الجمعة, أبريل 26, 2024
مقالاتالأحواز ودورها الريادي في عملية التغيير المرتقب في إيران

الأحواز ودورها الريادي في عملية التغيير المرتقب في إيران

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

لليوم العاشر على التوالي ، تشهد إيران مظاهرات على مستوى البلاد احتجاجًا على مقتل امرأة كردية تبلغ من العمر 22 عامًا ، تُدعى مهسا أميني ، تُعرف أيضًا باسم جينا أميني ، التي توفيت في احد مستشفيات طهران في 16 سبتمبر / أيلول متأثرة بجروح أصيبت بها على اثر ضربها على يد “شرطة الأخلاق”. على أثر ذلك، توسعت المظاهرات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المدن الكبيرة مثل طهران ومشهد وشيراز وتبريز ، بعد اندلاع الاحتجاجات الأولى في مدينة سقز مسقط رأس مهسا أميني في كردستان الإيرانية. وفقًا لمصادر إيرانية ، انضمت أكثر من 80 مدينة في جميع أنحاء إيران الى هذه المظاهرات حتى اليوم.

على الصعيد الداخلي في إيران؛ تزايد الغضب الشعبي في عموم إيران خلال يومي الأربعاء والخميس الماضيين حيث كانت مهسا اميني في غيبوبة لكن خبر وفاتها يوم الجمعة الماضي فجَّرْ الوضع واندلعت الاحتجاجات في جميع المدن و المناطق الكُردية أولا، ثم توسعت إلى باقي المدن الإيرانية ومنها العاصمة طهران ومدينة تبريز مركز إقليم آذربيجان وذلك تضامنا مع الشعب الكُردي وعائلة مهسا اميني وتنديدا بالجريمة التي ارتكبتها سلطات الأمن الإيراني. 

أما على الصعيد الخارجي؛ صدمت الجاليات الإيرانية المقيمة في الخارج من خبر وفاة مهسا التي لم ترتكب خطية تستحق التوقيف أصلا، وسرعان ما تشكلت اللجان الاعلامية والمجموعات على التليغرام والواتساب، ودشنت المساحات وغرف الحوار لتبادل الأفكار ونشر المستجد من التقارير والاخبار في مواقع  الكلاب هاووس والتويتر وبرامج الزوم والواتساب والوسائل الأخرى وذلك لتغطية الأحداث ونشر المقاطع والصور عن الاحتجاجات التي اندلعت داخل إيران، كما شهدت الكثير من المدن والعواصم الغربية تجمعات احتجاجية غاضبة أمام السفارات والتمثيليات الإيرانية وجرت محاولات عدة من قبل الجموع الغاضبة لاقتحام السفارات الإيرانية.

على الصعيد الاعلامي والتغطية المباشرة قامت الشخصيات الاعلامية الاحوازية وايضا اللجان الاعلامية التابعة للتنظيمات السياسية الاحوازية بمواكبة الحراك الاعلامي والتعبير عن تضامنها مع الشعب الكرُدي منددة بالجريمة النكراء ضد الشابة مهسا أميني من خلال أصدار البيانات والمشاركة في الحوارات والنشر المكثف على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، كما تناولا اسباب غياب الحراك في الأحواز بينما الشعب الأحوازي هو أكثر الشعوب في إيران حاجة ورغبة للتغيير والتخلص من هذا النظام وعدد الانتفاضات الأحوازية ومئات الشهداء والاف السجناء والمهاجرون لا يسمح لأي جهة غير أحوازية مهما كانت ان تزاود على الأحوازيين ونضالهم التحرري.

 مرت حوالي عشرة أيام على اندلاع الانتفاضة التي تصدرت مشهدها المرأة في إيران حيث فجرتها دماء زكية لشابة كُردية بريئة راحت ضحية تخلف مذهبي لسلطة مذهبية شاذة عن الاسلام وتعاليمه الواضحة والشفافة في موضوع الحجاب والأمور المذهبية الأخرى من خلال هذه الآية الكريمة: «لا اكراه في الدين». 

 قد تؤدي هذه الانتفاضة إلى اسقاط النظام الإيراني في حال ان استمرت وتوسعت رقعة الاحتجاجات التي تستنزف طاقات النظام وتؤدي إلى تضعيف الأمر الذي من شأنه أن يفتح المجال لقوى أحوازية كامنة لتنفض على النظام وتقضي عليه نهائياً، وكان للشعب الأحوازي دورا أساسيا في اسقاط النظام السابق عام 1979. قد يطرح هذا السؤال وهو؛ لماذا تكون القوى الاحوازية كامنة في مثل هذه الظروف والتوقيت؟ والجواب هو ان النخب والقيادات الميدانية الأحوازية طيلة العقود الماضية اكتسبت تجارب وخبرات ميدانية أكثر من غيرها داخل إيران وذلك بسبب انتفاضاتها المتتالية والتي واجهت النار والحديد وكانت وحشية ودموية حيث ارتكبت السلطات الإيرانية مجازر موثقة في ثلاث انتفاضات وهي انتفاضة المحمرة عام 1979 ومجزرة ومحرقة مقهى النوارس بمدينة الأحواز عام   2018 ومجزرة معشور في نوفمبر عام 2019 . تعلم القيادات الميدانية الأحوازية تماما ان في كل انتفاضة قامت بها قوى أحوازية تقوم السلطات الأمنية ومعها الأعلام القومي الفارسي الذي يخشى تفكيك إيران، بشيطنة المنتفضين وأمننة الحراك العربي وجعله حراكا معاديا يستهدف الدولة الإيرانية ويريد تفكيك إيران وتهديدا مباشرا للأمن القومي الإيراني، وبهذه الشيطنة تتمكن من كسب القوميين الفرس بجانبها وتقطع الطريق أمام أي تعاطف وتضامن قد يحدث من قبل القوى التقدمية وقوى الشعوب غير الفارسية مع الاحوازيين. باعتقادي تريث الأحوازيين هذه المرة ناتج عن نضوجهم السياسي واعتقادهم بضرورة اعطاء المساحة للحراك ان يأخذ مجاله الأوسع وان يصل مرحلة اللاعودة في مواجهة النظام واسقاطه وعندها سيكون الأحوازيون مواكبين للحراك في الساحات الميدانية آخذون الدور الأساسي في عملية التغيير والتحول في إيران.

تعد الأحواز؛

اولاً: موقع استراتيجي ومخزن ثروات للدولة الإيرانية.

ثانياً: الأحواز حلقة وصل لإيران بجوارها العراقي والعربي بعد نفوذ إيران في المنطقة العربية.

هذان النقطتان يجعلان الأحواز ان تكون لاعبا رئيسيا في معادلة التغيير والتحول المرتقبة في إيران، ولهذا السبب ايضا عمل النظام الإيراني في العقود الماضية على عسكرة المنطقة العربية وعلى تكبيل النشاط الأحوازي حيث شهدت الأحواز انتفاضات عدة خلال العقود الماضية لم تتفاعل باقي المكونات الإيرانية مع انتفاضات الأحوازيين فحسب بل ذهبت بعض القوى القومية الفارسية بعيدا من خلال تأييدها عمليات القمع ضد العرب، الأمر الذي جعل الأمن الإيراني ان يتفرغ لقمع العرب وان يفرط في قتلهم و شن حملات واسعة لاعتقال كل من شارك في الاحتجاجات حتى غصت السجون بالمعتقلين من الشباب والنساء. بالرغم من هذا، كانت وسائل الاعلام الناطقة بالفارسية في الخارج والمدعومة من بعض الدول العربية والغربية تتجنب تغطية مايجري في الأحواز وان تطرقت فهي تتجنب ذكر اصول القومية للضحايا واحيانا تقوم بمصادرة الحدث لصالح قوميات أخرى مستوطنة في الأحواز حتى أصبحت الأحواز وشعبها حبيسة ظروف أمنية خاصة فرضتها السلطات الأمنية بالقمع والقتل والتنكيل وأخذ التعهدات والضمانات من غالبية الشباب الأحوازي. بالرغم من هذا، الا ان التحاق الشعب الأحوازي بركب الحراك القائم الثوري في إيران هو مجرد وقت، وقد يغير المعادلة لصالح الثورة في ايران.

سوى ان نجح الحراك الجاري في اسقاط نظام الملالي التي باتت عملية اسقاطه غاية مشتركة ليس فقط لجميع مكونات إيران القومية منها والمجتمعية، بل أصبحت أمنية جميع الشعوب المحيطة بإيران خاصة الشعوب العربية التي دفعت أثمان غالية وتعرضت لخروقات أمنية كبيرة نفذتها مليشيات إرهابية نظمها ودربها وسلحها ومولها ووظفها النظام الإيراني لصالح سياساته التوسعية. تعتبر الانتفاضة ناجحة حتى الآن وحققت نقاط هامة للغاية من شأنها ان تترك بصمة وتحولاً كبيرا في مجرى الحراك المستقبلي لقوى التغيير في إيران لا يمكن تجاهلها وابرزها؛ لا يمكن لأي فئة أو أثنية ان تتمكن من اسقاط النظام بمفردها ولهذا على جميع القوى الطامحة بالتغيير قبول بعضها البعض والعمل على القواسم المشتركة من أجل مستقبل أفضل لبلد ذات تنوع قومي ومذهبي.

 

 

حامد الكناني باحث في معهد الحوار للابحاث والدرسات  ومدير موقع كارون الثقافي



error: Content is protected !!