المدخل
دعونا في البدأ نتجنب ذلك السجال السقيم حول مفهوم المثقف، وعلام يدل، ومَن مِن الفئات يميز… ونكتفي بهذا التعريف الإجرائي هنا بأنه مفهوم يدل على من يمتهن أعمالا فكرية تنعكس على الساحة العامة للمجتمع. تعريف إجرائي يساعدنا على وضع الفنانين والنشطاء الصحفيين والكُتاب في موضع واحد، بوصفهم يمتهنون أعمالا تتطلب عُدة فكرية، غير مادية عادة، هي (الأعمال) محل عناية مجمل الفئات في مجتمع ما[1]. فهنا ينماز المثقف بالعمل الفكري الذي يقوم به، بالدرجة الأولى، فهو ليس تاجرا كبيرا له التأثير على المجتمع ربما أكبر من أي مثقف في ذلك المجتمع ذاته؛ وهو ليس كمسؤول حركة تحررية تريد إيصال المجتمع الأحوازي إلى التحرير من قيد الاحتلال، يترك بالنخبة التي من حوله تأثيرات سياسية تطفو على المجتمع أكثر من أي عمل فكري؛ (أقول تطفو لأن العمل الفكري هو ما يمكث وما دونه فيذهب جفاء؛ ذلك أن المد الحضاري لكل مجتمع وقوم إنما ينبع عن أصحاب الفكر هؤلاء دون غيرهم، وهم وقود السراج الذي يضيء الوجود الحضاري لأمة.).
وهكذا نقصد بتلك الفئة المثقفة، بكلام ملموس أكثر، أؤلئك الذين جعلوا نشاطهم اليومي، وعملهم المهني والوظيفي إبداع تمظهرات روحانية معنوية، يمكن وصفها أعمال فكرية تتجسد في الفن والكتابة والنحت وغير ذلك من هذه الأعمال. وبهذا المعنى يكون الفنان مثقفا، ممثلا كان أو مطربا أو شاعرا، وبهذا المعنى ذاته يكون الكاتب الصحفي مثقفا، ويكون كذلك الكاتب المفكر مثقفا، لأنهم جميعهم من فئة جعلت وكدها العمل المعنوي الذي يتقصد، أولا وأخيرا، الحياة العامة للأفراد، أفراد مجتمعه أولا، ثم العالمين إن هو بلغ تلكم المرتبة.
أما عن المنهجية فالكلام فيها يحتاج إلى إيضاح أكثر من ذاك الذي قلته في الجانب الأول من هذا المدخل. فالمنهجية هنا هي مستوى من مستويات ثلاث، فرّق بها فلاسفة المعرفة النشاط الذي يجري في مدركات الفرد البشري العاقل: فالذات العاقلة البشرية، عندما تأتي إلى ما يقع خارجا عنها، تصنفه على ثلاث مراحل: المرحلة الأنطولوجية، والإبستيمولوجية، فالمنهجية[2]. أما الأنطولوجية فهي مرحلة تتعلق بتناول الموضوعات الخارجية من منطلق وجودي، وما يتعلق بها، أي بذاتها التي تنماز بها عن باقي الموضوعات الخارجية، فهكذا تقوم بتصنيف الموجودات وفق صفاتها ذاتيا، أي تلك الصفات المحايثة لوجودها، غير المفارقة عنها. وأما المرحلة المعرفية فهي تلك التي تقوم بها الذات بالتعرف على آليات حصر المعرفة وحصولها عن الموضوعات التي خارجة عنها، سواء كانت الآليات تلك معبئة في مدركات الذات، أو جائية من التأثيرات القديمة في العالم الخارجي. ومن هنا، من طرق حصول المعرفة، تأتي المنهجية منبثقة عن المعرفة متطابقة معها، فترتب الخطوات التي تتسطر فيها المعرفة على شكل متسق فيه تراتب منهجي منطقي[3].
ولندع هذا الكلام هنا جانبا، لأنه كلام معروف لدى المطلعين، بقدر جهله لدى غير المطلعين؛ مما يستوجب علي هنا الإتيان بالأمثلة التي بها تتبين الأمور الغامضة: «الشجرة تمتلك صفات ووضعا خارجيا مستقلا، لها موضعها في العالم الخارجي، سواء أتى عليها البشر فحدد صفاتها وأقسامها وألوانها، أم تخلف وجهل، فحالها هو هذا الحال، بغض النظر عمن يعرفها أو يجهلها». هذه هي المرحلة الأنطولوجية في المعرفة، لأنها تقر بوجود موضوع اسمه الشجرة، وهي لديها جميع المواصفات التي تجعل منها شجرة. «والشجرة هذه على أنواع، منها ما ينمو في الصيف، ومنها المثمر وغير المثمر»؛ وهذه المرحلة الثانية في المعرفة وهي المرحلة المعرفية الإبستيمولوجية، التي تم فيها التعرف على نمو كائن اسمه الشجرة، نموه بذاته، عبر رصد العيون، وتأثير عامل الصيف على جعلها نامية مثمرة، من دون تدخل، إلا ما كان من تدخل الطبيعة. و«هذه الشجرة في ظروف معينة، يلزمها وجود تربة صالحة، وهواء مناسب، كيما تتكاثر في منبتها»، وهذه المرحلة الثالثة المنهجية التي تذكر كيفية تدرج المراحل الخاصة بنمو الشجرة[4].
أجل تلك أمثلة تتعلق بنحلة فلسفية تدعى الإثباتية. ولنرى الآن كيف تأتي النحلة الإثباتية هذه إلى الكائنات الاجتماعية البشرية، فتصب نظرتها للكون عليها: الفرد البشري يحمل ذاتا قارة، فهو إما شرورا بالذات وإما مجبولا على الخير (أنطولوجيا)؛ والفرد شرور بالذات، لأننا عرفنا، كما عرفنا في الطبيعة، أن لكل كائن طبعا فُطر عليه، فالأسد مفترس، والماء يتبخر في درجة حرارة واحدة إلخ، ولذلك فلا فرق بين الطبيعة عموما وطبيعة الأفراد والمجتمعات خصوصا (إبستيمولوجيا)؛ وبناء على ذلك يجب تحديد قواعد تضبط الحياة البشرية، أفرادا، لأن ضبطهم يأتي بمجتمع يخلو من الأشرار مترع بالأبرار(المنهجية). هذه هي المراحل الثلاث، الأنطولوجية والإبستيمولوجية والمنهجية، التي تدرج عليها الفيلسوف توماس هابز، الذي توج فلسفته بمجتمع من الأشرار تضبطه دولة هي الليفياثان. والفيلسوف الكبير هذا كان يستند، في كل ذلك، على المرجعية الفكرية الإثباتية. ويتبين إذا عن كل ذلك أن الحقيقة هي واحدة أنطولوجيا، يمكن لنا معرفتها عبر القوانين المعبئة بذاوتها، حتى نأتي بقوانين منهجية تكون لصالحنا قابلة للتنبؤ وصالحة لكل العصور[5].
الواقع الخارجي، الشجر والمدر والإنسان والخير والشر والإله إلخ… هو مجهول تماما قبل وعيه من جانب الفرد البشري، لأن لا معنى لوجود الشر إذا لم يتحدد بمن يتضرر منه، وبالمثل تماما لا معنى لوجود الشجر إذا لا يوجد من يستظل به، ولذلك فالشر شر ما دام هناك من يتضرر منه وهو الإنسان، والشجر شجر لأن زيدا هو من يستظل به. هذه المرحلة الأنطولوجية، تصرح هنا، على غير التصريح الأول، بأن لا استقلال لموضوعات خارج الفرد البشري. ولأن الذات البشرية الفردية هي من تهب الذوات الخارجة: شر وشجر وإلخ، تهبها معنى بما لديها من عقل سليم نمتلكه نحن، أنا وأنت القارئ، فهي التي تجعل منه ذا معنى ومعقول. وهذه المرحلة الإبستيمولوجية التي تقر بأن طريقة تحصيل المعرفة إنما هي القاءات العقل، والآليات المعبئة فيه، على عكس الحس الذي كان هو المنطلق في المرجعية الفكرية الأولى. وما دام الواقع خاضعا لعقولنا على قدر استطاعتها وضعفها، فالمناهج متكثرة تارة تكون مصيبة وتارة خاطئة، فهي غير أبدية[6].
هذه هي المرجعية الفكرية الفنومنولوجية التي دشنها الفيلسوف هيغل، فتمخض عنها الكثير، على رأسها الفنومنولوجية، والهرمنوطيقا. ولنأتي هنا لنرى كيف تأتي هذه النحلة فتحلل المجتمع: الفرد هو حصيلة تعامل جدلي، بين ما لديه من عقل هو الوحيد الذي يحل محل الفطرة، وبين الخارج. ولذلك فالفرد هو ميل سرمدي ينزع تارة نحو الخير وتارة أخرى نحو الشر، ولأن ذلك كذلك، فلا بد من وجود ضوابط متغيرة تضبط الحياة البشرية، تصيب مرة وتخطئ أخرى، وهكذا يمكن تصنيف الأسرة خير مطلق، والمجتمع المدني العام الخالي عن أي سلطة متفوقة، وفي وضع طبيعي، كشر؛ لأن كل أسرة وجماعة تريد الخير لها، ما يحتم بالضرورة منع الآخرين عنه، وأخْذ الدولة، السلطة المتوفقة، أخذها عامل يضبط بين ذلك الخير المطلق، الأسرة، وبين هذا الشر المحتوم، المجتمع المدني، فتكون جماع خير وشر بالآن معا[7].
وبعد هذا القول الوجيز، والجد وجيز، ماذا أريد قولا؟ أريد القول:
أولا: إن لكل مرجعية فكرية الزاماتها، وضرورتها المنطقية، وتبعاتها المجتمعية. فلا يمكن الإنطلاق من مرجعية إثباتية مثلا، ثم الإتيان بكلام يقر بأن الإسلام دين إلهي، وأن التوكل على الله من عزائم الأمور. كلا… تلك خطئية فاحشة لا يسمح بها أهل المقال، ولا يمكن لكاتب أو فنان أو مثقف، بصورة عامة، الإتيان بها إلا سفه نفسه بنفسه، ودل على جهله بقوله.
ثانيا: لا يمكن فصل المستويات الثلاث تلك، الوجودية والمعرفية والمنهجية، عن بعضها البعض، وجعل الكلام مبعثرا تائها، لا يدري الكاتب ماذا يخرج من فيه، ولا يدري القارئ ماذا يقرأء. فمثلا لا يمكن الحديث عن قوانين قارة، وأنت تقر بأن المعنى متكثر، والقيم نسبية.
ثالثا: لكل مرجعية فكرية تبعات قيمية وعقدية خطيرة، تلزم على كل من يستلكها الوعي التام بخطورتها، وتتبع شأنها، سواء على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي[8].
وبناء على ما تقدم لنأتي هنا فنرى تعامل المثقف الأحوازي مع مادته المعنوية العامة التي ينتجها، والإبداع الذي يخرج به، كيف ينطلق؟ وكيف يتحول؟ وهل هو يلتزم بمرجعيات فكرية واعيا بها، أم أن المثقف الأحوازي، كما ندعي، يأتي بعمله من دون الالتزام بكل تلك الملزمات الثقافية التي تميز عمل المثقف عن غيره من الأعمال. وقد ركزنا على ثلاث حقول: الفن، والنسوية، والكتاب أهل التأليفات.
المثقف/الفنان الأحوازي: بين الحسين وبين الشمر
حالة الفنان الأحوازي، المطرب والرسام والممثل (سنترك الشاعر إلى حين) حالة مستعصية على الفهم: ربما صدق القول المؤرخ ويل دورانت حين قال مستغربا عن العرب: «غريب أمر هذا العربي البدوي: تارة يبلغ الرحمة مبلغ الثريا، وتارة يقوص في القتل قوص الحوت، إنها حياة البادية تتناقض في كل شيء[9]». يتناقض المثقف/الفنان الأحوازي في أبجديات حياته اليومية، فهو في حالة المطرب يكسب مبلغا من الشهرة بين الأحوازيين بأنه مطربا يجيد اللحن ويعزف المعازف، ثم إذا حل به داع عقدي تراه يترك الفن جانبا ويأخذ يسلك مسلكا في الطرب هو الأناشيد الدينية والمراثي المذهبية.
أقول المثقف الفنان هو بين الحسين وبين الشمر، لأنه لا يدري، أو لنقل ينقصه من الالتزام ما يجعله يحترم ذاته بتحرره عن التصنيفات الدينية: فالتصنيف الديني المذهبي لا يقر بمجمله بحل الغناء والمعازف، وإن هو (الشرع) لم يصنفها من الكبائر فقد جعلها من الذنوب والمعاصي. فللمطرب الذي يقوم بمثل هذا العمل كيف يبرر سلوكه مسلك أولئك الذين يصنفونه عاصيا، فتراه يرثي أيام المحرم الحسين، ويخرج بحلة المتمذهب. ألا يعد ذلك تنتاقضا؟ وربما يبدو ذلك تناقضا من زاوية من اعتاد النظر إلى الحياة من وجهة نظر منطقية، يلزم فيها التناسق المنطقي، والالتزام بعدم اجتماع النقيضين؛ بينما يكون هذا الأمر بالنسبة للفئة التي عنها الكلام أمرا لا مفكر فيه، ليس له التأثير على ممارسة الحياة بمختلف تمظهراتها، المتناسقة والمنطقية معا بالآن ذاته[10].
ثم تسرت هذه الحالة من الاختلاف بين حالة تناقض حالة أخرى، إلى فئة من هذا الصنف من المثقفين، فوصلت المخرجين. لقد تتبعنا شأن بعض المخرجين فرصدنا كيفية سطوعهم بين المجتمع الأحوازي بواسطة تبنيهم قضايا قومية عربية، وتأليف فيديوهات عربية تروي بعض الجوانب العربية في الأحواز، وكيفية تحول الأحوازيين إلى منتجين ومخرجين، فرحب أفراد وفئات المجتمع بهذه النقلات النوعية، وبات الكل يترصد أعمالهم المقبلة متوقعا تقدم مطرد، ولكن مجريات التقدم المتوقع لم يكن على مقاس التبنؤ، بل جنج بعض المخرجين، ممن كان المتوقع منهم الإلحاح على الطابع العربي الأحوازي، جنح إلى ملاطفة الدعوات المذهبية، للنظام الإيراني أو المجتمع الشيعي معا، وهكذا باتت الموضوعات الجديدة تجنح نحو تأليف أناشيد ومقطوعات مرئية تتمذهب تارة أخرى، كما يريد النظام، بتمذهب فج غزيزي، وتناصر القيم القبلية تارة أخرى، وكما يريد النظام أيضا، جعلت انتظار التقدم المهني المطرد عن عمل المخرجين يتعطل إلى حين، إلى حين إلحاح المخرجين أنفسهم والموضوعات التي يبدعونها على قضايا هي قومية بالدرجة الأولى.
ما سر ذلك التأرجح؟ وكيف نحلل ذلك التردد في جعل القضايا القومية محور الأعمال الفنية؟
إننا إذا ما أردنا ترك الجانب الأخلاقي الفردي لكل الفنانين، ووضعنا جانبا الحديث عن المصلحة الفردية، لأنها قضايا لا يمكن التحقق منها وهي تنتمي إلى الحكم على البواطن وهو أمر مرفوض على كل حال، أجل إذا تركنا ذلك أتينا حينها على تحليل قدمنا له في هذا المدخل: إنها الجهل بالمرجعيات الفكرية، وعدم إحكام العمل تقنيا وعلميا. أجل إن المثقف/الفنان الأحوازي، في الأعم الأغلب، درس الفن في غير مظانه الصحيحة والجامعات، الجامعات عموما، العربية منها وغير العربية؛ ولذلك ظل عصاميا يتقن فنه بنفسه. وصحيح أن هذه العصامية مشهودة لهم، لا نجحدها، بل نذكرها ونعتز بها، وهي من أجلّ ما فيهم، لكنها بالوقت ذاته مصدر هذه الانقلابات التي فيهم الذي ينعكس على ما يكن وصفه عدم اتساق في المواقف والموضوعات. فلا اهتمام للمثقف الأحوازي بالمرجعيات الفنية، ولا يلقي بالا مثلا بحل اختلاط الجنسين في التمثيل، بل هو بما لديه من أثقال من مجتمعه التقليدي، القبلي المذهبي، أتى على الفن العربي، فأخذ منه وفق اجتهاده، وبات يتحرك بحرية في بتر الموضوعات المتصلة بمرجعية فكرية واحدة: فأول ما وغب عن الفنان الأحوازي هو تطلب الفن تساهلا دينيا، إذ أنه يحل الكثير مما حرمه الشرع، ولأن هذه الحقيقة غير مقبولة لدى الفنانين، فقلما نجد أحد الممثلين الأحوازيين، وهم قلة، يقبل بتمثيل أخته أو أن يتزوج من ممثلة (بعيدا عن الاستثناءات فالكلام ينعقد على الغالب لا النادر).
وإذا كان هذا حال السواد الأعظم من الفنانين الذين تعلموا الفن بصورة غير أكاديمية، أتينا هنا على مثال، في ختام هذا القسم، ذكرنا فيه أستاذا جامعيا محترما، دارسا الموسيقى، قاريء للقرآن، كان في إحدى محاضراته العامة يتكلم عن الإيقاع العربي، فيشرح ذلك بحركات فمه، كما هو عند الموسيقيين، ففجأة دخل إلى جلسته شيخ حيدري، إمام الجمعة في الأحواز سابقا، فإذا بالأستاذ المعروف هذا جعل من الإيقاع طريقة في اللطم الحسيني، وأخذ يشرح أنه إيقاع في المراثي؛ وهذا قد يعكس ذلك الالتزام الذي قطعه الفنان بأن لا يحدد انتسابة إلى أي مرجعية، أو مدرسة فكرية فنية ينتمي، وإن تطلبت ابتعاده عن المدارس الأخرى.
النسوية الأحوازية: بين الشيخ محمد عبده وسيمون دوبوار
تنشط بعض النساء العربيات في الأحواز في نشر الكتابات الإعلامية والمقالات، يتناولن فيها قضايا المرأة الأحوازية، وما تتعرض له في المجتمع الأحوازي بصورة عامة. وصحيح أن هذه الظاهرة هي محمودة بحد ذاتها، يجب منحها كل السند والتحفيز على الاستمرار والانتشار واشتمال أكبر عدد من النساء الأحوازيات التي يمكن تصنيفهن إنسانا من الدرجة الثانية، أو إنسانا بلا حرية الاختيار إلخ، -بيد أن هذا الاحتفاء لا يكون مخلصا، ولا مفيدا، إلا إذا تضمن انتقادات موضوعية للنشاط النسوي الأحوازي الضئيل.
فالنسوية الأحوازية بالفعل هي متأرجحة بين الشيخ محمد عبده، بما يمثله من الباس الموروث لباسا حداثيا، وبين سيمون دو بوار، بما تمثله من ميلاد قضايا جديدة في عالم جديد. وهنا، مرة أخرى، يحدث ذلك التردد والتأرجح في التناول والبحث، فترى النسويات الأحوازيات تارة يقبحن، بلا هوادة ولا تحفظ، تعدد الزوجات، ويصنفنه من نفايات المجتمع القديم الذي يطوق المرأة بالعبودية، واضعات جانبا الآية القرانية الصريحة بحل الزواج من الأربع؛ وتارة أخرى يذهبن بنفس الروح إلى استقاء أحكام وتأويلات من الشرع الإسلامي المتضخم الدالة على تكريم المرأة وجعلها كفوا للرجل، وتقدمها في بعض الحالات عليه، في فهم ابتساري انتقائي يأتي بالأحكام يشتقها عن مواضعها، ليلبسها تأويلا باردا لا قيمة له[11].
ويبدو ذلك ارتباك في المثقف النسوي يتمخض عن التذبذب في المرجعية: النسوية والتفطن بمكانة المرأة في المجتمع هو حصيلة العالم الحديث، ولم يكن حصيلة الحداثة حتى إبانها، بل هو حصيلة قرن من الزمن، جعل من قضية إهمال المرأة مسألة فلسفية ومجتمعية، وربما أنطولوجية (لدى نظيرات لوسي إيريغاري)، مما استوجب التحرك لمناصرتها في ظروف تشبه الظروف التي كانت فيها النشأة. فإذا كانت المحاولة في انتقاء أحكام في الموروث ومواقف فيه تناصر قضايا المرأة لا يعد إلا من النوافل التي تؤكد الأصل، لا الأصل المطلوب الذي قد لم يتبين تماما للنسويات أنفسهن، فكيف بالرجال في الأحواز، والمجتمع الأبوي القبلي المذهبي الأحوازي الذي يهمل المرأة، ويجعل منها مجرد سلعة يمكن شراءها وتغيرها، ودفعها ثمنا لفض نزاع إلخ.
إن المقاربة المثلى لمثل هذا الحراك الجبار، هو المحاولة في تأصيل القضية النسوية أولا، وبيان موضعها من الوضع الراهن، وشرح أحقيتها بذاتها، دون أي إسناد إلى موروث، ثم تأتي المساندات، من الموروث والواقع والمستقبل وباقي الرؤى والأفكار، تضافر الأصل المثبت سلفا، ودالة عليه. وذلك أن الاستناد على الموروث، الإسلامي أو القَبَلي، يجعل هذه القضية بعيدة عن التأصيل، تدور في فلك المسجالات، يأتي فيها طرف بما لديه من أسانيد، ويقابله الطرف الآخر بما يتوفر لديه من أسانيد تناقضها، ليدور هكذا النقاش حول إثبات ونقيضه. إن النسوية الأحوازية تعاني، أول ما تعاني منه، من تلك النساء الأحوازيات الآتي يرفضن هذا الضرب من التحرر، ولا يَعيْن تواليه: من حرية الملبوس، واختيار الزوج، وحق الطلاق، ونحو ذلك من الحريات التي تميز الفرد البشري عن العجماوات.
وإلى جانب كل ذلك يحتل تحديد الفئة التي تخاطبها النسوية، بالدرجة الأولى، أهمية كبيرة، فهل يمكن للنسوية، مثلا، مخاطبة رجال الدين الشيعة؟ أو شيوخ القبائل بما ترومه النسوية مثلا؟ ثم الذي يبدو بعد ذلك مهما هو تحديد الموضوعات والغايات التي تتوخاها النسوية، بناء على مشروع واقعي يراعي الظروف التي يمر بها المجتمع الأحوازي.
وفي ختام القسم هذا يبدو التوكيد في محله على ضرورة اجتناب النسوية الأحوازية من الوقوع في شرك العالمية، ونبذ القومية، لأن ذلك سيعني، من دون شك، مساندة الاحتلال الفارسي، من حيث أرادت النسوية أو وقعت فيه قسرا، حتى لا تتحول النسوية بذلك إلى ثقل على المجتمع الأحوازي بأخذها البعد العالمي النسوي، وبتخليها عن مراعات الظرف الراهن الذي يعاني منه الشعب الأحوازي من احتلال لا يعرفه العالم، فضلا عن عدم اعتراف فئات من الأحوازيين كبيرة به.
الكاتب الأحوازي: بين مطرقة المرجعية وسندان الاستعراض
إن مما لا شك فيه هو أن أسمى مراحل التثقيف وأكبر وصف للمثقف فهو في الكاتب في مختلف الحقول، لأنه هو الممثل الأول لهذا المفهوم وما صك من أجله. ولذلك فإذا كان وقوع التأرجح يبدو أمرا عاديا في الأعمال الصادرة عن الفئات المثقفة الأخرى، ممن عددنا بعضهم أعلاه، فإن انعدام التناسق في أعمال الكتاب لا يعد عاديا، بل هو من أمارات عدم إحكام الأفكار، وإتقان عمل الكتابة.
إننا إنْ أخذنا أمثلة على تساهل الكاتب الأحوازي في الإلتزام بالمرجعيات الفكرية والمنهجية، في كتاباته، حصرنا أهمها في ثلاث: التاريخ، والمجتمع، والهوية.
ففي الكتابة التاريخية يبرز اسم بين الكتاب الأحوازيين، كتب عن تاريخ الأحواز، رد فيه على أحد الكتاب الفرس، وفند الكثير من أطروحاته، وبين زيف أقاويله، وتجنيه على التاريخ الأحوازي. وهذا الكتاب أحدث طفرة نوعية في تصدي المثقف الأحوازي للأقلام التي تسيء، بقصد أو من دون قصد، إلى التاريخ الأحوازي، وتلقي بالكلام حيث ذهب، من دون مراعاة أبجديات الحياد في التأريخ الذي يلزم كل مؤرخ.
وإلى جانب كل ذلك، يمكن تسجيل بعض النقاط النقدية بحيال هذا الكتاب تتعلق بالبنية النسقية فيه، وبالتقسيم بين الفصول، والمنهجية المطبقة. فهذا الكتاب من حيث البنية شهد عدم اتزان ظهرت في توزيع المعلومات على الفصول؛ فبينما نشهد في الكتاب فصلا اشتمل على صحائف ما تقارب المئة، يتلي هذا الفصل مباشرة فصل لا تتجاوز تعداد صحفاته عشر؛ وهو يبدو خللا في توزيع المعلومات التاريخية التي جمعها المؤلف. أما على مستوى اتباع الفرضية يبدو أن الكتاب يتراوح بين فرضيات عديدة، غير مؤكد على فرضية رئيسة، تحدد الموضوع الرئيس للكتاب التي تبين مقصود الكتابة في التاريخ. إلى جانب ذلك يبدو أن هناك تنافر بين الفرضيات الفرعية، الأمر الذي انعكس على ضعف ترابطها المنطقي: وهي فرضيات تتناول تارة التقسيمات المجتمعية، وتارة العلاقات الخارجية. ولذلك يجهد القارئ، خاصة القارئ الذي لم يتعود قراءة النصوص المعقدة، وربط القضايا الاستطرادية بالأساسية، بهذه المعلومات التي تبدو في ناظره صعبة الترابط. وإلى جانب ذلك، يبدو أن البعض من المؤلفين الأحوازيين ولاسباب عدة منها عدم التزامه بالمهنجية العلمية، جعلته يوهل عن تناقض بعض المعلومات: على سبيل المثال، بينما يقرر الكاتب الأحوازي بعدم خضوع الشيخ خزعل للسلطة الإيرانية القاجارية، ويسرد في ذلك أمثلة صحيحة، ورأيه في هذا الأمر صائب، يقول في مواضع أخرى في نفس الكتاب بوجود نوع من الخضوع بأسانيد ضعيفة.
وعلى العموم فإن أهم ملاحظة حول هذا الكتاب المهم، هي تلك الملاحظة المتعقلة بالمنهجية المتبعة في هذا الأثر، وهي منهجية آثر الكاتب فيها الالتزام بالمدارس التاريخية القديمة في كتابة التاريخ، حيث يبدو أن المؤلف على قناعة بجدوى هذه المدارس، وأنها مبررة، من زاوية نظره، لأنها قائمة على أساس التوثيق، لا على أساس التحليل التاريخي الذي يستند على مختلف الحقول لاستنطاق المادة التاريخية وسبر أغوار الروايات من وجهات نظر مختلفة؛ بل يبدو الهاجس الأكبر للمؤلف هو توثيق الرواية التاريخية، عبر التوكيد والتحقق من سندها، والآثار والرجال المخرجين لها.
وإلى جانب المنهجية القديمة في الكاتب التاريخي المشار إليه، يأتي كتاب آخر في علم الاجتماع، هو انطباعات لأحد المثقفين، نسجل عليه ملاحظات تبدت لنا موضوعية نجملها في النقاط التالية: اهمال المرجعية الفكرية وعدم اسناد البحث عليها؛ وغلبة الكتابة السردية الحاصلة من المشاهدات اليومية الفردية على حساب التأصيل المجتمعي المؤسَس على مدارس الفكر السوسيولوجي؛ واحتلال مقدمة الكتاب حيزا كبيرا دونما كبير صلة بموضوع الكتاب.
ففي المرجعية الفكرية اختار الكاتب آراء على الوردي المستندة على آراء صاحب المقدمة العلامة ابن خلدون، وجعلها مرجعيته في تناول التحليل المجتمعي للأحواز: وهنا تنبعث في القارئ بعض الملاحظات: أولها هي: إن الآراء التي جاء بها علي الوردي فأحالها على نظرية ابن خلدون هي حصيلة تأويله هو، وتأويله لا يخلو من الرفض، فضلا عن عدم الإجماع عليه. ثم إن آراء ابن خلدون لم تكن آراء مجتمعية بحتة، حتى يتم اسناد البحث السوسيولوجي الحديث على أساسها، بل التصنيف المطبق عليه، تقريبا، لآراء صاحب المقدمة تدخلها في فلسفة التاريخ، كما كان الرجل مهجوسا بسقوط الدول العربية وقيامها، وإن آراءه حول العصبية إنما تسطرت من لدنه منظورا لها من زاوية دورها في عملية قيام الدول فسقوطها المتكررة، مما يُطلق عليها الدورة العصبية. إن علم الاجتماع الحديث يختلف في جوانب مهمة مع الآراء التي جاء بها ابن خلدون، ومن أجل ذلك فالحديث عن «الصراع» بين الحضارة والبداوة، وجعله مرجعية لتناول المجتمع العربي، كما فعل ذلك الوردي، فيه من التزود على آراء ابن خلدون. ثم لم يبين الكاتب القدير لماذا فضل في كتابه هذا إخراج آراء على الوردي حول المجتمع العراقي عن إطارها، وإدخالها إلى القراءات الأحوازية المجتمعية، هل جاء ذلك نتيجة للتشابه بين المجتمعين، أو لأسباب أخرى آثر الكاتب عدم التطرق لها؟
وإلى جانب هذه المرجعية يستشعر قاريء الكتاب بغلبة الرواية والسرد عليه، خاصة حينما يصادف تلك التصنيفات التي سجلها الكاتب عن الفئات المجتمعية في الأحواز، لأنه لا يعثر على سبب تقسيم الناس، والأساس الذي يقوم عليه هذا التقسيم، بل يجد وصفا توبوغرافيا لحالة عايشها الكاتب المحترم فتداعت له فضبطها ولم يهمه فيها الأساس الذي اقتعدت عليه. ويبدو أن عد أية من هذه التصنفيات يستلزم الكشف عن الأساس الذي قسم الناس على هذا التراتب (شيوخ، ساده، أجاويد إلخ على سبيل المثال)، ليتبين بوضوح حركة الكتاب في ميدان علم الاجتماع.
وفي الملاحظة الأخيرة تجدر الإشارة إلى أن فاتحة الكتاب كانت مقدمة نظرية طويلة، يشرح الكاتب فيها مختلف المدارس السوسيولوجية ومختلف العلماء، ويدخل في سجالتهم، بأسلوب دقيق ولغة مركزة، ولكنه ما إن يفرغ عن ذلك يترك آراءهم جميعا ولا يعير لها اهتمام، حتى لا نكاد نعثر على أي تبني له لأية من هذه الآراء، ولا أثر لأية منها في فصول الكتاب وما يأتي به بعدها. ثم إلى جانب ذلك فإنه المحلوظ هو وجود اختلاف لائح بين طريقة الكتابة في المقدمة هذه، وبين تلك الطريقة التي نقرأها في باقي أجزاء الكتاب، مما يوحي إلى أن المقدمة وباقي الكتاب قد كتبت في فترات غير متصلة ببعض.
وفي ختام هذا القسم نأتي على الكتابات القليلة التي كتبت حول الهوية، وهي كتابات ثلاث تناولت تكوين القومية الإيرانية. كتابات لا نغلو إن قلنا بأنها طفرة نوعية للكتابة الفارسية الصادرة عن الأحوازيين، وهي تصدر بدور نشر كبيرة، وتلاقي عناية من جانب المختصين الفرس. وبعيدا عن سرد مختلف النقاط التي يمكن تعديدها في هذه الكتب، وبمنأى عن مباركة الجهود التي تحملها الكاتب المحترم لتأليفها، فقد تبدت لنا ملاحظات حولها ثلاث: عدم تحديد كاف بين المفاهيم؛ وتبني النظام السياسي الإيراني المحتل الراهن من دون أي مبرر؛ وعدم قراءة النصوص الأم الفارسية التي عليها انطلقت الأحكام، والاكتفاء بالكتب من الدرجة الثانية والثالثة.
ففي الجانب الأول المتعلق بعدم تحديد المفاهيم بشكل كاف، نرى قلقا حصل بين مفهومي القومية والوطنية: فبينما يتبنى الكاتب الوطنية، ويهمل القومية، فإن الحالة الأحوازية تدل على أن الالتزام بالوطنية سيعني القبول بحدود «الدولة الإيرانية القائمة» والاعتراف بها، من جانب الأحوازيين، وبالتالي عدهم من الإيرانيين الذين يطالبون بمزيد من الحريات والعيش الاقتصادي الرقيد وما في معنى ذلك؛ بينما الحالة الأحوازية وفق ما نفهمها، أي وفق ما هي عليه في حقيقتها وواقعها وتاريخها، هي حالة احتلال دولة وشعب على يد دولة وشعب آخر، وما دعوات الاستمرار في النظام الإيراني المحتل هذا إلا دعوة للإنصهار داخل الدولة الغازية التي بنت دولتها على أنقاض الدولة الأحوازية. وهناك نقطة لم نفهما في مقدمة إحدى هذه الكتب يصرح فيها الكاتب المحترم بأن كتاباته إنما جاءت من أجل تعزيز الدولة الإيرانية والمساهمة في تنميتها والخروج بها إلى مزيد من الحقوق للشعب الإيراني الواحد، وهذا يخالف التطلعات العربية الرامية إلى التحرير، الذي للمؤلف الحق والخيرة في عدم تبنيه وقبوله.
وختاما على هذه الفقرة فإن معاينة المصادر التي ضمنها الكاتب في قسم المراجع تظهر أمرين: غياب المصادر الإنكليزية التي يستوجب الحديث عن موضوع القومية قراءتها وتمثلها والإحالة المستمرة عليها، وغياب المصادر الفارسية المكتوبة من قبل المنظرين الفرس الذين يطلق على آرائهم أحكام الكتاب بمجمله. فلا وجود مثلا لكتابات أخوندوف في المصادر، بينما الكثير من الأحكام تتعلق بأفكاره، ولا وجود للصحف التي كانت تنشر في الفترة الزمنية التي أطلق عليها القومية الرومنسية الكاتب؛ وهكذا دواليك.
وعلى العموم نتساءل عند نهاية هذا القسم ما سبب ذلك التراخي في المرجعيات؟ ربما لن نجانب الصواب كثيرا إن قلنا أن بعض المثقفين الأحوازيين لا يكتبون معظم ما يكتبون بهاجس فردي معرفي، بل لاسباب اخرى قادر ان يدركها الجميع. فإذا تركنا النماذج الثلاث التي ذكرناها وهي من أفضل ما كتب، وهي حُبرت على يد أساتذة كرام، فإن الكثير من الكتب والمقالات الأحوازية التي لا نريد التطرق لها هنا، جاءت من غير هاجس معرفي ولا معرفة علمية وجدارة. وهذه الحالة باتت تتكاثر بعد تأسيس دور نشر أحوازية، تنشر جميع ما يكتبه المثقف الأحوازي من كتابات على شكل كتيبات صغيرة، دون التشدد في تقييمها العلمي.
الاستنتاج
لم أقصد بالمرجعية الإلتزام الصلب بآراء وفهوم، كلا… بل كل ما قصدته هو الوعي بالالتزامات الفكرية التي يجب أن يتميز بها كل شخص، والمعرفة بالميدان الذي يتحرك فيه كل مثقف، وبالحدود التي يجب أن تصان في البحث وتناول القضايا. فلا ضير أبدا، من وجهة نظري، بأن يكون الشخص متدينا جدا وأن يكون بالوقت ذاته مطربا. فهل من عربي لم يطرب بسماع السيدة أم كلثوم وهي ترتل القرآن…؟ ولا مقبحة في أن تحاول المرأة النسوية، والرجل النسوي، استقاء آراء إسلامية تجل المرأة، ولا منقصة في أن يحاول الكاتب جعل كتاباته شاملة جامعة بالتطرق إلى مختلف الحقول والفروع، فهذا من أصحاب المقال ومن سجاياهم.. بيد أن الضير والمنقصة، كلها في حالة انعدام الوعي بهذا التغلب، وبالتنصل من الإلزامات التي يجب أن يقطعها كل شخض التزم برؤية في الحياة، وطريقة في النضال، ومنهجا في البحث لا يسمح له بالإتيان بما يناقضة وينغلب عليه.
ثم إن هؤلاء الأشخاص الذين أشرنا لهم، دون ذكر أسمائهم، هم محل تقديرنا واحترامنا، ولم نرد في هذه الإشارات إلا المساهمة المتواضعة في تحسين ظروف العمل الأحوازي في الساحة الثقافية، والدعوة إلى مزيد من الالتزام بالحدود التي يجب على كل عمل رصين الالتزام بها.
وائل محمد
المصادر
[1] . راجع في ذلك مثلا: محمد عابد الجابري، المثقفون في الحضارة العربية الإسلامية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت2009.
[2] . بل فولكيه، هستي شناسي: بحث وجود، يجيى مهدوي، مركز نشر دانشكاهي، تهران 1378.
[3] . جهانكير معيني علمداري، روش شناشي نطريه هاي جديد در سياست: اثبات كرايي و فرا اثبات كرايي، انتشارات دانشكاه تهران، تهران1400.
[4] . لورنس كارلين، تجربه كرايان، ترجمه رحمان شريف زاده، انتشارات علمي وفرهنكي، تهران1398.
[5] . توماس هابز، اللفيثان: الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولة، ترجمة ديانا حرب وبشرى صعب، دار الفارابي، أبوظبي2011.
[6] هيغل، فنومنولوجيا الروح، ترجمة ناجي العونلي، المنطمة العربية للترجمة، بيروت 2010؟
[7] هيغل، عناصر فلسفة الحق، ترجمة إمام عبدالفتاح إمام، مصر.
[8] . جان لازي، درآمدي تاريخي به فلسفه علم، دكتر علي بايا، سمت، تهران1389.
[10] . نحن في معهد الحوار نلتزم بعدم ذكر أسماء الرجال، لأننا لا نريد ألبتة الدخول في سجال سقيم مع أي فئة ولا أي كان، في فئات وآحاد مجتمعنا.
[11] . Aysha A. Hidayatullah, Feminist Edges of the Quran, Oxford University Press2014.