرى، تطالب الشعوب غير الفارسية بحق تقرير المصير وحماية هوياتهم وحقوقهم الاثنية التي انتهكها الأنظمة الفارسية منذ عهد البهلوي لذلك يرون حق تقرير المصير أو النظام الفدرالي هو الحل المناسب لإيران المستقبل ولا يقبلون بتسوية دون ذلك.

وأما بخصوص  غياب الحراك في الأحواز، لم تنضم الأحواز بعد الى صفوف الاحتجاجات الأخيرة بعد حيث يدرك الأحوازيون أن الفرس لا يريدون الاعتراف بحقوق الوطنية والقومية للأقاليم المحيطة وانما يريدونها إصلاحات لا تصب الا في مصلحة المركز. يدرك الأحوازيون بأن الشعب الفارسي يشترك في معتقدات أو أفكار متشابهة تجاه العرب. لذلك لا جدوى من الانضمام إلى الاحتجاج الذي يحمل أفكارًا ضد الهوية العربية الأحوازية كما رفعوا شعارات مناهضة للعرب والإسلام في ٢٠ سبتمبر قبل سبعة أيام في مدينة بيرجند.

لذا دعوني أكون صادقًا معكم أن العامل الثالث وهو أهم العوامل التي يمكن أن يكون له التأثير الاكبر على النظام سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا. هذا يعني أن الأحواز يمكن أن يكون لها تأثير مباشر والثقل الأكبر على سقوط النظام ولفت انتباه المجتمع الدولي إلى الوضع السائد في إيران ولعدة أسباب: تمتلك الأحواز على كثافة سكانية مناسبة، بالإضافة الى موقعها الجئوبلتيكي، ومقوماتها الاقتصادية. هذا الوضع يميز إقليم الأحواز عن غيره من الأقاليم ويجعل أي محاولة لإسقاط النظام الإيراني يشوبها الشوائب دون مشاركة الشعب الأحوازي.

في الختام، يمكن القول بان في حال مشاركة الأحوازيين في الاحتجاجات فسيواجه الأحوازيين أمرين: من جهة، سوف تضعف وربما ستنتهي المظاهرات بسرعة بموجب السياسة الأمنية التي يتخذها النظام في مواجهة الثورة في الأحواز أولا، وثانيا مواقف المعارضة الفارسية تجاه الأحوازيين خوفا من تقسيم إيران، ومن جهة أخرى، سيركز النظام والمعارضة الفارسية وسيما الاعلام الغربي- الفارسي على استهداف الحراك في الأحواز.

وبالتالي، يمكن للأحواز أن تنضم إذا كانت هناك أجندة واضحة للغرب تجاه تغيير النظام بالإضافة الى ضرورة التواصل والتنسيق مع الشعوب غير الفارسية مثل الأتراك والأكراد والبلوش للتأكيد على دورها في أي تغييرات مستقبلية وضرورة الحفاظ على المصلحة الوطنية. اذن، إذا كانت هناك مؤشرات تدل على رغبة الغرب في زحزحة النظام الإيراني عندئذ يمكن للأحواز أن يلعب دورًا رئيسيًا في تغيير النظام من خلال التأثير على اقتصاد وأمن النظام كما ذكرنا سابقًا حول العوامل الثلاثة.

أخيرًا وليس اخرا، خرجت الاحتجاجات الحالية في إيران بينما لا توجد مؤشرات حقيقة تدل على تغيير النظام في وقت الراهن، لذلك تريث الناشط الأحوازي والقيادات الميدانية في الالتحاق بالاحتجاجات. كما ان “غياب الاحتجاج في الأحواز” هو عبارة عن رسالة مفادها ان الثورة في ايران لا تكتمل دون مشاركة الأحواز أولا ومن ثم رسالة أخرى للمعارضة الفارسية لكي يدركوا أن الأحوازيين لديهم المقومات الهامة التي من شأنها ان تغيير النظام لذلك تحرير ايران من النظام الحالي لا يكتمل دون الاخذ بعين الاعتبار مطالب الشعب الأحوازي.

 

كميل البوشوكة باحث في معهد الحوار للابحاث وللدراسات. رابط التويتر @KAlboshoka  

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!