السبت, نوفمبر 23, 2024
دراساتمسببات اندلاع النزاع القبلي في الأحواز

مسببات اندلاع النزاع القبلي في الأحواز

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

المدخل

“لا أخال أحد يقدر على تعليل الاستبداد الأسيوي على أساس صلب سوى بهذه الأطر الصغيرة من الأنظمة المجتمعية المتجسدة في القبائل وربوعها الصغيرة… هذه العوالم المنكفئة الصغيرة.”

كارل ماركس

 

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى اشتعال النزاعات القبلية في الأحواز[1]؟

هذا سؤال يشغلنا، في الظرف الراهن التي تشتعل فيه الصراعات القبلية في الأحواز، فتتطاير من أجلها الرؤس وتتقطع فيها الأيادي والأرجل من خلاف. وستكون حركة الدراسة هذه هنا، حركة جوانية: بمعنى أنها ستتناول الأسباب المفضية إلى اندلاع المناحرات القبلية بالنظر إلى الداخل الأحوازي، الداخل القبلي هذا، غاضين الطرْف هكذا عن الأسباب التي تأتي من الخارج، والتأثيرات البرانية التي قد تقف وراء تلك المصارعات، سواء من الاحتلال، أو من عوامل أخرى لها كلها وزنها، وتأثيراتها المستمرة الكبيرة. وذلك لأنا نريد هنا تكثيف القول عن الوضع الداخلي القبلي الذي منه تغتذي هذه الحروب، وفي غياهبه تتقد.

ولعل أحدث هذه الصرعات هو صراع اندلع بين قبلتين، بغت إحداهما على الأخرى، ففزعت هذه على تلك في حالة نزغ، راح في عشية واحدة منها أكثر من ثلاثة قتلى وعشرين جريحا وخمسة، من أجل قضية تعلقت بالشرف! ولعمري أين الشرف في كل ذلك، وهو مستباح وجواد إذا تعلق بالاحتلال موهوب له حلال عليه. ولندع الكلام الوجداني، في هذه الظروف الجد صعيبة، ولنأتي إلى تصنيف ابتدعته فقسمت فيه المسببات إلى اثنتين، مادية ومعنوية، في طيات كل منها فروع، كما سيأتي الكلام في تضاعيف شرحي.

إن ما قصدته هنا بالمادية من المسببات والعوامل، هو تلك التي تتعلق بالمصلحة بصفة عامة، المصلحة التي تترجم على أرض الواقع بما يزيد منها أو ينقصها؛ فحينما نقول مثلا خسر زيد الدنيا والآخرة، لا نقصد هنا خسرانه المادي، بل نقصد بالدرجة الأولى خسرانه المعنوي، لأن خسارة زيد دنياه وآخرته، قد تعني فقدانه مصداقيته بين الناس الأحياء معه في قرابته، واكتسابه مائلا طائلا بسرقة خزنة ذهب تعود للأمة. ويتبين عن هذا المثال على الفور المقصود من الأوجه المادية في مسببات اندلاع ظاهرة ما، والأوجه المعنوية. فعندما نصنف الأرض كمسبب لاندلاع الصراعات القبلية، فلا بد أن يندرج هذا العامل في صنف المسببات المادية، لأن في أرض الواقع ما يترجمه ويجسده قابلا للحساب والزيادة والنقصان. ولكن بالتساوق مع ذلك حين ندرج اكتساب السمعة والصيت الحسن في المسببات المعنوية لاندلاع المناحرات تلك، فليس بمقدورنا معا سوى عد هذا العامل من المسببات المعنوية، لأن اللهث وراء اكتساب الصيت غير متجسد في أرض الواقع، ولا يمكن نقصانه ماديا أو زيادته، فضلا عن اكتساب الصيت معاني قد تكون مختلفة، غير محددة. وعلى العموم هذا تنبيه سريع أردت من خلاله اللفت إلى ضرورة تقسيم المسببات المفضية إلى الصراع القبلي المستديم التليد وفق هذا التصنيف لضرورة واقعية من وجه، وللميز الاجرائي للإحاطة بالأسباب هذه من وجه آخر.

 

المسببات المادية في اتقاد الصراع القبلي

لا أصرح إلا بقول بدهي إنْ قلت أن مصدر اندلاع الصراعات على أساس مادي ينشأ عن ندرة الخيرات التي لا تسع الكافة، وندرتها سبب طلبها، والإقدام على التحارب في سبيل تحصيلها. ومن هنا، من ندرة الخيرات في الحياة الدنيا، نشأ النزاع من أجل توفير أكبر قدر من المصالح المادية. وإذا أردت تقريب القول إلى الحالة القبلية التي نعيشها اليوم، كما كان يعيشها أسلافنا في الأحواز، مع بعض التخلخل الحاصل في الحياة القبلية مثلما أشرت لذلك في دراسة سبقت[2]، وجدت أهم المسببات المادية التي منها تتفجر نيران الحروب القبلية كالآتي: الأرض، ونظام الجرش (الحلف والولاء)، والرياسة، والنساء.

 

  • الأرض

تحتل الأرض في الاقتصاد القبلي في المجتمع الأحوازي محل القلب، وهي ركيزة معظم العوائد التي يتحصل عليها الفرد القبلي، الذي يعيش في حقبة تاريخية تعود إلى ما قبل الثورة الصناعية، والعصر ما قبل الرأس مالية، أي ذلك العصر الذي تكون الأرض وما يثمر عليها المصدر الوحيد لاستمرار العيش والحصول على قوت اليوم. ومن أجل ذلك فالفرد القبلي هو عالة على الأرض التي يزرعها، فإن جادت استراح وعاش الرخاء، النسبي، وإن ضنت عليه بخيراتها عسرت حياته وصار يبتغي مذهبا في حصول العيش هو النهب أو الغزو، كما هو الحال معروف في التاريخ العربي.

وإذا كانت الأرض هي المصدر شبه الوحيد لعيش القبلي، فإن أول قضية تزاحم هذا القبلي في مصدر عيشه هي التشريع الإسلامي: فالمنظومة الفقهية لهذا المشرع أوجبت قوانين في الميراث، وطريقة في توزيع الأرض تنقسم فيها بالتساوي على عدد الأبنا، وتجعل للذكر مثل حظ الانثيين، ما جعل الأرض على طول التاريخ العربي في تقلص مطرد، ومن ثم وضع أصحاب الأرض في مضيقة في العيش جراء تقلص مصادر رزقهم: الأرض. ومن هذه الجزأية بالتحديد لم يجد القبلي مندوحة من البحث عن معيل يسعده في توفير قوت يومه، فنراه يتجه تارة نحو الغزو في الحياة البادية، ويتجه تارة أخرى نحو الاستيلاء على أراضي من هم أضعف من بني قومه، أو القبائل المجاورة له.

وهذا هو الحال بالضبط في الأحواز وللأحوازي القبلي، الذي التجأ إثر تقلص أرضه إلى مسلك في الاقتصاد شاذ، مصدر النهب، أو النزاع من أجل البقاء ببقاء أرضه على حالها، ووسعتها التي تؤمن له أدنى مراتب الحياة. ولكن إلى جانب هذا الواقع المسلم عليه، واقع تقلص الأرض بفعل التشريع وقوانين الميراث، التي جعلت الأرض في تقلص مستمر، تفرد الوضع الأحوازي، بعد احتلالها، بواقع آخر هو قانون اصلاح الأرض الذي أتى به نظام الاحتلال الإيراني، فقلص هو من جهته مساحة الأراضي، ووزعها بين المزارعين توزيعا، هو الآخر، لم يفي بمتطلبات الحياة للمزارع؛ وذلك أن التوزيع الإيراني للأراضي كان يهب، كما هو معروف، لكل مزارع مساحة 7 هكتارات من الأرض، بينما كان المقدار اللازم لتوفير أدنى متطلبات عيش المزارع يستوجب وجود 10هكتارات لكل مزارع[3]. وإذا كان توزيع الأراضي قد تم بطريقته المعطوبة، وجعل المزرع المالك للأرض يتمتع بملكيتها، بيد أنه وضعه من وجه أمام أرض لا توفر له كامل ما يحتاجه من قوت، وجعله من وجه آخر محل ترصد كبار الملاكين الذين اجتهدوا في إعادة أراضيهم بكل ما لهم من مكنة وقوة، حتى جعلوا القرى  والمزارعين أدوات العبث بالأمن القبلي، وزناد اشتعال الحروب القبلية الطاحنة.

فهنا نحن أمام شبه صراع بين الملاكين الذين انتزعت منهم أراضيهم، وبين الفلاحين أصحاب الأرض الذين لم تجعل ملكيتهم منهم أصحاب عيش فيه أيسر الاحتياجات اليومية. هذا صراع طرفاه مالك مسلوب، ومزارع فقير. بيد أن المزارعين الفقراء هؤلاء من جهتهم كانوا يعدون على أراضي المزارعين المجاورين لهم، بدافع من ضغوطات العيش، وعدم توفير أراضيهم ما يجعلهم في غنية. ومن هنا كثر العبث من قبل المزارع بحدود الأرض، فسجل التاريخ القبلي الأحوازي صراعات طاحنة من أجل بضعة أمتار من الأرض التي جعلته يعدو على قريبه وبني قراباته، والصراع هذا يتمطط إذا وقع بين قبائل أخرى.

فإذا أخذنا أحد الصراعات مثالا، وهو الصراع الذي اندلع إبان الاحتلال بين قبيلة المزرعه والسواري ومن ناصرهم في طرف، وبين قبيلة بني طرف من طرف آخر، وسألنا أصحاب القبائل المتصارعة عن أسباب هذا الصراع، تكون إجابة معظمهم هي الأرض، وأنها هي التي دعت القبائل هذه إلى الصراع: بينما كان السبب الرئيس، في رأينا نحن الذين نقف على مفاوز من تلك الفترة المظلمة، هو تدخلات من الاحتلال صورها بغلاف النزاع على الأرض فتوصل بذلك إلى مأربه.

وعلى العموم يمكن عد الأرض أولى المسببات المادية التي تندلع من أجلها الصراعات القبلية بالنسبة للقبائل التي تقطن القرى والأرياف. ولكن بعد قدوم فئات كبيرة من القبائل إلى المدن، وتوسيع التحضر والتمدين كيف يمكن عد هذا المسبب هو الرئيس؟ إن التمدين الواسع الذي جرى في الأحواز قلص من دور الأرض، كأحد المسببات المادية، في اندلاع النزاعات ليس في ذلك شك، لكن تبقت هناك عوامل مادية أخرى تؤدي دورا في اشتعال تلك الحروب، لم يستطع التحضر النيل منها، نذكرها في الفقرة التالية.

 

  • الرياسة والمشيخة

يتناول ابن خلدون قضية الرياسة في القبائل العربية، فيشرح بنظرة ثاقبة الرئاسة لدى العرب فيجدها رياسة معنوية من وجه، لا يهمنا هنا في هذا القسم، ومن وجه آخر لا تتناقل بين الأفراد أب عن جد لإبن، إنما منحصرة في البيت صاحب النصاب، حسب وصفه، وقد يكون هذا البيت يشتمل على فروع وعلى أفراد كثيرين جدا[4]. ولذلك فهي خلال حميدة تجعل من الفرد، من أصحاب النصاب في البيت صاحب الرياسة، مؤهلا لاحتلال هذا المنصب. والرئاسة في الأحواز هي على هذا الحال تتناقل في بيوتات أصحاب النصاب، مما يجعل التنافس على أشده بين أفراد هذا البيت ممن يطلب المجد على أشده من أجل احتلال الرياسة والمشيخة.

وهذا بالتحديد هو ما يفسر وجود عدة شيوخ في قبيلة واحدة في الأحواز. ولكن هنا الأحواز ليست على حال واحدة بشأن الرياسة: فبينما يشهد قطر بني طرف وشط الكرخة انعدام شيخ عام هو شيخ مشايخ القبيلة، يشهد قطر الفلاحية عكس ذلك، حيث هناك شيخ لمشايخ يجمع الكل، وهذا هو الحال مع قطر بني كعب. أما الحال في قطر الباوية، في الأحواز العاصمة فهو أيضا على هذا الوضع فيه مشيخة عامة، أما قطر آل كثير في السوس وتستر فهو الآخر فيه انعدام لمشيخة عامة.

 وعلى العموم إن ما نريد التوكيد عليه هنا، هو حالتين: الحالة الأولى، المتجلية في شط الكرخة: هو كثرة في المشخية: الحالة التي تجعل أصحاب النصاب لتولي الرئاسة كثر كثر، وهذا كما لا يخفى يجعل من الرئاسة الأرض الخصبة من أجل اندلاع الصراعات، فضلا عن انشغال الشيوخ بمساعي فرعية، من تحزب وتكتل واستمالة فروع داخل القبيلة، مما يضعنا أمام وضع قبلي، في هذه الجزأية، غاية في الرخاوة، وخصبا في إمكانية اشتعال النزاع في كل لحظة؛ أما الحالة الثانية، لدى هذه الأقطار التي تتمتع بمشيخة عامة، فهي الأخرى من جهتها لا تشهد كثرة في أصحاب النصاب، بل إن إطاره التصارعي من أجل المشيخة أضيق، لكنه بنفس الدرجة من الاستعداد للتحول إلى نزاع بين أبناء العم والإخوة من البيت صاحب الرئاسة.

وهذا الصراع من أجل المجد والرئاسة، المتمثل في الشيوخ، هو الذي فتت من الظواهر المدنية في التحضر الأحوازي، وجعل الأحياء العربية في الأحواز العاصمة، نظير الملاشية وحي الثورة وحي إرفيش ونحوها، جعلها أقرب إلى القرى التي فيها معالم مدنية خافتة. ومن أجل ذلك ظل التباهي بالأنساب، وما تشتهر به قبيلة ما، هو محل اعتزاز بين أبناء المدن، وحالة من الردع أمام القبائل الأخرى. ومن هنا أتى ذلك الاعتراز بالنسب الصريح للقبلي، ومن هنا أيضا تلك المسبة والعار التي تلحق بمن يوصم بأنه من غير أبناء القبيلة الأصلاء، بل هو لصيق التحق بقبيلة أخرى بنظام الجرش والولاء.

 

  • نظام الجرش (الحلف والولاء)

ليس من وقع أكبر على نفس العربي، العربي الأحوازي بالدرجة الأولى هنا، أشد من نعته باللصيق، من غير أصحاب النسب الصريح: النسب الذي يعني انتماءه إلى جد واحد، هو جد قبيلته التي ينتمي لها في وضعه الراهن. ولكن بالرغم من ذلك الاعتزاز بالنسب المصطنع، فإن ما يحكم بطون القبيلة وما فيها من عشائر هو اختلاط الأنساب ببعض، ونزوع أصحاب القبائل، حمائل وبيوتا، إلى القبائل الأخرى عند حصول منافرة تجعل الخيار الأنسب ترك قبيلة، والتحاق بأخرى معادية أو مصالحة. وهذا ما يوصف بالحلف والولاء عموما، وبالجرش عندنا في الأحواز خصوصا؛ حيث يعمد بيت أو حمولة إلى الالتصاق بقبيلة أخرى، من أجل الحصول على مزايا الانتساب إلى القبيلة، وعادة ما يكون الخيار في الالتحاق هو القبيلة الأقوى والأخطر.

ولكن ما يهمنا هنا بشأن هذا النظام من انضمام جماعة بأخرى، هو أنها بالرغم من حصولها على مر التاريخ، تظل تتستر على عورتين، نقدرها مكمنا من مكامن اندلاع النزاع إن تم التصريح بها: أولا تظل حقيقة الالتصاق مسكوتة، لا يصرح بها اللصيق ولا المستقبل، ويصور الوضع على أن اللصيق هذا هو من أهل القبيلة الأصلية، يشركهم في النسب. والأمر الآخر هو أخذ هذا الالتحاق كوصمة عار، إن صُرح به. ومن أجل ذلك يكون نظام الجرش أرضية خصبة لاندلاع المصارعات القبلية من أجل قضية العار، التي نركز الكلام عليها في قسم المسببات المادية، وهو يعمل على تمطيط الإطار لتوسيع المناحرات القبلية.

وإلى جانب ذلك يتبع نظام الجرش عداء للقبيلة التي منها خرجت الجماعة والتحقت بأخرى، وهكذا تتكوم حالة من الشنئان بين القبيلة السابقة والجديدة، عادة ما يترجم هذا البغض إلى صراع، توقده الجماعة السابقة التي خرجت من القبيلة من أجل إثبات عزيمتها، وتحقيق هزيمة تلقن العبر.

 

  • النساء

إن المجتمع القبلي، من دون شك، هو مجتمع رجولي، تقدر مكانة المرأة فيه سلعة أو اقل مكانة من الرجل ، تثمن إذا تميزت بمواصفات نظير الجمال والقوة والإنجاب، ويكون الطلب على حصولها من الرجال ملحا، وتكون هي مما يرتجى وتشحذ الهمم لإمتلاكه[5]. ولذلك إذا كانت المرأة التي تنتمي لرجال أقرباء تشتمل على مواصفات الرجل للمرأة المثالية، فإنها ستكون المسبب الذي لأجله تشتعل الصراعات عبر آلتين: أسلوب النهوان، وأسلوب النهب.

ففي أسلوب النهوان في الأحواز تتعلق القضية بالأقرباء، حيث يكونون هم أهل الإقدام، يعمدون إلى منع أي غريب عن التقدم للزوج من قريبتهم، وهكذا يتأخر زواج البنت أو المرأة المنهي عليها، قد تكون لسنوات طويلة. وإذا تطاولت الأزمان على النهي، فإنه سيولد حينها كما هائلا من الغضب الدفين والحقد المتراكم يجعل طرفي الناهي والمنهي على استعداد تام لخوض صراع كبير، لا تفيد فيه شفاعة الشيوخ ولا باقي أفراد القبيلة، لأن لا أحد غير ابن العم أو القريب حق في التدخل بهذا الشأن، فضلا عن أن زواج البنت المنهي عليها لا يهم كثيرا حتى يتداول في قائمة قضايا القبيلة وفروعها. على أن الأخطر في كل ذلك هو أن الناهي قد يتزوج هو ويبق على منعه زواج من أرادها فحرم نكاحها على كل رجل غيره.

أما أسلوب النهب، فهو هنا يتعلق بالغرباء، حيث يقدم الرجل الذي قد تعلق بأمراة على الفرار باتفاق معها، وهكذا يبني بها، دون إذن أهلها وعشيرتها، وهذا من الطوام التي قد تحل بقبيلة في الأحواز، وهي مسبة وعار من أكبرهما، وإثرها مباشرة تندلع صراعات طويلة، يكون القتل المحتوم الشنيع للبنت، والفصل من الرجل. وقتل البنت هنا يتم بكتمان عليه يتعدى إلى مسخ جثتها ومحو أي أثر لها ولا لقبرها. ولعل من النافل القول إن النزاع الذي وقع أخيرا بين قبيلتين تطايرت فيها الرؤس هو من هذا النوع، وهو استجلب رد الفعل هذا الذي لا يمكن وصف الكمية الكبيرة لوحشيته.

 

المسببات المعنوية في اتقاد النزاع القبلي في المجتمع الأحوازي

لا شك أن القبلية والقبيلة بوصفها التجسد لها، تشتمل على بعدين معا، بعد مادي شرحته من منظوري هنا أعلاه، وبعد مادي أشرحه توا، يعني اندلاع نزاعات لا تبتغي الماديات المتجلية بالأرض أو الرئاسة أو النساء، وما في معناها، بل إنها تتوخي بالدرجة الأولى الامتثال المنفعل[6] للعادات والتقاليد المتوارثة، التي نقلها السلف للخلف، فصارت ناموسا يجب التحلي به وإن تطلب ذلك الموت دونه. وصحيح أن بعض المفكرين العرب غلى فأوعز المعنويات في الحضارة العربية إلى الماديات، نظير محمد عابد الجابري في رباعيته نقد العقل العربي، بيد أن للمعنويات بين العرب مكانة جوهرية، هي بحد ذاته عاملا قد يكون السبب تام، غير مشتق عن بنى تحتية اقتصادية معيشية. وعلى العموم أجمل المسببات المعنوية التي تؤدي إلى اندلاع نزاع في المسببات التالية:

 

  • الشرف

وبما أننا ختمنا الفقرة السابقة بالنزاع حول النساء، فإن ذلك المسبب المتجلي بالنهي والنهب، ماديا، يكتسب هنا معنى آخرا معنويا هو الشرف فس المجتمع الأحوازي. وهنا من أجل الشرف يُقابل ذلك العدوان على إمراة في بيت ما أو قبيلة ما، بأشد أنواع التقابل وهو الغزو من أجل القضاء المبرم على العادي، القضاء عليه وعلى مصادر رزقه وعلى سمعته ولجعله عبرة ودرسا للجميع، من أجل الجريرة الكبرى التي اغترفها حتى لا يعاودها أحد عليهم. على أن وطأة الغزو المتقد عن الشرف يكون أشد بالنسبة للمرأة مقارنة بالرجل، ويتجلي هذا بالحكم القبلي المتعلق بالشرف بالسنبة للمحصنة: وهو للزانية المحصنة التقتيل، وللرجل الحضن، وعلى الزاني المحصن وغير المحصن تسديد الفصل.

ولعل الأشد في كل هذا الأمر هو أن تثلم الشرف يترك، حتى بمرور الأوقات عليه، مسبة وعار؛ والعار هنا يصبح متوارثا، في الأخلاق القبلية الجافة الغريزية، وهو يُشهر بوجه كل رجل انتمي إلى أقارب الجاني، الأقرب فالأقرب، ولذلك فإن أي اشهار للعار من قبل فرد من قبيلة ما، إلى فرد آخر حدثت له قضية شرف، كفيلا، إلى أبعد الحدود، بفزعة من الذي شُتم بالعار، وهكذا تندلع نزاعات كبرى مقيتة. ثم إلى جانب ذلك يتسبب خرم في الشرف على ابتعاد الرجال عن قريبات المرأة التي أغترفت جريرة شرف، ويصبحن قريباتها غير مرغوبات للزواج، على عكس من اغترف معها تلك الجريمة، فلا انعكاس كبير على أخواته وقريباته من حيث الشرف.

وأكبر من ذلك هو أن الشرف، وهنا يعني بالدرجة الأولى الابتعاد عن الغريزة الجنسية، له من الأهمية في المجتمع القبلي يجعله مكينا لتتستر على جل رذائل المرء من بخل وسرقة وجبن، خاصة بالنسبة للنساء: فإن كانت إحداهن مصونة العرض، فلا ضير أن تكون نمامة بخيلة بذئية إلخ، بل الأهم أنها تصون الشرف، شرف الرجل لا تلحق به عارا. ومن أجل ذلك يمكن عد الشرف من أهم المسببات المعنوية التي على حولها تندلع الصراعات القبلية الشديدة وتشتعل.

 

  • ضعف التشريع

تعاني المنظومة التشريعية القبلية الأحوازية، خاصة بعيد الاحتلال، من ضعف في التشريع بائن وقاضي، يتجلي في إنشطار متجسد في ثنائية الشرع والعرف[7]. ففي القبيلة نحن أمام قانونين: الأعراف غير المكتوبة التي توارثتها القبيلة عن الأسلاف، والقوانين الإسلامية الفقهية المموهة التي لا يعرفها جل القبليين لمستواهم العلمي والمعرفي النزر. والملاحظ على الأعراف القبلية وتشريعات لفض النزاع هو الشطط، وعدم التدوين، فهي قوانين غير مدونة خاضعة لإدراة الجاني والمجني معا، ليس فيه تدوين.

على أن العُرف التشريعي الخاص بالقبيلة، أولا وقبل كل شيء، هو تمخض عن طبيعة القبيلة، وتكوين المجتمع العربي الأحوازي، ومتناغما معه ومع السلوك الفردي والجماعي فيه إلى حد التماهي بينهما: فهي منظومة تعكس واقع الحياة التي اعتادها القبلي بقبيلته، أو القبيلة بأفرادها ليس ثمة فرق: وأهم إثبات لذلك الصفات التي تمتاز بها «المحاكم» القبلية بما لها من مرونة الأحكام القبلية الخاصة بفض النزاع: لأنها ليست صاحبة أحكام صارمة مقننة من قبل مدونة، ولا منظومة تشريعية متمخضة عن فقهاء قانون. كلا بل هي تصدر أحكاما مرنة إلى حدود بعيدة، تجعل من كل حكم، حكما خاصا لا يُقاس عليه مستقبلا حالات مماثلة، بل هو صنيعة جلسة شيوخ، ومدى نفوذهم على شيخ قبيلة المُجنى عليه، ومدى اصطحابه شيوخ ووجهاء لهم التأثير في تخفيف الحكم الذي يطالب شيخ المَجني عليه. فهذه الأحكام لا تنظر إلى طبيعة الجرم بحد ذاته، بحد ما تنظر إلى السبب الذي أدى إلى الجريمة، ويكون تعليق الحكم مشتق عن سبب معنوي لا مادي، إنشائي غير خاضع للتصديق أو التكذيب. فإذا بطش رجل بأنف رجل آخر، وكان العقوبة مقدار من المال، فإن هذا المال سيهوى إلى أدنى مقدار إنْ تبين أن الجاني هشم أنف المجني بعد سب هذا عرض ذاك. وبالمثل إذا كانت عقوبة الزنى، للمحصنة أو الثيب، محددة في الشرع الإسلامي والمحاكم العرفية، وهي ليست الرجم ولا القتل، فإن الحكم لهذه الزانية سيكون الموت، وللزاني مجرد مال يأتي على شكل فصل تسدده القبيلة كما أوضحت. ثم ما لهذه المحاكم البدائية القبلية من ميزة فهي ميزة سرعة البت في القضايا، بتها بالقضايا: فإذا حدث صراع، دون القتل وبعض الحالات الزنا، تسارعت القبائل إلى  المجني عليه، فكسبت رضاه، وقدمت له الفصل.

وهذا الضعف التشريعي، وانشطار الحدود بين العرفي والإسلامي، أكبر ما يتميز به هو فقدانه الحالة الردعية التي تجعل من الحكم رادعا مجتمعيا مستقبليا تحث الأفراد والجماعات على الرغبة عن تكرار الجريمة المماثلة. ومن هنا من رخاوة الأحكام هذه، وفقدانه الدور الردعي، يجب التماس الرغبة في النزاع بين الأفراد والجماعات، لعلمهم بسهولة الحدود التي ستقام عليهم، ولإيمانهم بإتاحة إمكانية تنصلهم عن جريمة سيغترفونها. فإذا أخذنا ظاهرة «الدكة» مثالا لذلك، فإن العرف القبلي لا يعاقب عليه، وليس له حد يخصصه لمن يقوم بها، على عكس القانون المدون الذي ينصفها جريمة على الصالح العام وبث الرعب العام والنيل من الأمن القومي، وعقوبتها قد تصل إلى ثماني سنوات، مع جريمة مادية طائلة.

 

  • السمعة

تنماز السمعة الحسنة في المجتمع القبلي، بالدرجة الأولى، بشيئن رئيسين: الشرف المصان والشجاعة. وإذا كان للكرم والعلم والأدب محل عناية، فإن أيا من هذه الصفات، بشهادتنا نحن الأحوازيون أبناء القبائل كلنا، ممن عايشنا الحالة القبلية وربما نعايشها الآن، لا تمتدح في الفرد والجماعة بما تمتدح به صيانة العرض/الشرف والشجاعة. والواقع إن ما لفتني لذلك هو رواية رواها لي أحد الأصدقاء قال: «قال أحد أصدقائي القبليين ممن نزل توا الأحواز العاصمة: قال إنه مر وقت علينا ولم نشتبك مع أحد، مع قبيلة أخرى، وأخشى أن يكون ذلك مدعاة لظن الآخرين بنا أننا جبناء».

أجل من هذه الرواية نعلل تلك الظاهرة المنتشرة اليوم بين المراهقين ممن يعيش الحالة القبلية، ممن يطلق عليهم «الصيتاوي». فهؤلاء الفتية هم وقود المعاركات القبلية، وهم أهل «الدكات» المسائية، وهم ضحايا مِدْحة الشجاعة، البسالة بتعبير أدق، والجراءة على العنف المنلفت العقل، فتراهم يجنحون لأدنى داع للإشتباك بالسكاكين التي يحملونها معهم في كل مكان، والمسنودة بأسلحة نارية في البيوت كدسوها من أجل توسيع الصراع إذا راموا ذاك. وقد قال لي أحد الطلاب، طلاب الجامعات! الذي وجدت في حقیبته سکینة بالصدفة، فسألته مستغربا عنها، أنه يشعر من دون حملها معه كأنه عاريا بين الناس.

أجل السمعة التي تعني البسالة والجراءة على العنف والحاق الأذى بأبدان الآخرين، هي مكمن تلك الصراعات القبلية، وهي من المسببات المعنوية، لأن ليس ثمة عامل مادي يدعو لها، يتحصله الفرد، بل كل ما يتحصله هو سمعة تشهره بين القوم باسلا لا يهاب المنايا، ولا العقوبة، العقوبة التي يعلم هو أن العرف القبلي سيغضض الطرف عنها إن وسط شيخا فيه الكلام لها وزنه بين القبائل.

 

  • الأخلاق الغريزية

  إن الذي يجعل وصف الأخلاق الغريزية صادقة على تصرفات الفرد والجماعة، هو ابتعادها عن الروية والتعقل، ودورانها في حيز ردود الفعل، والصدور بحافز براني. إن الأخلاق القبلية هي إلى الأفعال الغريزية أقرب، لأنها بالرغم عما فيها من معنويات أشرت لها، فهي غريزية، لأن تلك المعنويات إنما مصدرها التوارث، فنزلت منزلة العادة، فصارت جبلة للفرد كأنها غريزته. وأبرز ما تتميز به الأخلاق الغريزية هذه بوصفها أهم المسببات المعنوية لإندلاع النزاعات القبليةفي الأحواز، فهي العنف والفزعة:

فبموجب العنف يقوم الفرد برد فعل جسماني على طارئ يحدث له؛ فبمجرد حدوث حالة بين فردين قد تصارعا في ساحة عامة، مثلا، سرعان ما ترى فزعة من قبيلة كل واحد منهما، بعدتهما وعتادهما، ليشتعل هكذا الاشتباك بين الفردين، داخل نزاع بين قبيلتين. إن هذا المثال اليسير يعكس الأفعال الأحوازية التي تتعامل مع المحدثات بنوع من العنف الناتج عن غضب، ومن ثم الدائرة في نطاق أخلاق الغريزة. وتشير المعاينات اليومية إلى أن أسباب الكثير من النزاعات القبلية السائدة في الأحواز، اليومية الحدوث، تعود إلى ردود أفعال عنيفة غاضبة: إما لصدام بين السيارات في الحياة اليومية، أو لتزاحم طفيف في طابور، أو حالات مماثلة كثيرة. وردود الفعل هذه تثبت بما لا لبس فيه بأنها لم تكن صادرة عن مثال للفعل والإقدام سوى ذلك المنفعل.

أما في الفزعة فنحن أمام انفجار غاضب وسريع يقوم الفرد فيها وجماعته، برد فعل هائج غير محسوب لا يدري هو ذاته كيفية صدوره عنه. فهنا نحن أمام حالة من الثورة، ثورة بركان طبيعي، يأتي بها الفرد والجماعة، حينما يرون جانبا من حياتهم المادية أو المعنوية قد مُست: ولعل ما جعلنا نميز بين الفزعة وبين العنف، هو أن الفزعة سلوك قد يشتمل على عنف وقد لا يشتمل، إنما مائزه هو سرعة صدوره، هو ردفعل من دون تفكير، قد يعني خروجا من فريق، أو عنادا على موقف، أو ما شاكل ذلك. إن أكثر من تتميز به السلوكيات المنبثقة عن الفزعة هو الغلو في التسليم لسرعة الفعل، حتى يصبح الفعل هنا ردفعل غير محدد، لا يتناسب في الكثير من الحالات مع باعث الرد الفعل ذاته، كأنه حالة من الانفلات الحيواني (أقصد ما اتصل من البشر بالحيوانية الطبيعية لجسمه) تجعل دافع الفعل تضارب جواني فج تؤثر عليه حالات مادية جسمانية أكثر من سلوكيات بشرية الطابع والحركة.

 

  • الولاء الضيق

لقد جعلت هذا المسبب هو الختام لأنه أكبر المسببات المعنوية في اختلاق تلك المصارعات القبلية المقيتة في الأحواز، وهو الأس في كل تلك المسببات، كما إنه يشتمل في طياته بمسبب الجهل (المتمثل بالأمية والبلادة) وفقدان الوعي (القومي التاريخي والذاتي)، العاملين الرئيسين الذين سكت عنهما هنا لأني أترك الحديث عنهما على حدة إلى فرصة أخرى لخطورتهما.

إن الفرد القبلي يعيش حياته اليومية في عالم ضيق، عالم أخيه وابن عمه وبني قراباته، لا يهمه من شأن المجتمع والأمة إلا ما التصق بهذه الأمور، وهو لجهله منهمك بمأكوله ومشروبه ومنكوحه، لا يعرف من شان ملذات الحياة، سوى ما اتصل ببطونه وجنسه. أجل هو هذا القبلي في الأحواز، وهذا هو حال معظم آحاد المجتمع الأحوازي. فلدى الأفراد الذين ينتمون لبيوتات الرياسة لا تجد حديث يدور في أنديتهم سوى مسألة الزيان والولائم وكيفية توقيرهم عند عزاء معين وما في معنى ذلك. أما عند باقي الأفراد فحديثهم هو ما قلت مأكول ومنكوح.

تتغيب تماما المسؤلية الجماعية لدى أصحاب الأطر الضيقة هؤلاء، ولا يعون ما على كل فرد من مسؤلية أخلاقية وحضارية تجاه القضايا العامة للأمة الأحوازية بالعرض، والأمة العربية بالذات، ولا يعلمون أن الفرد هو جزء من كل عليه من الواجبات وله من الحقوق. وربما حديثي هذا لغو وفي غير محله، فهؤلاء لا يعرفون حدودهم في المعاشرات اليومية، فتراهم لا يعرفون حد الأسئلة عن الفرد واحترام خصوصيته، بلْه احترامه وتقديره، وإنهم لإلى العجماوات أقرب.

 

الاستنتاج

لقد بدأت الدراسة هذه بتصريح بح به عن كرب، لما ألم من لاعج حزن وأسى.. فأوكل ترك هذا التصريح لمعهد الحوار إن شاء شطبه واكتفى بنص الدراسة، وأرجو من القارئ أخذه بقليل من التفهم، وبمزيد من الوعي بما يجري في الداخل الأحوازي الذي نحن عايشوه.

 وعلى العموم صنفت هنا المسببات التي تفضي إلى اندلاع النزاعات القبلية في الأحواز إلى صنفين: مادية ومعنوية، في كل منهما فروع وبطون. فحصرت المسببات المادية، التي يمكن سردها أطول وتعدديها أكثر، في أربع: الأرض، ونظام الجرش، وطلب الرياسة، والنساء. ولعل لم أصب كثيرا حين وصفت أحد مسببات اندلاع الصراع بالنساء، كأنني أوحي إلى أنهن المشكلة ومسبب الصراع. كلا لم أقصد ذلك قط، بل قصدت أن منظور الرجال للنساء، وعدهن سلعة هو الكامن وراء بعض النزاعات بالتحديد. ثم بعد ذلك حصرت الأسباب المعنوية في اندلاع النزاع في خمس: الشرف، وضعف التشريع وانشطاره، وطلب السمعة بمعايير قبلية، والأخلاق الغزيزية، وختمت المسببات المعنوية بمسبب أساسي هو ضيق الأطر والعالم القبلي، فقلت أن في هذا المسبب يجب التماس انعدام الوعي كأبرز أسباب المناحرات القبلية، وفيه يجب عد الجهل السبب الأم.

 

 

ميثاق محمد

 

 

المصادر 

[1] . إن راقم هذه السطور يعترف، بألم شديد، بشلله الوجودي، وعجزه الذي يكاد يكون قاضيا عن الكتابة، في هذه الظروف، وبالسؤال الملح عن جدوى الكتابة: ما جدوى الكتابة الموجزة السريعة هذه عن المجتمع الأحوازي؟ وإلام سيؤدي هذا النشاط؟ ولكن تلك التزامات قطعتها فلا بد من الوفاء بها إلى أجل كان مقضيا.

[2] . راجع دراستي هذه: القبيلة في الأحواز: بين معوقات التعزيز وعوامل الإضعاف، معهد الحوار للأبحاث والدراسات.

[3] . محمد جواد عميد، كشاورزي، فقر واصلاحات ارضي در ايران، ترجمة سيد رامين أميني نجاد، نشر ني، تهران، 1381.

[4] . العلامة عبدالرحمن ابن خلدون، المقدمة، تحقيق علي عبدالواحد وافي، 4مج، دار نهضة مصر، 2014.

[5] . نوال السعداوي، دراسات عن المرأة والرجل في المجتمع العربي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الأردن1990.

[6] . راجع دراسة كتبتها لمعهد الحوار العزيز بعنوان: أنماط الفعل الأحوازي بين الانفعال والتقليد.

[7] . محمد نجيب بوطالب، الظواهر القبلية والجهوية في المجتمع العربي المعاصر، المركز العربي للدراسات والسياسات، بيروت 2012.

"الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لموقع معهد الحوار للأبحاث والدراسات"



error: Content is protected !!