نبذة عن القهر والاستلاب
تعرض المجتمع الأحوازي منذ قرن لأبشع صور القهر والحرمان الشديد من النظام الإيراني كما مارست هذه الدولة ضده سياسات ممنهجة بهدف تجويعه وتجهيله وتهجيره وإبادته، وتم فرض حصار اقتصادي وثقافي واجتماعي عليه كي يبقى متخلفا متناحرا فيما بينه.
لقد مر الشعب الأحوازي بمآسي وشدائد كثيرة واستهدفت هذه الممارسات البنية النفسية والاجتماعية للفرد الأحوازي وتركت آثارا سلبية كثيرة وواسعة النطاق على المجتمع. من ضمن هذه السياسات هي احتقار العربي وضربه بالسياط ووضع الحمل على كاهله وكذلك خرق ثيابه بالعلن وإذلاله على يد الجنود في عهد رضا بهلوي وإرغام الفرد الأحوازي على ارتداء القبعة بدل الكوفية.
كما قامت إيران بتهجير مروع لأكثر من ألف أسرة مشي على الأقدام من الأحواز نحو طهران وجرجان في شمال إيران لمسافة أكثر من 1200 كيلومترا حيث مات الكثير منهم في الطرق الوعرة. كما يسمكن ذكر سياسة قمعية أخرى للنظام الإيراني منها حرمان الطلبة من التعلم باللغة الأم وإغلاق جميع المدارس والمكاتب التي كانت تعتمد على العربية في التعليم وأصدرت السلطات قوانين بموجبها يتم تغريم الطلاب الذين يتحدثون العربية في المدارس.
ايضا تم منع بث ونشر الفن والموسيقى العربية كما تم منع طباعة الكتب العربية خلال فترة الحكم البهلوي وكذلك منع إصدار أي ترخيص لجريدة يومية منذ قرن. الاستيلاء على الأراضي الزراعية وأخذها بالقوة من الاحوازيين الفلاحين بالإضافة إلى تغيير أسماء المدن والأنهار والقرى والأحياء وتزييف التاريخ وتشويه سمعة المناضلين والاعتقالات العشوائية وأيضا سياسة النظام في أخذ الاعترافات القسرية والإعدامات وأحكام السجن الجائرة. ربما لا ضيرا إذا ذكرنا تأثير الحرب الإيرانية العراقية ويتبع ذلك التهجير القسري والاستيطان الذي ترك طابعا سلبيا على الإنسان الأحوازي. من الأمور الأخرى، منع النظام الإيراني الأحوازيين من فرص التوظيف بالشركات والمصانع الأحوازية و…الخ كلها فيض من الغيض الذي مورس بحق الشعب الأحوازي خلال النظامين البلهوي والجمهوري الإسلامي.
إن هذا الاستلاب والاضطهاد تبلور على نحو مشكلات مجتمعية عديدة مثل الفقر والتخلف والنزاعات العشوائية وهيمنة الذعر واليأس وتفشي المخدرات وازدياد نسب الانتحار والعنف وارتكاب الجنوح و… حيث كلف المجتمع الأحوازي أثمانا باهظة في مختلف مجالات الحياة سنذكرها بإحصائيات دقيقة. مما بات يعيش المجتمع الأحوازي في حالة مأزقية وانسداد في آفاق الإصلاح كما بدأ يشعر بالإحباط ويعاني من الحيرة والمحنة تجاه الراهن المؤلم والمستقبل الضبابي، لأن الآخر المتسلط، أي النظام الإيراني، الذي سيطر على كل مقاليده لن يسمح له بالقيام بأي خطة ايجابية لرقي المجتمع وبث الوعي والأمل فيه كما يعتبر ذلك تهديدا مباشرا له، إذ إن من أهم شروط بقاءه وديمومة سلطته وتحكمه بمصير الشعب هو مرهون بخطتين مصيريتين وهما “التجويع والتجهيل”.
جراء الفقر والعوز أصبح البحث عن القوت اليومي يمثل الأولوية القصوى في سلم ترتيب أولويات الفرد الأحوازي، وكيف للحائر في سد جوعه والخلاص من خواء البطن أن تصبح القراءة والتثقيف وتطوير الذات والتنمية المجتمعية، والقضية الوطنية من ضمن دوائر أولوياته.
ضرورة تأمين الحاجات الأساسية للإنسان
هناك نظرية نفسية معروفة باسم “هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية” تشرح لنا الحاجات الأساسية للفرد وترتيبها من الأهم فالأهم حتى المهم. هرم ماسلو هو عبارة عن نظرية فلسفية قام بوضعها العالم أبراهام هارولد ماسلو، حيث تتحدث هذه النظرية عن سلم أولويات الإنسان المختلفة. كما تؤكد تلك النظرية بأن هناك العديد من الحاجات التي يسعى لإشباعها من خلال قيامه بالعديد من الأفعال والتصرفات للوصول إليها. كما تنص على أن الحاجات غير المشبعة تسبب إحباطاً وتوتراً وآلاماً نفسيةً حادةً للإنسان. فالإنسان عند الشعور بنقص في أيا من تلك الاحتياجات يصاب بالإحباط الشديد والاكتئاب (٢٠٢٣).
وضع ماسلو هرما مدرجا مكونا من خمس درجات، كل درجة من درجات الهرم تشتمل على حاجة من حاجات الإنسان التي يحتاج إليها ولا يستطيع التخلي عنها أو العيش بدونها، ومن تلك الحاجات:
أولا: الحاجات الفسيولوجية حيث تتمثل هذه الحاجات في التنفس، والطعام، والماء، والجنس، والإخراج، والنوم. وإذا تم تطبيق هذا المدرج على الإنسان الأحوازي يتضح أن الفرد الأحوازي الذي يعاني نقصاً في إشباع هذه الاحتياجات تجعله يشبعها فيما بعد بشكلٍ مفرط. كما نجد أن الإنسان الأحوازي يعيش فترة طويلة يعاني من احتياج تلك الأمور.
أولى الأمثلة على الحاجات الفسيولوجية للإنسان الأحوازي التي يعاني منها هي الحاجة إلى درجة حرارة ودرجة رطوبة تناسب الجسم بدون برد زائد أو حر زائد وبدون جفاف زائد أو رطوبة زائدة. يعاني الأحواز من الحرارة المرتفعة جدا والتي تصلى إلى ٥٠ درجة في الصف جراء تجفيف الأنهر والاهوار مما جعلت حياة المواطن الأحوازي جحيما لا يطاق.
ثانيا: حاجات الأمان أما الدرجة الثانية من هرم ماسلو يشتمل على حاجات الأمان، حيث إن بعد إشباع الإنسان للحاجات الفسيولوجية التي يحتاج إليها يبدأ في البحث عن حاجات الأمان. فإذا اعتمدنا على هذا المدرج سوف يتضح لنا ان الإنسان الأحوازي يعاني من السلامة الجسدية حيث أثبتت الإحصائيات ان إقليم الأحواز يتصدر قائمة الأمراض مقارنة بالأقاليم والمحافظات الأخرى في إيران. أما بخصوص الأمان في الوظيفة التي يشغلها الإنسان الأحوازي والتي تجعله يشعر بالأمان والاستقرار فهي شبه مفقودة وبالتالي قلة فرص العمل سلبت الأمن النفسي والمعنوي وعرضت المواطن الأحوازي إلى المخاوف الأخرى. أيضا لابد من الذكر، ان غياب فرص العمل ترك أثرا سلبيا على الأمن داخل الأسرة، أمن الممتلكات الشخصية حيث ضاع الأمان وكثرت اللصوص مما جعلت الفرد يعاني من فقدان الأمن خوفا من سرقة أثاث المنزل أو السيارة.
ثالثا: الحاجات الاجتماعية وبعد الدرجة الثالثة من هرم ماسلو بعد إشباع كل من الحاجات الفسيولوجية والأمان هي رغبات الإنسان في تحقيق الحاجات الاجتماعية المتمثلة. ترك الفقر والوضع الاقتصادي المتردي وسلب الأمان من المجتمع الأحوازي عقبات كبيرة أمام نجاح العلاقات الأسرية السليمة، العلاقات الاجتماعية بين الأفراد ورغبة الفرد الأحوازي في الانتماء إلى المجموعات الكبيرة الجماعات الدينية، والفرق الرياضية، والمنظمات المهنيّة. في غياب هذه العناصر جميعاً يصبح الفرد عرضة للاكتئاب، والقلق، والعزلة الاجتماعية، والضغط النفسي الشديد.
رابعا: الموضوع الرابع من هذا الهرم هو الحاجة إلى التقدير. يتمثل هذا المدرج في رغبة الإنسان الأحوازي في تحقيق المكانة الاجتماعية المرموقة والمنصب الرفيع مما يكسبه الإحساس بالثقة والقوة بالإضافة إلى كسب احترام الآخرين. حرم المواطن الأحوازي من كسب وظيفة محترمة أو مكانة مرموقة اجتماعيا حيث سلط النظام الإيراني رجالاته من الفرس على جل المناصب الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية في إقليم الأحواز.
خامسا: الحاجة إلى تحقيق الذات، حيث يحتاج الإنسان الأحوازي في المرحلة الخامسة أن يحقق الصورة التي يتخيلها لنفسه. ويتمكن الإنسان في هذه المرحلة من مواجهة التحديات دون خوف من الفشل في تحقيق النجاح، ويبدأ بالشعور بأنه في ظروف يستطيع من خلالها الإبداع والتطوير في العمل في غياب هذه العناصر جميعاً يصبح الفرد عرضة للاكتئاب، والقلق، والعزلة الاجتماعيّة.
ونتيجة عدم تأمين الحاجات الأساسية وشعور الإنسان فردا وجماعة في إقليم الأحواز بعدم الإشباع المزمن لتلك الاحتياجات ولد شعور بالإحباط والتوتر والغضب والحنق التراكمي وصل لدرجة الانفجار الفردي والجماعي، وأدى إلى شيوع أنماط سلوكية تكييفية سلبية كاللامبالاة وفقد الانتماء للهوية الجماعية والأنانية المفرطة والعنف والتطرف العقائدي والعرقي والقبلي والوطني. وأيضا الهروب من الواقع من خلال تعاطي المخدرات، أو الهروب المعنوي تجاه الثقافات الأخرى، بالإضافة لتسببها بإمراض نفسية بسبب شدة الضغط.
لذلك إذا تم منع الفرد الأحوازي من حقوقه الأساسية ذلك يدفع به باتجاه التخلف ثقافيا، وفكريا، ومعرفيا فإنه لن يكون قادرا على المساهمة الفعالة والكفاءة في تنمية مجتمعه، وإذا كان الدافع للإنجاز ضعيفا لديه فإنه لن يسهم بشكل فعال في عملية التنمية، حتى لو توفرت لديه بقية المتطلبات.
أسئلة متداولة
بات لا يطيق المواطن الأحوازي المجتمع وفقد السيطرة على النفس في التعامل مع الآخرين والقضايا على نحو يومي. هذا الوضع يثير عدة أسئلة منها لماذا حصل هذا التدهور في الأداء العقلي والحوار المنطقي بين الناس؟ ولماذا هذه العدوانية والتوتر والافتقار إلى العقلانية والعجز عن الحوار المنطقي في أغلب الأحيان؟ حيث أي نقاش وحتى على المستوى النخبة وإن بدأ موضوعياً وواقعياً لا يلبث أن يفجر انفعالات تؤدي إلى اضطراب ويتحول الأمر من الحوار الهادئ إلى صراخ ومهاترات ومناكفات؟
وما هي الأسباب التي جعلت المواطنين الأحوازيين غير منظمين يميلون إلى العشوائية في تدبير الشؤون ويعتمدون على أساسات عقلية بدائية في التعاطي مع الواقع (عموما)، أما الأفكار الحديثة يبدو وكأن العقل الأحوازي عاجزا في قبولها أو تحليلها أو الاقتناع بها. من ثم بات يلجأ إلى الخرافات والأساطير الموروثة في مجابهة الطبيعة المحيطة به محاولا ان يعطي كل ظاهرة قاهرة يمرّ بها تفسيراً بسيطاً هروباً من الواقع ورضوخاً له عوضاً عن مجابهته بالمناهج العلمية المضبوطة التي تمكننا من السيطرة على الظروف وجعلها لصالحنا أو على الأقل دفع ضررها؟
إجابات من ذوي الاختصاص
يجيب الدكتور مصطفى حجازي، عالم النفس اللبناني وصاحب كتاب الإنسان المقهور، على هذه التساؤلات وما يشبهها ويقول: “لأنك مقهور في مجتمع متخلّف! تحس بالغربة في بلدك، تحس بأنك لا تملك شيئًا في بلدك، حتى المرافق العامة لا تملكها! وأن الهوّة كبيرة جداً بينك وبين ما تستحقه من خدمات وتقديرات تُقدم لك إذا قُدّمت تكون كمنّة أو منحة أو فضل أو مكرمة، لا كواجب مستحق لك، وعندما لا تحافظ على هذه المرافق فإنك تعبر عن حالة القهر والعدوانية في داخلك كإنسان مقهور تجاه السلطة والمتسلطين (١٩٧٦).
على هذا الأساس، إذن، التخلف الاجتماعي في المجتمع الأحوازي هو مرهون بقدر القهر الذي يلاقيه الفرد في ذلك المجتمع، وكلما كان زاد القهر ارتفعت نسبة التخلف. ذلك الوضع يجعل المواطن الأحوازي ان يشعر بفقدان القيمة الإنسانية، بحيث يتحول فيه الإنسان إلى شيء ووسيلة، ومن ثم فهو يرتبط -بشكل حتمي- بالقهر الذي يلقاه من جراء سياسة النظام الإيراني في مجتمعه ويأتي من خلال علاقته بالسلطة.
في تحليله للعلاقة بين السلطة والقهر، يوسّع حجازي مفهوم السلطة القهرية ليتعدى المفهوم الاستعماري أو السياسي إلى مفاهيم أضيق وأكثر قربا من المقهورين. وإذا ما تم تطبيق ذلك على المجتمع الأحوازي فنجد معاناة هذا الإنسان في الأسرة، المدرسة، الزواج، والحياة بشكل عام مليئة بالقهر الاجتماعي حيث تتراكم بعضها على بعض تنبني على بعضها، تنتج محصلة واحدة وهي إخضاع الآخر للسلطة بأداتين مرتبطتين: سمو قدر المتسلط الفارسي، وانحطاط شأن الإنسان الأحوازي.
يذهب حجازي إلى أن علاقة القمع- لكي تستمر بين المتسلط والمقهور- تحتاج دائما إلى ما يغذي نرجسية السيد (المهيمن)؛ حتى تتلاشى احتمالية التكافؤ بينه وبين من يقهره. على سبيل المثال إذا تم تطبيق هذه على المجتمع الأحوازي، يتبين انه ازداد العنف والتعسف، وتتفاقم نظرة الفارسي للمواطن الأحوازي دونية واحتقارا بمرور الزمان من عهد البهلوي حتى يومنا هذا. تماما كما كان يصف “فرانس فانون” في كتابه معذبو الأرض العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر (٢٠١٤)، فيما يخض الشأن الأحوازي أصبحت المجموعة الأولى المهيمنة من الفرس يتكرّس لهذه النرجسية عن طريق خلق عالم ثنائي يمثل فيه المستوطن الفارسي النموذج الأعلى وفي المقابل يمثل المواطن الأحوازي النموذج الأدنى من البشر كما جعلوا المواطن الأحوازي يمثل روح الشر وبأنه خالٍ من الأخلاق.
سمات المجتمع المقهور
تتميز المجتمعات المقهورة بعدة ميزات من اهمها:
الكذب
يقول مصطفى حجازي في كتابه التخلف الاجتماعي أنه في المجتمع المتخلف يكذب فيه المتسلطون على المقهورين بوعود إصلاحية وخطط تنموية ومستقبل أفضل زاهر وما على المقهورين إلا التحلي بالصبر، ويكذب المقهورون فيه على المتسلطين أيضاً متظاهرين بالولاء والانتماء والتبعية… وهكذا يصبح الكذب جزءا من نسيج المجتمع المتخلف بأكمله (١٩٧٦).
تكذب الدولة الإيرانية حين تدَّعي الحفاظ على النظام ومصالح المواطن، كما يكذب الشرطي الفارسي حين يدَّعي الحفاظ على القيم، ويكذب التاجر في طهران على الزبون الأحوازي عندما يبيعه السلعة، كذب في المعرفة حيث يكتب الكاتب الفارسي ما يخدم مصالحه ومصالح الفرس، كذب في الدين…… الخ، دائرة متكاملة من الكذب في المجتمع الإيراني. بالتالي إن الشخص الأحوازي لا يخسر فقط من خلال استغلاله من الجميع، وإنما يُزْدَرى باعتباره ساذجًا وغبيًا لأنه لم ينخرط في جوقة الكذب والادعاء والخداع.
الشعور بالعجز واليأس
في المجتمع الأحوازي، يقوم المتسلط الفارسي بحملات تيئيسية منظمة لجعل الشعب الاحوازي ينظرون إلى أنفسهم بصورة دونية، مما يجعلهم مستسلمين على الدوام لمن يقودهم.
ويقول حجازي، أن الإنسان المقهور في المجتمع المتخلّف يعيش حالة عجز، يجد نفسه في وضعية المغلوب على أمره في معظم الأحيان، يشعر بفقدان الثقة، لا يستطيع شيئا إزاء قوى المتسلطين، سرعان ما يتخلى عن التصدي والمواجهة منسحباً يائساً من إمكانية التغيير الفعّال فيسقط في فخ التوقعات والانتظار الذي يبقيه دائم الخوف عديم الثقة بقدراته على الفعل والتأثير، وأن ليس له إلا القبول بواقع لا يقهر.
الحنين إلى الماضي
يبين علم النفس أن الأساليب الدفاعية التي يلجأ إليها الشخص الأحوازي لتحقيق التوازن الداخلي، تتلخص بالتمسك بالتقاليد والاعتزاز بالماضي الوطني الأحوازي، والحديث عنه والحنين إليه، والذوبان في الجماعة لأجل الاحتماء بها من هيمنة الفرس، وقد يلجأ الأحوازيون إلى مَنْ يحميهم من المتسلطين، لذلك يبقون دائما في وضعية التبعية، كما يفسر البعض منهم بان الأمور دائما على أنها قضاء وقدر. ويؤكد مصطفى حجازي في كتابه أن هذا ما يجعل الإنسان المقهور في المجتمع المتخلّف تابعاً لا متبوعاً ومنصاعاً للواقع وظروفه انصياعاً تامّاً، وهنا يرسخ لدى المقهور مفهوم الحتمية المطلقة والقدرية الجبرية فيسلّم نفسه للقدر مجبراً لا مخيّراً.
التشبث بالشعار والهتافات
ان الأحوازي في المجتمع يتشبث بالكرامة والعزة كشعار ثابت ويردّدها كمصطلحات ومفردات كالرأس المرفوع والهامات العالية التي لا تنحني إلا لله والجباه السّمر والكوفية الحمراء والعقال…!! وكل هذا محاولات لإثبات نفسه وإعطاءها مكاناً من معادلة الواقع ترقيعاً لشرخ القهر في نفسيته. وهو بذلك يكبت مشاعره وعواطفه ويجد صعوبة بالغة في التعبير عنها، بل وينكرها إنكاراً أمام الناس حتى وإن كانت تحزّ في نفسه حزّا، هذا الكبت يجعل نفسية المواطن الأحوازي مضطربة غير سوية، فيصعب على الشاب الأحوازي مثلا أن يصارح أباه أو أمه بحبه لهما، ويشعر بالخجل غير المبرر رغم أنهما أقرب الناس إليه.
يخشى الأحوازي كثيرا من نظرة مجتمعه إليه وإلى تصرفاته وخاصة بين أوساط الفرس حتى وإن كانت تصرفات عادية لا تخل بالذوق العام، فهو يخشى من كلام الناس وانتقاداتهم ويسبب له هذا عائقا أمام تحقيق أهدافه وبناء حياته، فمع كل خطوة يخطوها ينظر إلى جمهرة الناس وينتظر ردّة فعلهم، فإن كانت الرضا أكمل طريقه حتى وإن لم يكن مقتنعا بهذا الطريق، وإلا فيتوقف في البداية حتى وإن كان يؤمن بالطريق الذي يسلكه.
بالنسبة للمواطن الأحوازي، ما يدعي للقلق هو أن كلما ازداد القهر اتسعت الهوة وبدأ طور جديد يؤسس لعصر الانحطاط الذي ينتج من انعدام لقيمة الإنسان وكرامته، يستنفذ فيه الشخص الأحوازي جهده للبقاء فقط على قيد الحياة على أرض شديدة الانحدار والانزلاق مستكيناً مقهوراً.
عينات من المجتمع المقهور
تميز المجتمع المقهور عن غيره من خلال عدة عينات من ابرزها:
التعليم… وحياة في وادٍ آخر
يؤكد حجازي لخصائص ما أسماها “العقلية المتخلفة”، والتي يطلقها على عقلية البشر في العالم الثالث وعوامل تخلف هذه العقلية، مؤكدًا أن سياسة التعليم، وعلاقات التسلط هما لب تخلف العقلية في المجتمع المقهور. على هذا الأساس يبدو أن التعليم لم يؤثر في الشخصية الأحوازية، بل ظل في الكثير من الأحوال قشرة خارجية تنهار عند الأزمات لتعود الشخصية لنظرتها الخرافية، حيث يغلب التلقين على التعليم. كما أن مواد التعليمية الأحوازية المستوردة من الثقافة الفارسية لا تعالج واقع الطالب الأحوازي، إلى جانب انفصام لغة العلم في إيران (الفارسية) عن اللغة الحية لغة (الأم العربية)؛ مما يعزز الانفصال بين شخصيته وبين ما يتعلمه.
العنف بأشكاله، لغة مفهومة وسلاح أخير
يتخذ العنف والقتال، معنى التغيير الفعال ويصبح السلاح الأخير لإعادة شيء من الاعتبار المفقود للذات، ويصبح العنف لغة التخاطب الوحيدة الممكنة مع الواقع ومع الآخرين حين يحس الفرد بعجزه عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي، وحين تترسخ القناعة لديه بالفشل في إقناعهم بالاعتراف بكيانه وقيمته. حيث أصبح العنف هو الوسيلة الأكثر شيوعًا لتجنب العدوانية التي يشعر بها الإنسان الأحوازي المقهور نحو ذاته بسبب فشله، من خلال توجيه العدوانية للخارج بشكل مستمر أو دوري كلما تجاوزت حدود الاحتمال الشخصي.
على هذا الأساس، يظل الفارسي يغرس في الإنسان الأحوازي قيم الجهد والإنتاج والعمل المضني ليكون أداة تخدم أغراضه، يبذل الإنسان الأحوازي الحد الأدنى من الجهد ليقينه من أن كل هذا لن يغير وضعه، ولأنه يئس من إمكانية الارتقاء بوضعه وتحسين مصيره من خلال جهده الخاص، لذا تشيع أساليب مثل الرشوة وغيرها من الطرق الملتوية في الإثراء بشكل مريع.
وبالإضافة إلى ذلك هناك أساليب عدوانية برزت في المجتمع الأحوازي وهي أكثر صراحة كتخريب الممتلكات العامة: كسر الإشارات، واقتلاع شجيرات الزينة، واقتلاع حواجز الأرصفة. ورغم أنها تعود عليهم هم بالنفع إلا أن المواطن الأحوازي هنا يهاجم رموز المتسلط الفارسي لإحساسهم بأن ما هو عام ليس ملكهم، فالإنسان الأحوازي المقهور يشعر بالغربة في بلده.
التعبير بالنكات والقصائد المبطنة أيضا من أشكال العدوانية التي تشيع ضد السلطة الفارسية وهي من وسائل التفريج، من جهة أخرى يتساهل المتسلط الفارسي ومؤسساته الامنية بشأنها لأنها ترد عنه خطر العدوانية المباشرة وتخفف عليه وزر العنف المباشر.
بالتالي، يمكن القول بأن العدوانية والعنف ينخران بنية المجتمع الأحوازي في الوقت الراهن رغم مظاهر السكون والمسالمة الظاهرية، يظل العنف وخاصة بين القبائل هو لحظة انفجار الحقيقة الكامنة في بنية المجتمع الأحوازي، فالإنسان الأحوازي المقهور في حالة تعبئة نفسية دائمة استعدادا للصراع. يبدو ذلك على محياه وفي حركاته، ولأقل الأسباب ينفجر سيل من السباب ويتدهور الخطاب اللفظي إلى المهاترة، التحدي والوعيد والعدوانية اللفظية، وينهار التفكير المنطقي، وتطغى الانفعالات وتشل القدرة على تفهُّم الآخرين، وأحيانا ينفذ التهديد ويحدث الاشتباك باستخدام العضلات أو السلاح، ذلك لأن هناك إحساسا دفينا بانعدام فعالية اللغة اللفظية. حياة الإنسان الأحوازي تشبه الحياة في الغابة ليس هناك قانون ما يضمن له حقه حيث إنه متروك لنفسه كي يتدبر نفسه عليه هو أن يحافظ على هذا الحق كما تمكنه الظروف بالاحتيال أو بالتقرب من ذوي السلطة والنفوذ أو بالعنف والصراع، عليه أن يظل يقظًا طوال الوقت ويتحول الآخر لمصدر تهديد أو خطر على الذات.
المرأة والقهر الأكبر
المرأة هي أفصح الأمثلة على وضعية القهر بمختلف أوجهه في المجتمعات غير التقليدية. باتت المرأة الأحوازية هي محط كل تناقضات وتجاذبات الإنسان المقهور في المجتمع الأحوازي، وتحليل وضعيتها ومكانتها يكشف أكثر من أي أمر آخر خصائص الوجود المتخلف ومأزقه. كما أن وضعية المرأة في الأحواز تلخص الصراعات والمآزق الأساسية لهذا المجتمع، ولا نهضة للمجتمع الأحوازي من دون نهضة المرأة وتخلصها من أدران القهر والتسلط.
حيث أثبتت الأدلة بأن المرأة الأحوازية أكثر من يتعرض للقهر (قهر السلطة الفارسية وقهر السلطة الأبوية)، قهر يتناسب مع درجة القهر التي يخضع لها الرجل الأحوازي، كلما كان الرجل العربي أكثر غبنًا في مكانته الاجتماعية في الأحواز كلما مارس على المرأة قهرًا أكبر، لذا لابد ان نفرِّق بين وضع المرأة في الطبقات المجتمع الأحوازي الثلاثة (ليلى حسن، ٢٠٢٣)
أولا) في الطبقة الكادحة الأحوازية يحتفظ الرجل الأحوازي بشيء من توازنه وكبريائه الظاهري باعتباره كاسب الرزق يسقط الهوان على المرأة الأحوازية، ويشحن الرجل بقوة لا يتمتع بها في واقع الحال.
ثانيا) في الطبقة المتوسطة في المجتمع الأحوازي التي تتمتع بالمرونة والسير في اتجاه التغيير بدأ الرجل يعي أهمية مشاركة المرأة وضرورة نمو شخصيتها وبناء كيانها الذاتي كشرط لارتقائه هو، لكن هذه الفئة ما زالت تعاني الكثير من رواسب الماضي عند كلا الجنسين؛ فالمرأة تطمئن لدور الراضخ وقد أعدت نفسيّا لهذا الدور رغم أنه لم يعد يرضيها، والرجل الأحوازي يتحدث عن المساواة وعن تحرير المرأة لكنه لا يستطيع التخلي عن امتيازاته بسهولة، وهكذا يعاني كل منهما من صراعات نفسية وتناقضات داخلية، وبالطبع تظل معاناة الرجل أقل في هذا الصدد.
ثالثا) أما في الفئة ذات الامتياز في المجتمع الأحوازي فتعاني المرأة الأحوازية أيضا، لكنها معاناة مختلفة فهي تحظي بكل التسهيلات الحياتية وتتقلب في ضروب النعيم، لكنها أداة رغم كل شيء للمحافظة على الأسرة أو زيادة سطوة هذه الأسرة وبسط نفوذها من خلال المصاهرة إذ تضم ثروة الأب إلى ثروة الزوج، ويصبح دورها الجديد هو استعراض جاه الأسرتين وثروتهما، وهكذا تفلت من القهر المادي لتعيش أسيرة لقهر أمر هو الاستلاب المعنوي لكيانها والذي لا تجد له علاجًا إلا المزيد من الإسراف والاستهلاك.
القهر المجتمعي
في مسيرة حلزونية، يلعب كل إنسان في المجتمع الأحوازي داخل سلسلة القهر دور المتسلط على من هم أدنى منه وكما يقول محمود درويش “أن نكون ودودين مع من يكرهوننا، وقساة مع من يحبوننا”، ليجد المرء نفسه فريسة لأشكال متنوعة من القهر.
في مثل هذا المجتمع، يفقد الإنسان الأحوازي هويته كونه يقلل من شأن ذاته في إثبات موجوديته والإحساس بالعجز وقلة الحيلة، فيصبح لديه عنف مقنع بارتكاب مختلف أشكال العنف وغيره.
الإحصائيات تفصح عن القهر الفاضح في الاحواز
نتيجة ممارسات الاحتلال الإيراني التعسفية أصبحت الأحواز تتصدر القوائم في مجالات كثيرة، والتي تشكل في أحيان كثيرة سببا للقهر، وفي أحيان أخرى نتيجة من جملة نتائجه المهلكة.
أولا: المؤشرات الاجتماعية والبشرية (فرياد خوزستان، ٢٠٢٠)
يحتل الأحواز المرتبة الأولى بين بين المقاطعات في ايران وهي كالتالي:
-المرتبة الأولى بالإعدامات السياسية بنسبة 55/55 في المائة، لعام 2021،
-المرتبة الأولى في عدد السجناء لعام 2016،
-المرتبة الأولى في معدل الانتحار،
-المركز الأول في انتشار الإدمان،
-المركز الثالث في انتشار الأمية،
-المرتبة الأولى في نسبة المتسربين من المدارس،
-المرتبة الـ 28 في التعليم،
-المرتبة الـ 23 في التعليم العالي،
-المرتبة الـ 13 في معدل الأمل بالحياة،
-المرتبة الأولى في ضحايا الغرق،
-المرتبة الأولى في تلوث الهواء،
-المرتبة الأولى في الإضرابات العمالية مع 900 تجمع سنوي،
-المرتبة الـ 24 في الصحة (على سبيل المثال إحصائية الإصابة بالربو هي ضعفين نسبة المصابين في عموم جغرافية إيران)،
-المركز الأول من حيث عدد النساء المعيلات لمعيشة أسرهن،
-المركز التاسع من حيث الدخل الفردي بالرغم من الطاقة الإنتاجية العالية،
-المركز الثاني من حيث كثرة العشوائيات، حيث يسكن نسبة كبيرة من المواطنين في الأحياء الفقيرة والتي تعاني من الحرمان الشديد تتجاوز المليون نسمة،
-المرتبة الأولى في الهجرة (أي من حيث إرسال المهاجرين للمقاطعات الإيرانية بسبب التدهور والحرمان).
ثانيا: المؤشرات الاقتصادية
-ثاني أعلى معدل البطالة،
-المرتبة الـ ٣ من حيث نسبة المواطنين دون خط الفقر، بعد بلوشستان وكرمان المنطقتين الصحراويتين،
-المركز الـ ٦ في معدل السرقة وطبعا لهذه النسبة ارتباطا مباشرا بالبطالة والفقر،
-المرتبة الـ ٣٠ في نسبة منح القروض مما يدل على النسبة المنخفضة جدا في دعم إنتاج المشاريع وخلق فرص العمل للمواطنين،
-المرتبة الـ 26 في مؤشر أمن الاستثمار.
على سبيل المثال محافظة بوشهر (وسط الأحواز) تحتل المركز الأول في الدخل والمركز الثامن عشر في “مؤشر البؤس” (ايسنا، ٢٠٢٢).
ثالثا: مؤشرات البنى التحتية
-المركز الـ 15 في جودة الطرق، بينما تحتل الأحواز المرتبة الأولى من حيث نقل البضائع بسبب الموانئ التجارية وشركات النفط والبتروكيماويات والمنتجات الزراعية وكذلك الرتبة الثالثة في نقل الركاب،
-المركز الثاني في وفيات السير والمركز الثالث في نسبة حوادث السير بشكل عام،
-متوسط انقطاع التيار الكهربائي عن كل مواطن في الأحواز 700 دقيقة في العام الواحد، بينما في محافظة مشهد ذات الأغلبية الفارسية على سبيل المثال هذه المدة لا تتجاوز 100 دقيقة، وكل من طهران وأصفهان وشيراز أيضا دون الـ 200 دقيقة. جدير بالذكر أن الأحواز تحتل الرتبة الأولى في إنتاج وتصدير الطاقة الكهربائية لإيران أي تنتج 74 في المائة من الكهرباء،
-يبلغ مستوى استخدام الأحوازيين من شبكة الصرف الصحي بنسبة 37 في المائة بينما يشكل المتوسط الإيراني 50 في المائة،
-يبلغ متوسط نصيب الفرد من المساحات الخضراء في الأحواز 8.7 في المائة، مقابل 50 في المائة هي نسبة المتوسط الإيراني نصيب الفرد،
-أحرزت الأحواز الرتبة الأخيرة أي 31 لعام 2020 من حيث الإدارة ومنح الخدمات للمواطنين،
-كانت الأحواز موقعا لأكبر قضايا الفساد مثل اختلاس 3000 مليار دولار لأمير خسروي وتهريب 1 مليار و480 مليون دولار من العملة على يد اميد أسد بيكي.
مشاكل سياسية وإدارية
-استيلاء المسئولين غير المحليين على كل المناصب في الأحواز،
– حظر بات وقاطع على العرب في تولي منصب المحافظ في اقليم الأحواز، منذ عام 1925 حتى اللحظة الراهنة، وجدير بالذكر أن في عهد حكم الجمهورية الإسلامية تم تعيين 21 محافظا لمحافظة خوزستان في شمال الأحواز حتى يومنا هذا، دون تعيين مسئول عربي واحد إطلاقا،
-القمع والتهميش والتمييز العنصري وانعدام العدالة،
-تدهور الخدمات في قطاعات التعليم والصحة والمرافق العامة،
-عدم توظيف السكان الأصليين على سبيل المثال ففي فترة رئاسة أحمدي نجاد تم توظيف 4000 من المستوطنين في شركة تنقيب النفط في الأحواز مقابل توظيف 7 من الأحوازيين،
-مصادرة الأراضي الزراعية من السكان الأصليين الأحوازيين،
-التجفيف ونقل المياه من الأحواز إلى الوسط الإيراني أي المحافظات الفارسية الخالصة،
-عدم تنمية الزراعة المحلية مثل مزارع النخيل وتحويل مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة إلى أراضي بائرة،
-شح المدارس وهجرة المعلمين والنقص الحاد في عدد المعلمين،
-عدم دفع الحصة المقررة أي 3 في المائة من عائدات النفط لأعمار الأحواز،
-تدهور البنى التحتية منذ الحرب الإيرانية -العراقية وإهمال أعمارها.
القابليات والمؤهلات
في المقابل يمكن الذكر بان هناك قابليات ومؤهلات عالية من مؤشرات التنمية الكامنة في الأحواز وإذا ما تم الاعتماد عليها أو على جزء منها ستساعد في التنمية البشرية كالتالي:
-الرتبة الأولى في مخزون النفط والغاز (12 في المائة من احتياطي النفط و16/2 في المائة من الغاز العالمي)،
-الرتبة الثانية في قطاع الصلب والحديد،
-الأحواز هي قطب البتروكيماويات، توجد 22 شركة في مدينة معشور فقط،
-الرتبة الأولى في تصدير الإسمنت،
-الرتبة الأولى في إنتاج وتصدير الطاقة الكهربائية أي 74 في المائة من الطاقة الكهربائية لإيران تنتج في الأحواز،
-الرتبة الأولى في الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية ومزارع تربية الأسماك،
-توفير القمح لـ 11.5 مليون شخص والسكر لـ 31 مليون شخص،
-وجود ثلث من المياه إيران في الأحواز،
-الموقع الجيواستراتيجي والجيوبوليتيكي وطلاله على المياه الدولية التي تشكل الممر الهام لنقل وتصدير البضاعة،
-الرتبة الثانية في الناتج القومي الإجمالي مع النفط والرتبة الرابعة في الناتج القومي الإجمالي من دون النفط مع حصة 64 في المائة في المعادن،
-قابلية الإنتاج بمعدل 2.53 في المرتبة الثانية في جغرافية إيران (مصدر الإحصائيات، أسبوعية فرياد، أسبوعية ثقافية سياسية باللغة الفارسية، 2020/11/7).
إن وضعنا هذه الإحصائيات الصادمة مقابل ثروات وخيرات الأحواز وإن تمعنا جيدا بحجم الاضطهاد الذي جرى على الشعب الأحوازي طيلة 10 عقود الماضية، يمكننا بكل وضوح أن نرى تعمد الدولة الإيرانية وحجم سياساته الإجرامية في استهداف الشعب الأحوازي. من جانب آخر يمكن لنا فهم الأسباب التي تدفع الشعب للقيام بالانتفاضات والاحتجاجات وأن نفهم مدى غطرسة النظام الإيراني وأساليب مواجهته لإخماد صوت الشعب وأيضا أن نفهم مدى تحدي الشعب الأحوازي وتمسكه وتشبثه بحقوقه وطموحه بإعادتها.
آثار الفقر المترتبة على المجتمع الاحوازي
وبالتالي يمكن ان نختصر آثار الفقر المترتبة على المجتمع الاحوازي جراء سياسة الفقر والحرمان بعدة ظاهر قد ظهرت بشكل كبير ومن أبرزها:
-زيادة نسبة المشاكل مثل البطالة، والفقر، والأمية،
-تفكك المجتمع،
-زيادة نسبة السرقات، والسطو لسد الاحتياجات حتى البسيطة منها،
-الإدمان على المخدرات والكحول،
-زيادة نسبة الانتحار،
-المشاعر السلبية، والاضطرابات النفسية كالتوتر الدائم، والقلق، والاكتئاب، والضيق،
-زيادة نسبة الأمراض وعدم القدرة عليها بكفاءة، الأمر الذي يؤدي إلى تفشيها وتهديد حياة، وصحة الأفراد، والمجتمع أيضا،
-التزوير، وهي طريقة غير مشروعة يحصل بها الفرد على المال بالغش والاحتيال،
-زيادة حالات الطلاق، بسبب عدم قدرة الرجل على تلبية طلبات واحتياجات أسرته
-تدني المستوى التعليمي،
-سوء التغذية،
-أزمة السكن،
-التصدعات الأسرية،
-تدهور المجتمع وانتشار الرذيلة،
-زيادة نسبة عمالة الأطفال،
-ارتفاع نسبة العنف والنزاعات.
خاتمة البحث
تتحمل الأنظمة الإيرانية المتعاقبة مسؤولية جميع المعاناة التي خلفتها في المجتمع الأحوازي. إن أزمات الشعب الأحوازي التي ذكرت في هذه الدراسة هي إفرازات متوقعة للسياسة الكارثية ونتائج طبيعية لسياسات القهر والاضطهاد التي اعتمدتها إيران طيلة قرن من الزمان ضد الشعب الأحوازي. ببالغ الأسف إننا في أحيان كثيرة نشاهد سطحية من بعض المتعلمين ومن عامة الناس تلقي اللوم على الشعب وتقوم بإجتياف تبخيس قيمة مجتمعهم ويمارسون جلد الذات جاهلين وغافلين عن حقيقة الصراع القائم ولديهم قصور في فهم عمق المأساة والجذور الحقيقية التي آلت بالشعب أن يصبح في هذا الوضع المأساوي.
لقد نهبت إيران كل خيرات الأحواز واستولت على أرضه وثرواته وحرمت الأحوازيين من ممارسة أبسط حقوقهم ومنعتهم من العيش الكريم وكبلتهم وحاصرتهم وشلت عجلة التطور والتقدم في المجتمع وأبعدتهم عن مسار الحياة السليمة ودمرت بنية الفرد والمجتمع وأفسدت كل شيء وعلى رأسها الأخلاق وجعلت من المواطن أن يتوسل إلى المكر والاحتيال والرياء والنفاق حتى يسلم برأسه.
ميثاق محمد، باحث في معهد الحوار للأبحاث والدراسات
المصادر
ثقافتي. (يناير 28, 2023). شرح هرم ماسلو للإحتياجات الإنسانية. الرابط http://surl.li/gfcwi
مصطفى الحجازي. ( ١٩٧٦)., التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور. انتشارات مركز الثقافي العربي.
فرانس فانون. ( ٢٠١٤). معذبو الأرض. انتشارات مدارات للأبحاث والنشر
ليلى حسن. (٢٠٢٣). المرأة الأحوازية، المجتمع والغزو الثقافي الإيراني. الرباط http://surl.li/gfdeh
فرياد خوزستان. (٧ نوامبر 2020 ). خوزستان به روايت امار، امارى كه تاكنون نشنيده ايد. الرابط https://www.faryadkhz.ir/f10/
ايسنا. ( ٢٠٢٢) . اینجا بوشهر است؛ رتبه اول درآمد، رتبه هجدهم “شاخص فلاکت”. الرابط http://surl.li/gfdln