الأربعاء, مايو 8, 2024
دراساتتوظيف ثقافة المقاومة: قراءة نقدية وتحليلية تجاه المقاومة في الأحواز (٥)

توظيف ثقافة المقاومة: قراءة نقدية وتحليلية تجاه المقاومة في الأحواز (٥)

التاريخ:

إشترك الآن

اشترك معنا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد.

بعدما قمنا في الأجزاء الأربعة الماضية بدراسة المقاومة وثقافة المقاومة من كل الجوانب نريد في هذا الجزء الأخير إلقاء نظرة على قضايا ذات صلة بالموضوع والخروج بنتيجة لهذه المقالات.

المثقف بصيص من الضوء في ظلام الصمت الرهيب

نرى بأن التعريف الأكثر وضوحا للمثقف، والأقرب إلى الواقع في البلدان النامية، هو الذي طوّره أنطونيو جرامشي – المنّظر والقائد الماركسي الإيطالي. إذ يؤكد جرامشي أنه لا يوجد أي نشاط إنساني يمكنه أن يكون خال من النشاط الذهني (حتى المهام الأقل إبداعية). وبنفس المقدار، فإنه لا يوجد أي نشاط ثقافي يمكن أن يتم إلى نهايته بدون عمل يدوي (مثلا: كتابة الكلمات أو عزف الموسيقى). ولذا، فإن ما يميز المثقفين عن غيرهم هو أنه في نشاطهم يميل التوازن بين العمل الذهني واليدوي ناحية العمل الذهني.

من هنا لا نريد بالمثقف ذلك المفهوم النخبوي الذي يحصره في إطار ما، خارجاً عنه الآخرين، إنما المثقف هو ذلك الشخص الذي يجيد مهنته بالمعنى الذي قدّمه غرامشي، إذ يرى غرامشي ان كل البشر مثقفون بمعنى من المعاني، ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين، فترى المثقف يعمل في كل ساحات الحياة في الأسواق وفي المعامل وليس شرطاً حصوله على الشهادات العليا، إن ما يخص قضيتنا فنحن بحاجة إلى الحديث مطولاً عن حاجتنا الماسة إلى مثل هذا المثقف، في ظل تهميش الاحتلال الشاب العربي، هنا يضحى المثقف أي النخبة العاملة في الساحة الاجتماعية وبالتحديد على المستوى الاقتصادي وهو شريان الحياة الاجتماعية، أمرا يشكل اكبر عقبة أمام تنفيذ خطط الاحتلال التي يبدأها بتجويع الشعب، لنضرب مثالاً مقربين مرادنا إلى الذهن، فإذا نظرنا إلى الأسواق في المدن العربية نراها بحاجة إلى سواعد عربية مؤمنة بالقضية تبدأ بالعمل والتخطيط للهيمنة على القسم الذي تعمل به وتستقطب الشباب العاطلين عن العمل. ثم يسمح هذا المجال إليه والى من يعمل معه بالتوجه إلى نواحي الحياة الأخرى من الثقافة والاجتماع، إضافة إلى هذا فأنه يقلل فرص تواجد المستوطن في الأسواق.

أما بالحديث عن المثقف بالمعنى النخبوي، فلا نرى أنفسنا بحاجة إلى الحديث عن هذا الأمر، ذلك لوضوحه في الجانب التعريفي إذا غالباً ما يكون حامل الشهادات من الجامعات المرموقة، لكن علينا التطرق إلى جوانب أخرى من الأمر وهي الجوانب الكارثية، ودوره في مساعدة الاحتلال أو مقاومة الاحتلال، إذ نرى أن حامل الشهادات لعب دور المساعد للاحتلال عن وعي أو غير وعي. ونريد بغير وعي تساهله في الالتزام بثقافته وعلى وجه التحديد التفريس الذي ضرب أول ما ضرب بيت حامل الشهادة، بضغط من هذا وذاك واستسلامه إلى كل من دعاه إلى رمي الماضي والتشبث بالمستقبل الذي يدعوه إلى التفريس للدخول في ساحة التعليم، ظناً منه إن التفريس هو السبب في تحقيق قفزات علمية هائلة وعدم التفريس هو السبب في رسوب أبناءنا في المدارس، رغم أن كل الشواهد تعارض هذه الفكرة وأولها هو نفسه إذ حصل على شهادة علمية دون أن يعرف الفارسية قبل دخول المدرسة، إنما التضخيم في هذا الأمر يبدأ من المدارس ويتبناه المدرسون العرب وهذه هي الطامة الكبرى.

اجل نحن بحاجة إلى دراسة المثقف من منظار الباثولوجية، لكن هذا أمر يحتاج إلى ورقة أخرى، قد نتطرق في مجال آخر إليه.

أين ثقافة المقاومة في تراث شعبنا العربي: حضور أم غياب

الأسئلة تزيد في هذا القسم يأتي على رأسها لماذا لم تترسب المقاومة في وعينا الثقافي وذهبت في الكثير من الأحيان بذهاب رموزها، هل للخيار العسكري الذي لجأ إليه الأوائل دور في هذا الأمر؟ وهل هناك ثقافة للمقاومة في تراثنا وطيلة فترة الاحتلال منذ 1925 إلى يومنا هذا، ثقافة عمت أرجاء الوطن، أم إنها ظهرت في فترات ما وتركزت على مدن ما، وغابت عن المدن الأخرى؟ هل صمد المثقف بوجه الاحتلال؟ خاصة إذا ما عرفنا بأن صمود المثقف لا يقل أهمية عن صمود المقاتل في ساحة الحرب. هل استمددنا ثقافة المقاومة من الإسلام ورموزه أم أصبح الدين بوجه عام سبباً في الركون والاستسلام؟ مع ان الإسلام ظهر في صورة مقاومة. لماذا تحولت المقاومة العنيفة إلى معارضة سلبية فردية عن طريق الصمت أو الحديث رمزا أو ألغازا؟

وتكثر قائمة الأسئلة في هذا المجال؟ أما الأجوبة فمنها ما هي معروفة ومنها بحاجة إلى دراسات توظف كل العلوم الإنسانية للخروج بنتائج تقدم الحلول ولا تكتفي بسرد الوقائع.

عجز الإنسان الاحوازي: الأسباب

عند دراستنا قضية المقاومة لا مفر لنا من دراسة العجز، إذ العجز هو الذي أدى إلى الضعف وهيمنة الآخر علينا، ومن ثم أصبحنا بحاجة إلى إبداء المقاومة، سواء كان العجز ذاتياً أم قسرياً بمعنى هيمنة الآخر عسكرياً في زمن كنا نفتقد إلى آليات المواجهة وأريد تلك الفترة التي دخل المحتل رضا شاه الأراضي الاحوازية وأطاح بالشيخ خزعل.

في هذا المجال نرى الأسباب كثيرة والقائمة طويلة، ليس هناك عامل أو اثنين كانتا وراء العجز العربي، بل هناك أسباب كثيرة متعددة نتطرق فيما يلي إلى أهمها من منظارنا في إطار تساؤلات تحتاج الإجابة على كل منها إلى كتابة بحوث والاستعانة بالتاريخ وعلم النفس وعلوم أخرى.

هل عند الشعب العربي الاحوازي عقدة 1925 هزيمة الشيخ خزعل وضياع الاحواز في وضح النهار. وعلى المستوى الإقليمي هل تعاني العقلية العربية الاحوازية من عقدة الحرب الإيرانية العراقية التي راح ضحيتها هو أولا وقبل كل شيء من تشرد وتفرق وتعرضه للإهانة والإذلال. وهل دخلت القضية الاحوازية يوماً ما في أجندة الدول العظمى والدول الإقليمية ما عدى الشعارات التي أطلقها نظام العراق ولم نر أي نتيجة على أرض الواقع سوى بعض الحالات التي لا تعادل شيئاً أمام الاحتلال الفارسي. بل في بعض الأحيان زاد الطين بله. فلا شك أن القوى الإقليمية لم تتبنى قضيتنا لأسباب داخلية تعود إلى مشاكلها في الداخل، إذ تعاني الصراع على الوصول سدة الحكم مثل مصر أم تعاني أزمة الأقليات ومنها تركيا، لكن الملفت للنظر أن إيران تستخدم ورقة الأقليات في تلك الدول لممارسة الضغط عليها.

السؤال الجبار الذي لابد من دراسته هنا هو: هل لاحتلال فلسطين على يد الصهاينة الأصدقاء المقربين للفرس دور في ما حل بالأحواز بعد احتلالها وخاصة في الجانب النفسي، لأن السلطة الفارسية تستخدمها ورقة لإضعاف النفسية العربية في الاحواز، وإن تظهر نفسها على المستوى الرسمي مدافعة عن القضية الفلسطينية، على غرار تأثير إخفاق نظام العراق السابق في نوال مراميه على نفسية العربي الاحوازي الذي مازال يتغنى بنظام صدام حسين، غني عن القول إن حصار الحكومات العربية بين الضغوط الخارجية والضغوط الداخلية أي الشعوب أو الصراع على السلطة، هو المسئول عن حالة العجز العربي عامة والاحوازي خاصة. فالحكومات المحيطة بالأحواز تخضع لهيمنة الأمراء والشيوخ وتواجه خطراً محدقاً بها يتمثل في الإسلاميين وشيوخ القبائل، مما يجعلها تصب كل جهودها في هذه الخانة ويمنعها من التفكير في الخارج ونتيجة لهذه الظروف تتفاجأ بظهور الحوثيين في اليمن و…

هل تعوّد الاحوازي على الصمت نظراً إلى غياب الأحزاب السياسية الشعبية أم كان منذ الأزل صامتاً خاضعاً للآخر وهل تأثرت العقلية العربية الاحوازية بالحركات التي انطلقت في العالم العربي منذ منتصف القرن المنصرم. نحن نعرف أنها قد تأثرت بالخطاب البعثي، لكن التأثير بقي في إطار الحركات التي تؤمن بالحل العسكري، وتتجاهل الظروف الزمكانية التي تحيط بالمنطقة والعالم. غني عن القول بان إحدى أسباب الرئيسة في سكون الجماهير هو استبعادها من المشاركة السياسية وتهميش العرب وقلة الوعي الاجتماعي والقومي والجهل بالمسئولية الاجتماعية.

على المستوى الخطابات الحداثوية نرى بأنه مازالت جماعات حقوق الإنسان والمرأة والمجتمع المدني محدودة الأثر أو قل لا أثر لها في الاحواز عامة، وان ظهرت على الأرض فانها عبارة عن حركات فردية لا يمكنها في الكثير من الحالات حتى في إقناع الأسرة بأفكارها. إذ يخلو تاريخ الاحواز من مثل هذه الحركات نتيجة غيابها عن الساحة الاجتماعية في بلاد الاحتلال ككل للاستبداد البربري الذي يمارس على الكل وإن كان اشد وطأة على الاحوازي.

للخيال عامة دور بارز في حياة الإنسان، حتى ذهب بعض العلماء بأن الخيال هو الذي جعل الإنسان يكتشف العالم الخارجي، فأمينة الإنسان في الطيران جعلته يصنع الطائرات ويسير في الفضاء، نفس الكلام يجد مدلوله على الساحة الاجتماعية والسياسية، ولغيابه تداعيات كارثية على الحياة السياسية والاجتماعية، كما يصرح عمار علي حسن في مقدمة كتابه إن “فقر الخيال السياسي في الحياة العربية العامة من العناصر الخفية التي ساهمت في تردي الأحوال على هذا النحو، والفجوة التي تتسع بيننا وبين الغرب لا تقتصر على التقنية والحداثة فقط إنما الخيال السياسي أيضاً”[16]  غني عن القول بأنه إذا ما حلم شعب ما بالحرية والاستقلال ورفض العبودية، فأنه بالتأكيد يعمل على تحقيقها وينقلها عبر الأجيال حتى ترى النور تلك الأحلام يوماً ما، بالنسبة للشعوب التي تعاني الاحتلال يمثل الخيال السياسي ضرورة عاجلة وملحة، لتتكون على أثرها الخطط وتتكون ثقافة تحقيق الحلم ألا وهو رفض الاحتلال. بالنظر إلى الساحة الاحوازية لا نرى للخيال السياسي تحقيق حلم التخلص من الاحتلال أثرا كبيراً يوازي حجم الاحتلال نفسه، من هنا نذهب إلى أنه قد يكون غياب الخيال السياسي عند الشخصية الاحوازية المحورية[17] السبب في العجز العربي. فبالخيال يتبني المرء أطروحات تنسف الواقع وتخطط لغد مشرق وتصنع ثقافة لا ترضى إلا بالتخلص من الآخر وتحقيق حلم استقلال البلد.

هناك عامل مهم وهو عامل نفسي يتجلى في تقبل العرب في الاحواز بعد الاحتلال اهانات كثيرة على يد الفرس وخاصة بعد الحرب الإيرانية العراقية ولهذا لجأ الكثير منهم إلى التفريس كحل سحري لحل مشكلة الابتعاد عن الإهانة، بدلاً من المواجهة، وما زلنا نعاني من هذه المشكلة العويصة، ثم تجلى الحل عند بعضهم في الزواج من الآخر، إذ جاء بالاحتلال إلى بيته أو أرسل بنته إلى بيت الاحتلال.

غياب الحركات الإسلامية التي تريد العودة إلى الأصل، أي الأصولية لكي تنسف أطروحات الحوزة العلمية في قم ورجالها سواء كانت تلك الحركات إسلامية شيعية أو سنية. مما تخلق وعياً دينياً يقف في مواجهة الدين السياسي وتسييس الدين، لا نريد تلك الحركات التي توظف الدين للوقوف بوجه الطوائف الأخرى بل تلك الحركات التي تريد إحياء الأصل ورفض ما يخدم السياسة، صحيح إنها لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى الحركات التنويرية وتنتج مفكرين على الطراز العالي، لأسباب خارجة عن إرادتها، وخاصة تلك التي تظهر كونها ردة فعل على الآخر وهنا التشيع القمي، ويتبنى من الآخر أي الإسلام السني منطلقاً له، لكن وإن قد شاهدنا الكثير من الأشخاص قد تبنوا أطروحات الإسلام السلفي، ووظفت الحكومة هذه الأفكار لضرب النشطاء، لكنه قد خلق وعياً تمثل في رفض أطروحات الإسلام القمي.

الحرب الخليج الأولى والثانية التي كانت من تداعياتها اندثار الفكرة القومية العربية المتمثلة في الحزب البعث على مستوى المنطقة بل العالم العربي وإن كانت هناك الكثير من الانتقادات موجهة إلى البعث وقادته وخاصة عند التعامل مع الاحواز في الحرب مع إيران. لكنه بقي الملاذ الأول وربما الأخير لعرب الاحواز.

حكومة الاحتلال الفارسي لم ولن تتبنى أي مشروع أو فكرة في دعم اقتصاد الاحواز والطبقات المحرومة، مما أدى إلى زيادة درجة الفقر واتساع رقعة الفقراء، ما دفع كل مواطن للسعي وراء لقمة العيش التي لا يمكن في الكثير من الأحيان الحصول عليها، أضف إلى هذا عملت حكومة الاحتلال على إدخال المحتل بدلاً منه، لحصوله على رواتب ونقلها إلى مدنه، هذا الأمر أدى إلى انشغال الاحوازي بالحصول على الأموال الضرورية لاستمرار الحياة وهذا الأمر لا يسمح له بالاهتمام بالقضايا الأخرى.

تعوّد الاحوازي على أخبار الانتفاضة كل يوم خاصة في نهاية القرن المنصرم مثل حروب ايرلندا والشيشان وكوسوفو والجزء الثابت في نشرات الأخبار هو فلسطين العربية التي كل انتكاسة فيها كانت تضعف العربي الاحوازي، أخبار لا يحقق المناضلون في تلك المناطق إلا انتكاسات وبالتحديد فلسطين مما أضعف عزم الاحوازي على القيام بمثل هذه الأمور.

احتلال العراق وهيمنة التشيع الصفوي بل الحكومة الفارسية على العراق وضمها إلى أراضيها فكرياً وعملياً وإن لم يكتب هذا في كتب الجغرافيا. مما ترك تأثيرا سلبياً على الحركات القومية أو التنويرية، فأصبح التشيع الصفوي سيد الموقف، تُبذل الأموال الطائلة لنشره، إضافة إلى سن البدع العجيبة والغربية وخاصة في شهر محرم.

البطل في التاريخ الحديث في الاحواز

حتى اليوم لا تزال صورة البطل قاتل التنين شائعة في بلادنا تمثل شاباً راكباً الغيم حاملاً بيده سهماً هو الصاعقة “صارعاً التنين متعدد الرؤوس قاتلاً لوياتان الحية الشريرة الطالعة من البحر ذات الرؤوس السبعة”.

هذا وفي زمن المحن الكبرى تعود الشعوب إلى تراثها تستنبشه تستحضر أبطالها الأسطوريين والواقعيين. لتجعلهم شمعة في طريق طويل ووعر ومليء بالأشواك، لا يدخله إلا ذاك الذي آمن إيمانا يردعه عن السكون والركود ولا يرتاح له بالاً إلا بتحقيق أهدافه، وتسود مقولات وأفكار تحث على القتال على غرار: نحن نقاتل الآخر الشر وفي هذه المعركة نستمد نماذجنا من التراث القومي والديني والمذهبي من اجل الحق والعدالة. يتسم هذا الشخص بالشجاعة في المواجهة، ولا نريد من المواجهة دخول ساحات الحرب، بل نريد دخول ساحات الاجتماع، فالسلاح يتحول من فترة إلى فترة، إذا كانت أفواه الدبابات تتحدث وتحدد المنتصر ففي يومنا هذا، القلم حل محل كل الأسلحة فانه أكثر فتكاً بالمحتل، هنا تصدق مقولة قاوم بطريقتك وكن بطلاً بأسلوبك، وانطلق من حيث أنت، موظفا كنت أم مدرساً أم طالباً أم عاملاً.

اليوم نحن بحاجة إلى فلسفة المواجهة ولدينا فلسفة مواجهة. نحن بحاجة إلى فلسفة لبطولتنا وبحاجة إلى بطولة لفلسفتنا ولدينا كلاهما. فعل المقاومة بوجه المحتل هو فلسفة بطولتنا وبطولة فلسفتنا، ولدينا كلاهما. نحن بحاجة إلى تأكيد جدارتنا كما حقنا في الحياة، وبحاجة إلى البرهنة على أننا قد هزمنا التاريخ والأرض، والبرهنة على أن العربي أقوى من أي عواصف.

 هذا على المستوى النظرة الفلسفية إلى الأمر، أما في الواقع فإن الشعب الاحوازي قد اثبت بأنه صانع المعجزات في زمن غيابها على المعمورة، فإنه قد صمد بوجه الاحتلال الأكثر بربرية على مدى التاريخ، فيما يتعلق بالبطل في تاريخ الاحواز الحديث وفي نضاله بوجه الاحتلال، ظهرت هناك شخصيات بلغت مستوى البطل القومي لكنها لم ترتق إلى المستوى الذي يجعل منها منقذاً للشعب.

سلاح الثقافة أعظم سلاح الإنسان

يبقى العمل الثقافي أعظم أسلحة بوجه الاحتلال، أسلحة فتاكة تعمل حكومة الاحتلال ليلاً ونهاراً على ردع مثل هذه الأنشطة، لأنها تعرف جيداً بأنه ما ان يعي الاحوازي ما يحل به حتى يلجأ إلى البحث عن الحلول، حلول لكل المشاكل وخاصة الاقتصادية، هنا علينا الإشارة إلى أن ما قامت به حكومة الاحتلال من إضعاف إرادة الاحوازي، بحاجة إلى عمل شاق ومستمر لإعادة إيمانه بنفسه، فالعمل الثقافي يحتاج إلى خطط مدروسة.

آخر الكلام

مستقبل المقاومة في الاحواز

عند الحديث عن مستقبل أي حركة أو عملية علينا اخذ الكثير من الأمور بعين الاعتبار فلا يمكن الجزم بأي نتيجة نخرج بها اليوم، لان المجال هنا هو العلوم الإنسانية التي لا تخضع لأي معادلة أضف إلى هذا تأثير العوامل المكانية وخاصة الزمنية في هذه الأمور. فالابتعاد عن الجزمية في الحديث عن المستقبل هو الشرط الأول نحو الخروج بنتائج واقعية. نرى أن المقاومة تختلف من حقل إلى آخر، هنا بطيئة وهناك تسير بوتيرة أسرع، كما يختلف الأمر من مدينة إلى أخرى، فبالتأكيد كلما اتجهنا جنوباً، قل الوعي القومي وعليه المقاومة بوجه المحتل، بل في أحيان كثيرة نرى أنفسنا في أولى الخطوات وخاصة في تلك المدن التي ركز الاحتلال كل قواه عليها، أي تلك التي تدر عليها الثروات.هنا علينا معرفة الأخطار التي تهددنا وبالتالي معرفة كيفية مواجهتها.

بين هذا وذاك فإن إلقاء نظرة فاحصة لوضع المقاومة في الاحواز بكافة أشكالها، يكشف أن ثمة نواقص كبيرة تحتاج للاستكمال رغم تحقيقها نجاحات باهرة، في ظل فقدها كل شيء. في ظل هيمنة الاحتلال على كل شيء، هناك أوضاع غاية في الصعوبة والتعقيد تواجه عمل وتطور المقاومة. لكننا نرى أن مستقبل المقاومة في الاحواز لمستقبل زاهر، لزيادة الوعي الاحوازي وزيادة وسائل التواصل الاجتماعي، لكننا نحتاج إلى عمل ثقافي وفكري والاستزادة بتجارب الشعوب الأخرى كي لا نقع في أخطائهم ونقلل المسافات والأزمنة، من ثم علينا أن نعرف بأننا نحارب الزمن والمكان، وفي الكثير من الأحيان علينا أن نعي بأنها حرب ينتصر فيها طرف على الآخر، فإن لم نكن الفائزين نكون حينها الخاسرين.

أخيرا وليس آخراً إنما المقاومة هي الانتقال من الداخل إلى الخارج، يعني مقاومة الداخل قبلية ومقاومة الخارج بعدية ولا يصلح ان يكون البعدي سابقاً للقبلي.

النهاية

المصادر

[1] . نرى بانه يجب تقسيم احتلال الاحواز الى قسمين الاحتلال البهلوي والاحتلال الخميني. وذلك لاسباب منهجية.

[2] . ريموش نصر الدين. موقف القانون الدولي المعاصر من مشروعية استخدام القوة المسلحة في إطار المقاومة التحريرية. رسالة ماجستير مقدمة إلى معهد الحقوق والعلوم الإدارية جامعة الجزائر. 1988. ص: 155

[3] . شفيق الرشيدات. العدوان الصهيوني والقانون الدولي. مطبعة عبده وأنور أحمد. مصر. 1968. ص: 229.

[4] . د. صلاح الدين عامر. المقاومة الشعبية المسلحة في القانون الدولي العام. دار الفكر العربي. مصر. 1978. ص: 38.

[5] . ريموش نصر الدين. مرجع سابق. ص: 154

[6] . عبد الغني عماد. المقاومة والإرهاب في الإطار الدولي لحق تقرير المصير. مجلة المستقبل العربي. المجلد 24. العدد 1. 2002. ص: 33.

[7] . ريموش نصر الدين. مرجع سابق. ص: 160

[8] . محمود درويش، قصيدة حالة حصار

[9] . للمزيد انظر ريمون آرون مدخل إلى فلسفة التاريخ.

[10] . محمد فريد وجدي دائرة معارف القرن العشرين-الرابع عشر-عشرون، المجلد الثاني، دار الفكر بيروت ص 776.

[11] . وفاء علي داوود: التأصيل النظري للثورة مجلة الحوار المتمدن العدد 49 ص 2.

[12] . المرجع نفسه، ص 2.

[13] . عزمي بشارة في الثورة وقابلية الثورة، ص 30.

[14] . في مقاله له بعنوان فلسفة التحرير والثورة الجزائرية نشرت ضمن كتاب ثقافة المقاومة، أعمال الندوة الفلسفية السادسة عشرة عن مركز دراسات الوحدة العربية، 2007.

[15] . محمد طهاري، مفهوم الإصلاح بين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ط 3 الجزائر، دار الأمة، 1999، ص 14.

[16] . عمار علي حسن الخيال السياسي، صادر عن سلسلة “عالم المعرفة” في أكتوبر 2017 المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت

[17]. نريد بها تلك السمات الشخصية التي يشترك بها كل الاحوازيين مثل الكرم والشجاعة في الجانب الإيجابي.



error: Content is protected !!